إنشاء قناة فضائية كوردستانية باللغة العربية بات ضرورة قومية ملحة
محمد مندلاوي
بسبب تمتع كوردستان بمزايا عديدة، قلما توجد في البلدان الأخرى، كانت و ما زالت مطمعاً للقادمين من جهات العالم الأربع، ومن أهم تلك المزايا، موقعها الاستراتيجي، بحكم وقوعها بين الشرق و الغرب، و جبالها التي تفصل إيران و جمهورية تركيا ذات الأطماع التوسعية، عن بلاد العرب، أضف إليها قربها من منابع النفط في الخليج، والمزايا الأخرى، هي الثروات التي تنعم بها في باطن أرضها، كالبترول و الغاز، وسطحها التي تزخر بوفرة المياه، حيث فيها منابع أنهر دجلة و الفرات و سيروان و كارون، بالإضافة إلى البحيرات العديدة وعيون المياه الفيروزية و المعدنية، وبسبب وفرة هذه المياه، أصبحت أرض كوردستان خصبة، تنتج كل ما يحتاجه الإنسان من غذاء لإدامة حياته اليومية. ولذا كانت كوردستان إبان حكم الدولة العثمانية السلة التي تزود اسطنبول و بغداد و دمشق و بعض البلدان الأخرى، بالقمح و اللحوم و الأصواف و التبغ و الرز الخ.و بسبب هذه الميزات الحياتية الهامة التي تتمتع بها بلاد الكورد، أصبح صدر المواطن الكوردستاني، هدفاً لرماح الفرس، و سهام المغول الأتراك، و سيوف العرب، و رصاص البريطانيين و الفرنسيين. وفي العصر الحديث، عصر التقدم التكنولوجي، أضيف إلى أسلحة محتلي كوردستان التقليدية، سلاحاً أفتك و أمضى من السلاح التقليدي، إلا وهو الإعلام بكل أشكاله و وسائله، فلذا، تقتضي على القادة الكورد في إقليم كوردستان، أن ينشئوا قناة فضائية رصينة و متزنة و ذات مصداقية عالية، تبث برامجها على كافة الأقمار الصناعية، لتخاطب الإنسان العربي بلغته ، حيث أن كتابة المقالات باللغة العربية و نشرها، باتت لا تفي بالغرض، ولا تجدي نفعاً، لأن الإنسان العربي لا يقرأ، أضف إليه نسبة الأمية العالية المتفشية بين العرب و التي تصل إلى 30% فمن ميزات القناة التلفزيونية الفضائية، أنها تدخل البيوت دون استئذان وحين تدخل البيوت تستطيع أن تدخل القلوب والعقول أيضاً، لأن من يشاهد التلفزيون كأنه يسمع إلى شخص يقرأ له كتاباً. إن الدافع لكتابة هذا المقال، هو مشاهدتي لاستغلال نوري المالكي و حزبه قنوات التلفزة الفضائية في الأزمة الحالية التي أشعلوا فتيلها، و جندوا لها شرذمة من أصحاب الأقلام الصفراء وخطباء...، بأموال الشعب العراقي، للنيل من الشعب الكوردي و قياداتها، حيث بدأها ذلك الشيخ الصغير، متهماً الكورد بأمور خرافية و أباطيل لا توجد إلا في عقول القابعين في زوايا الغرف المظلمة، منذ القرن السابع الميلادي. وبعد هذا الشيخ الصغير جداً، بدأ المالكي شخصياً بإشاعة التلفيقات و الأكاذيب عن الإقليم و قادتها، ثم اتبعته كتلته البرلمانية، و أعضاء حزبه، الذين قالوا في الكورد ما لم يقله مالك في الخمر، ثم لحقت بهم أصحاب النفوس الضعيفة،التي كالطفيليات،تعيش على الآخرين، وشن هؤلاء مجتمعة هجوماً ظالماً و مغرضاً على الإقليم الكوردستاني الفتي، و لم يقولوا طيلة فترة هذه الأزمة التي بدأت من بغداد، كلمة صدق واحدة، غير التلفيق و حبك الأكاذيب و بث الإشاعات المغرضة، و الهدف الأول والأخير منها، هو تشويه صورة الإقليم و الشعب الكوردي عند