ائتلاف دولة القانون لا يحترم القانون
محمد مندلاوي
في تصريح لرئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، خص به جريدة الرأي الكويتية، زعم أن الأراضي المتنازع عليها، هي بالأصل أراضي عربية و تركمانية. قد سبق وقلنا، أن نوري المالكي هذا، ليس بسياسي محترف، بل هو هاوي في عالم السياسة، ولا يجيد اللعب في ساحته، ممكن أن يكون خطيباً متفوهاً في الحسينيات، وشتان بين تلك و هذا، لأنه إذا عرف شيئاً من أبجديات علم السياسة لا يطلق العنان للسانه و يقول كلاماً بعيداً عن المنطق، يبغي من ورائه كسب أصوات شرذمة قليلة من الأعراب المستوطنين في المدن الكوردستانية، وفي المقابل يخسر الشارع العراقي، لأنه اتضح لهم أن هذا الطويرجاوي لا يفهم أو لا يعلم، أن دستور الاتحادي الدائم، حين سمي تلك الأراضي بالمتنازعة عليها، بمعنى النزاع بين الإقليم الكوردستاني، و العراق الاتحادي، كدولة، و ليس للمستوطنين العرب ولا لغيرهم دور منفرد فيها، فالدستور قال بصريح العبارة، أن المركز سوف يتابع هذا الملف، مع الإقليم الكوردستاني، وكلام نوري المالكي مخالف للدستور الذي أقسم على القرآن، أن يكون أميناً على تطبيق بنوده، لكن خلال هذه السنين التي ترأس فيها السلطة التنفيذية اتضح لجميع العراقيين أنه لم يكن أميناً على قسمه، قد حنث بالقسم و عليه يجب أن يرحل من سدة الحكم. من خلال تصريحه أعلاه أراد أن يغازل العرب و التركمان، لكن الناطق باسم الجبهة التركمانية الأستاذ (علي مهدي) ضربه على فمه حين صرح قائلاً:لا يجوز لنوري المالكي التحدث باسم التركمان. والصفعة الثانية جاءته من القائمة العراقية التي قالت: إن نوري المالكي ليس ناطقاً باسم المكون العربي و ليس محامياً عنه. لقد بات الشعب الكوردي يدرك الآن جيداً، إن نوري المالكي يتشبث و يستعين بكل شيء محرم، ليعادي به الشعب الكوردي، حتى أن الشعب العراقي رأى بصورة جلية إصراره و عناده غير المبرر منطقياً، و ضحالة فكره السياسي عملياً، لقد خرج علينا في هذه الأيام بمصطلح جديد عثر عليه في قاموسه... إلا وهو مصطلح المناطق المختلطة بدل المتنازعة، كما جاءت في الدستور، ألم يعرف الأستاذ، أن كلامه هذا خرق دستوري فاضح يوقع نفسه فيه؟، ثم، أية منطقة أو مدينة في العراق أو العالم غير مختلطة؟! هل بغداد غير مختلطة أم موصل أم بصرة أم نيويورك أم لندن أم طهران أم قاهرة أم أم جميعها مدن مختلطة، فالمختلط غير المتنازع يا أستاذ المالكي؟. قبل أيام قلائل، خرجت علينا سيدة من جماعة المالكي، وهي متحملة على الكورد دائماً، مثل ولي نعمتها، زعمت، أنه لا يجود إقليم ضمن دولة اتحادية تملك جيش، يا ترى ماذا تقول هذه السيدة... عن بلدان الاتحاد الأوروبي، أليست هي أيضاً اتحادية و العراق اتحادي؟. بالأمس خرج علينا مهوس آخر بلغ من