مستقبل شعب كوردستان بعد إنهيار إتفاقية (SYKES -PICOT سايكس – پيكو) (2)
د. مهدي كاكه يي
أسباب إلغاء معاهدة سيڤر
في الحلقة السابقة، تم ذكر المواد الثلاث المتعلقة بإستقلال كوردستان والتي تضمنتها معاهدة سيڤر. في هذه الحلقة يتم تحديد أهم أسباب إلغاء المعاهدة المذكورة وإحلال معاهدة لوزان محلها. يمكن أن يكون إلغاء معاهدة سيڤر للأسباب التالية:
1. نجاح مصطفى كمال أتاتورك في السيطرة على مناطق واسعة من تركيا الحالية بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى. شكّل النصر الذي حققه أتاتورك في الحرب التركية – اليونانية منعطفاً رئيسياً في نجاح أتاتورك أن يصبح في موقف قوي بحيث يكون قادراً على إستخدام الضغوطات لإلغاء المعاهدة. لا شك ان الكورد لعبوا دوراً محورياً في نجاح أتاتورك في حروبه، حيث ألقى الكورد بِثقلهم الى جانب أتاتورك في حربه ضد الأرمن واليونانيين. ففي سنة 1920، قرر مؤتمر قادة الحركة الكوردية التحالف مع حركة كمال أتاتورك، فكان الكورد يُشكّلون القسم الأساسي من قوات كمال أتاتورك. لهذا السبب أشاد القادة الأتراك بالدور الكوردي في محاربة البريطانيين والفرنسيين واليونانيين و تحرير تركيا الحالية، بما فيهم أتاتورك وعصمت إينونو وفتحي بگ وحسين بگ هوني الذي قال في خطابٍ له في المجلس الوطني التركي الكبير: إنّ حق التكلّم من فوق هذه المنصة هو للأُمتَين التركية والكوردية. عند إلقاء خطابه على ضريح الجندي المجهول، قال وزير الدفاع التركي آنذاك: أغلب الظن أن هذا الجندي هو كوردي. هكذا إنخدع القادة الكورد بالوعود الكاذبة لأتاتورك ومساعديه وبذلك ساهموا بشكل غير مباشر في إلغاء معاهدة سيڤر.
2. لم يكتفِ الكورد بالتحالف العسكري مع الأتراك، بل ساهموا سياسياً في دعم إلغاء معاهدة سيڤر. في عام 1920م عندما تمّ إنعقاد مؤتمر سيڤر، في الوقت الذي كانت الهيئة القومية الكوردية برئاسة شريف پاشا تشترك في المؤتمر المذكور، كان الپرلمان التركي يحاول جاهداً إبعاد هذه الهيئة عن تمثيل الشعب الكوردي، حيث كان يتصل برقياً بأعوانه وتابعيه والپرلمانيين في إستانبول، يحثهم على تقديم مذكرات بإسم الكورد ينفون فيها أن يكون شريف پاشا يمثّل الكورد وأن الكورد والأتراك إخوة وليس في نيتهم الإنفصال عن البعض. لقد لعب قسم من الپرلمانيين ورؤساء العشائر الكورد دوراً سياسياً كبيراً في إلغاء هذه المعاهدة.
3. اتفاق اتاتورك مع الحلفاء على الغاء الخلافة الإسلامية وبناء نظام سياسي علماني على النمط الغربي، ساهم في قبول كل من بريطانيا وفرنسا أن يتم إلغاء معاهدة سيڤر وإحلال معاهدة لوزان محلها.
4. إختفاء روسيا القيصرية وتسلّم الشيوعيين للحكم في روسيا، أقلق دول التحالف بأن يتحالف مصطفى كمال أتاتورك مع الحكومة الروسية الجديدة ومنافستها لِدول التحالف في النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.
5. تشتت القيادات الكوردية وإفتقارها الى مرجعية سياسية موحدة تقوم بِوضع إستراتيجية صائبة لترتيب البيت الكوردي وتوحيد قواه ليصبح الشعب الكوردي طرفاً مكافئاً للأطراف التركية والعربية لِنيل إستقلال كوردستان.
6. خوف بريطانيا من مواجهة أعداء جدد جراء التمسك بإعلان الدولة الكردية ودعمها، مثل روسيا وتركيا الكمالية وإيران والقوميين العرب الذين كانوا حلفاء بريطانيا الأساسيين خلال الحرب العالمية الأولى.
7. قد يكون للعامل التاريخي أيضاً دوراً في إلغاء معاهدة سيڤر، حيث ان الغرب لم ينسوا ما فعله بهم صلاح الدين الأيوبي الكوردي خلال الحروب الصليبية.
[1]