كوردستان تستثمر النفط مع الشعب؟
#كفاح محمود كريم#
صرح رئيس الوزراء الكوردستاني نيجيرفان بارزاني إن حكومته تدرس إمكانية توزيع جزء من عائدات البترول كأموال نقدية، بما قيمته خمسمائة إلى ألف دولار للأسرة الواحدة شهريا، خاصة وان مستويات الإنتاج النفطي والغازي للإقليم في تزايد مضطرد مع تهافت الشركات البترولية الكبرى في العالم للاستثمار، واستقرار الأوضاع خاصة بعد وضوح التقدم الكبير للحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت في الإقليم، حيث يشغل السيد نيجيرفان نائبا لزعيم الحزب السيد مسعود بارزاني.
لقد دأبت بعض الدول البترولية على منح الفرد أو الأسرة بعضا من عائدات تلك الثروة كما حصل في ليبيا وسلطنة بروناي وبعض دول الخليج، ولكون الحال هنا في كوردستان يختلف نوعا ما عن تلك الدول في ظروفه ونمط اقتصاده وشكل نظامه، فانني أرى إن سبلا أخرى تعوض عن الدفع النقدي المباشر للأسرة أو الفرد بما يحفظ استقرار السوق وعدم ارتفاع نسبة التضخم التي يعاني منها الإقليم والعراق عموما، إضافة إلى وجود طبقة تجارية طفيلية مهيمنة على السوق مهمتها امتصاص أي عائدات مالية تعمل من اجل رخاء الفرد والمجتمع.
ولكي لا ندخل في تفاصيل اقتصادية ربما تثقل كاهل القارئ فان تجارب رفع المقدرة الشرائية للمواطن التي اتخذتها الحكومة العراقية نهاية سبعينات القرن الماضي كانت البداية لظاهرة التضخم واشتعال الأسعار بمستويات فاقت نسبة الزيادة التي شملت رواتب الموظفين.
ولذلك نرى وجود عدة سبل للتعويض عن الدفع النقدي الذي ربما يربك السوق ويزيد نسبة التضخم بما يحرم المستفيدين وخاصة الأغلبية من فوائد وغاية الدفع النقدي ومن هذه السبل:
1- تعويضها بالخدمات العامة كما حصل في تسعيرة البانزين وتوحيدها وإلغاء ما كان يسمى بالبانزين المحسن والممتاز، وتخفيض قيمة وحدات الكهرباء المنزلية إلى مستويات رمزية لا تثقل كاهل الفرد والأسرة، إضافة إلى بقية الخدمات في مجالات السكن والتأمينات الصحية والمياه والتعليم.
2- تأسيس بنك حكومي توضع فيه أقيام المبالغ المخصصة للأسر شهريا أو سنويا كرصيد لهم، مع منع السحب منها لمدة سنة أو سنتين ومن ثم السماح بالسحوبات بنسب معينة أو لإغراض معينة مثل المرض أو بناء وشراء بيت أو سيارة.
إن كوردستان اليوم بما فيها من تطور كبير وتقدم متسارع، أحوج ما تكون إلى قاعدة صناعية وزراعية وشبكة مواصلات متطورة إضافة إلى ثورة حقيقية في المجال السياحي الذي لا يقل أهمية عن البترول إن لم يتفوق عليه، مع الاهتمام الكبير بالمياه وخاصة مياه الأمطار وبناء السدود لتجميع تلك المياه الهائلة التي تذهب سدى.
وفي مجال النفط بإمكان هذا البنك المقترح أن يستثمر تلك الأموال المخصصة للأسر في صناعات نفطية مهمة ومجمعات للبتروكيميائيات لكي لا يكون برميل النفط بعدة عشرات من الدولارات بل لكي يكون أضعاف ذلك كمشتقات أساسية للوقود والزيوت والحبيبات التي تدخل في كثير من الصناعات المهمة الأخرى، ومن ثم للقضاء على البطالة بكل أنواعها.
إن مبدأ تخصيص مبلغ من عائدات النفط للمواطن يظهر جدية وحقيقة الحكومة الرشيدة وإخلاصها في مهمتها التي تحملتها في برنامجها الذي وعدت به مواطنيها، وإنها فعلا قادرة على صناعة مستقبل زاهر للبلاد إذا كانت هذه منطلقاتها في خدمة الأهالي.
kmkinfo@gmail.com
[1]