العمر عتيا، يكذب دون خجل، و يشرب الإثم كالماء، يتهم الكورد بتأخير التعداد السكاني و قانون النفط والغاز في البرلمان العراقي، يا... كيف بكتلة لديها ستون مقعداً فقط تستطيع أن تمنع تمرير قوانين في برلمان من ثلاثمائة و خمسة و عشرون مقعداً؟. قانوني آخر لكنه كان متوازناً وكان إنسانياً، إلا أنه فقد توازنه و غير خطابه في هذه الأيام و عاد عربياً، يتضح أنه نال جزءاً من الكعكة التي تدير الألسن لقول الباطل، حيث يزعم أن الكورد حصلوا على 17% وفق عملية ابتزاز صحيح إذا لم تستحي فاصنع ما شئت حقاً أن هذه الناس لا تستحي؟ قليلاً من الحياء و ماء الوجه يا ساسة بغداد و مثقفيها. لم يكتفي الأستاذ نوري المالكي بهذه المهازل، بل أوعز إلى حزبه و كتلته ترديد هذه الكلمة القبيحة، بل حتى خارج حزبه و كتلته هناك أشخاص من الكتل الأخرى معادية للمالكي، لكنها رددت كلامه ذلك المناطق المختلطة، حقيقة يحير المرء مما يراه من مواقف يخجل منها الإنسان السوي، إذا لم يكن هناك عملية سلم واستلم تحت الطاولة، كيف يرددوا كلام خصمهم في العملية السياسية التي ستهبط رصيدهم عند ناخبيهم؟. إن كان المالكي يريد خيراً للعراق، من الأفضل له أن يتجنب التصريحات المتشنجة و غير القانونية و تجيش الشارع العربي العراقي ضد الكورد، و ينفذ المادة (140)، كما جاءت في الدستور الاتحادي؟. ومن ناكري الجميل في العراق الجديد، هناك قناة فضائية عربية بدأت قبل سنوات في إحدى دول الخليج، و بعد أن اتضحت لهم أن سياستها غير متوازنة، طردتها شر طردة، ولم تقبلها حينها أي بلد من البلدان العربية، فآوتها إقليم كوردستان،و منذ سنوات و هي تبث من إحدى مدن الإقليم الكوردستاني، لكنها، منذ أن بدأت في كوردستان بثها، لم و لن تنصف الشعب الكوردي، ولم ترد الجميل إلى أهله، فهي من أولى القنوات التي تردد كلام نوري المالكي المناطق المختلطة دون أدنى خجل أو وخز ضمير منها، و أحياناً بعيداً عن العرف الإعلامي، تعرض صورة و تصريحات المالكي قبل صور و تصريحات رئيس الجمهورية مام (جلال طالباني)، الرجل الأول في العراق، وأحيان كثيرة تلعب بالكلمات، لتوهم المواطنين أن مالكي و جماعته على الحق،وأحياناً يساوي بين الحق الكوردي و باطل المالكي، و مثل هذا العمل جريمة بحق الإعلام، كيف تساوي بين الضحية و الجلاد. من المشاهدات المضحكة، خرجت علينا قبل أيام في القنوات الفضائية إحدى دلالات السياسة اللواتي عطس الشيطان في مناخرهم، وهي تصدر أفكارها الذميمة التي مثل وجهها، و تسمي المستوطنين العرب الأوباش السفلة الذين أعيدوا إلى ديارهم من خانقين، بالمرحلين من خانقين. نعود إلى كلام نوري المالكي الذي خص به جريدة الرأي الكويتية، و إدعائه، بأن تلك المناطق أصلها عربية و تركمانية، إلا يعرف المالكي في حالة النزاع على المدن