ولدت الحضارة السومرية من رحم حضارة إيلام الكوردية 1-6
يحق لأي إنسان، أن يحلق بخياله، و تصوراته، كيف ما يشاء، لكن، ليس من حقه، أن يقوم بتزوير و تحريف الحقائق التاريخية، بالاستناد إلى تلك التخيلات و التصورات الوهمية، و لا يجوز له أن يسرق تأريخ و تراث الشعوب الأخرى. هذا ما لا يجوز قط،لأنه محرم أخلاقياً قبل أن يُحرم قانونياً، لأن التأريخ مهما تم سرقته و تزويره، و تحريفه، أو إلغائه، فأن حقائقه ستظهر عاجلاً أم آجلاً، و عند ذاك، يتم فضح المزورين الذين يخونون ضمائرهم و مهنيتهم، و يساهمون في تشويه تأريخ الحضارة الإنسانية، و أنه لجريمة بحق البشرية لا تغتفر.
قبل فترة وجيزة اطلعتُ على مقالة عن السومريين، لكاتب يدعي أنه ينتمي إلى الأقلية (التركمانية)، حاول فيها ربط أصل (التركمان)، بالسومريين، و سرد في مقاله، ما يحلو له من الكلام الذي يُنشر في الصحف التركية الطورانية، وقام الكاتب، بتفسير بعض دراسات المؤرخين العراقيين و غيرهم من الأجانب بطريقة مغلوطة، محاولاً إيجاد علاقة أثنية بين الأقوام (التركية) و(السومريين)، هنا يتساءل المرء، ماذا يبغي هذا الكاتب من وراء مقاله غير الذي أشرنا إليه وهو التحريف و...؟ كعادته لم يضع صورته في المقال و ذيله باسمه ال ..... نفس هذا الكاتب قبل أكثر من سنة و في إحدى مقالاته، حاول التلاعب، بتأريخ المدينة الكوردية الكوردستانية، (خانقين) في حينه كتبت مقالاً بالاستناد على المصادر التاريخية الموثقة فندت فيه مزاعمه و إدعاءاته التضليلية، التي تغذيها و تقف وراءها بطريقة و أخرى بعض المراكز و الجامعات و المعاهد (الطورانية) في (تركيا). لذا يجب على المثقف الكوردي أن يقوم بدوره الوطني المنتظر، و هو يعلم جيداً أن التغييرات العظيمة التي حصلت في العالم، ومنها الثورة المعلوماتية، التي أزالت كل الحواجز و العراقيل أمام الباحث، و وضع في خدمته، كل ما يحتاج إليه، حيث بإمكانه أن يستقي من ال(گوگل - Google) معلومات خلال ساعة زمنية واحدة، كان قبل عصر (الانترنيت - Internet) للحصول على تلك المعلومات يحتاج إلى فترة زمنية قد تأخذ منه سنة كاملة، أو لربما أكثر، بينما الآن وأنت جالس في منزلك أمام (الكومبيوتر - Computer) تستطيع أن تخترق حدود جميع دول العالم و تبحث في بواطن كتبهم و مؤلفاتهم للحصول على المواد التي تحتاجه، لذلك، حان الوقت، أن يشمر ذوي الاختصاص، عن سواعدهم، للعمل من أجل استرداد التراث و التأريخ الكوردي المنهوب، على أيدي القادمين من الشرق و الغرب.
