الملاحم البطولية الكوردستانية والإتفاقية الأمريكية – التركية
د. مهدي كاكه يي
في البداية أود أن أُحيّ أرواح الثائرات الكوردستانيات والثوّار الكوردستانيين الذين سقَوا بِدمائهم أرض إقليم غرب كوردستان وضحوا بحياتهم في سبيل حرية شعبهم والدفاع عن وطنهم ضد الغزو التركي المتوحش. كما أتمنى للجريحات والجرحى الشفاء وأحيّهم على بسالتهم وشجاعتهم التي أصبحت حديث شعوب العالم. كما أُثمّن صمود وبطولة أفراد القوات المسلحة الكوردستانية وأفراد المقاومة الشعبية في الإقليم في تصدّيهم للعدوان التركي.
كما أحب أن أقول بأن شجاعة الكوردستانيين والخبرة القتالية التي يملكونها والصمود البطولي أمام ثاني أكبر جيش في الحلف الأطلسي وأمام مرتزقة أردوغان، أصبحت موضع إعجاب وتقدير شعوب وحكومات العالم وهزّت العرش التركي وعنجهية وغرور أردوغان ولقّنت الأتراك درساً بليغاً رغم عدم التكافؤ بين القوة الكوردستانية والتُركية في العدد والعُدّة. كما أنّ عدالة القضية الكوردستانية والصمود البطولي للمرأة الكوردستانية والرجُل الكوردستاني في غرب كوردستان، جعلت العالم كله يتعاطف مع شعب كوردستان ويسانده ويقف الى جانبه ضد الأتراك المتعطشين للدماء. لم تحظّ القضية الكوردستانية في تاريخها بمثل هذا الإهتمام والدعم العالمي الذي حظى بهما في الحرب الدفاعية ضد الغزو التركي، حيث أصبحت القضية الكوردستانية قضية عالمية، تُمهّد لنيل شعب كوردستان حريته وإستقلال بلاده.
أنا شخصياً أكره الحرب التي تعني الموت والدمار والخراب وخلق المزيد من اليتامى والأرامل وإنتشار الفقر والمرض والبطالة. لا يُعتبر تُجار الحروب بشراً، بل أنهم أناس معتوهون ومرضى نفسانيون، يجب أن يكون مكانهم في المصحّات النفسية والعقلية، لا التربّع على كراسي الحُكم والسلطة، ومع ذلك تضطر الشعوب، ومنها شعب كوردستان، الى الدفاع عن نفسها وعن وطنها ضد الحُكام والطُغاة المجرمين بِحق الإنسانية. لذلك أتمنى أن لا تُراق قطرة دم إنسان. لو كانت لي سلطة على العالَم، لكنتُ أقوم بتدمير كل أسلحة القتل والدمار وأجعل العالَم خالياً من الأسلحة و أنّ الأموال التي تُصرف على صناعة الأسلحة، أجعلها تُستخدَم في تطوير الزراعة والصناعة والطب والقضاء على الفقر والمرض والبطالة وتوفير حياة حُرة كريمة للبشرية جمعاء.
الإتفاقية المُبرمة بين أمريكا وتركيا، هي إتفاقية غير عادلة، تفرض الإستسلام على الكوردستانيين، حيث أنها تسمح لتركيا بإحتلال أجزاء من الإقليم بِعُمق 32 كيلومتر وطول 440 كيلومتر، أي أنها تُلبّي ما يريده الأتراك وتدعو الى إنسحاب القوات الكوردستانية الى خارج هذه المنطقة ودون تحديد تاريخ محدد للإنسحاب التركي. هذا يعني أنّ الإتفاقية تُشرّع الإحتلال وتُهجّر مواطني الإقليم من بيوتهم وممتلكاتهم وأراضيهم وقراهم وبلداتهم ومدنهم الواقعة ضمن المنطقة الآمنة المقترحة.
كما تبيّن خلال العدوان التركي على إقليم غرب كوردستان، أنّ جميع حكومات العالم تضامنت مع الكوردستانيين ووقفوا ضد الأتراك، حيث فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات قاسية على تركيا وإمتنعت الكثير من دول الإتحاد الأوروپي عن بيع الأسلحة لتركيا وكانت دول الإتحاد تُمهّد لفرض عقوبات على تركيا. كما أنّ الكونگرس الأمريكي إتخذ موقفاً صارماً ضد الغزو التركي، حيث توحّد أعضاؤه من الحزب الجمهوري والديمقراطي في حالة نادرة ضد قرار الرئيس الأمريكي بالإنسحاب العسكري من إقليم غرب كوردستان ووقفوا ضد العدوان التركي وساندوا بكل قوة شعب كوردستان وكانوا بِصدد فرض عقوبات شديدة على تركيا بأغلبية ساحقة (أغلبية الثُلثَين) و في هذه الحالة لا يحقّ للرئيس الأمريكي إستخدام حق النقض (الڤيتو) ضد قرار الكونگرس وبذلك يصبح القرار نافذ المفعول. هكذا فأن الرأي العام العالمي والكونگرس الأمريكي وحكومات الإتحاد الأوروپي يقف مع شعب كوردستان وضد الأتراك. الرأي العام العالمي يتعاطف مع الكوردستانيين في غرب كوردستان ويساندهم في دفاعهم عن أنفسهم. يجب إستثمار هذه الفرصة التاريخية. لذلك أقترح على القيادة السياسية الكوردستانية في غربي كوردستان أن ترفض الإتفاقية المذكورة وتطالب أن يتمّ تعديلها، على أن تنص على الإنسحاب التركي الكامل من الأراضي الكوردستانية ووضع مراقبين دوليين على الحدود التركية مع إقليم غرب كوردستان وتشكيل لجنة أممية لتقصّي الحقائق، فيما يتعلق بالجرائم المقترفة من قِبل تركيا بِحق الكوردستانيين خلال الحرب التي فرضها الأتراك على الكوردستانيين، حيث أنه في حالة إستئناف العدوان التركي، سيفرض العالم عقوبات إقتصادية قاسية على تركيا والتي بها ينهار الإقتصاد التركي. يعتمد الأخذ بإقتراحي بكل تأكيد على الظروف الذاتية للكوردستانيين والتي القيادة الكوردستانية في الإقليم الغربي على دراية بها. بدون أدنى شك، أنّ دولة كوردستان قادمة.
[1]