حكايتي مع البعث 16
#شكري شيخاني#
الحوار المتمدن-العدد: 7370 - #13-09-2022# - 10:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
أثّر على إضعاف الحزب داخلياً بشكل كبير حجم المهام الضخمة التي اعتمدها الحزب، وعدم التمييز بين حدود الاستراتيجية والتكتيك، وبين الأهداف البعيدة والمرحلية التي اعتمدها دفعة واحدة، هو ما أفسح المجال أمام أي تحرك من قبيل “الحركة التصحيحية” وهذا كلّه كان يرتكز على عامل ذاتي غير قادر على حملها،
بمجرد أنّ تسلم حزب البعث زمام الحكم في البلاد (آذار/مارس 1963)، بدأت الخلافات بين أعضاء القيادة القوميّة المدنيين للحزب أمثال ميشيل عفلق ومنيف الرزاز وصلاح البيطار وأمين الحافظ وبين اللجنة العسكرية للحزب بقيادة ضباط شباب مثل حافظ الأسد وصلاح جديد ومصطفى طلاس.
وأدت هذه الخلافات إلى حدوث انقسام في الحزب، تسبب بانقلاب العام 1966 الذي انقلب فيه صلاح جديد وحافظ الأسد على مؤسسي الحزب الذين فرّ معظهم باتجاه العراق، فيما تم اعتقال آخرين مثل الرئيس أمين الحافظ الذي بقي مسجوناً إلى ما بعد حرب 1967 عندما نُفي إلى لبنان، وصلاح البيطار الذي تم اغتياله في باريس.
أثرت بشكل سلبي كل من تجربة “الوحدة بين سوريا ومصر (بين عامي 1958 و1961)” وما خلّفته من ترسّبات، والأسلوب غير الديمقراطي الذي أوصل حزب “البعث” للسلطة وفق محمود جديد. وما تزامن أيضاً مع الفشل في التوصّل لإقامة جبهة وطنية تقدّمية حقيقية في سوريا، مؤهّلة وقادرة وفاعلة في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ممّا كان سيحصّن الوضع الداخلي للحزب، وهو ما لم يحصل.
لعب أسلوب معالجة أزمة الحزب من قبل القيادتين القطرية والقومية دورا مهمّا في نجاح “الحركة التصحيحية” لحافظ الأسد، فلو امتلكت الإرادة والعزيمة لاستطاعت حسم الموقف مع قيادة الجيش فور ظهور تكتّلها في المؤتمر القطري السوري الرابع (أيلول/سبتمبر 1968)، إذ كانت قدرات الحزب المدنية والعسكرية أقوى بكثير من قدرات ذلك “التكتّل” في تلك الفترة بالذات، وفق شهادة جديد.
غير أن قيادة الحزب تعيش في حالة تردّد بين الإقدام والإحجام، فكلّما حزمت أمرها، «وهمّت بالإقدام على حسم الأمور عادت للتفكّك والاسترخاء والوقوع فريسة منطق العواطف والنوم على حرير النوايا الطيّبة، وهكذا أصبحت قيادة البعث في حالة تراجع متواصل حتى جُرّدت من كلّ عناصر القوة، وأُحكم عليها الطوق».
تمثّل الخطأ الأكبر لدى قيادة “البعث” والذي نتج عن تفاوت الوعي داخل صفوف القيادة، من خلال «سقوط اقتراح تغيير قيادة الجيش بصوت واحد عندما طرح في قيادة الحزب (الاجتماع المشترك) بعد هزيمة حزيران، وعدم إدراك القيادة لأهمية وحيوية ذلك التغيير الذي كان يجب أن يتم في الوقت المناسب، ولا يكلّف الحزب سوى اتخاذ القرار فقط، لقطع الطريق على المؤامرة الانقلابية من جهة، وإمساك الحزب مباشرة بشؤون القوات المسلحة وإعادة بنائها وفقا لمقررات المؤتمر القومي التاسع الاستثنائي».
وتابع السياسي السوري، محمود جديد، في هذا السياق «كانت القيادة الحزبية (القيادتان القطريّة والقوميّة معاً) مترددة، ولم تحسم أمرها في اتخاذ قرار حازم لمواجهة حافظ الأسد، أو تكليف لجنة قيادية لتنفيذ هذه المهمّة، أو شخصاً بعينه ، وهذا ماكان يطالب به صلاح جديد؛ لأنّه كان يرى أنّ قيام أي شخص بمواجهة عسكرية مع حافظ الأسد بدون قرار حزبي سيصبح ديكتاتوراً في حال النجاح، كما سيجد الرفاق الآخرون أنفسهم غير جديرين بقيادة الحزب والسلطة معه، وفي حال الفشل سيوصمونه بالمغامرة وتدمير الحزب والقوات المسلّحة».
مع تفجر أحداث سبتمبر/أيلول 1970 بين الحكومة الأردنية ومقاتلي منظمات فلسطينية منضوية تحت إطار “منظمة التحرير الفلسطينية” في عمان، أمر صلاح جديد بإرسال رتل من الدبابات السورية لدعم الفلسطينيين في القتال، لكن الأسد رفض توفير غطاء جوي للعملية، فدُمرت الدبابات السورية بنيران الطيران الحربي الأردني.
دعا جديد إلى مؤتمر استثنائي للحزب أنهى أشغاله في #13-11-1970# وقرر تجريد الأسد وطلاس من مهامهما، فرد الأسد بتنفيذ انقلاب عسكري. وفي يوم #16-11-1970# أمسك بالسلطة ووضع صلاح جديد ونور الدين الأتاسي في الإقامة الجبرية، قبل أن يأمر بسجنهما.
كان صلاح جديد من أكثر البعثيين حماساً للمواجهة مع حافظ الأسد، وفي كلّ المحطات، لا سيما عندما طرح بنفسه وأمام القيادتين القطرية والقومية في اجتماع مشترك ضرورة تغيير وزير الدفاع ورئيس الأركان وسقط الاقتراح بفارق صوت واحد، أو حتى عند اتخاذ قرار... تبديل مراكز القوى وضرورة الحزم في تطبيقه. كان رافضاً أيّة مساومة مع حافظ الأسد
شاركها ....نعم تمت سرقة حزب البعث...غدا نكمل.
[1]