لمعرفة خصائص العرقية لهؤلاء (الأتراك) و (التركمان)، و تاريخ احتلالهم لأجزاء كبيرة من الشرق الأوسط و استيطانهم فيها، نرجع إلى علماء الأنثروبولوجيا، (Antropologi) (علم الإنسان)، وعلماء التأريخ، الذين حددوا تكوين السلالة البشرية، و الذي يجمع بين لون البشرة، و الخصائص الجسمانية. لقد صنف هؤلاء العلماء، أصل الإنسان و أعراقه إلى أربعة أعراق، كل حسب لون بشرته، كالجنس (الأبيض) و (الأسود) و (الأحمر) و من ثم الجنس (الأصفر)، الذي هو موضوعنا ،لأن الناطقين (بالتركية) و (التركمانية)، ينتمون إلى هذا الجنس، (الأصفر)، الذي يضم أيضاً، (المنغوليين) و (التتار)، الخ هنا نتساءل، لماذا هؤلاء (الأتراك) و (التركمان)، بعد استيطانهم في كوردستان، و العراق، و بعض الدول الأخرى في المنطقة، لم يحافظوا على خصوصيتهم العرقية، التي تميزيهم عن الأجناس الأخرى، من بني البشر؟! و لماذا انصهروا في تلك الأجناس و الأقوام و الشعوب؟!، على سبيل المثال، في مدينة كركوك، حيث يتواجد جزء من الذين يزعمون أنهم تركمان، لو يتمعن الإنسان في وجه احدهم، لا يجد شيء في سحنته يميزه عن الإنسان الكوردي، و كذلك في (دمشق) والمدن الأخرى ذات الكثافة العربية، حيث لا يستطيع الإنسان يميز بين الذي يدعي أنه تركماني، و الإنسان العربي، بينما علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) يقول أن التركماني الأصيل لابد وأن يكون بشرته و تقاسيم وجهه مثل (الصيني) أو (المنغولي)،الخ لأنه من الجنس (الأصفر)، الذي استوطن في عصور قديمة في (تركستان) التي تقع في الصين، و في روسيا الاتحادية، أن البشرة و الخصائص الجسمانية لهؤلاء الذين يزعمون أنهم تركمان بعيدة كل البعد عن سحنة و خصائص و لون بشرة تلك الشعوب و الأقوام التي ذكرناها، أن دل هذا على شيء، أنما يدل، على أن الأقوام (التركية و التركمانية) ذابوا و انصهروا في الشعب الكوردي و الشعب العربي،الخ و إدعاءاتهم و زعمهم، بالعودة إلى أصولهم التي أشرنا إليها، ما هي إلا ضرب من ضروب الخيال، ليس لها أي سند تأريخي، يثبت أنهم امتداد للأتراك القدماء، الذين قدموا إلى المنطقة قبل عدة قرون. وهذه الادعاءات بالعودة إلى الأصول (التركية) ما هي إلا نعرات تغذيها دول و منظمات إقليمية لخدمة مصالحها العليا وعداءها التاريخي للكورد لأن مساحات شاسعة من أراضيها هي أراضي كوردستانية مغتصبة. المعروف لدى كل متتبع إن (الآداب) و (الفنون) و (الأزياء) هي أشياء نابعة من صميم و واقع الشعوب، بينما نرى الذين يزعمون أنهم ينتمون للقومية (التركمانية) في كوردستان، لديهم نفس (العادات) و (التقاليد) و (الآداب) و (الفنون) الكوردية، و يرتدون نفس الأزياء التي يرتديها الكورد، كذلك في الجمهورية (سوريا)، يمارسون نفس العادات و التقاليد، التي يمارسها المواطن السوري، بحيث لا يرى الإنسان أية فوارق بين آدابهم و فنونهم مع آداب و فنون السوريين. حتى في روسيا الاتحادية، لا يستطيع الإنسان يميز زيهم و آدابهم عن الآداب و الزي التقليدي للشعب الروسي، هنا نتساءل هل أن الشعب الأصيل ذات الأرومة الواحدة يتغير (عاداته) و (تقاليده) إذا انتقل من منطقة إلى أخرى؟!، لماذا لا تتغير عادات و تقاليد الأمة الكوردية؟ برغم الاضطهاد و التشريد و القمع الذي تتعرض له حيث تشاهد الكورد في (كازاخستان) أو في (أرمينيا) أو في بقية بلاد روسيا الاتحادية، أو في وطنهم المحتل في كوردستان الشرقية أو الشمالية، الخ حيث يرتدون نفس الزي الكوردي الأصيل، وعاداتهم، و فنونهم، و تقاليدهم، هي نفسها، دون أن تؤثر فيهم سياسات التعريب و غيرها من السياسات الهمجية و القمعية. المنطق العلمي يقول، لو كان هؤلاء (الترك و التركمان) هم من الشعوب الأصيلة التي تقطن هذه الأرض في (تركيا) و (كوردستان) و (شمال قبرص)، الخ ويدعون أن تلك الأراضي و الأوطان تتعلق بهم لابد وأن نكون نحن الكورد و العرب و القبارصة، الخ نشبههم و تكون، تقاسيم وجوهنا، و بشرتنا، كبشرة الجنس (الأصفر) (كالصيني) و (المنغولي) لأننا نعيش في كنفهم، حسب زعمهم، لكننا نرى العكس، حيث أنهم لم يحافظوا على لون بشرتهم، و خصوصياتهم الجسمانية، لقد انصهروا في هذه الشعوب، وأصبح الإنسان، لا يفرق بين من يدعي أنه (تركيماني) – دمج كلمتي التركي و التركماني تكتب اختصاراً تركيماني- و الكوردي أو العربي أو الإيراني، و حتى لغتهم التي اشرنا إليها، ما هي إلى اقتباسات و سرقات من لغات الشعوب الأصيلة في هذه المنطقة. البينة الأخرى على انصهارهم في بوتقة شعوب المنطقة، هو اعتناقهم للدين الإسلامي، عندما احتل (المغول) أجداد هؤلاء الذين يدعون اليوم أنهم (أتراك) بلاد كثيرة في الشرق الأوسط، لم يكونوا من معتنقي الدين الإسلامي، لقد اعتنقوا الإسلام في سنة (1260) ميلادية، هنا يسأل المرء، هل يعتنق المنتصر دين المهزوم أم المهزوم يخضع لإرادة المنتصر؟! لماذا إذاً احتل بلاده أصلاً؟ أليس من أجل فرض إرادته عليه و كسر شوكته؟ لكن الذي حدث هو خلاف القاعدة حيث اعتنق المنتصر دين المهزوم، و هذا مؤشر كبير في التاريخ على أن المنتصر ليس لديه شيء من الحضارة ليقدمه في تلك البلاد التي احتلها، لذا اقتبس هو كل ما عند تلك الشعوب من حضارة، و كان هذا بداية انصهار الأقوام التركية في شعوب شرق الأوسط.
لنلقي نظرة على المقال الذي أشرت إليه أعلاه و الذي تحت عنوان ( ولدت الحضارة السومرية من الرحم الحضارة الآنة) (لم أقم بأي تغيير أو تصحيح على عنوان و مضمون مقاله). دعونا نتساءل أولا،ً ما هي الحضارة،؟ و ما هي مدلولاتها في اللغة العربية؟ إن القواميس العربية تذكر بأن الحضارة هي نتاج العقل البشري و ما يبدعه الإنسان في صراعه مع الطبيعة و تقدمه في ميادين العلم و الفن و الأدب و العمارة. هل أننا قرأنا أو شاهدنا يوماً ما حضارة سبقت الحضارة السومرية في العالم، وتركت لنا إرثاً حضارياً كالذي تركتها الحضارة السومرية؟ هل أن هناك شواهد تأريخية لحضارة (آنة) التي يدعيها كاتب المقالة و الذي ينسب ولادة الحضارة السومرية من رحمها؟! إن السومريين خلفوا لنا إرثاً عظيماً، وأن العلماء يكتشفون بين الحين و الآخر جوانب مهمة من إبداعاتهم، التي لا زالت تخدم البشرية، وليست كتلك الحضارة الوهمية التي يسميها الكاتب، حضارة شعب (آنة). كعادته، يقفز الكاتب على الحقائق التأريخية، حيث يذكر وجود شعب (الآنة) في حدود تركستان، لكن المصادر التأريخية تؤكد بأن شعب (الآنة) هم السكان الأصليون (لليابان)، ولم يشر إليهم التأريخ خارجها. لقد بحثت في بواطن كتب التأريخ و المعاجم العربية و دائرة