ضرورة تحالفٍ إسرائيلي - كوردستاني لِخلق شرق أوسطٍ جديد (13)
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5605 - 2017-8-10 - 17:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
الشعب الكوردي و الإسرائيلي يختلفان عن العرب إثنياً و ثقافياً و تأريخياً، بكونهما ينتميان الى قوميتين لهما لغتهما و ثقافتهما و تأريخهما الخاصة بهما. إضافة الى الإفتراق اللغوي و الثقافي و التأريخي، فأن الإسرائيليين يفترقون أيضاً عن العرب دينياً، بينما يفترق الكورد عن العرب في الإنتماء العرقي أيضاً، حيث أنهم ينتمون الى الأقوام الزاگروسية - الآرية، بينما ينتمي العرب الى الأقوام السامية. صحيح أن الكورد يشتركون مع العرب في الإنتماء الديني، حيث أن أكثرية الشعب الكوردي من المسلمين، الا أن الكورد متسامحون و منفتحون دينياً، بعكس العرب حيث الإنغلاق و التزمت و الإقصاء و العنف و رفض الأديان الأخرى.
الكورد و الإسرائيليون يشتركون معاً في التعرض للإبادة و الظلم من قبل العرب منذ بدء العرب بالقيام بغزواتهم الإسلامية و إحتلالهم للمنطقة. خلال الحكم العربي، حاول العرب طمس الهوية و التأريخ و الثقافة الكوردية و الإسرائيلية و القضاء على لغتهما. اليهود في الجزيرة العربية و اليمن تعرضوا للإبادة و الإستعباد و التهجير بظهور الدعوة الإسلامية و لذلك لا نرى أي وجود لهم في المملكة العربية السعودية و اليمن في الوقت الحاضر. خلال الإحتلال العربي لكورستان و بعده، تعرض الكورد للإبادة و القتل. يحدثنا التأريخ عن عمليات الأنفال التي قام بها القائد العربي الإسلامي أبو عبيدة الجراح خلال إحتلاله لكوردستان، حيث قام بأنفلة (قتل) حوالي خمسة عشر ألف كوردي في مدينة جلولاء وحدها وسبي نسائهم.
من هنا ندرك بأن الإسرائيليين و الكورد من ضحايا القمع العربي الإسلامي خلال أربعة عشر قرناً و يتعرضون للعداء و الكراهية من قبل العرب و الفرس و الترك، خلال حكمهم للمنطقة و يتعرض وجودهم لخطر الفناء بسبب عمليات الصهر العنصري و تعرض ثقافتهم للإلغاء و التشويه بسبب تحكّم العرب و الفرس و الترك العنصريين بمصيرهم خلال حقبة زمنية طويلة و نتيجة الفكر العنصري الذي يحملونه تجاه القوميات الأخرى و تجاه ثقافاتها و التهديدات الخطيرة التي يتعرض لها الشعبان في الوقت الحاضر من قبل أعدائهما الذين يتوعدونهما بالقضاء على وجودهما. إذن الشعب الكوردي و الإسرائيلي محاطان بالأعداء من كل جهة و يلتقيان في مواجهة نفس الأعداء و يشتركان في المصير و يتعرضان للأخطار و التحديات نفسها و تجمعهما هموم مشتركة. يريد العرب إلقاء الإسرائيليين في البحر و يسمون كوردستان ب(إسرائيل ثانية).
المشكلة أن الحكومات العنصرية العربية لوحدها لا تعادي الكورد و الإسرائيليين، و إنما لقنت الشعوب العربية المسكينة الكراهية و العنصرية و روح العنف و الإلغاء و أشغلت هذه الشعوب بِوهم وجود تهديدات خارجية، مثل التهديد الكوردي و الإسرائيلي و زجتها في حروب و صراعات لا مصلحة لهذه الشعوب فيها، من أجل إستمرار هذه الحكومات العنصرية الشمولية في الحُكم و نهب ثروات شعوبها المقهورة و المستعبدة.
نظراً للأفكار الإسلامية الشمولية المتزمة و دكتاتورية الأنظمة الإسلامية و نظراً للمصالح الإقتصادية التي تربط هذه الأنظمة بالأنظمة العربية الغنية، فأن الإسلاميين في هذه الدول يساندون الأنظمة العربية و يعادون شعوباً مثل الكورد و الإسرائيليين. ها نرى النظام الإيراني يهدد بإزالة إسرائيل من الوجود و تقصف طائراته كوردستان و يتآمر مع النظام التركي و العراقي والسوري على شعب كوردستان و منعه من التحرر و التقدم ومنع إستقلال جنوب وغرب كوردستان اللذين تسمح لهما الظروف الذاتية والإقليمية والدولية في الوقت الحاضر بالتحرر والإستقلال.
