الأتراك يسرقون التأريخ و التراث الكوردي
محمد مندلاوي
الأتراك هم أمة تضم عدداً من القبائل التي تنتمي الى أرومة واحدة وهي التركمان، الذين يتشكلون من عدة فروع و من أهمها السلجوقيين والقاجار، و من الفروع الأخرى للأتراك هي التتر أو المغول، و العثمانيين. تسكن غالبية هذه القبائل و الفروع التركية في الوقت الحاضر في منطقة تركستان، بشقيها الشرقي الواقع في روسيا الإتحادية و الغربي الذي يقع ضمن الصين الشيوعية. تنقل لنا المصادر التأريخية أن هؤلاء الأتراك هم من القبائل الرحًل التي كانت تقيم في آسيا الوسطى بين بحر آرال وجبال التائي. يتألف الأتراك من ثلاث فروع:
الويغور والكرلوك والأغوز أو الغز. نزح بعضها شرقاً و بعضها الآخر غرباً الى ما وراء النهر ( نهر امودريا في تركستان الروسية). قضت الأتراك على الغزنويين في القرن الحادي عشر واستقروا في تركستان والأناضول. من فروع الأتراك كما أسلفت، التركمان الذين هم عبارة عن قبيلة عرفت منذ القرن الثاني عشر بإسم تركمان. يقطن التركمان في تركستان الغربية، الصين وايران وما وراء النهر و القفقاس. التتر: قبيلة كانت تسكن في أواسط آسيا، بين بحيرة بايكال وجبال التائي. سمًي المغول بهذا الاسم وهم قسم منهم. كذلك أق قويولو و التي معناها (الخروف الابيض) هم فرع من التركمان الذي بسط سلطته على مناطق شاسعة في القرن الرابع عشر الى أن قضى عليهم الصفويون.
قره قويونلو (الخروف الاسود) هي أيضاً سلالة تركمانية حكمت من سنة 1375 الى 1468. السلاجقة هم فرع آخر من التركمان و جاءت تسميتهم نسبة الى جدهم سلجوق. وأخيراً العثمانيون أو آل عثمان الذين حكموا شعوب عديدة لمدة أربع قرون في آسيا و أفريقيا و أوروبا.
أترك القارىء ليتمعن في أسماء مثل تيمورلنك وهولاكو وجنكيزخان والسلاجقة أو التتر و آلعثمان، ليطلع بنفسه على ما أقدم عليه هؤلاء من مذابح و خراب عانت البشرية منها لقرون عديدة، و الشعب الكوردي هو أحد الشعوب التي تم إحتلال قسم كبير من وطنه من قِبل الأتراك الغزاة و تعرض للمذابح و التشريد و تدمير و تخريب مدنهم و قراهم.
مما تقدم فأنّ تواجد الأتراك في المنطقة لا يتجاوز 900 سنة. الدولة الأموية والعباسية جاءتا بالأتراك من آسيا الوسطى الى بلاد الرافدين لحماية عروش الخلفاء الأمويين والعباسيين الا أن الأتراك تآمروا على الخليفة العباسي المتوكل وقتلوه شر قتلة و الذي تسبب في بدء إنحطاط الدولة العباسية.
إستهزء الشاعر العربي من الخليفة حين قال: خليفة في قفص بين وصيف وبغا، يقول ما قالا له، كما تقول الببغا.( الوصيف) و (البغا) هما من قادة الأتراك و كان الخليفة طوع إرادتهما وأسيراً لأوامرهما.
الشعوب الأصيلة في منطقة الشرق الأوسط معروفة و مذكورة في الألواح والمرقومات الطينية في سومر وبابل وشوش ومذكورة في الكتب والمخطوطات القديمة عند الآراميين واليونانيين والفرس الهخامنشيين أما الآخرون الطارؤون على المنطقة وشعوبها، كالأتراك، يحاولون بشتى الوسائل التعلق بغصن شجرة عائلة هذه الشعوب، واهمين بأنهم قد يفلحوا في تزوير التأريخ لإكتساب هوية الإنتماء للمنطقة. الغزاة المحتلون سيبقون غرياء في المنطقة و منبوذين و سيكونون عاجزين عن تزوير التأريخ و الإندماج مع شعوب المنطقة لأنهم يفتقدون الى جذور تأريخية فيها. نظراً لحداثة الوجود التركي في المنطقة، فأن الأتراك يحاولون تزوير تأريخ الشعوب الأصيلة و سرقة تراثها لإعطاء الشرعية لتواجدهم في المنطقة.