و المناطق، هناك أشياء يعود لها كل طرف لإثبات أحقيته، إلا وهي التاريخ والخرائط القديمة و الكتب الرسمية لدولة الاحتلال إن كان هناك احتلال للبلد، أنا كمواطن كوردستاني أتحدى من يتبنى كلام نوري المالكي، أن يأتي ونناقش تاريخ هذه المناطق المستقطعة من الجسد الكوردستاني ظلماً و عدواناً، والتي كانت تاريخياً و جغرافياً جزأ من وطن الأم كوردستان، ثم أتحدى أن يأتي أحدهم باسم عربي لهذه المدن التي تبدأ من جصان إلى مندلي و جلولاء و شهربان و كركوك إلى شنگال الخ، بل أكثر من هذا، أتحدى من يأتي لنا باسم عربي واحد لقرية أو مدينة في العراق قبل الإسلام باللغة العربية. إما عن الخرائط فهناك عشرات الخرائط القديمة تثبت كوردية و كوردستانية هذه المناطق و المدن، بصورة واضحة وجلية ليس عليها غبار. في جانب آخر من حديثه زعم نوري المالكي: أن الحرب القادمة ستكون حرباً عربية كوردية يتضح أن الرجل قد اتخذ قراره بإعلان الحرب على الشعب الكوردي، المسلي في أقوال هذا الرجل، أنه في أحيان أخرى يقول أننا لا نعلن الحرب على الشعب الكوردي، يا ترى ماذا يسمي كلامه الذي يزرع الحقد و البغضاء في نفوس العرب ضد الشعب الكوردي المسالم؟. منذ أشهر هو وحزبه و جماعته في البرلمان حبكوا من أكاذيب و التلفيقات عن الكورد لم يقلها ديكتاتوراً مثل صدام حسين في خمسة و ثلاثون عاماً حكم فيه العراق. لقد وصل كذبهم و تلفيقاتهم عن الكورد و القيادات الكوردية إلى حد اشمئز منهم الشعب العراقي. و في جانب آخر من حديثه زعم المالكي أن الكورد منقسمون فيما بينهم القسم الأول يخاف من هذا الوضع و الآخر بعكسهم وهذا أيضاً غير صحيح، كيف منقسمون ولأول مرة في الإقليم جميع الأحزاب و المنظمات الكوردستانية تلبي دعوة رئيس الإقليم الأستاذ (مسعود البارزاني) لحضور اجتماع موسع لمداولة الأوضاع على حدود الإقليم، بفضل... الأستاذ نوري المالكي اتحد جميع الأحزاب و المنظمات الكوردية ضد التهديد القادم من خلف جبل حمرين. وآخر علامة على اتحاد الكورد ضد تطلعات ديكتاتورية بدأت تبرز في العراق، و رفض المال المنهوب، هي رد زعيم حركة التغيير (أنوشيروان مصطفى) مبلغ مليون دولار التي حاول المالكي شرائه بها، يجب أن يعرف، أنه بشيء واحد فقط يستطيع شرائهم، وهو، أن يعيد المناطق المستقطعة إلى إقليم كوردستان، وبهذا يكونوا معه يداً واحدة لخير العراق و أهله، ودونه، يحلم، أن يصدع صفوف الكورد. و في حديثه للجريدة المذكورة أعلاه، اتهم الإقليم بوجود تركيا و إسرائيل على أراضيه، إدعاء رخيص اتبعته الأنظمة العنصرية في العراق، و انكشفت في كل مرة، أنها مجرد إشاعات كاذبة، تبثها حكام العراق الجهلة، الذين لم يملكوا مصداقية عند شعب العراق، وهي ادعاءات لا قيمة لها سمعناها مراراً و تكراراً من وكلاء إيران في العراق.
