ضرورة تحالفٍ إسرائيلي - كوردستاني لِخلق شرق أوسطٍ جديد (2)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5537 - 2017-05-31 - 20:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
في الحلقة السابقة تم الحديث عن قسمٍ من التحديات التي تواجهها إسرائيل. من المشاكل التي تعاني منها إسرائيل منذ تأسيسها لحد الآن وهي أنها في حالة حرب مع الدول الإقليمية المحكومة من قِبل العرب وخاضت إسرائيل ثلاث حروب كبيرة ضد هذه الدول في سنة 1948 و 1967 و 1973 على التوالي، بالإضافة الى حروبها ضد الفلسطينيين وحزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة. هذه بالنسبة الى الحروب الخارجية، أما في الداخل الإسرائيلي، فأن إسرائيل تصرف مبالغ كبيرة أيضاً على الإجراءات الأمنية المتشددة التي تقوم بها لحماية مواطنيها والسواح الذين يزورون إسرائيل. هذه الحالة غير المستقرة إستنزفت وتستنزف الإقتصاد الإسرائيلي، حيث أنّ إسرائيل منذ تأسيسها، قد صرفت مبالغ ضخمة جداً على تمويل حروبها وعلى التسليح وحماية المدنيين وإستدعاء الإحتياط عند إندلاع الحروب وهذه الأموال الطائلة لو تمّ إستثمارها في مجالات الأبحاث العلمية والصناعة والتكنولوجيا والزراعة والصحة والخدمات وغيرها، لَكانت تتطور وتتقدم بشكلٍ أكبر بكثير مما عليها الآن. لا يُخفى بأن للحروب أيضاً آثار إجتماعية ونفسية وصحية وبيئية خطيرة، تمتد لأجيال عديدة بالإضافة الى المبالغ المالية الضخمة التي تحتاجها إسرائيل لمعالجة هذه الأضرار المتسببة من حالة الحرب التي تعايشها أو من أجل التقليل من هذه الآثار.
بالإضافة الى العلاقات الإسرائيلية – العربية العدائية، فأنّ علاقات إسرائيل مع إيران سيئة، حيث تحاول إيران خلق هلالِ شيعي يمتد من إيران، مارّاً بالعراق وسوريا ومنتهياً في لبنان وبذلك تصبح إيران جارة لإسرائيل! لإنجاح هذا الهلال الشيعي نرى التدخل العسكري الإيراني في سوريا ودفاع إيران المستميت عن النظام العلوي السوري وإشراك حزب الله اللبناني والميليشيات الشيعية العراقية في الحرب الأهلية السورية، دفاعاً عن النظام السوري والذي هدفه هو الإبقاء على السيطرة الإيرانية على سوريا وإنجاح إقامة الهلال الشيعي. لتحقيق نفس الهدف، نرى مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي العراقي في عمليات تحرير الموصل وسيطرتها على الحدود العراقية – السورية لإقامة منطقة ممتدة من إيران الى غرب كوردستان عبر جنوب كوردستان، حيث أنّ هذه الميليشيات وصلت الى قرب مدينة سنجار ولها تواجد كبير مع مستشارين إيرانيين وميليشيات الحرس الثوري الإيراني في كركوك وخورماتو والمناطق الكوردستانية في محافظة ديالى، بينما تتفرج حكومة إقليم جنوب كوردستان على هذا التواجد العسكري الخطير لإيران وميليشياتها، دون إتخاذ أية إجراءات لإخراج هذه القوات من كوردستان. في الحقيقة أن قدوم هذه القوات الى هذه المناطق الكوردستانية تمّ بموافقة حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني وبالتنسيق معه وبذلك تمت السيطرة على هذه المناطق من قِبل إيران من خلال الميليشيات الموالية لها والتي تُشكل خطراً كبيراً على الأمن الوطني الكوردستاني. على حكومة إقليم جنوب كوردستان التصدي لهذه الميليشيات وهي ضعيفة الآن بسبب إنشغالها بمحاربة داعش من خلال الإتصال بالحكومة الأمريكية للتنسيق معها، حيث أنه لا يمكن إخراج هذه القوات وطردها من المناطق الكوردستانية إلا من خلال الدعم الأمريكي وتقديم تضحيات بشرية ومادية كوردستانية.
