ترسيخ الديمقراطية و تطبيق مبدأ المواطنة في كوردستان (4) (الحلقة الأخيرة)
د. مهدي كاكه يي
تأسيس أحزاب سياسية عصرية و منظمات المجتمع المدني
إن معظم الأحزاب الكوردستانية هي أحزاب تقليدية تعبانة و لا تزال تعيش في زمن الحرب الباردة التي كانت سائدة في القرن الماضي و أن قيادات هذه الأحزاب متأثرة بالأفكار الشمولية و الدكتاتورية و الشعور بالدونية و أن قسماً كبيراً من الأحزاب الكوردستانية قائمة على أسس شخصية و عائلية و عشائرية و مناطقية. لهذه الأسباب فأن هذه الأحزاب عاجزة عن الإنفتاح على الأفكار و المبادئ و المفاهيم و القيم المعاصرة و قاصرة عن مواكبة التطور و المستجدات السياسية و الإقتصادية و الفكرية في كوردستان و في الدول المُغتصِبة لكوردستان و في مراكز القرار الدولية.
إن قيادات هذه الأحزاب قد ترسّخ فيها التعصب الحزبي و الفكر التقسيمي (الفكر الذي يُقسّم كوردستان الى أقاليم مستقلة و يعزلها عن بعضها، حيث يربط كل جزء من أجزاء كوردستان بالدولة المُغتصِبة له و بذلك يعمل هذا الفكر التقسيمي على تقسيم القضية الكوردستانية و تشتيت النضال الكوردستاني) اللذان يهددان النضال الكوردستاني و وحدة كوردستان. لذلك فأن هذه الأحزاب تعيش في عصر غير عصرها، تفتقد الى القدرة على قيادة شعب كوردستان و تحقيق إستقلال كوردستان و أن هذه القيادات قد تجاوزها الزمن و العصر الذي نعيش في ظله وتعيش خارج الزمن، وهي في طريقها الى الزوال.
نتيجة عجز غالبية الأحزاب الكوردستانية الحالية في قيادة شعب كوردستان نحو التحرر و الإستقلال، فأن شعب كوردستان ، بحاجة الى تأسيس أحزاب سياسية عصرية، يُشكّل الشباب العمود الفقري لها، ليتسلم جيل الشباب المسئولية الوطنية و ليصبح جيلاً للإدارة و البناء و الدبلوماسية و تنظيم الجماهير و قيادة النضال الجماهيري الحضاري. مثل هذه الأحزاب السياسية العصرية ستكون قادرة على التفاعل مع الأفكار و المبادئ و القيم الجديدة و مواكبة التطورات العالمية و الإقليمية الكبرى التي حدثت و تحدث في العالم و المنطقة و مؤهلةً لوضع إستراتيجية صائبة للنضال الكوردستاني و بالتالي تحقيق إستقلال كوردستان و تأسيس نظام سياسي ديمقراطي يُلبّي طموحات الشعب في الحرية و المساواة و العدالة الإجتماعية و الرفاهية و التقدم.
ينبغي أن يعمل كل حزب سياسي على نطاق كوردستان كلها، في كل أجزاء كوردستان، و بذلك يتوحد النضال الكوردستاني على مستوى كوردستان كلها و يتم إنهاء الفكر التقسيمي الخطير الذي لا يزال يسود في كوردستان. من الأفضل أن يكون لكل حزب فرع رئيسي في كل إقليم كوردستاني، إضافةً الى قيادة عليا يتمثل فيها كل أجزاء كوردستان و كوردستانيو المهجر.
كما ينبغي إنشاء منظمات المجتمع المدني من نقابات و جمعيات و إتحادات مختلفة تقوم بنشاطاتها لتحقيق الأهداف الكوردستانية. يجب أن تكون هذه المنظمات مستقلة عن السلطة التنفيذية في حالة جنوب كوردستان و غير مرتبطة بأحزاب سياسية بالنسبة الى بقية أجزاء كوردستان التي تفتقد الى حكومات. تستطيع هذه المنظمات عقد لقاءاتها و إجتماعاتها و تواصلها مع البعض عن طريق اللقاء المباشر و الإنترنت و الفضائيات. كما ينبغي تأسيس جمعية لحقوق الإنسان للدفاع عن حقوق الكوردستانيين. ينبغي أن تكون هذه المنظمات موحدة، تضم النقابات و الإتحادات و الجمعيات الكوردستانية في مختلف أنحاء كوردستان.[1]