تأسيس جيش كوردستاني موحّد (1)
د. مهدي كاكه يي
في البداية نؤكد على أنّ خيرات و موارد الكرة الأرضية هي مُلك للبشرية جمعاء و كل إنسان له الحق في التمتع بحصته من هذه الثروة و يكون حراً و سيد نفسه و مساوياً للآخرين بِغض النظر عن لونه و قوميته و جنسه و دينه و معتقده و مهنته وقابليته البدنية و العقلية، إلا أن هذا لا يحصل، حيث أنه تندلع الحروب بين المجتمعات البشرية على كوكبنا الأرضي منذ عصور سحيقة، فيحاول الإنسان القوي إستغلال الإنسان الضعيف و تحاول الشعوب و الجماعات القوية فرض هيمنتها و سيطرتها على الشعوب و الجماعات الأضعف منها و التحكّم بحياة هذه الشعوب و الجماعات و نهب ثرواتها و يعود السبب في ذلك الى جشع الإنسان و تخلفه و رغبته في الحكم و السيطرة و الشهرة و الإستحواذ على الثروة. لذلك تضطر الدول و الشعوب الى إيجاد وسائل للدفاع عن نفسها و لحماية ثرواتها.
الحرب تعني الموت و الدمار و الخراب، إنها الجنون، وهي جريمة ضد الإنسانية و ضد التمدّن و التحضّر، إلا أن الإنسان قد يضطر لخوضها من أجل الحفاظ على حياته و ممتلكاته. لذلك تحتاج كوردستان الى بناء قوةٍ دفاعية تدافع عن شعب كوردستان، حيث أن بلاده مُحتلة إستيطانياً و مجزأة و أن الظروف الإقليمية غير مستقرة و يُرى في الأفق تبلْور إنبثاق خارطة جديدة للشرق الأوسط الكبير و لذلك ينبغي على شعب كوردستان أن يُهئ نفسه و يستعد لمواجهة كافة المستجدات و التطورات التي قد تحصل في هذه المنطقة المضطربة و التي تسودها الفوضى و ضبابية المستقبل الذي ينتظر سكانها.
إن لكوردستان موقع إستراتيجي مهم، حيث أنها الجسر الموصل بين الشرق و الغرب. كما أنها تقع في قلب منطقة الشرق الأوسط التي تحتوي بواطنها على أكبر إحتياطي البترول في العالم. منطقة الشرق الأوسط هي أيضاً سوق كبيرة مربحة لمنتجات الدول الصناعية و مصدر مهم لتصدير المواد الأولية الى الدول الصناعية. كما أن كوردستان غنية بمواردها الطبيعية، حيث تقع منابع نهرَي دجلة و الفرات فيها، بالإضافة الى أنها تطفو فوق بحارٍ من البترول و الغاز الطبيعي و تحتوي بواطن أرضها على الكثير من المعادن.
تُقدّر نفوس سكان كوردستان بحوالي 50 مليون نسمة و يمكن القول بأن غالبية الكوردستانيين يؤمنون بالنظام الديمقراطي و منفتحون على الحداثة و القيم و المفاهيم المعاصرة.
كل هذه العوامل الآنفة الذكر توفّر فرصة عظيمة لشعب كوردستان في لعب دورٍ محوري في رسم خارطة المنطقة و في تحديد التوازنات الإقليمية و الدولية و المساهمة في بناء و تطور الحضارة الإنسانية.
القوانين الدولية تعطي الحق لكل شعب و كل إنسان في الدفاع عن نفسه و عن أسرته و شعبه و ممتلكاته و وطنه. لذلك فأن شعب كوردستان ينبغي أن تكون له قوات عسكرية ليحمي بها نفسه و وطنه و ثرواته و مكتسباته و ليدافع عن وجوده و هويته و لغته و ثقافته و تراثه و ليحرر وطنه من الإستعمار و الإحتلال الإستيطاني وليردع المحتلين و كل الطامعين و منعهم من إبادة شعب كوردستان و إستعباده.
إن شعب كوردستان من أكثر الشعوب التي تحتاج الى إمتلاك قوة عسكرية رادعة، حيث أن بلاده مُجزأة و محتلة من قِبل عدة دول و أن هذه الدول لا تقرّ بأنها دول محتلة، بل تعتبر كل دولة من هذه الدول الجزء الذي تحتله من كوردستان جزءاً لا يتجزأ من بلادها، و الذي يعني أنها تُلغي الوجود الكوردستاني شعباً و وطناً و هويةً و لغةً و ثقافةً و تراثاً و تأريخاً.
[1]