ترسيخ الديمقراطية و تطبيق مبدأ المواطنة في كوردستان (1)
د. مهدي كاكه يي
ترسيخ الديمقراطية
إن تبنّي الديمقراطية و التعددية و العلمانية و قبول الآخر، تُعتبر الحجر الأساس لضمان تحقيق أهداف النضال الكوردستاني، حيث لا يمكن للكوردستانيين تحقيق تحررهم و إستقلال بلدهم بإتباع النهج الشمولي و الدكتاتوري و خلط الدين بالسياسة. ينبغي أن يكون المواطن الكوردستاني حراً في خياراته و تفكيره و قراراته ليكون قادراً على الإبداع و الخلق و التطور و التطوير و المساهمة في خلق مجتمع متحضر منتج، تسوده العدالة الإجتماعية و المساواة. الإنسان المُقيّد و مقهور الإرادة لا يمكنه أن يكون عضواً نافعاً في المجتمع، حيث يكون عاجزاً عن الإبداع و الإنتاج.
ينبغي أن تسود الديمقراطية و الحرية في إقليم جنوب كوردستان لتكون قدوةً للأجزاء الأخرى من كوردستان و لضمان نجاح التجربة الكوردستانية في هذا الجزء و الذي بدوره يُمهّد الطريق لتحقيق تحرر كوردستان بأكملها و بنائها بكل عزم و سرعة للحاق بالدول المتحضرة و المتقدمة.
ينطبق هذا الأمر أيضاً على التنظيمات السياسية الكوردستانية لخلق أحزاب سياسية ناجحة، قادرة على العطاء و تقديم المنجزات و تجديد نفسها بإستمرار لمجاراة التطورات المحلية و الإقليمية و الدولية و التفاعل مع المستجدات من الأفكار و المبادئ و المفاهيم و القيم، ليضمن بقاءها و إستمرارها و لكسب ثقة الشعب و القدرة على تحمل أعباء النضال الصعب الذي تتطلبه القضية الكوردستانية و لتتحرر المواهب و الطاقات الفكرية و الإبداعية الكامنة في أعضاء هذه الأحزاب لخدمة شعبهم و بلادهم.
كما ينبغي أن تسود الديمقراطية و الحرية في منظمات المجتمع المدني و المحافظة على إستقلالية هذه المنظمات عن السلطة التنفيذية في جنوب كوردستان و عن الأحزاب السياسية في كافة أرجاء كوردستان، لخلق ظروف جيدة لهذه المنظمات لأداء مهامها و دورها في المجتمع الكوردستاني.
سيادة الجو الديمقراطي في داخل الأحزاب الكوردستانية، تعمل على خلق قيادات جماعية منسجمة في هذه الأحزاب و بذلك يوفّر فرصاً أكبر و أفضل لإتخاذ قرارات صائبة و تجنّب الأخطاء. كما أن القيادة الجماعية تسد الطريق أمام ظهور الدكتاتورية الفردية و بروز ظاهرة الزعيم الأوحد أو سيطرة العائلة و القبيلة على مقدّرات و قرارات الحزب. القيادة الجماعية تمنع أيضاً حدوث فساد مالي و إداري في الحزب أو تحدّ منه. الديمقراطية الحزبية تعمل كذلك على خلق و تنمية و تشجيع الكفاءات و المواهب الفردية التي تكون ثروة بشرية خلّاقة للحزب و للشعب على السواء. من الجوانب الإيجابية الأخرى للديمقراطية الحزبية هي أنها تعمل على الحد من النزاعات و الخلافات بين الأحزاب الكوردستانية و ذلك من خلال إسهامها في الحدّ من دور الخلافات الشخصية و العشائرية والآيديولوجية في علاقة الأحزاب السياسية مع بعضها و وضع المصالح الوطنية فوق المصالح الشخصية و الفئوية و الحزبية.
إن سيادة الديمقراطية في تنظيم سياسي ما أو نظامٍ ما، تقود الى تبؤ الأشخاص للمواقع الحزبية أو الإدارية بالإستناد الى الكفاءة و الخبرة و المقدرة و وضع المصلحة الوطنية فوق كل المصالح الأخرى، حيث يتم إختيار المسئولين بطريقة ديمقراطية و بقرارات جماعية التي تضع الشخص المناسب في المكان المناسب. بالنسبة الى الديمقراطية في النظام السياسي، التي تنطبق على جنوب كوردستان و الى حد ما على غرب كوردستان، فأنه ينبغي إناطة المسئوليات و المهام و فتح أبواب التعيينات أمام الكوردستانيين على أساس المواطنة و الكفاءة، بعيداً عن أسس الإنتماء الحزبي.
[1]