مستقبل شعب كوردستان بعد إنهيار إتفاقية (SYKES -PICOT سايكس – پيكو) (6)
د. مهدي كاكه يي
إستحالة تعايش شعوب المنطقة في كيانات سياسية موحدة
لا يمكن نجاح النظام الفيدرالي في دول منطقة الشرق الأوسط التي تجتمع فيها شعوب وطوائف مختلفة، حيث أنها لم تنجح في إيجاد ثقافة موحدة وتكوين أهداف مشتركة لها طوال عيشها المشترك، ولم تتوفر ظروف ملائمة لهذه الشعوب في يوم ما، عبر تأريخها الطويل، ليكون كل شعب وطائفة وقومية وأقلية ومذهب ودين، حراً في إختيار حياته وطبيعة ونوعية علاقاته مع الآخرين ولم تتوفر العدالة والمساواة بين هذه الشعوب ولم تُتح الفرصة لها أن يشترك الجميع في الحكم ويمتلكون السلطة بشكلٍ متساوٍ وبشفافية، بل خلال تأريخها، تسلطَ فريق واحد على مقدرات البلاد وإستأثر بالحكم وأخضع الآخرين لِحُكمه بالحديد والنار. لذلك فشلت هذه الشعوب والقوميات والمذاهب والأديان في التلاقي والتفاعل والإنسجام.
يغضّ الطرف الكثير من السياسيين والمثقفين والكُتّاب عن واقع التنافر الذي يطغي على علاقات الشعوب التي تعيش ضمن الكيانات السياسية للدول المُغتصِبة لكوردستان والتي لم تعش معاً في يوم من الأيام بإرادتها وحريتها، وإنما فُرض عليها العيش المشترك بالقوة من قِبل الأجانب، إبتداءً من إتفاقية سايكس – پيكو ومعاهدة سيفر ومروراً بِمعاهدة لوزان والإستفتاء الصوري الذي تمّ إجراؤه والذي تمّ بموجبه إلحاق إقليم جنوب كوردستان بالكيان العراقي الجديد وإنتهاءً بإستخدام السلاح ضد شعب كوردستان واللجوء الى الإبادة الجماعية وإستعمال السلاح الكيميائي وتعريب وتتريك وتفريس كوردستان، بشراً وأرضاً، في محاولة للإستمرار في إغتصاب كوردستان.
خطورة رفع شعارات تُكرّس إغتصاب كوردستان
للأسباب السابقة الذكر، فأن رفع شعار الحكم اللامركزي أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو الكونفيدرالية الديمقراطية من قِبل شعب كوردستان للعيش تحت حكم الإحتلال، هو خطأ تأريخي فادح، حيث لا يمكن تحقيق تمتع الكوردستانيين بحقوقهم في ظل حكم عنصري شمولي والعيش مع شعوب متخلفة لا تقرّ بحقوق شعب كوردستان. كما أن رفع مثل هذه الشعارات للقبول بالعيش في ظل الدول المُغتصِبة لكوردستان، هو إقرار صريح بقبول إغتصاب كوردستان وتجزئة شعبها. إن تجزئة القضية الكوردستانية تعني أيضاً تجزئة النضال الكوردستاني والتي بدورها تؤدي الى إضعاف هذا النضال وتقليل فرص تحقيق طموحات شعب كوردستان، بينما تقوم الدول المُغتصِبة لكوردستان بالتنسيق فيما بينها سراً وعلناً لتتمكن من الإستمرار في إغتصاب كوردستان وإستعمار شعبها والوقوف بوجه تطلعات الكوردستانيين في التمتع بالحرية والإستقلال ومن أجل الإستمرار في نهب ثروات كوردستان.
عدم ثبات الشعارات التي ترفعها الثورات والتنظيمات السياسية الكوردستانية وضبابيتها، تؤديان الى عدم تحقيق الأهداف الكوردستانية وإرباك شعب كوردستان ونضاله، حيث أن الثورات والأحزاب الكوردستانية تقوم بتغيير هدف نضالها بإستمرار كأنْ تناضل من أجل الإدارة اللامركزية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو حق تقرير المصير أو الإستقلال.
إن عدم رفع شعار إستقلال كوردستان تجعل القضية الكوردستانية شأناً من الشئون الداخلية للدول المُغتصِبة لكوردستان وبذلك تتقوقع القضية الكوردستانية داخل حدود الدول المُغتصِبة لكوردستان وتمنعها أن تصبح قضية عالمية لشعب مستعمَر وبلاد مُغتصَبة، تحتاج الى تدخّل الأمم المتحدة والدول الكبرى وتلقّي الدعم والمساعدة منها ليتحرر شعب كوردستان من العبودية والإحتلال.
[1]