المعارف الإيرانية و في المواقع الالكترونية على صفحات (الإنترنيت) لعلي أعثر على اسم هذه الحضارة التي ذكرها الكاتب وهي (الآنة) كما يدعي، لم أجد شيئاً عنها سوى الإشارة إلى شعب تعيس في اليابان وقع تحت ظلم و اعتداء القادمون من شمال (منغوليا). لقد غيرتُ اسم (آنة) إلى (عانة) قد أعثر على حضارة هذا القوم، لكن كل التي عثرت عليها في المعجم العربي، هي عبارة عن بعض الكلمات في مادة العين، ك(العانة، بفتح النون) إلا أنها بعيدة كل البعد عن الحضارة، بل أنها تعني عكس ما يزعم الكاتب، وأنها تعني حيوان ( الحمار، الأتان)، و عثرت على بعض المعاني الأخرى لكلمة (عانة)، منها، ما تعني عملة عراقية، التي كانت تساوي أربعة فلوس و هي تسمية (هندية)، مثل (الريال) و (الروبية) اللتان أيضاً هنديتان، (عانة) هي أيضاً مدينة تقع في غرب العراق، على ضفاف الفرات. لقد كتب كاتب آخر أيضاً يقول أنه (تركماني) في موقع (اون لاين) في منتديات (الأنساب) ذيل مقاله باسم (كويتي تركماني) يقول في مقالته: إن اليابانيين كانوا قديماً يعيشون في شمالي (منغوليا) و يستطرد الكاتب في مقالته طريقة نزوحهم كمجموعة غزاة واحتلالهم لما يعرف اليوم بجزر (اليابان)؛ و منحوها هويتها الحالية، في حين أن سكان اليابان (الأصليين) هم شعب (الاينو- AINU). ويضيف الكاتب بأن (الأينو) يتكلمون لغة خاصة بهم ولا يزال جزء صغير من المواطنين في (اليابان) ينحدرون من هؤلاء (الاينو)، وظل اليابانيون الغزاة الوافدون من شمال (منغوليا)، يعتبرون (الاينو) مواطنين من الدرجة الثانية حتى القرن (التاسع عشر). من هنا يتضح، أن (الاينو) هم شعب قائم بذاته، وليسوا من شعوب (اورال – آلطاي) الناطقة بعدة لغات، منها (التركية – التركمانية) القادمة من (طوران)، لهم لغة خاصة بهم، ولم يكونوا يوماً ما في آسيا الوسطى أو أطرافها، بل هم سكان (يابان) الأصليين.
في سياق مقاله يشير كاتب المقال الذي يدعي تركمانية السومريين، إلى حضارة (الاينو) التي أشرنا إليها لكن الأستاذ يدون (الاينو) بطريقتين مختلفتين، مرة يسميهم ب(آنة) و مرة أخرى ب(آنو). ذكر القوميات و الشعوب بهذه الطريقة لا يجوز لأنها أقل ما يقال عنها هو الجهل بالتأريخ وبالمادة التي يكتب عنها الكاتب لأن الكتابة عن التأريخ و الحضارة ليست كمقالة سياسية، بمجرد تغيير حرف واحد قد يعني الكثير كأنما تريد تكتب (سومر) لكنك تكتب (شمر). لاحظ هنا تبديل حرف (السين) الى (الشين) و حذف الواو يتغير المعنى تماماً، و تصبح أفراد عشيرة (شَمر) أحفاداً للسومريين، مع العلم، و حسب رأي المؤرخين و الآثاريين في العالم أجمع أن السومريين ليس لهم أية صلة لا بالعرب ولا بالعنصر السامي.
يقول الكاتب في جزء آخر من مقالته كالآتي: لان هذه الحضارة كانت قائمة قبل 3500سنة قبل الميلاد حسب الكلام العلماء الآثار الذين اكتشفوا في الحفريات على بعض القطع الأثرية التي ترجع أساسا إلى العصر الحضارة آنو في وسط آسيا آي توركمانستان وفي الكتاب mennesket kommer باللغة النرويجية وفي الصفحة 204 يقول مؤلف الكتاب ان العلماء الآثار برهنوا بعد الدراسة على القطع الاثرية المكتشفة ... ان التوركمانستانيين كانوا ينسجون الملابس اي كانوا ماهرين في نسج الاقمشة هم اول من كانوا يجيدون فن الحياكك