إتفاقية سايكس – پيكو جريمة كبرى بِحق شعوب منطقة الشرق الأوسط
#مهدي كاكه يي#
الحوار المتمدن-العدد: 5483 - 2017-04-06 - 20:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
إتفاقية سايكس – پيكو جريمة كبرى بِحق شعوب منطقة الشرق الأوسط
قسّمت إتفاقية سايكس – پيكو، منطقة الشرق الأوسط بشكل قسري وظالم. على ضوء هذه الإتفاقية، تم تأسيس دول على أنقاض الإمبراطورية العثمانية ورُسمت حدودها دون الرجوع الى إرادة شعوب منطقة الشرق الأوسط ودون الأخذ بنظر الإعتبار خصائص شعوب المنطقة والإختلافات الإثنية والثقافية والتأريخية العميقة بين هذه الشعوب، بل فكرت بريطانيا وفرنسا بمصالحهما فقط. هكذا تم رسم حدود الدول المستحدثة والتي تمّ بها تمزيق أوطان الكورد والعرب السُنّة والشيعة وحتى أن هذه الحدود المصطنعة شتّتت العائلة الواحدة والقبيلة الواحدة ووزعتها بين عدة دول وحشرت شعوباً تعيش في مرحلة البداوة و القبلية وتشهد تخلفاً فكرياً وثقافياً وإجتماعياً، وهي متنافرة و متباعدة في لغاتها و ثقافاتها وتأريخها وأهدافها ومصالحها، في كيانات جديدة في المنطقة، مهملةً التفكير بمستقبل هذه الشعوب والمشاكل والخلافات والنزاعات والحروب المدمرة التي ستنتظرها نتيجة هذا الحشر العشوائي.
إبرام إتفاقية سايكس - پيكو كان جريمة كبرى بحق شعوب منطقة الشرق الأوسط وبِحق البشرية جمعاء. إجبار شعوب متخلفة ومتنافرة على العيش معاً في كيانات سياسية مشتركة دون أن تربطهم لغة وثقافة ومصالح وأهداف مشتركة وتأريخ مشترك، كان يحمل في طياته بذور المشاكل والتناحر والمآسي والحروب وبالتالي غياب أي أمل في تحسين حياة هذه الشعوب ومواكبتها للتقدم والتطور العالمي والمشاركة في ركب بناء الحضارة الإنسانية. منذ رسم الحدود المصطنعة للمنطقة حسب إتفاقية سايكس – پيكو، لم تستقر الأوضاع في هذه الدول المصطنعة والذي كان سبباً في إزهاق نفوس الملايين من سكان المنطقة الأبرياء وتخلفهم وفقرهم بالرغم من توفر كل مقومات التقدم والرفاهية في هذه البلدان من بترول ومعادن وزراعة وسياحة وثروة بشرية، الا أنّ حكومات دول المنطقة المتعاقبة لم تستفد من هذه الإمكانيات الكبيرة وقامت عوضاً عنها بإهدار ثروات البلاد وزج شعوبها في حروب أهلية وخارجية كارثية. كانت تتوفر فرصة جيدة لِحُكّام المنطقة لخلق شعور وطني ومصالح وأهداف مشتركة لشعوبها المتنافرة والتي كانت ستؤدي الى تكوين شعوب متجانسة، تعيش في وئام وسلام ورفاهية، إلا أنّ الحكام هم جزء من المجتمعات المتخلفة، لذلك عملوا على تعميق التناقضات والخلافات والإختلافات بين شعوب وقوميات وأديان ومذاهب المنطقة.
فُرضت هذه الوحدة القسرية على شعوب المنطقة بالقوة والعنف والإكراه والإرهاب وبذلك سبّبت هذه الوحدة القسرية حروباً ومعارك مستمرة بين التجمعات السكانية المختلفة والتي لا تزال مستمرة وخلّفت وراءها الملايين من الضحايا الأبرياء وحولت بلدانها الى خراب وتسببت في عيش شعوبها في الفقر والجهل والمرض والتخلف رغم الحضارة العريقة لِبلدان المنطقة ورغم خيراتها ومياهها وبترولها وثرواتها البشرية.
يجب أن يكون الإنسان ورُقيّه وحريته ورفاهيته هي الهدف الذي تناضل المجتمعات البشرية من أجله، حيث أنّ الحدود الدولية المصطنعة ليست مقدسة ولا تتطلب التضحية من أجلها، بل يجب إحترام إرادات الشعوب ورغباتها. القوة والإكراه عاجزتان عن فرض الوحدة على الشعوب بالضد من إراداتها، وإنْ نجحتا في ذلك، فأنهما تخلقان وحدة هشة تنهار وتختفي عندما تزول أو تضعف تلك القوة والإكراه، كما هو الحال في الوقت الحاضر في كثير من دول المنطقة.[1]