الشارع العربي بصورة عامة، و العراقي بصورة خاصة. من هذه الأبواق الإعلامية المأجورة، شاهدت قبل أيام أحدهم في قناة عربية مشهورة، و هو ينبح كالكب، مع الاعتذار للكلاب، لأن الكلب أطهر منه، على الأقل لا يلفق ولا يكذب ولا يدجل على الناس من أجل فتات ترمى لهم على النعال، لكي يبرروا أعمال حاكم بغداد المنافية للدستور العراقي، على سبيل المثال و ليس الحصر، كتأسيس ميلشيات دجلة البعثية، أو تبرير قطع البنزين عن الإقليم، أو تبرير منع سيارات التي تحمل أرقام الإقليم القادمة من كوردستان من دخول بغداد، أو عدم السماح لدخول الطائرات في أجواء الإقليم أو مساندة محاولات المالكي بخفض ميزانية الإقليم من 17% إلى 13% حتى أن أحد هؤلاء عابدي الدولار، يقول أن الإقليم حصل على 17% بالابتزاز، ونحن نسأله إن كنت حريصاً على أموال العراق لماذا لم تقل هذا الكلام على مدى السنين الماضية التي استلم فيها الإقليم نسبة 17%؟! لا بل أن إحدى... السياسة طالبت من الإقليم أن تعيد المبالغ الزائدة بين 17 و 13% إلى حكومة بغداد على شكل دفعات. و معتوه آخر بدون إحساس إنساني، يقول كذباً و بهتاناً، أن الإقليم يمانع بإجراء التعداد السكاني وإقرار قانون النفط والغاز في البرلمان. وأخيراً صف هؤلاء جميعا كجوقة الطبالة (دمبگچية) التي كنا نشاهدها في زمن الديكتاتور صدام حسين، وهي تنشد الأغاني و ترقص له على أنغام الكيولية. بما أن رئيس مجلس الوزراء الحالي مسلم طائفي، يحرم الغناء و الرقص... فيكتفي بمن يؤازر تطلعاته الديكتاتورية بالتورية و المعاريض، وهما طريقتان في الكلام تقول غير ما تبطن، أجازهما الإسلام في التعامل مع الآخرين في بعض الحالات، وخاصة إن كان هذا الآخر من نسل (الجن) كشف الله عنه الغطاء، في هذه الحالة عنده كارت أخضر، يقول و يفعل ما يشاء، كما فعل أبي الدرداء، القائل: إنا لنكشر - نبتسم - في وجوه أقوام،وإن قلوبنا لتلعنهم من هذا يتضح أن المذهبي الإسلامي وليس المسلم، ليس موضع ثقة أن يتعامل معه في جميع مناحي الحياة، لأنه يحلل لنفسه ما يحرمه لغيره، يمكن أن يستعمل التقية في كل صغيرة و كبيرة، و في غير محلها، لكي يوقع الآخر في حبائله... للرد على هذه الأعمال و غيرها التي تبث على مدار الساعة على الهواء مباشرة لتشويه ماضي و حاضر و مستقبل الشعب الكوردي، نلتمس من القيادات الكوردستانية، فتح قناة كوردستانية باللغة العربية تبث على عدة أقمار صناعية، لكي يرد مثقفي الكورد أكاذيب و تلفيقات هؤلاء الدجالين إلى نحورهم، أضف أنها توصل الصوت الكوردي الحقيقي إلى الشارع العربي، و قد تساهم برفع الغشاوة التي وضعها على عيونه أصحاب الأقلام المأجورة. مسكين المواطن العربي، على مدى حياته المعاصرة و بفضل إعلامه الكاذب الذي يغيير مواقع الكلمة و اتجاهات الأماكن وحقيقة الألوان، خدمة للحاكم الإله، حتى بات يرى الأشياء بالمقلوب،حيث صوروا له، أن الكورد أعداء العرب، و كوردستان إسرائيل ثانية، بينما علم إسرائيل يرفرف على سارية سفاراتها في كبريات العواصم العربية، و البلدان العربية الأخرى التي تجاهر بمعاداة إسرائيل، و عدم الاعتراف بها، اتضح للعالم من خلال وثائق ويكيليكس و غيرها، أنها تتعامل مع