وهذا الفن اكتشف من قبل النساء لأن النساء كانوا يعملون بشعر رؤوسهم انواع من ذيول كذيل الحصان او ذيول صغيرة كذيل القط وبعدها فكرت النساء بأمكان نسج صوف الذي يأخذ من المواشي وبالاضافة إلى الحياكة والنسيج كان اصحاب الحضارة آنو يربون الجمال والمواشي. هنا انتهى كلام الكاتب، ولم أقم بأية تعديلات على كلامه لكي لا يقول تلاعبت بمضمون مقاله، يذكر الكاتب كعادته اسم كتاب دون ذكر اسم المؤلف و اختصاصه، هل هو مؤرخ أم آثاري أم شاعر؟ لا نعلم يشير الكاتب إلى قطع أثرية مكتشفة ما هي هذه القطع الأثرية التي لا يقول لنا شيئاً عنها؟! وقبل هذا يرجع الكاتب تأريخ تلك الحضارة إلى (3500) سنة قبل الميلاد. سوف نبدأ بالرد على ما يدعي الكاتب في مقاله استناداً على كلام ذوي الاختصاص في هذا الحقل، من مصادر أكاديمية معتبرة، لها وزنها و مكانتها في العالم كالعالم الأمريكي البروفيسور (روبرت جون بريدوود) (Robert John (Braidwood (2003-1907) عالم أثار ما قبل التاريخ (الأنثروبولجي) وفيلسوف الحضارة الشهير صاحب نظرية التفسير الحضاري لحركة التأريخ وتطور البشرية عبر تسلسل (كرونولجي)(Chronologie) الذي كان يدرّس في عدد من الجامعات في العالم كجامعة شيكاغو (shikago universite) و جامعة ييل (yil, universitesi) الخ و هو مكتشف مدينة (ماتشو بيشو) (Machu picchu) في (كوزكو) في (البيرو) التي بنيت من قبل شعب الأنكا (Anka people) والتي كانت مفقودة و حفرها من جديد، حيث شرح بالتفصيل رحلة اكتشاف هذه المدينة في كتابه (Lost City of the Incas). هذه المدينة هي اليوم، الى جانب سور (الصين) و تمثال (المسيح) بالبرازيل و مدينة (ششن) بالمكسيك و(الكولسوم) بروما و(تاج محل) بالهند، تعتبر واحدة من عجائب دنيا السبع الجديدة التي اختارتها (100) مليون شخص. لنقرأ معاً ماذا يقول هذا العالم الفيلسوف عن الكورد و كوردستان: إن الشعب الكوردي كان من أوائل الشعوب التي طورت الزراعة و الصناعة ومن أوائل الشعوب التي تركت الكهوف لتعيش في منازل بها أدوات منزلية متطورة للاستعمال اليومي. هذه شهادة نعتز بها نحن الكورد لأنها صدرت من شخص ذي اختصاص، له وزنه و مكانته في العالم حيث يشير إلى التطور الذي بدأ في كوردستان قبل الكثير من الشعوب الأخرى و الذي كان نتاجه اللبنة الأولى لبناء صرح الحضارة، عندما كانت الأراضي المنخفضة مغمورة بالمياه كانت قمم جبال كوردستان تنبض بالحياة و الحركة من قبل أولالك الكورد و الشاهد على ذلك التأريخ، الآثار المكتشفة في كهوف كوردستان ككهف (بيستون- Biston ) في شرق كوردستان حيث يرجع تأريخها إلى مائة ألف سنة قبل الميلاد و كهف شانيدر في )آكري- (Akri (عقرة) في جنوب كوردستان حيث يرجع تاريخه إلى (55) ألف سنة قبل الميلاد و كهف (چرمو - Çermo) بالقرب من السليمانية يرجع تاريخه إلى (8000) سنة قبل الميلاد. لقد وجدت هياكل للماعز والكلاب و الخنازير في بعض هذه الكهوف في بلاد كوردستان ككهف (چايونوÇayuno -) قرب (آمَد-Amed ) في شمال كوردستان و كهف (گنج جارا- (Genc Care في شرق كوردستان بالقرب من (كرمانشاه-Kirmanşah ) الذي يرجع تاريخه إلى عشرة آلاف سنة قبل الميلاد وهناك المئات من هذه الكهوف في كوردستان التي سكنها الإنسان الكوردي قبل التاريخ.