بعد أن عان الكورد ثمانون سنة في العصر الحديث، من حكم سياط العرب السنة الظالم و القاسي، وبعد تحرير العراق من الديكتاتورية، كنا نتوخى فيه خيراً، من مجيء الشيعة الناطقون بالعربية، الذين ظلموا أيضاً في سنوات الحكم العربي السني، إلا أننا كشفنا في فترة زمنية قصيرة، أن لا فرق بينهما، كچل حسن، حسن كچل، للأسف، لم يتوقع الشعب الكوردي هذا الأسلوب الهمجي من الحكم الذي يرفع راية الشيعة،حتى بات يسمع العالم هذه الأيام إطلاق تصريحات وأقوال غير مسئولة من بعض الشيعة في الحكم ضد الشعب الكوردي، لم يسمع مثلها من الديكتاتور صدام حسين و نظامه. ننصحهم أن يعودوا إلى رشدهم قبل فوات الأوان، لقد خسروا الحكم قبل أربعة عشر قرن، ولم ينالوه ثانية إلا بعد مسيرة ألفية، كلفتهم الملايين من الدماء، نريدهم يكونوا أمناء لهذه الدماء البريئة التي سالت من أجل عقيدتها من ضمنها دماء الكورد الشيعة، وإذا ذهبت منهم هذه المرة فليقولوا يا رحمان يا رحيم على أنفسهم، ولن ينالوه ما أحيوا. ندعوهم باسم الإنسانية، أن يكونوا أمناء على مصالح الشعب العراقي المظلوم، و أمناء على القسم وأمناء على تطبيق الدستور الذي أقسموا أن ينفذوا بنوده بحذافيرها دون زيادة أو نقصان، ماذا جرى لهم أ إلى هذا الحد غرهم كرسي الحكم و امتيازاته، أليسوا من مدرسة ذاك الذي تقول عنه كتبهم: يقول فصلاً و يحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا و زهرتها، و يستأنس بالليل و ظلمته، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، يحب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله،ولا ييأس الضعيف من عدله، أليس هو القائل، إليك عني غري غيري، إلي تعرضت، أم إلي تشوقت، هيهات قد باينتك ثلاثاً، لا رجعة لي عليك فعمرك قصير و خطرك حقير و خطبك يسير،آه من قلة الزاد، و بعد السفر و وحشة الطريق. كان هذا جانباً يسيراً مما تناقلته كتبهم عن إمامهم الأول علي بن أبي طالب صاحب أول مدرسة في الإسلام بعد النبي محمد، أين هم منه، أن الرجل حسبما تقول مؤلفاتهم باع سيفه ليشتري بثمنه إزاراً - ثوباً-، عن علي بن الأرقم، عن أبيه، قال:رأيت علياً وهو يبيع سيفاً له في السوق،و يقول من يشتري مني هذا السيف، فوالذي فلق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله (ص) ولو كان عندي ثمن إزار ما بعته وهم في القرن الواحد و العشرون استلموا الحكم باسم علي و يحكموا بطريقة معاوية، انقضى عقد من الزمن بعد التحرير العراق، وهم يحكمون، لم يقدموا شيئاً يذكر للعراقيين، بل أفلسوا البلد، الذي ينتج يومياً أكثر من مليوني برميل، و الزراعة صارت في خبر كان الطماطم تأتي من سوريا و الخيار من تركيا و الخضروات من إيران أين تذهب مياه الأنهر الثلاثة في العراق؟أضف أنه بلد سياحي تأتيه الملايين للسياحة الدينية، إلا أن هؤلاء وضعوه في صدر قائمة أفسد دولة العالم، وعاصمته نالت شهادة من المنظمة الدولية كأوسخ و أقذر عاصمة في العالم، وارتفعت نسبة الأمية في عهدهم إلى 30% و البطالة إلى 25% والمواطن بات لا يجد ماء صالحاً يشربه، ولا كهرباءاً يستنير بها ليله المظلم الخ الخ الخ كل هذا حصل عليه العراقيون بفضل قيادتهم الرشيدة لبلد الرشيد. الآن وبعد أن عرف العراقيين جيداً، أنهم فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة البلد، و ستدفعهم الثمن غالياً في الانتخابات القادمة، يريدوا تصدير جانباً كبيراً من أزمتهم إلى الإقليم، بإعلان حرباً ظالمة عليه، لكي يتذرعوا بالحرب، و يلغوا الانتخابات التي كل المؤشرات تقول أنها ستقصيهم عن الحكم. لكن، ما زالت أمامهم فرصة أخيرة لإنقاذ البلد من الدمار، إلا و هي، الابتعاد عن المهاترات الكلامية التي تربك العملية السياسية في البلد، و الالتزام بالدستور الاتحادي الذي صوت عليه 85% من شعب العراق، ولا يوجد مخرج آخر في الخروج من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه إلا بالعودة إلى الدستور الاتحادي.
[1]