من بين الأوطان التي إحتلها الأتراك هو كوردستان. نظراً لإحتلال كوردستان من قبل عدة دول و إفتقار الشعب الكوردي لكيان سياسي في المنطقة، فأن الأتراك وضعوا خططاً مبرمجة لسرقة التأريخ العريق للشعب الكوردي و نهب تراثه، عن طريق تأسيس مراكز و معاهد للدراسات التأريخية للإستحواذ على الموروثات الكوردية التي أنتجها العقل الكوردي و أبدع فيها عبر العصور التأريخية.
الجمهورية ( التركية) هي إمتداد لهؤلاء الطغاة القتلة بثوب جديد ألبسها إياها مصطفى كمال أتاتورك بإسم الجمهورية العلمانية و و التي ليس فيها شيء من العلمانية غير إسمها. العلمانية تدل على التطور و التقدم و الإزدهار ولكن عند الأتراك كعادتهم يفهمون الأشياء معكوسة، حيث أنها تعني بالنسبة لهم التسلط والهوس القومي والتصرف بالعقلية العثمانية. لذا قال رئيس وزراء لوكسمبورك جان كلود جنكر: لايمكن لممثلي دولة تستخدم التعذيب أن يجلسوا الى طاولة الاتحاد الاوروبي فسجل تركيا حافل بسوء المعاملة للكورد و انتهاك حقوق الإنسان و زج المعارضة في السجون. من الأمثلة الحية لتخلفهم عن الشعوب المتحضرة نراهم على مدى عقود يطرقون أبواب الأتحاد الأوروبي لقبولهم كأعضاء في النادي الأوربي و لكن دون جدوى، حيث أنهم دائماً يُنتقدون من الإتحاد الأوروبي بأنهم غير مؤهلين للدخول الى الأتحاد لأن للأتحاد شروط وقوانيين يجب الإلتزام بها ومنها الديموقراطية وحكم القانون. للأسف أن الأتراك كأنهم لايعيشون على هذا الكوكب ولا يرون الإنعطافة العظيمة التي تعيشها البشرية مع مطلع القرن الواحد والعشرين حيث أن قوى الظلم والظلام قد تلاشت وأختفت بعد أن أنتصرت الحرية وأشرق نور الإنسان الحر الديموقراطي كما يقول مازاريل.
في التسعينيات من القرن الماضي، وبعد الموت المفاجئ لرئيس الجمهورية (التركية) تورغوت اوزال، تسنمت سدة الحكم، كرئيسة وزراء في (تركيا) الكمالية، تانسو جيلر،جيلر بالجيم الكوردية بثلاث نقط. هذه المرأة التي درست في الولايات المتحدة الأمريكية، وعاشت لسنين عديدة في هذا البلد الديمقراطي، لم تحاول إستلهام الدروس والعبر من هذه الدولة الفيدرالية الرائدة، ولم تستطع جيلر التحرر من الشوفينية التي تربت عليها في الجمهورية الكمالية، وكانت كالذين سبقوها في دست الحكم، أسيرة تلك الأمراض والأوهام العنصرية التي غرسها أتاتورك في عقولهم منذ العشرينات من القرن المنصرم، بعد تأسيسه لجمهوريته (التركية) الكمالية. في سني حكمها وذات يوم إستيقظت جيلر من نومها مرتبكة ومفزعة من كابوس كان يطاردها طوال الليل وعلى وجه السرعة دعت مستشاريها الى إجتماع سري وهام وعاجل لإتخاذ قرار خطير للغاية. بعد الإنتهاء من الإجتماع طلبت جيلر من مستشاريها دعوة الصحفيين وبعض مؤيدي حزبها الى التجمع في باحة منزلها حتى تلقي عليهم القرار الذي أتخذ في الأجتماع غير الإعتيادي. بعد برهة إزدحمت الساحة