القضية الكوردية - أصل الحكاية 3
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7104 - #12-12-2021# - 14:33
المحور: القضية الكردية
الكورد في سوريا جزءًا اساسي في تركيبة المجتمع السوري ديموغرافيا وذلك منذ العهد الأيوبي إذ سكنوا حلب ودمشق (في حارات سميت باسم الأكراد) ففي دمشق مثلا حارة الاكراد الكبرى وتضم شوارع وازقة مثل الكيكية وساحة شمدين ووانلي وكذلك الحال في حلب وفي اغلب المحافظات السورية مثل منطقة حوض نهر العاصي وجبل الأكراد في الساحل الشامي. كما يؤكد باحثون أن سكان بعض المناطق في لبنان إضافة للمسيحيين النساطرة ودروز جبلي الشيخ وحوران ما هم إلا نتيجة لاختلاط الكورد بأهالي تلك المناطق.
إلا أنه عند الحديث عن الكورد السوريين، لا بد من التفريق بين نوعين منهم؛
الأول: هم الكورد القدماء الذين سكنوا بلاد الشام منذ العهد الأيوبي وما قبله، وهؤلاء قد تعرضوا منذ العام 1950 لضغوط سياسية وثقافية ومجتمعية جعلتهم يتجهوا للتعريب مرغمين ولكنهم كانوا دائما يتحينون الفرص لمحاكاة لغاتهم ولم ينسوها... و بشكل او بأخر بدأ البعض ينصهر من خلال الدخول باحزاب قومية عربية والوظائف في الدوار الرسمية مدنية منها وعسكرية والدينية وكان لايقبل الا من كان عضوا في حزب البعث اضافة الى المحيط العربي الكثيف حولهم وكما اسلفت كانت عميلة الانصهار اقوى مع باقي مكونات الشعب الكوردي السوري مع مكونات الشعب العربي السوري إلى درجة أن أحد رموز الوطنية السورية، «إبراهيم هنانو»، هو أحد أولئك المتحدرين من الأكراد القدماء، وقد تولى بعضهم مقاليد حكم بلاد مثل «أديب الشيشكلي».
الثاني: هم الأكراد الذين يقطنون منطقة الجزيرة الفراتية أو محافظة الحسكة تحديدًا ومناطق أخرى متفرقة قريبة منها، الذين بقوا حريصين على لغة كرديتهم وذلك لان المحيط بغالبيته الكوردية فكان البقال والحداد والسباك والمعلمين كورد ويتكلمون لغتهم الام بحرية اكبر اولا لوجودهم على الحدود وسرعة تنقلهم للداخل التركي في حال ملاحقتهم مثلا بخلاف الكوردي في دمشق وحلب مثلا والذي كان محاصرا بفروع امنية كثيرة وتواجده بعيدا عن اي حدود دولية ممكن ان يغادر اليها في حال ملاحقته امنيا اضافة الى المنهاج البعثي الذي زرع الفتنة والتفرقة بشكل واضح من خلال محاولة طمسه للقومية والهوية الكوردية وبأي شكل من الاشكال، ووبذلك بدأت تطفو القضية على السطح في مقدمة الاحداث السياسية والاجتماعية منذ عام 1925،
وتجدر الإشارة إلى أن الكورد (أكراد الأطراف) يعيشون في سوريا في ثلاثة أجزاء متفرقة رئيسية متاخمة لمواطن الأكراد خارج سوريا، وهي أجزاء من جبل الأكراد «كرد داغ» ومنطقة كوباني عين العرب وما حولها، إضافة للجزيرة السورية التي كانت ملاذا غذائيا مهما للقبائل البدوية الرعوية العربية والكردية على حد سواء.
والأكراد السوريين غالبيتهم مسلمون سنيّون اضافة الى بعض الاديان الاخرى التي يدين بها الكورد مثل المسيحية واليهودية والايزيدية مثلهم في ذلك مثل القومية العربية فيها المسلم والمسيحي واليهودي والكورد عموما يتكلمون باللهجة الكرمانجية بشقيها الشمالي والجنوبي (البهديناني)، وتوصل تقديراتٌ نسبتهم إلى نحو 10%؛ ما يجعلهم القومية الثانية في سوريا، بدون اي جدال وتُعد مناطقهم مناطق ثروة نفطية مثل حقول «رميلان».
