ضرورة تحالفٍ إسرائيلي - كوردستاني لِخلق شرق أوسطٍ جديد (4)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5539 - 2017-06-02 - 22:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
حقائق الواقع الإسرائيلي
ينبغي أن تستند الإستراتيجية الإسرائيلية على الظروف الذاتية والموضوعية الإسرائيلية لضمان حماية الأمن الوطني على المدى البعيد. من الحقائق التي يجب أن تؤخذ بنظر الإعتبار لإيجاد وسائل ناجحة لصيانة الوجود الإسرائيلي كشعبٍ وكيانٍ سياسي هي ما يلي:
1. رغم مرور 69 سنة على تأسيس دولة إسرائيل، فأن إسرائيل لم تنجح بشكلٍ جيد خلق مجتمعٍ متجانس مؤلف من اليهود والعرب وخلق هوية وطنية وثقافة ومصالح مشتركة لمكونات الشعب الإسرائيلي، تضمن السلم والأمن الداخلي وتُرسّخ الجبهة الداخلية. يحتاج الإسرائيليون للقيام بمزيد من العمل لتحقيق هذا الهدف، حيث أن الداخل الإسرائيلي يتعرض لعمليات الإرهاب والعنف من وقت لآخر.
2. منذ تأسيس دولة إسرائيل في سنة 1948 م، أي منذ 69 سنة لم تنجح إسرائيل في تحقيق التصالح والسلام مع جيرانها العرب من خلال القوة العسكرية. صحيح أنّ إسرائيل إنتصرت في حروبها مع العرب وإستطاعت إقامة علاقات دبلوماسية مع كلّ من مصر والأردن وعلاقات سرّية مع حكومات عربية أخرى، إلا أن هذه العلاقات هي علاقات هشة، مفروضة على هذه الحكومات بسبب التفوق العسكري الإسرائيلي وبسبب الظروف الدولية الداعمة لإسرائيل. أي إختلال في موازين القوى بين الإسرائيليين والعرب لصالح العرب أو تغيير دولي لِغير صالح إسرائيل، سيُنهي العلاقات الإسرائيلية مع هذه الدول ويعود قرع طبول الحرب من جديد، كما حصل بين إيران والعراق، حيث عندما كانت الحكومة العراقية ضعيفة وتواجه خطر الثورة الكوردستانية، إضطرت أن تعقد إتفاقية الجزائر مع حكومة الشاه في 1975، حيث أن العراق بموجب هذه الإتفاقية تنازلت عن نصف شط العرب لإيران بالإضافة الى أراضي عراقية، إلا أن الحكومة العراقية ألغت هذه الإتفاقية من جانب واحد بعد إنهيار الثورة الكوردستانية وتخلصها منها وهذا الإلغاء تسبب في إندلاع حرب مدمرة بين البلدَين دامت لمدة ثماني سنوات والتي أصبح الملايين من الإيرانيين والعراقيين ضحايا لهذه الحرب وتسببت في تدمير البلدَين وإنهيار إقتصادهما. هكذا فأن العلاقات الإسرائيلية – العربية فرضتها الظروف، كما أن هذه العلاقات قائمة بين الحكومات وليست بين الشعب الإسرائيلي والشعوب العربية لتكون مبنية على أسس متينة قابلة للإستمرار على المدى البعيد.
نفوس العرب العالية و مساحة بلدانهم الشاسعة، قياساً بنفوس الإسرائيليين و مساحة بلدهم و كذلك البترول المتوفر لدى العرب كمصدر للطاقة و الأموال الهائلة التي تحصل عليها الأنظمة العربية النفطية من واردات البترول و إمتلاك العرب للمياه العذبة في دول مثل مصر و السودان و سوريا و العراق، و الفكر العروبي العنصري للعرب و معاداته لليهود و الفكر الإسلامي المبني على العنف و الكراهية، كلها عوامل تُضعف مناعة الأمن الإسرائيلي و تدفع القادة الإسرائيليين للعمل و التخطيط لإيجاد و إبتكار وسائل لمجابهة التفوق العربي في هذه المجالات و التقليل من آثاره السلبية وذلك بِوضع إستراتيجيات تُنهي هذه التهديدات.
3. لا تنجح إسرائيل في أن تكون شُرطية منطقة الشرق الأوسط وتُعوّل على القوة العسكرية لمنع الدول المعادية لها من إمتلاك أسلحة غير تقليدية أو محاولة هذه الدول من تغيير التوازنات الإقليمية لصالحها. على سبيل المثال ضرب المفاعل النووي العراقي من قِبل إسرائيل أو محاولة ضرب المفاعلات النووية الإيرانية لأن مفعول الردع العسكري مشابه لمفعول الحبوب المُسكّنة للآلام الذي يستمر لفترة محددة وثمّ تعود الآلام من جديد. لذلك فأنّ إزالة هذه التهديدات تحتاج الى حلول جذرية.
4. حالة الحرب القائمة بين إسرائيل والعرب منذ 69 سنة، تستنزف الطاقات البشرية والمادية الإسرائيلية، بالإضافة الى آثارها النفسية والصحية والإجتماعية والبيئية السيئة. كما أنّ الظروف غير المستقرة في إسرائيل تُقلل من هجرة اليهود من الدول الأخرى الى إسرائيل وقد تؤدي الى هجرة عكسية من إسرائيل الى الدول الأصلية للإسرائيليين وبذلك قد تقود الى تغيير التوازن الإثني بين اليهود والعرب الإسرائيليين في المستقبل.
5. لإسرائيل علاقات إستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية التي هي القوة الوحيدة المهيمنة على العالم في الوقت الحاضر. من البديهي أن عهد الإمبرطورية الأمريكية سيختفي، كما إختفت الإمبراطوريات العظيمة السابقة عبر التأريخ، و هذا هو قانون الحياة و الطبيعة. عليه فأن إعتماد إسرائيل على المساعدات الأمريكية المعنوية و المادية والعسكرية تخلق مشكلة أمنية للإسرائيليين على المدى البعيد. لا بد أن المعنيين بموضوع الأمن الوطني الإسرائيلي يعطون إهتماماً خاصاً لهذه الحلقة الضعيفة في العلاقة بينهم و بين الأمريكيين و يتساءلون عن الوضع الذي يكون فيه الأمن الوطني الإسرائيلي عندما تحل دولة عملاقة مثل الصين على سبيل المثال، محل أمريكا في التحكم بالعالم بعد عقود من الزمن. هذا لا يعني إنهاء العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، بل يعني العمل على تأهيل إستقلالية إسرائيل إقتصادياً وسياسياً وعسكرياً على المدى الطويل من خلال الحصانة الذاتية وتغيير الظروف الداخلية الإسرائيلية والظروف الإقليمية، لتصبح إسرائيل بإتحادها مع دول منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، دولة عظمى. يجب على الإسرائيليين أن يحاولوا الإعتماد على أنفسهم و الإستعداد لتوفير شروط البقاء و الإستمرار حتى بعد أفول النجم الأمريكي. نفس الشئ بالنسبة الى الهيمنة اليهودية على مفاصل الإقتصاد العالمي، ينبغي توفير مرتكزات ومستلزمات الأمن الوطني الإسرائيلي داخلياً وإقليمياً لتتكامل مع المرتكزات الدولية لتصبح راسخة، تضمن أمنٍ إسرائيلي دائم حتى في حالة إختلال هذه الهيمنة وزوالها.[1]