أمام منزلها بالمؤيدين ثم أطلت عليهم من شرفة المنزل و القت عليهم كلمات عنترية لدغدغة مشاعرهم ثم تدرجت في خطابها حتى وصلت الى البيت القصيد. قالت حفيدة تيمورلنك بطريقة عثمانية فجة و بلغة تركية سمجة: أبشر الأمة التركية أننا إكتشفنا أن عيد النوروز هو عيد الشعب التركي!! بهذه الطريقة التي تنم عن غباء مفرط في السياسة أرادت جيلر أن تسحب البساط من تحت أقدام الكورد في إقليم شمال كوردستان لتجعل النوروز عيداً للجميع! تتخيل جيلر بأنها تستطيع أن تنهي النوروز الكوردي بهذه الطريقة، العيد الذي إتخذه الكورد رمزاً للمقاومة وعنواناً للبقاء. رغماً عن كيد الأعداء والمحتلين، إنها كالذين سبقوها لم تفلح في خططها لقد فشلت في أهدافها وبقيت هذه المناسبة الخالدة وهاجة في قلوب الكورد كوهج بابا گرگر الأزلي، الذي يحتفي بها الكورد في كل عام لتجديد العهد مع نوروز و ليظهروا للصديق و العدو بأن الكورد باقون كبقاء جبال كوردستان، ينشدون و يغنون للحب و الحياة.
إنه من الغباء أن يحاول الأتراك النازحون من خلف أسوار الصين سرقة تاريخ وتراث الكورد دون أدنى خجل وكأن العالم يعيش في عصور مظلمة ليس فيها وسائل إعلام وتكنولوجيا والتواصل بين الأمم التي تفضح هذه الأساليب الخسيسة والدنيئة. هناك شعوب تعيش في قارات بعيدة عن الكورد وتعرف أن النوروز هو رأس السنة الكوردية وتحييه هذه الأمة على مدى 27 قرناً. بالإضافة الى الكورد فأن الفرس في بعض مناطقهم في إيران يسمونه العيد الكوردي. عند المسلمين العرب كان الخليفة علي بن ابي طالب يستلم الهدايا من كورد الكوفة بهذه المناسبة. يقول الخطيب البغدادي بأن جد (أبي حنيفة النعمان) وإسمه (النعمان بن مرزبان) قد أهدى الى علي بن ابي طالب في يوم نوروز طبقاً من الفالوج وتقول الرواية بأن علي قال: (نوروزنا كل يوم). في لسان العرب عن النوروز قال أبو منصور الجواليقي:(465 _540 للهجرة) تكلمت العرب به. وقال جرير يهجو الأخطل: عجبت لفخر التغلبي وتغلب تؤديى النيروز خضعا ً رقابه. ذكر (الفيروز آبادي) في قاموسه (مادة:ن.ر.ز) أنه قُدم الى علي بن ابي طالب (عليه السلام) شيء من الحلوى فسأل عنه فقال نيروزنا كل يوم. يتجلى نوروز في آثار العرب في كتبهم وعند شعرائهم الذين عاشوا في القرن الرابع الهجري أمثال: رسائل أبي إسحاق ورسائل واشعار صاحب بن عباد واشعار شريف الرضي و الشريف المرتضى و المتنبي و مهيار الديلمي، وفي كتب كثيرة لاتعد تزخر بها المكتبة العربية. يا لتعاسة هؤلاء الطورانيين أنهم بعد 2700 سنة إكتشفوا بين ليلة وضحاها أن النوروز هو عيدُ للأتراك!!! ألم يكن من الأجدر بهم أن يقولوا لنا أين كانوا يحيون هذه المناسبة، في طوران أم في صحراء غوبي بين الصين و منغوليا مع أبناء عمومتهم؟ المعروف لدى الجميع أنهم حديثي العهد في الشرق الأوسط، حيث أن تواجدهم في المنطقة لا يتجاوز 900 سنة.