يؤكد العالم الأمريكي (روبرت جون بريدوود -(Robert John Braidwood قائلاً: إن الزراعة و تطوير المحاصيل قد و جدتا في كوردستان منذ (12) ألف سنة، انتشرت منها إلى ميزوبوتاميا السفلى، ثم إلى غرب الأناضول ثم إلى الهضبة الإيرانية ثم وصلت منذ ثمانية آلاف سنة إلى شمال أفريقيا ثم أوروبا و الهند، الخ و يضيف البروفيسور (بريدوود) إن كثيراً من المحاصيل التي نعرفها الآن، القمح و الذرة و الشعير الخ قد انطلقت من كوردستان. أما الصناعة فيؤكد البروفيسور المذكور بأن منطقة (چايونو- Çayuno) في (شمال كوردستان) يمكن أن يطلق عليها اسم أقدم مدينة صناعية في العالم، وهي أقدم منطقة في العالم يستخرج منها النحاس إلى يومنا هذا، كما عثر فيها على صلصال دون عليها التبادل التجاري. جاءت في جريدة الحياة اللندنية في 14/7/1993 نقلاً عن (اشوسيتيدبرس) أن علماء الآثار عثروا على قطعة قماش تعود إلى (7000) سنة قبل الميلاد، في منطقة (چايونو- Çayuno) وبالتالي يؤكد أن هذا الاكتشاف مهم للغاية، لأنه يعني أن تأريخ المنسوجات أقدم بكثير مما هو معروف وتشهد هذه المنطقة نشاطاً مكثفاً لعلماء الآثار، من جامعتي شيكاغو وإسطنبول منذ ثلاثين عاماً.
ذكر كاتب المقال (التركماني) بأن المنسوجة في تركستان تعود إلى (3500) قبل الميلاد. لا أعرف ما رأيه بهذه المنسوجة التي اكتشفت في عمق أراضي كوردستان و عمرها ضعف عمر المنسوجة (التركمانية)، هذا إذا افترضنا أن هناك منسوجة (تركمانية) أصلاً وليس من نسج الخيال الذي يدعيه الكاتب الذي ينتمي إلى الأقلية (التركمانية).
إن هذه الأقلية (التركمانية) التي تزعم أنها من بقايا (التركمان) القدماء في الحقيقة هي من مخلفات المحتلين (الصفويين) و (العثمانيين) للعراق و كوردستان، حيث وطأت أقدامهم هذه الأراضي في القرن السادس عشر الميلادي، و قبل هذا التاريخ استقدم الأمويون و من ثم العباسيون بعدد منهم من (طوران) في (تركستان الروسية) كغلمان و جنود مرتزقة لإخماد الثورات التي كان يقوم بها الكورد و العرب الثائرين على الحكم العباسيين الفاسد. إن أول اتصال جرى بين العرب و الأتراك يعود إلى سنة (54) للهجرة في زمن (معاوية بن أبي سفيان)، عندما اجتاز والي خراسان نهر جيحون إلى بلاد الترك وبعث بألفي (2000) من غلمان الأتراك إلى العراق ليكونوا في خدمة الأمويين و كان هذا أول مرة في التأريخ تطأ أقدام الأتراك أرض بلاد بين النهرين (العراق) الذين جاءوها كعسكر و غلمان مرتزقة. من هنا يظهر أن التركمان لم يستوطنوا هذه الأراضي خلال الخلافة الأموية و العباسية، بل تم ذلك في عهد الدولة الصفوية و العثمانية. بهذا الصدد يقول أ.د . جمال نبز في كتابه (المستضعفون الكرد وأخواهم المسلمون) في صفحه ( 108- 109) : بدأت هجرة (التركمان و الأتراك) من موطنهم الأصلي إلى بلاد الخلافة الإسلامية و التي كانت تشمل إيران و كوردستان و العراق و بلاد الأناضول و الشام و الحجاز و غيرها على عهد الخليفة العباسي المعتصم بالله الذي تولى الخلافة سنة (833) م عندما جلب هذا عدداً من الترك القاطنين في خراسان (إيران) و في بلاد ما وراء النهر ( كان يطلق اسم بلاد ما وراء النهر على الدول التي عرفت فيما بعد باسم آسيا الوسطى) إلى بغداد و شكل منهم قوة مقاتلة على شكل عصابة مرتزقة باسم الغلمان الأتراك ليحمي بها نفسه ضد معارضيه من العرب و الفرس و الكرد و الروم. و قد أطلق المعتصم العنان لهذه العصابة التي كان يقودها تركيان متعطشان للدماء و هما (إيتاخ) و (وصيف) لتقوم بنهب البلاد و سلب العباد و بصفة خاصة في كوردستان في سنوات ثورة الثائر الكوردي (پاپه كی خوره مدين) (بابك الخرمي) وكذلك في إخماد ثورة القائد الكوردي الإيزدي (جعفر بن حسن) في الموصل. ولما وصل المعتصم إلى غايته المنشودة لفظهم لفظ النواة و فرق شملهم، فرجع قسم منهم إلى بلادهم، وأصبح بعضهم من قطاع الطرق في كوردستان و إيران كما استقر قسم صغير منهم في كوردستان.