كما أن إيران تعمل حثيثاً على أن تصبح دولة نووية وتقوم بتطوير صواريخها وقوتها العسكرية. إيران بلد شاسع، تبلغ مساحتها 1648195 كيلومتر مربع ونفوسها تتجاوز 80 مليون نسمة (الفرس = 49%، الآذريون = 18%، الكورد = 16%، الجيلاك = 6%، المازندرانيون = 4%، العرب = 2.4%، البلوش = 2%، التركمان = 1.6، الأرمن = 0.7 ). كما أن إيران لها موقع إستراتيجي على الخليج الفارسي ومضيق هرمز وبحر قزوين وأنها بلد زراعي وغني بثرواتها الطبيعية، حيث أنها تملك ثاني أكبر إحتياطي من الغاز الطبيعي ورابع أكبر إحتياطي من النفط في العالم، بالإضافة الى إمتلاكها للمعادن والصناعات المختلفة. لا شك أن إيران، بمساحتها الشاسعة ونفوسها الكبيرة وثرواتها الطبيعية الهائلة وموقعها الإستراتيجي المهم وحكومتها الطائفية المتشددة، تُشكّل تهديداً للأمن الوطني الإسرائيلي والذي يتطلب من إسرائيل إزالة هذا التهديد.
بالنسبة الى العلاقات الإسرائيلية – التركية، فأنّ إستلام حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحكم في تركيا عن طريق صناديق الإقتراع والشعبية التي يتمتع بها هذا الحكم في المجتمع التركي، يُشير الى أن معظم الأتراك المسلمين في تركيا لا يزال الدين الإسلامي يلعب دوراً كبيراً في حياتهم بالرغم من تمتع تركيا بالنظام العلماني الذي قام أتاتورك بتأسيسه بعد الحرب العالمية الأولى ومحاولته نشر القيم والعادات والتقاليد الغربية في تركيا وبالرغم من عضوية تركيا في الحلف الأطلسي. عليه فأنّ الشعب التركي بشكلٍ عام يناهض إسرائيل ويتضامن مع الفلسطينيين والعرب. كما أن حزب العدالة والتنمية كحزب ينتمي الى الإخوان المسلمين، فأنه يعمل على أسلمة النظام السياسي في تركيا ويعيش في وهم إستغلال الدين الإسلامي لإستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية المفقودة. يستنتج المرء مما تقدم بأنه لا يمكن إقامة حلف إستراتيجي طويل المدى بين إسرائيل وتركيا ولا تستطيع إسرائيل وضع تركيا كدولة حليفة لها ضمن الإستراتيجيات التي ترسمها. من الجدير بالذكر أن لتركيا موقع إستراتيجي مهم يربط قارة آسيا بِقارة أوروبا وتطلّ على كلٍ من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود. تبلغ مساحة تركيا783562 كيلومتر مربع وتبلغ نفوسها أكثر من 80 مليون نسمة. (من ضمنها سكان إقليم شمال كوردستان الذين تبلغ نفوسهم حوالي 28.8 مليون نسمة أي بنسبة حوالي 36% من المجموع الكلي للسكان)، بينما تبلغ نفوس العلويين (الكورد و الأتراك) في تركيا حوالي 24 مليون نسمة أي أن نسبتهم هي حوالي 30% من المجموع الكلي لسكان تركيا. لو نقوم بتحديد نفوس العلويين الأتراك فقط إستناداً الى نسبة نفوس الكورد في تركيا، فأن نفوسهم تبلغ حوالي 15.36 مليون نسمة. أعداد الشيعة في تركيا تصل الى حوالي 3.5 مليون نسمة. إستناداً الى هذه الأرقام و مع أخذ نفوس القوميات الأخرى غير المذكورة هنا بنظر الإعتبار المقدرة بحوالي 3.5 مليون نسمة، يتبين أن نفوس الأتراك السُنة الذين يحكمون تركيا تبلغ حوالي 29.7 مليون نسمة أي حوالي 37% من المجموع الكلي لسكان تركيا و بذلك فأن نفوس الأتراك السُنة هي أقل بكثير من نفوس الكورد و العلويين معاً الذين يبلغ تعدادهم حوالي 44 مليون نسمة أي 55% من المجموع الكلي للسكان. كما أنّ هناك دراسات تشير الى أن نفوس الكورد في إقليم شمال كوردستان و تركيا ستصبح أكثر من نفوس الأتراك بحلول عام 2020.[1]