حول ذكر الكورد في التاريخ العربي، نرى المدح والثناء والتعظيم. هذا هو قاضي قضاة الشام محي الدين بن محمد المعروف بابن الزكي ينظم قصيدة في سنة 579 للهجرة يمدح السلطان صلاح الدين الأيوبي و الكورد لما أسدوه من خدمات للعالم بشكل عام و للعرب بشكل خاص، حيث أنهم لم يحاولوا تكريد العرب أو إضطهادهم ولذا يقول في مطلع قصيدته:
الحمدُ لله ذََلتْ دَوْلًتْ الصًلبي ... وَعَزً بِالكُرْدِ دينُ المصطفى العربي
وَ فَتحكم حَلَباً بِالسًيفِ في صَفَر ... مُبَشًِرٌ بِفتوحِ القدسِ في رجب.
هذا هو الشاعر المصري عبد الغني المنشاوي يلقي قصيدته المشهورة سنة 1934م في مدح الأمة الكوردية في دار العلوم في القاهرة والتي جاءت فيها:
بيضت بالكورد وجه الكورد فأتلقوا... كواكبا في سماء المجد والحسب
ردوا الحياة على الإسلام وإبتهجوا ... بالموت محتسبا في أثر محتسب.
هذا هو أبا فرات الجواهري الكبير أمير شعراء العرب يناصر الكورد ويقف ضد الطغاة وينظم رائعته الشعرية كوردستان يا موطن الأبطال التي تضم مئة و ثلاثة وستين بيت شعر،
حيث رفع صوته عاليا لمناصرة الأمة الكوردية، و يقول فيها:
قلبي لكوردستان يهدى والفم ..... ولقد يجود بأصغرية المعدم
ودمي وإن لم يبقى في جسمي دما ..... غرثي جراح من دمائي تطعم.
سلم على الجبل الأشم وأهله ...... ولأنت تعرف عن بنيه من هم.
وهذا أيضاً بدر شاكر السياب رائد الشعر الحديث في العراق يكتب قصيدته الجميلة المسماة من وحي النوروز دعماً للقضية الكوردية العادلة، ينشد السياب:
طيف تحدى به البارود والنار ..... ماحاك طاغ وما استبناه جبار
قف عند (شيرين) واهتف ربما نطقت .... وحدثتك بما تشتاق احجار.
لابد هنا أذكر المحامي والشاعر والمناضل العربي الأستاذ هلال ناجي الذي آزر الكورد طوال حياته السياسية ودافع عنهم في جميع المواقع وكشاعر أيضاً ساندهم في ثورتهم التحررية و له قصيدة تحت عنوان: الى ثوار الأكراد نظمها سنة 1962جاءت فيها:
طالما ردد أعدائي وأعدائك فرية
أننا نكره أن تحيا عزيز و مستقلا.
ياصديقي مثلما نطمح إن نحيا أعزاء كراما
هكذا نضمر للأكرد حبا وسلاما
فاذا انت ارتضيت
ان يكون
جبل الاكراد دولة
فليكن
فسنحيا في إخفاء و صفاء
مثلما يعتنق الظلان في درب غرام.
وفي المقابل نرى أحد شعراء الترك كيف يعد العرب بالويل والثبور في شعره ويحط من كرامتهم.
الكفر في الترك دون الكفر في العرب
اليس فيهم إذا عدوا ابو لهبِ
فاغزُ الأعاريب بالأتراك منتقماً
منهم، ولا ترع فيهم حرمة النسبِ.