في جانب آخر من مقالته المذكورة يذكر الكاتب (التركماني) ما يلي: وكانوا يهتمون بالفروسية والفن القتال هم اول من صنعوا القوس والنشاب ومن الممكن ورثوا صناعة الاسلحة من اسلافهم كرماح والقوس والنشاب وحتى الرجال اخذوا ينسجون الفرش لفرش منازلهم وكانوا ايضا يصنعون الخيم والنساء كانوا ماهرات في الحياكة الالبسة ، وكانت موسيقى جزء مهم من الحضارة انو... الناي والقيثارة كانت تستخدم في الطقوس الدينية...اما العلاقة بين الحضارة آنو والحضارة السومرية هي علاقة وثيقة جدا من ناحية الاسماء والثقافة والاصول والفن ، يوجد مصادر تاريخية كثيرة تثبت ان السومريون هم من الاسيا الوسطى انهم وصلوا إلى بلاد النهرين 3200سنة قبل الميلاد المسيح بعد ان سلكوا الطريق من شمال إلى ان وصلوا إلى الجنوب انهم لم يجيدوا لغة اهل الرافدين من الجنس السامي ، هؤلاء جمعوا كل الثقافات اهل الرافدين ثم صنعوا نواة الحضارة السومرية والتي لا زالت تفتخر بها كل العالم بالرغم من وجود حضارات قبل سومر كحضارة آنو وحضارة حلف وحضارة حاصونة الا ان الحضارة سومر تعتبر اول شرارة النور لأنقاد الانسان من الظلمات إلى النور، لأن الحضارة السومرية هي اولى حضارة اكتشفت الكتابة ثم اهتمت بالطب والعلم الفضاء والهندسة وبناء المعابد .. الزقورات... وبناء المدن والسكن وبناء السدود او الستائر الترابية لمنع الفياضانات من تدمير المدن ولمنع غرق الاراضي الزراعية ...
تعليقي على هذا الجزء من مقالة الأستاذ، و الذي يدعي فيه، إدعاءات مزيفة، ليست لها وجود على أرض الواقع، كالتي دحضناها أعلاه، على سبيل المثال، يقول كان التركمان يهتمون بالفروسية. لا يدعي الكاتب هنا أن التركمان أوجدوا الخيل واتخذوها وسيلة للركوب، لكنه يقول كانوا يهتمون بها، فيها شيء من الإدعاء، لكن كتب التأريخ تذكر أن الشعوب الآرية و منها الشعب الكوردي، كانوا في العصور السحيقة من الشعوب الأوائل التي تستخدم الخيل في حلها و ترحالها. المصادر التاريخية الموثقة تذكر لنا أن الشعوب السامية و منهم الآشوريين كانت تجلب الخيول من بلاد الكورد. جاء في الكتاب المقدس العهد القديم (تك 10:2): الماديون اشتهروا بخيولهم وأفراسهم وكانوا يتصلون بالفرس في الجنسية واللغة والثقافة والتاريخ وأول مرة نجد ذكراً لمادي هي في كتابات شلمنصر الثالث الذي أخضعها سنة (850) ق.م. وأخضع في سنة (710) ق.م. الماديين بالكلية و وضع عليهم الجزية بأن يدفعوا عدداً من الخيول الممتازة التي اشتهرت بها بلاد مادي (2 مل 17: 6 و 18: 11). من المؤكد أن كلمة (الفروسية) استعارتها الشعوب الأخرى من الشعب الفارسي لأنهم والكورد و الشعوب الآرية كانوا من أوائل الشعوب، امتطوا هذا الحيوان لذا يسمون الشعب الفارسي بهذه التسمية ال(فُرس) و عند العرب الشجاع يسمى (فارس) نسبة إلى الفُرس و أنثى الحصان تسمى (فَرس)، توجد أبيات شعرية لإسماعيل بن يسار النسائي الذي عاش في زمن حكم الأمويين نحو سنة (748) ميلادية، يهجو بها أحد شعراء العرب بعد أن هجاه الشاعر العربي جاءت فيها:
