ضرورة تحالفٍ إسرائيلي - كوردستاني لِخلق شرق أوسطٍ جديد (10)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5594 - 2017-07-28 - 18:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
أسباب التحالف الكوردي – الإسرائيلي
ث. أسباب أمنية
المصالح هي التي تحدد مسارات العلاقات بين الشعوب والدول. من هنا تلتقي المصالح الكوردستانية مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة. للحفاظ على أمنها الوطني و مواصلة التطور والتقدم، فأن من مصلحة إسرائيل، أن تستقل كوردستان، لتتخلص من الأخطار الخطيرة التي تواجهها من قِبل العرب والمسلمين، حيث بتحرر شعب كوردستان، ستتغير موازين القوى لصالح إسرائيل. إذاً فأن ظهور دولة كوردستان سيكون ضمانة أكيدة للأمن الوطني الإسرائيلي و في نفس الوقت فأن شعب كوردستان توّاق للتحرر وإستقلال بلاده وبذلك فأن الطرفَين بحاجة للآخر وهذه الحاجة تفرض عليهما إقامة حلف إستراتيجي بينهما. هكذا تكون دولة كوردستان حليفة للدول الغربية و إسرائيل و بذلك تتغير موازين القوى في المنطقة لصالح الدول والقوى الديمقراطية.
كما أن الشعب الكوردي هو شعب سريع التكيّف مع التطورات والتغيرات الفكرية والإجتماعية وتنفتح بسهولة على القوميات والإثنيات والأديان والمذاهب والعقائد المؤلّفة لشعب كوردستان وهذا يعني أن شعب كوردستان، بمختلف قومياته وإثنياته وأديانه و مذاهبه، يكون شعباً مندمجاً و متجانساّ، تشترك مكوناته المختلفة في الثقافة والأهداف والمصالح ويتم بذلك خلق دولة مستقرة ومؤهلة لتلعب دوراً محورياً، الى جانب إسرائيل في فرض الإستقرار في المنطقة وحماية الأمن الوطني الكوردستاني والإسرائيلي وحماية مصالح الدولتَين.
قد يقول قائل بأن من مصلحة إسرائيل إنتزاع إعتراف الحكومات العربية و الإسلامية بها و عقد إتفاقيات سلام معها، وأنّ من مصلحة الإسرائيليين إقامة علاقات مع الأنظمة العربية والإسلامية بدلاً من إقامة حلف مع شعب كوردستان الذي لا يمتلك كياناً سياسياً للتحالف معه، بل أنه مقسّم بين عدة دول ومحكوم من قِبل عدة أنظمة وأنّ إرادته مسلوبة. تفاهم إسرائيل مع الحكومات العربية و الإسلامية لا يجلب السلام للإسرائيليين و لايقلل من الخطر المحدق بالأمن الوطني الإسرائيلي. على سبيل المثال، نرى أن إسرائيل و مصر قامتا بتطبيع العلاقات بينهما و أقامتا علاقات دبلوماسية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، الا أن هذا التطبيع لم ينجح في جعل علاقة الشعبين علاقة شفافة و طبيعية و لم يقدر على التقليل من عداء المصريين للإسرائيليين أو رفع الحاجز النفسي بين الشعبين. قيام العرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يتَأَتَ عن رغبة وقناعة و إنما نتيجة ضعف العرب و تفوق الإسرائيليين. إذاً تطبيع العرب و المسلمين لعلاقاتهم مع إسرائيل في الوقت الحاضر هو هدنة مؤقتة بين الجانبين و ليس إتفاقات سلام دائم مع إسرائيل. عندما يصبح توازن القوى بين الإسرائيليين و العرب و المسلمين لغير صالح الإسرائيليين، ستقوم الأنظمة العربية و الإسلامية التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بتمزيق إتفاقياتها مع إسرائيل، كما عمله صدام حسين مع إتفاقية الجزائر التي وقعها مع إيران في عام 1975.
هناك نقطة مهمة أخرى في هذا المجال وهي ما يؤول إليه مصير العلاقات الإسرائيلية مع الأنظمة العربية و الإسلامية في حالة زوال هؤلاء الحكام و إستلام جماعات متشددة و معادية لإسرائيل الحكم في هذه الدول و خير مثال على إمكانية حدوث هذه الحالة هو العلاقات الممتازة التي كانت تربط حكومة شاه إيران بإسرائيل و ما آلت إليه العلاقة بين البلدين بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث قطعت إيران علاقاتها مع إسرائيل و أُقامت سفارة فلسطين في نفس البناية التي كان الإسرائيليون يتخذونها سفارة لهم في إيران.
من هنا يتبين لنا أن إقامة إسرائيل لعلاقات دبلوماسية مع الحكومات العربية و الإسلامية لا تضمن أمن إسرائيل و لا تستطيع إزالة العداء التأريخي بين الجانبين. التهديد الذي يواجهه الوجود الإسرائيلي في المنطقة يمكن ضمانه و تأمينه في حالة واحدة فقط وهي التحالف مع كوردستان ومن ثم عمل الجانبَين، بالتعاون مع الشعوب المُغتصَبة أوطانها في الشرق الأوسط الكبير، على تغيير الفكر العروبي و الإسلامي و تحسين الوضع المعيشي للشعوب العربية و الإسلامية والقيام بِدمقرطة دول الشرق الأوسط الكبير و تغيير مناهج التعليم و التربية العنصرية والدينية المتزمتة و خلق صحافة حرة و ظهور أنظمة سياسية علمانية، تفصل السياسة عن الدين، تحترم الحريات و حقوق الإنسان ومساواة المرأة و الرجل و تقبل الآخر المختلف و تحترم الرأي الآخر و تعمل على تقدم بلدانها و خدمة شعوبها و رفاهيتها وبذلك يتحقق سلام دائم لجميع شعوب الشرق الأوسط الكبير، بما فيها شعب إسرائيل وشعب كوردستان وكذلك الشعوب العربية والتركية والفارسية.[1]