هكذا فأن الوثائق التاريخية و الكتب المعروفة للطبري والمسعودي وإبن الأثير وموسى الخوريني وكزينفون و آخرون تزدحم بها صفحات التاريخ عن تأريخ الشعب الكوردي و عراقته. نظراً لإفتقار الأتراك لجذور تأريخية و فقدانهم لهوية و إنتماء للأرض التي يعيشون عليها، فأنهم يعيشون في هاجس و قلق دائمَين من فقدان الأرض التي يحتلونها و يعيشون عليها، لذلك نراهم يقومون بالإعتداء على شعوب دول المنطقة، مثل إيران و بلغاريا و اليونان و قبرص، حيث قاموا بإحتلال شماله و أسكنوا فيه مستوطنين من الأتراك جلبوهم من أصقاع العالم، و قبل قبرص طبقوا هذه السياسة الخبيثة مع الكورد في إقليم شمال كوردستان في مدن مثل مرعش وآمد ومدن أخرى، جلبوا أتراك من بلغاريا وبوسنة والشيشان وأفغانستان وأستوطنوهم في هذه المدن. مع سوريا، حيث يحتلون الإسكندرونة، و يقومون بتهديدها كلما أرادوا تصدير أزماتهم الداخلية الى خارج الحدود. العراق كإنه مزرعة إمتلكوها من الدولة العثمانية ويلوحون دائما بالويل والثبور وقطع مياه دجلة والفرات عنه، و في السياسة الإقليمية والدولية يقفون دائما في المربع المعادي لشعوب هذه الدول و ضد مصالحها. يحتلون الإقليم الشمالي من كوردستان ويتدخلون في شؤون الدول الأخرى المحتلة لكوردستان لمنع أي تطور أو تقدم يخدم هذا الشعب لإسترداد وطنه المنهوب.
رغم هذا كله نرى محاولات يائسة من بعض أذناب الأتراك هنا و هناك لإيجاد حضور مزيف لهم على صفحات التاريخ القديم لهذه المنطقة. في كركوك يصدر أحد بقايا العثمانيين، مجلة و إستعار لها إسم سومر و فتح صفحاتها أمام بعض الطورانيين لنشر إدعاءاتهم الزائفة حول التاريخ السومري وتلفيق الكلام على ألسن مؤرخين معروفين في العالم والذين لهم باع طويل في هذا الحقل، حيث نسب أحدهم في إحدى مقالاته يدّعي فيها بأنه تحدث الى الدكتور طه باقر، المختص بالسومريات في أروقة جامعة بغداد، مدعياً بأنّ طه باقر ذكر له أن للسومريين جذور تركمانية. الكاتب المذكور يحاول مصادرة عقولنا بكلام ليس له دليل ملموس أو عيني حتى يتم تصديقه، حيث نحن نعلم ومعنا كل ذي عقل أن لا تاريخ من دون وثيقة، وكثير من الناس والمتتبعين يعلمون أن الدكتور طه باقر و آخرون من ذوي الأختصاص بتاريخ سومر ذكروا بإستمرار وعلى شاشات التلفزة أن السومريين شعب هندو أوروبي جاءوا من شمال شرق العراق. لو تسأل طفلاً في الأبتدائية أين يقع شمال شرق العراق لأشار بإ صبعه الى جهة مندلي وسومار، وسومار هذه تقع بالقرب من الحدود الإيرانية العراقية وجميع سكانها الى الآن من قبيلة كلهر الكوردية الأصلاء وتسكن بجوار سومار عشيرة سورمرد الكوردية التي يقال إنهم إمتداد للسومريين.
الواضح أن الأستاذ لايعلم أن جميع المؤرخين تقريباً متفقون على أن السومريين من الشعوب الهندو أوربية و الذي يعني بإختصار العبارة أنهم ليسوا ساميين و لاهم من الجنس الأصفر كالأتراك، وفي العراق لايوجد شعب هندو أوربي غير الكورد. لنرجع الى النصوص المدونة بعد مجيء الإسلام الى المنطقة، ولنقرأ الأحداث الكبيرة فيها. عندما زحف العرب المسلمون في سنة 18 للهجرة نحو العراق و كوردستان (إقليم الجبال) وإيران لنشر الإسلام، لم يذكروا أي إسم لا للترك ولا للتركمان في هذه الدول، وعندما عبروا النهر في آسيا الوسطى سنة 571 ميلادية، ذكروا الأتراك في تركستان و في طوران. الإسلام جاء الى المنطقة بعد السومريين ب5000 سنة ولم يرَ المسلمون حضوراً للترك أو التركمان ولم يذكروهم أبان الزحف العربي الإسلامي الا في آسيا الوسطى كما أسلفنا.