أنما سُميَ الفوارس بالفُر ... س مضاهاة رِفعةِ الأنسابِ
فاتركي الفخر يا أَمام علينا .. واتركي الجور وانطقي بالصوابِ
واسألي إن جهلت عنا و عنكم ... كيف كنا في سالف الأحقابِ
إذ نربيَ بناتنا و تدسَو ... ن سفاه بناتكم في الترابِ
ليس من الضير أن ننقل شيئاً من شعر هذا المغوار الذي أنشده بين يدي الخليفة هشام بن عبد الملك حيث كان يتصور أنه يمدحه وإذا به يهجوه فغضب عليه هشام ونفاه إلى الحجاز. جاءت في القصيدة ايضاً إذلال ملوك الترك المعتدين، على أيدي الملوك الساسانيين الكورد، مطلع القصيدة كالآتي:
إني،وجُدك،ما عودي بذي خورٍ ... عند الحِفِاظ ولا حوضي بمهدومِ
أصلي كريمُ، ومجدي لا يُقاس به ... ولي لسان كحد السيف، مسمومِ
من مثل كسرى وسابور الجنود ... معاً و الهرمزان لفخرٍ أو لتعظيم
أُسْد الكتائب يوم الرَوع إن زحفوا ... وهم أذلٌوا ملوك الترك و الروم.
أما صناعة القوس و (النشاب) السهم ، لا أدعي أن الكورد أول من اخترعوها، لأنها من الأسلحة الهجومية، و الكورد منذ عصور سحيقة لا يحبذون استعمال مثل هذه الأسلحة ضد الإنسان، لأنهم ليسوا عدوانيين، و هذه الأنواع من الأسلحة يحملها من يريد أن يسطوا على أموال و ممتلكات الآخرين، أو ينال منهم عن بعد، لأنه سلاح الجبناء، بينما الكوردي منذ أن وجد على وجه البسيطة إلى يومنا هذا، يحمل الخنجر و هو سلاح دفاعي، لأنه ليس بمقدور المرء أن يستخدمه ضد الآخر إلا إذا اقترب منه إلى مسافة قريبة جداً، لكن سلاح القوس بإمكان الإنسان النيل من الآخر على بعد عشرات الأمتار، و كذلك السيف و الرمح، يعتبران من الأسلحة الهجومية، لأن طولهما يظهر هذا،حيث يمكن قتل الإنسان بهما عن بُعد متران أو ثلاث، لكن الخنجر على عكس هذه الأسلحة، هي دفاعية محضة. أما وجود القوس و (النشاب) عند الشعب الكوردي و يسمى باللغة الكوردية (تيرو كمان). (تير) تعني السهم و(الكمان) تعني (القوس) ليس للهجوم قط لأن كتب التأريخ لا تذكر الكورد وهم قاتلوا بهذا السلاح، بما أن الكورد شعب جبلي احتاجه إلى صيد الحيوانات البرية لتأمين غذائه اليومي لكي يكون بمقدوره إدامة حياته،هذا ما نشاهده في جداريه (تاق و سان) في كرمانشاه في شرق كوردستان التي تعود إلى حدود (2000) سنة. يظهر فيها الملك الساساني حاملاً القوس و السهم و هو يصطاد الخنزير البري. جاء في كتاب (الشاهنامه) (للفردوسي) الذي وضعه قبل أكثر من (1000) سنة، أن البطل (رستم زال) صنع القوس و السهم من شجر الخيزران للاصطياد و فردوسي يقول في شاهنامته بأن (رستم زال) هو إنسان كوردي و كان بطلاً من أبطال إيران. و القوس القزح لها عدة أسماء منها قوس رستم. و اسم نهر دجلة أطلقه الكورد على هذا النهر منذ زمن سحيق حيث كانوا يسمونه (تيرگرا - Tirgira) أي أنه يجري بسرعته (كالتير) أي كالسهم لأن مياه دجلة تأتي من مرتفعات جبال شمال كوردستان، بمرور الزمن تحول الاسم إلى ما هو عليه اليوم (دجلة). الأوروبيون يحتفظون إلى الآن باسم (دجلة) القديم، يقولون لهذا النهر (تيگرس - Tigris) .
[1]