دولة إسرائيل من خلف الكواليس، وهؤلاء أشد خسة و نذالة من ذلك الذي يرفع علم إسرائيل في بلده علناً. وفي حرب الأيام الستة مع إسرائيل سنة 1967 كعادته كذب الإعلام العربي على الشعوب العربية و صوروا لها أن إسرائيل على وشك الزوال من الوجود و سيرمونهم في البحر، وإذا الصورة أيضاً مقلوبة، حيث أن دولة إسرائيل هي التي دقت في أسفلهم خازوقاً من شرم الشيخ إلى سعسع. وفي 2003 نقل الوزير البعثي محمد سعيد الصحاف الصورة المقلوبة عن جيش العراق - الذي قبل بسطال الأمريكان- بأنه قضى على القوات الأمريكية المهاجمة، إلا أن مرافقه همس في أذنه، قائلاً له، أن الأمريكان وصلوا إلى ساحة التحرير،و يبعدون عنك أمتار قليلة، حين سمع هذا الكلام، وعلى مرأى من كاميرات الصحفيين الأجانب، هرب ولم نسمع به، إلا لاجئاً في إحدى دول الخليج يأكل السُّحت. و في بقية البلدان العربية التي يحكمها الحاكم الأوحد، بالهراوات و فوهات البنادق و زج المواطنين في المعتقلات بالجملة، اتخذ الإعلام العربي دور شرطي أمن، يكتب التقارير عن همسات المواطن العربي إلى دوائر الأمن و مخابرات السلطة الحاكمة. إذا نختصر كل عيوب الإعلام العربي و خياناته بحق المواطن العربي، نوجز و نقول،أنه إعلام كاذب، على مدى تاريخه كان يوهم المواطن العربي بأن الأبيض إسود و الإسود أبيض، وبعد التحرير من الحكم الديكتاتوري الصدامي في 2003، و بعد كتابة الدستور في 20005، وعلى مدى السنوات السبع يردد الإعلاميون وراء نوري المالكي المناطق المتنازعة عليها، وهي حقيقة، كما جاءت في الدستور الاتحادي، وفي لحظة واحدة، تغيير مزاج نوري المالكي، و رمى الدستور جانباً، واخترع من رأسه، اسماً شاذاً إلا وهو المناطق المختلطة سرعان ما تلاقفه خريجي مدرسة العجمي، محمد سعيد الصحاف و رددته وراء نوري المالكي كالببغاءالمناطق المختلطة و دون أدنى شعور منهم بالخجل، أ هذا إعلام، أم...؟ فمن أجل الرد على هؤلاء المشعوذين الإعلاميين و سياسيي الحسينيات، نطلب من قادتنا و حكومتنا في إقليم كوردستان، أن تأمر بفتح فضائية إخبارية باللغة العربية، خدمة لقضيتنا العادلة، و رحمة بالمواطنين العرب، قد يستطيع المثقف الكوردستاني من خلالها أن يساهم بتحرير فكر المواطن العربي من عالم الأخبار المفبركة، والبرامج المعدة أسئلتها و أجوبتها سلفاً. في المحصلة هي شمعة توقدها اليد الكوردية في عالم الإعلام الصادق، الذي عتمه الإعلاميون العرب بأفكارهم السوداء، كسواد قلوبهم التي لا تعرف إلا التزييف و الافتراء والتضليل. كأن حبك الأكاذيب و ترويج الشائعات عن الإقليم و قادته، بات من الواجبات... عند الإعلام العربي العراقي و أولياء نعمتهم من الثيوقراطيين الجدد، فهذا الإعلام كان دائماً يقلب الحقائق خدمة للسلطة الغاشمة و في هذه الأزمة التي أشعلها حاكم بغداد سير كل من موقعه قلمه الذي بلون فكره الظلامي وساهم ولو بكذبة واحدة يشوه فيها صورة الشعب الكوردي الناصعة، الذي وقف للثيوقراطيين الجدد كالطود الشامخ و كسر شوكتهم، و منعهم من الاستحواذ على العراق وإذلال شعبه الأبي. فلذا نكرر، إن إنشاء قناة كوردستانية باللغة العربية بات ضرورة قومية ملحة للجم الأفواه المأجورة.
[1]