في المنطقة الفاصلة بين الترك في وطنهم الأم في تركستان و بين بلاد سومر، والتي يعرف الآن بإسم العراق، عاشت حينئذ شعوب وأقوام كثيرة من الصعب إختراقها مثل البارتيين والفرس والكورد والأكديين و بعدهم الآشوريين والآراميين الذين كانوا لايسمحون بإجتياز أراضيهم دون مواجهة وقتال كالتي حصل مع كزينفون 400 سنة قبل الميلاد عندما حاول المرور عبر كوردستان الى اليونان والذي يذكر في كتابه المعنون رحلة العشرة آلاف مقاتل كيف واجهه الكورد ببسالة وكبدوه خسائر في الأرواح والمعدات. الدليل الآخر على أن الشعوب لا تستسلم بسهولة هي مواجهة هذه الشعوب ببسالة لأجداد الترك عندما غزوا هذه المنطقة كهولاكو وجنكيز خان و طغرل وتيمور لنك الذي خرب بغداد ودمرها في سنة 1386 ميلادية حيث قاومتهم هذه الشعوب بشجاعة ومنها الشعب الكوردي الذي كبد الغزاة خسائر كبيرة أمام قلعة أربل.
في سنة 1997، نشر في باريس باحث الآثار الفرنسي جان ماري دوران ترجمة اللوحات الأثرية السومرية التي تتعلق بالممالك التي شهدتها كوردستان في الألف الثانية قبل الميلاد و نرى في هذه الألواح إسم إمارة كوردا التي كانت في جبل سنجار و كوردستان الملحقة بسوريا، (جان ماري دوران - وثائق مراسلات قصر ماري - المجلد الأول 645 صفحة، مطبعة سيرف باريس، 1997 والمجلد الثاني 688 صفحة عن إمارة كوردا، انظر المجلد الأول الصفحات:60، 393، 414، 415، 416، 423، 427، 433، 503، 515، 517، 604، 605، 617، 622 ، باللغة الفرنسية ،المصدر كوردستان نيت). لربما يتساءل أحد لماذا هنا سومر وهناك كوردا، نقول لأن الدول كانت تقام على أسس قبلية،
مثل الدولة العباسية والأموية و الأيوبية والدول التركية في آسيا الوسطى الى يومنا هذا يحمل كل دولة إسم القبيلة مثل قرقيغستان، أوزبكستان، تتراستان، قازخستان. في مدينة كركوك يشاهد المرء محلات التركمان تحمل أسماء مثل سمرقند و اسماء أخرى التي تتواجد في وطنهم الأم في آسيا الوسطى. ان دل هذا على شيء انما يدل على الحنين الى الوطن الأم فيما وراء النهر.
