ضرورة تحالفٍ إسرائيلي - كوردستاني لِخلق شرق أوسطٍ جديد (1)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5533 - 2017-05-28 - 22:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
هذه السلسلة من المقالات هي محاولةٍ لِتحليل أوضاع منطقة الشرق الأوسط بموضوعية وطرح أفكارٍ واقعية وإظهار الإرتباط العضوي بين الشعب الإسرائيلي والشعب الكوردستاني ودور ظهور دولة كوردستان في منطقة الشرق الأوسط في صيانة الوجود الإسرائيلي كشعبٍ وكيانٍ سياسي في المنطقة وتبيان المصالح المشتركة بين الشعبَين وإلقاء الضوء على واقع الأمن الإسرائيلي وإعطاء صورة مستقبلية للشرق الأوسط التي يرسمها التحالف الكوردستاني – الإسرائيلي. من خلال هذه المقالات، أود أيضاً إيصال أفكاري ومقترحاتي الى مركز القرار الإسرائيلي والكوردستاني والعاملين في المعاهد والمراكز الإستراتيجية الإسرائيلية والكوردستانية لتقييم هذه الأفكار والمقترحات وتطويرها وإغنائها خدمةً لمصالح الشعبَين بشكلٍ خاص ومصالح شعوب منطقة الشرق الأوسط بشكلٍ عام.
في البداية، أود أن أستعرض مواقع الضعف في الواقع الإسرائيلي. لو ندرس الواقع الإسرائيلي، سنكتشف أن هناك نقاط ضعف خطيرة في الأمن الوطني الإسرائيلي. قلة نفوس إسرائيل هي إحدى مفاصل الضعف التي تعاني منها إسرائيل في دفاعها عن وجودها وأمنها الوطني. حسب آخر الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان في إسرائيل التي تمّ إجراؤها في سنة 2013، تبلغ نفوس إسرائيل حوالي تسعة ملايين نسمة (6 ملايين يهود و 3 ملايين عرب). بالإضافة الى الملايين الثلاثة من المواطنين الإسرائيليين العرب، تبلغ نفوس العرب في الأقطار التي يحكمها العرب أكثر من 200 مليون نسمة (أكثرية سكان هذه الدول مستعربون). هناك دراسات تُرجّح زيادة نفوس العرب الإسرائيليين الى عدد موازٍ لنفوس اليهود الإسرائيليين في المستقبل المنظور بسبب تفوق الإنجاب عند العرب الإسرائيليين وهذا تهديد آخر للأمن الوطني الإسرائيلي.
هكذا نرى أن إسرائيل في مواجهة مصيرية مع هذه النفوس الكبيرة من العرب الذين يجاورونها والمشحونين بأفكار عروبية معادية لليهود و الذين يرفعون شعار إزالة إسرائيل. لا تنحصر معاداة إسرائيل على العرب لوحدهم، و إنما المسلمون الذين تبلغ نفوسهم أكثر من مليار نسمة، يتعاطفون مع العرب ويُعادون إسرائيل بسبب تربية المسلمين على كراهية اليهود و أصحاب الديانات و المعتقدات الأخرى، و نتيجة تلقينهم معلومات مزوّرة و كاذبة عن العمق التأريخي السحيق للتواجد اليهودي في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام و على أرض إسرائيل الحالية بشكل خاص.
التحدي الأمني الثاني الذي تعاني منه إسرائيل، هو صغرها، حيث تبلغ مساحتها عشرين ألف و سبعمائة وسبعون كيلومتر مربع، بينما يتمتع العرب بعمق جغرافي كبير جداً، حيث تبلغ مساحة الدول التي يحكمها العرب، ملايين الكيلومترات المربعة. مساحة إسرائيل الصغيرة تُشكّل ضعفاً إستراتيجياً خطيراً في الأمن الوطني الإسرائيلي، حيث في حالة نشوب حروب بين إسرائيل والدول المعادية لها أو في حالة تعرضها لصواريخ وأسلحة غير تقليدية، فأنها تُصاب بأضرار بشرية ومادية جسيمة رغم تفوقها العسكري و إمتلاكها للتقنيات العسكرية الحديثة لمنع وصول الصواريخ والطائرات المعادية.
مساحة إسرائيل الصغيرة تجعل كذلك المجال الجوي الإسرائيلي غير كافٍ للقيام بتدريب الطيارين الإسرائيليين على الطائرات المدنية و العسكرية، مما تجعل إسرائيل مضطرة لإستخدام الأجواء التركية و الغربية للقيام بمناورات عسكرية جوية و تدريب الطيارين الإسرائيليين على الطيران.
هكذا فأنّ العدد السكاني المنخفض للإسرائيليين و صغر مساحة إسرائيل، يشكلان خطورة كبيرة على الأمن الوطني الإسرائيلي، حيث أنه في حالة إندلاع حرب بين العرب أو إيران من جهة و إسرائيل من جهة ثانية، سيتعرض الأمن الإسرائيلي الى خطر كبير، و خاصة في حالة إستعمال أعداء إسرائيل أسلحة الدمار الشامل من نووية و بايولوجية و كيميائية. قد تنجح إيران في أن تصبح دولة نووية و كذلك مصر. السعودية قد تفلح في إقتناء أسلحة نووية من دولة مثل باكستان أو عن طريق الإستفادة من الخبرة الباكستانية. السعوديون مؤهلون للقيام بذلك نظراً للأموال الطائلة التي تأتيهم من واردات نفطهم.
عيش الفلسطينيين و الإسرائيليين في منطقة واحدة و متداخلة و قريبة مع بعضها، يُشكّل تهديداً آخراً للإسرائيليين، حيث أن الإسرائيليين سوف لا يستطيعون إستخدام أسلحة غير تقليدية ضد الفلسطينيين في حالة نشوب حرب شاملة مع العرب بشكل عام و مع الفلسطينيين بشكل خاص، عندما يصبح الوجود الإسرائيلي في خطر.
حزب الله في جنوب لبنان المدعوم من إيران وحركة حماس التي تحكم قُطّاع غزة المُتاخم لإسرائيل، يُشكّلان أيضاً خطراً على الأمن الوطني الإسرائيلي. نظراً لِتجاور قطاع غزة والجنوب اللبناني لإسرائيل، فأنّ إستعمال أسلحة غير تقليدية من قِبل إسرائيل في حالة الضرورة القصوى، سيكون مجازفة كبيرة نظراً لإحتمال تعرّض الإسرائيليين لآثار هذه الأسلحة التي تنتشر وتنتقل ضمن منطقة واسعة.
تفتقد إسرائيل الى الماء العذب و تعتمد في التزود بمصادر الطاقة على إستيرادها من الدول المنتجة لها. هذه مشكلة أمنية أخرى لإسرائيل. الإسرائيليون يفكرون بالحصول على الماء العذب من تركيا، الا أنها خطة غير مضمونة النتائج، و خاصة في حالة الأزمات و الحروب و عدم التكهن بمستقبل العلاقات الإسرائيلية – التركية.
[1]