وتجدر الإشارة إلى أن حركات الانفصال في الشرق ايران او تركيا او العراق انما جاءت بفعل الاضطهاد والعنف والتمييز من قبل الاحزاب العنصرية الشوفينية بدعم من الانظمة الحاكمة في تلك الدول ، ومنها الحركات الكردية، وبرزت نتيجة للقسرية التي بُنيت بها الدولة الحديثة في الشرق، إضافة لاصطدامها مع طبيعة المجتمعات الشرقية التي لم تكن منسجمة مع الطبيعة الرأسمالية الناتجة عن الثورة الصناعية، على عكس الحركات الانفصالية في أوروبا التي كان للتأثير الاقتصادي العامل الأبرز في صعودها. والكورد ليسوا اعداء لاحد وخاصة الاتراك ولكن الانظمة السياسية العنصرية كانت السبب الرئيس في افتعال التفرقة والحقد والعنف الغير مبرر
ان مشكلة تركية مع الكورد داخل وخارج تركيا مشكلة او لنقل معضلة مزمنة بالنظر إلى مُسبِّبات نشوء المسألة الكردية في سوريا ومآلاتها، وحقيقة القول إن المسألة الكردية السورية مشكلة تركية في أصلها. ويمكن إعادة ذلك تاريخيًا إلى توقيع معاهدة لوزان عام 1923، والتي أنهت وجود «رجل أوروبا المريض» نهائيًا، بكونها بديلًا عن معاهدة سيفر عام 1920.
لقد كان ذلك الاستبدال نتيجة لانتصارات الأتراك في حرب استقلالهم الوطني؛ مما حدا بالقوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى أن تستبدل معاهدة سيفر بمعاهدة لوزان؛ هذه الأخيرة التي نُظر إليها بكونها مماثلةً لمعاهدة «ويستفاليا» ولكن بطابع شرقي أنهى ما عُرف بالمسألة الشرقية.
فيما بعد استطاعت القوى السياسية الكردية أن تعيد صوغ المسألة الكردية بكونها مشكلة سورية أصيلة، خصوصًا بعد أن حطمت معاهدة لوزان ما كان قد أُقر من اقتراحات لإنشاء كيان كردي قابل للتطور خلال سنة واحدة ليصبح دولة مستقلة في معاهدة سيفر.
وقد نُظر للأراضي التي أُزمع إنشاء دولة كوردية عليها على أنها «كردستان الشمالية» من قبل الأكراد القوميين، وبكونها أرمينيا الجنوبية من قبل الأرمن القوميين، وبكونها تركية أو عربية شامية من قبل نظرائهم الأتراك أو العرب.
وقد وصف «ديفيد مكدول» حدود تلك الدولة الكردية التي كان مزمعًا إقامتها بأنها «مضيق ضيق له منفذ على البحر الأبيض المتوسط شمال لواء الإسكندرونة تمامًا والموصل والضفة اليسارية لنهر دجلة وصولًا إلى مندلي والجانب الشرقي من بحيرة أرومية».
وقد جاءت بنود معاهدة لوزان التي عالجت موضوع الكيان الكردي في المواد 62 و63 و64. وقد تناولت المادة 62 وضع اللجنة الثلاثية- من ممثلي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا- خطة الحكم الذاتي لمناطق الأكراد.
وتناولت المادة التالية أن على الأتراك أن يوافقوا على مقترحات اللجنة خلال ثلاثة أشهر، بينما عالجت المادة 64 إمكانية استقلال الأكراد خلال سنة وإمكانية انضمام ولاية الموصل العثمانية للدولة الجديدة.
وقد أدى قيام تركيا الحديثة على طريقة النمط القومي الأوروبي إلى ثورات عشائرية كردية، بلغت سبع عشرة ثورة بين عامي 1925-1938 ضد الغباء السياسي التركي وهو عملية الدمج القومي التركي للأكراد؛ ابتداءً بثورة «سعيد بيران» عام 1925، وانتهاءً بثورة «سيد رضا» عام 1938. وقد بدأ بالقضاء على ثورة 1925 التدفقات البشرية الكردية المهجرة قسرًا إلى سوريا الانتدابية، وقد تركّز الثقل الكردي المهاجر آنذاك في منطقة الجزيرة السورية.
ولكن القوميين الأكراد اكدوا رفضهم رد المسألة الكردية للأوضاع في تركيا؛ حيث يرون أن منطقة الجزيرة كانت على الدوام منطقة كردية، مُستدلين بالآثار الغابرة لبعض الشعوب القديمة، مع أن هناك خلافًا حول أصول الأكراد القديمة وهذه حقائق تاريخية لاغبار عليها.
[1]