الآن لنقارن بين اللغة الكوردية في العصر الحاضر واللغة السومرية الدارجة آنذك. نبدأ في البداية بملحمة كلگامیش، حيث أن الآشخاص البارزين في الملحمة يحملون أسماء كوردية خالصة كإسم كلگاميش نفسه. إسم كلگاميش يتكون من كلمة كَل التي تعني ذكر أو فحل أو شجاع و كلمة گاميش التي تعني الجاموس و بذلك يعني إسم كلگاميش فحل الجاموس. المتتبع يعلم أن البطل كان يتشبه بالجاموس وأسم الجاموس يتردد لمرات في الملحمة، واليوم الكورد يقولون للمرأة الشجاعة كلزن (زاي بثلاث نقاط) وللنملة الكبيرة كلموري أي النمل الشجاع، والملاح الذي يساعد كلگامیش إسمه أورشنابي (سبّاح) ونحن اليوم نقول شناو التي تعني السباحةو في بعض مناطق شرق كوردستان يقولون شنا. إلى يومنا هذا فأن الكورد يستخدمون كلمة كَل في اللغة الكوردية الدارجة اليوم حيث نقول للثور كلگا. اللغة الكوردية، كما السومرية، لغة التصاقية إمتزاجية تدمج كلمتين لتجعل منها كلمة واحدة مثلما سبق في كل = الفحل و الگا = الثور أي فحل الثور، بينما تُسمى البقرة بالكوردية مانگا. الذي عنده سر الخلود إسمه في الملحمة أوتناوبشتم أي الذين أتوا من بعدي وهذا الإسم يطابق المضمون والمعنى لإسم الخلود، حيث يقال في الكوردية هاتنوبشتم الذين أتوا من بعديو كلمة الأخ برا تعني الأخ في كل من اللغة السومرية و الكوردية وكذلك كلمة الجدة ننه متشابهتان في اللغتين المذكورتين. هناك شواهد وأشياء كثيرة لاحصر لها، على سبيل المثال في ملحمة كلگاميش، عندما يريد البطل الإبحار للبحث عن سر الخلود عبر بحر الموت ينصحوه بأخذ 120 عصا مردي لدفع القارب دون أن تمس يداه ماء بحر الموت لأن ملامسة هذه المياه تعني الموت المحتم وهذه العصا تنقذك من الموت وهذه العصا إسمها مردي و الذي يعني الموت والكورد لليوم يقولون للموت مرد أو مردي، الياء = ياء التعريف، من الموروثات الباقية لليوم عند أهل الجنوب، مَثَل يقال: دفعة مردي وعصاة كوردي. يذكرالمؤرخين أن المدينة السومرية الشهيرة نيبور سميت بهذا الإسم لأنها مليئة بالقصب والقصب بالكوردية ني و بور، بثلاث نقاط تعني مليء و الكلمة المذكورة بذلك تعني المدينة المليئة بالقصب. كان هذا بعض الأمثلة لإثبات أن اللغة الكوردية هي إمتداد للغة السومرية، حيث أن هناك الكثير من الكلمات ذات الدلالة الواحدة بين السومرية والكوردية الحديثة.
الآن بعد أن رأينا الفواصل الشاسعة التي تفصل السومريين عن الأتراك، لنرَ هل ثمة صلة لغوية بين الأتراك في (تركيا) والتركمان، و بين الأتراك في آسيا الوسطى فيما تسمى بجمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق من خلال مشاهدتي للتلفزيون وعند اللقاءات وعقد المؤتمرات بين أتراك (تركيا) وأتراك الوطن الأم، يستنجدون بمترجم روسي او مترجم إنكليزي للتفاهم. والدليل واضح أن هؤلاء الأتراك في (تركيا) قاموا بسرقة مفردات وكلمات كثيرة من الكورد وغير الكورد لإثراء لغتهم الفقيرة والتي لا تتماشى مع متطلبات العصر و لذا تغيرت لغتهم عن لغة بني جلدتهم في آسيا الوسطى ولايستطيعون التحدث مع بعضهم البعض دون الإستعانة بمترجم (أقتبسوا من اللغة العربية أكثر من 30000 كلمة). لذلك إختار العثمانيون التحدث بالفارسية (لغة البلاط في الزمن العثماني) و إستعمال الأحرف العربية للكتابة و التي غيرها أتاتورك الى الأحرف اللآتينية ولا نعلم أية لغة سيختارون في عصر العولمة والأنترنيت؟! هذا دفع بالباحث الأكاديمي التركي الدكتور إسماعيل بيشيكجي الى فضح أساليب (الدولة التركية) في كتابه كوردستان مستعمرة دولية في صفحة 257 و 258 حيث يقول:( من السياسات المهمة للإيدولوجية التركية الرسمية تدمير الثقافة الكوردية، ولبلوغ هذا الهدف تتبع الأسلوب التالي: تعمد أولا إلى الحصول على الأغاني الشعبية الكوردية بصيغها الأصلية. و تتولى تنفيذ هذه المهمة مجموعة من الخبراء في الموسيقى والأدب الشعبي والفلكلوري ثم تترجم الى التركية ثم تذاع على أنها من التراث التركي. هذا يعادل عملية تصدير للإمبريالية الثقافية نحو كوردستان.