الكورد و الإسرائيليون محاطون بالأعداء و لولا قوة إسرائيل و تفوقها على العرب بتبنيها نظاماً ديمقراطياً و تقدمها العلمي و التكنولوجي و الإقتصادي و العسكري، لكان مصير الإسرائيليين الإلقاء في البحر و لأصبحوا طعاماً للأسماك في قيعان البحار منذ زمن بعيد.
لولا الحماية الغربية وخاصةً الأمريكية للكورد في إقليمهم الجنوبي والغربي، لتعرضوا الآن الى حملات الأنفال و الإبادة من قبل العروبيين و الطورانيين و الفرس و لأُبيدوا شر إبادة، كالأنفالات البعثية التي قاموا بها ضد الكورد في عام 1988.
يجب الإعتراف بهذه الحقيقة و عدم التهرب منها و أن لا نستمر في المجاملات و ترديد شعارات كاذبة عن الإخوة و الشراكة بين الكورد و كل من العرب و الترك و الفرس و بالتالي التفريط بحقوق شعب كوردستان بالإعتماد على أوهام الإخوة و الشراكة التي لا وجود لها و بالتالي التسبب في إستمرارية إغتصاب كوردستان وإستعباد شعبها. أتساءل هنا في أية مدينة عربية أو تركية أو فارسية أو إسلامية خرجت مظاهرات إحتجاجية ضد قتل الكورد بالسلاح الكيمياوي في حلبجة و دفن مائة و إثنين و ثمانين ألف كوردي أحياء في عمليات الأنفال الوحشية؟. ربما قائل يقول هنا بأن العرب و المسلمين تحكمهم حكومات قمعية و لم يتجرؤا على القيام بالتنديد بتلك الجرائم البشعة التي قل نضيرها في التأريخ. طيب، هل لم تكن بإستطاعة الجاليات العربية و الإسلامية المقيمة في الدول الغربية الديمقراطية تنظيم إعتصامات و مظاهرات ضد النظام البعثي العراقي دفاعاً عن ضحايا الكورد الأبرياء؟ في الوقت الذي كانت الطائرات البعثية تحوم فوق كوردستان و تقوم بإلقاء سمومها على سكان حلبجة الآمنين، كان ملوك و رؤساء ما تُسمى بالدول الإسلامية مجتمعين في الكويت حيث كانوا يشاركون في المؤتمر الإسلامي الذي كان منعقداً هناك دون أن يرفعوا صوتهم دفاعاً عن شعب كوردستان المنكوب ذي الأكثرية المسلمة، بل سكتوا عن تلك الكارثة الإنسانية، بينما قام أكثر من عشرين ألف إسرائيلي بمظاهرة حاشدة في تل أبيب، ينددون بجريمة قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيميائية و يعلنون مواساتهم لشعب كوردستان.
من مصلحة الدول الغربية وفي مقدمدتها الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك إسرائيل أن تتم إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الكبير التي بموجبها يتم تأسيس دولة كوردستان و التي تكون حليفة للدول الغربية و إسرائيل و بذلك تتغير موازين القوى في المنطقة لصالح الدول والقوى الديمقراطية. بروز دولة كوردستان في المنطقة، حيث أنها بلد غني بالموارد الطبيعية من بترول و معادن و بالمصادر المائية، حيث تقع منابع نهرَي دجلة والفرات فيها، وتمتلك أراضٍ زراعية خصبة و موارد بشرية كبيرة، حيث أن نفوس سكانها تُقدّر بأكثر من 50 مليون نسمة، بالإضافة الى موقعها الإستراتيجي المهم وجمال طبيعتها و إمتلاكها لمواقع أثرية كثيرة، حيث أنها مهد الحضارة االبشرية، كل هذه المؤهلات تجعل من كوردستان أن تصبح بلداً صناعياً و زراعياً مهماً و قُبلة للمصطافين من مختلف أنحاء العالم ونموذجاً للديمقراطية الى جانب إسرائيل في المنطقة. كما أن الشعب الكوردي هو شعب سريع التكيّف مع التطورات والتغيرات الفكرية والإجتماعية وتنفتح بسهولة على القوميات والإثنيات والأديان والمذاهب والعقائد المؤلّفة لشعب كوردستان و هذا يعني أن شعب كوردستان، بمختلف قومياته وإثنياته وأديانه و مذاهبه، يكون شعباً مندمجاً و متجانساّ، تشترك مكوناته المختلفة في الثقافة والأهداف والمصالح وبذلك تساهم في نشر الأمن والإستقرار في المنطقة والتفرغ للبناء والتقدم الذي يؤهلانها أن تساهم بفعالية في بناء وتطور الحضارة الإنسانية على الكوكب الأرضي.[1]