أميرة كوردية في سماء العروبة
#كفاح محمود كريم#
قبل أيام راقبنا جميعا أداء المتسابقين لبرنامج أراب آيدل للفنون الغنائية الرصينة وتقييمات لجنة التحكيم، وأجمل ما لفت انتباهي هو معالجة الفنانة الإماراتية اللذيذة أحلام لخطأ أو تصريح ربما جرح الكثير في حلقات سابقة، لكنها كفنانة مبدعة عرفت كيف تستدرك الأمر وتعتذر كالفرسان، بل وتعالج الأمور بشكل أشاع ارتياح كبير لدى جمهورها وخاصة في كوردستان العراق وسوريا اللذان يقتربان كثيرا حد التطابق في المزاج العام للسكان نفسيا واجتماعيا وفنيا مع أشقائهم العرب.
وليس أجمل من تعليقها حينما وصفت السيدة أحلام الفنانة برواز حسين بالأميرة الكوردية وهي تؤدي واحدة من أجمل الألحان الخليجية وربما أصعبها أيضا كما وصفتها اللجنة، ومما زاد الأداء جمالا وتفردا ذلك الزي الكوردي الجميل الذي ارتدته برواز وهي تحلق أميرة كوردية في سماء العروبة وفنها الأصيل والجميل مبدعة متميزة كما فعل أمراء من قبلها أدبا وعلما وفنا، وتزدحم في الذاكرة أسماء كانت كواكبا وما زالت في عالم العرب وتاريخهم منذ صلاح الدين الأيوبي ومرورا بأحمد شوقي واحمد تيمور والعقاد وبلند الحيدري ونجاة الصغيرة وأختها سعاد حسني والعشرات من نجوم المسرح والصحافة والعلماء والكتاب ممن زينوا سماء العروبة وذاكرتها المعرفية والتاريخية والإبداعية.
تذكرت كل ذلك وأنا أراقب واستمع إلى توصيفات الفنانة أحلام، وما قاله المؤرخ الموصلي المعروف بسام الجلبي قبل عشرين عاما من اليوم، حينما افتتح محافظ نينوى الفريق محمد عبدالقادر جاجان في حينها معرضي التشكيلي الشخصي الثالث في كانون أول 1993م حينما قال في جمع غفير من مثقفي وأعلام الموصل ومنهم الفنان شفاء العمري ويونس نجيب وغيرهم:
حينما أتحدث إلى كوردي اشعر بأنني أمام أمير من أمراء لما يتمتع به من خلق عال وأدب جم وعطاء نبيل
وأردف الجلبي قائلا:
أنهم متميزون مسالمون يتفردون دوما بالإبداع في أعمالهم ابتداءً من الفلاح في مزرعته أو بستانه، ووصولا إلى الوزير أو الرئيس حينما يمارس مهامه، وفي حياتنا جميعا نماذج منهم في ذاكرتنا التي خلدت أسماء معلمين ومدرسين ومهندسين وأطباء وعمال كورد أبدعوا ونقشوا أسمائهم في ذاكرتنا الأبدية.
واليوم وبعد عشرين عاما يتجسد ثانية كلام ذلك المؤرخ الموصلي القدير في شخص شابة كوردية شقت طريقها وهي تتسلق إبداعها لترتقي نجمة في سماء فن الغناء العربي، حينما جمعت هذه الأميرة كما سمتها الفنانة أحلام كل الخصال في أدائها وتفردها حيث زاوجت أدق المشاعر والألحان في عطاء أمتين عريقتين اشتركتا في الأرض والتاريخ والآلام والأفراح، وقدمت من الحب والفرح والسلام والآمال ما عجز عنه الكثير من السياسيين، فحازت على إعجاب ومحبة الملايين وكانت بحق أميرة كوردية في سماء العروبة.
kmkinfo@gmail.com
[1]