تلقى الخبير التركي الشهير بالأغاني الشعبية محمد أوزبك جائزة على تأليفه لأغنية بياز كول التي أعتبرت الأغنية الشعبية للعام، ولم تكن هذه الأغنية في الواقع سوى أغنية شعبية كوردية سبق أن غناها المطرب الكوردي تحسين طه و سجلها على إسطوانة. أليس هذا مثال واضح على السرقة؟!! في عددها 15 للفترة 9-15 /4/1989 إتخذت مجلة تيمبو هذا الموضوع عنوانا رئيسياً، إذ نشرت المانشيت التالي: لغة ممنوعة وموسيقى مباحة:
أغنيات كوردية والكلمات تركية وكذلك تم سرقة أغاني المطرب الكوردي الشهير محمد عارف جزراوي. في النهاية يقول بيشكجي ولننظر ما الذي سيبقى في حوزة الإذاعة و التلفزيون التركي و اللذين إذا ما جردناهما من الأغاني الشعبية ذات الأصل الكوردي؟!).
الآن يتضح للعيان عندما يقولون إن هنالك كلمات في السومرية تتشابه مع التركية تبين أن تلك الكلمات هي كوردية خالصة تم سرقتها في وضح النهار، والا أين التركي من الإبداع والإبتكار على طول التاريخ؟ مرة واحدة فتق ذهن التركي فأبتكر الخازوق والخازوق هذا كان إستعماله سائداً أبان الحكم العثماني وأستعمل بوحشية ضد من يعارض الدولة العثمانية وكثر إستعماله ضد العرب. لربما يسأل أحدٌ ماهو الخازوق؟ إنها عصاً غليضة وطويلة يصل طولها الي المترين والذي تصدر عقوبة بحقه أن يتخوزق، يطرحوه جانباً ثم يدهن الخازوق ويدق في مؤخرته الى أن يخرج من فمه ثم يعلق
على سارية ويترك هكذا الى ان يلفظ آخر أنفاسه. وهذا هو الشاعر الإنكليزي الكبير شكسبير يستشهد بوحشية هذا القوم، حيث أنه كلما كان يرى خرابا ودمارا في منطقة ما، كان يردد ويقول بتنهد: من هنا مر الأتراك. وقبل شكسبير بقرون قال عنهم أبو حيان التوحيدي أن شجاعة التركي
كشجاعة البهيمة بلا معرفة. جاء في الحديث قال قتادة: يأجوج ومأجوج أثنتا و عشرون قبيلة، بنى ذوالقرنين السد على إحدى وعشرون وكانت منهم قبيلة غائبة في الغزو والنهب وهم الأتراك فبقوا دون السد. وأخرج ابن مردوية من طريق السد قال: ( الترك سرايا يأجوج و مأجوج). وجاء كذلك في الصحيح أحمد في المسند والسنن لأبي داود، وهناك أحاديث عن النبي محمد (ص) حول وحشية هذا القوم المتعطش للدماء في المرويات الصحيحة.
في الختام نقول بإختصار هذا نحن الكورد وهذا أنتم الأتراك، نحن نفتخر بتأريخنا و لم نظلم أحداً بل جل تأريخنا كنا مظطهدين وصامدين ولا في يوم من الأيام خدشنا صفحات تأريخنا بعمل مشين لنتبرء منه، أما أنتم فتاريخكم سواد في سواد في سوادي، يكفيكم تيمور لنك وهولاكو و جنكيزخان والسلطان عبد الحميد. هؤلاء الذين هم رموز البغي والقتل والإجرام وسوف يبقون متبوئين هذه المكانة على مر التاريخ لأن التاريخ عقيمٌ يأتي بمثلهم!!.
[1]