من يقف وراء بيان الكراهية ضد الكرد ولماذا؟
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 6589 - #10-06-2020# - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لفضاحة التناقضات في متن البيان الصادر في علنه من شريحة قدمت ذاتها تحت صفة (شخصيات وتشكيلات سورية في المنطقة الشرقية) وللمنطق العنصري الغالب عليه، تناسينا وعن قصد البدء بكلمة التنديد بهذه الخيانة الوطنية، والتي يحمل رايتها شخصيات لا يستحقون ذكر أسمائهم، فقد أصبحوا معروفين، وأسماءهم بين العشرة الأوائل، لكن عرابهم هي القوى التي يبيعونهم الوطن والإنسان السوري في أسواق النخاسة.
ففي أول سطورهم يتحدثون عن التضحيات من أجل الوصول إلى الديمقراطية متناسين:
1- أن الديمقراطية أصبحت في حكم العدم، والموقعون بولاءاتهم إلى كل الجهات الإقليمية ما عدى الوطن أعدموا الديمقراطية على منصة الوطن.
2- أن مأسي عفرين، وقبلها الفوطة الشرقية، وما حدث لرواد الثورة من المكون العربي في البدايات، هي أبسط راياتهم في الكفر بالديمقراطية.
3- وما تمت من الصفقات من بيع المناطق السورية لتركيا وإيران إلى تخليهم عن مناطقهم للسلطة إلى الارتزاق للقوى الإقليمية تجعل من أبسط سوري يشمئز من كلمة الديمقراطية، خاصة عندما تخرج من فوهة الشريحة الموقعة على البيان، وأسماءهم أغلبيتهم معروفة على الساحة السورية بمساوئهم، وجلهم إما من مخلفات البعث أو التكفيريين أو مرتزقة المعارضة، وهؤلاء أبعد الناس عن الديمقراطية والمواطنة، ومن كان يحمل منهم سابقاُ بعض الصفات الوطنية فقد فقدها في قاعات المؤتمرات التي تم فيها بيع الشعب السوري والوطن للقوى الإقليمية.
4- والقوى الوحيدة التي حافظت على الوطن والوطنية هم الكرد؛ وإلى جانبهم الشريحة التي حملت راية الثورة في الشهور الأولى، الذين ضاعوا إما في سجون النظام أو معتقلات المعارضة التكفيرية ومرتزقة أردوغان، أو أصبحوا في عتمة المهجر، وفضلوا الحفاظ على شرف نقاء وطنيتهم من النفاق والارتزاق.
لا بد من التنويه:
1- أن العديد من الموقعين على البيان لا يمتون بصلة إلى المنطقة الكوردية والتي تطلق عليها صفة الشرقية تيمننا بمن يعتقدون أن سوريا كانت بحدودها الجغرافية الحالية دولة قادمة من أعماق التاريخ.
2- كما وأننا اكتشفنا أن العديد منهم لا علم لهم بوجود البيان وحشرت أسماءهم ضمنها.
3- كما وتوضح أن القائمون على البيان هم عدة أشخاص من أبناء المنطقة، كما نوهنا في المقدمة، الذين يحتضنهم الكورد من البعد الوطني، رغم خيانتهم للمنطقة وانتماءهم لسلطة بشار الأسد والبعث وبمشاركة شخصيات من مرتزقة أردوغان.
4- لا نشك أن سلطة بشار الأسد وحكومة أردوغان يقفون وراءه، والغاية منها نقل المعادلة المعادية للكورد من ساحة مواجهة ال ب ي د تحت حجة علاقاتهم مع ال ب ك ك، إلى معاداة الحركة الكوردية عامة، تحت حجة جديدة معاداة كل من يتعامل مع ال ب ي د، وينسق مع الحلف الأمريكي، وهنا تتبين الارتباط الخفي بين تركيا وسلطة بشار الأسد.
5- إلى جانب أن عراب البيان من القوى الإقليمية يدركون تماما أن الكورد في حال التفاهم والتقارب، سينقلون معادلة طلب الحوار وتقبل شروطهم، إلى فرض شروطهم، ونقل الحوار إلى جغرافيتهم، وذلك مع حضور أمريكا كعراب للتفاهم الكوردي-الكوردي والذي لا يخفون التصريح به، فكل القوى المعادية تحتمي بقوى إقليمية ودولية ولا داعي لذكر الأسماء فهي معروفة للجميع.
أما عن متن البيان:
1- ليتهم لم يزايدوا على مفهوم المواطنة المتساوية، فقد أصبح المصطلح يستخدم بأرخص الأسواق، بعدما تبين لهم أن محاربة الفيدرالية واللا مركزية وتعديل الدستور على أسس الحفاظ على حقوق الشعب الكوردي، أو المكونات الدينية أو المذهبية في سوريا، لم تعد تجدي نفعا، وللتغطية على فشلهم اخترعوا مفهوم المواطنة، والذي من السهل المط فيه، توسيعه وتضييقه على قدر المقاس المطلوب.
2- وليتهم تكتموا عن سيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات، أو عند الحديث عن تحقيق حياة حرة كريمة، رافقوه بمثال واحد قدموه لمواطنيهم وعلى مستوى سوريا كلها، فمن بين جميع القوى المتحاربة، والتي دمرت الوطن، لم تظهر منظمة واحدة شريفة صادقة تعمل من أجل الأجيال القادمة.
3- هذه المصطلحات معدومة عند السلطة، وسوريا السابقة والحالية تشهد عليها، والمناطق المحتلة من قبل تركيا كعفرين والباب وجرابلس وإعزاز وكري سبي وسري كانيه، أو المسيطرة عليها أطراف من المعارضة كإدلب ومناطقها والتي تطبق فيها قوانين الغاب ليس أبشع من مناطق السلطة.
4- والمكان الوحيد الذي يشعر الإنسان السوري بحضوره الإنساني، المكون العربي المهاجر قبل الكوردي صاحب الأرض في المنطقة الكوردية، هي المنطقة الكوردية مقارنة بما هي عليه المناطق السورية الأخرى، فكفى دجلا وخداعا لله قبل الإنسان.
5- كنا نتمنى أن يخبرنا أصحاب البيان، في أي الأماكن يعيش المكون العربي أو الكوردي بكرامة مصانة مثلما هي في المنطقة الكوردية. وبالمناسبة الحديث عن التدخلات الدولية، أيها الأفضل تجزئة سوريا وبيعها إلى دول الجوار أم الاستقواء بالقوى الكبرى لتطوير المنطقة وإحلال السلام فيها وإنقاذها من قوى الشر والظلام.
كفاكم عهرا وتلاعبا بالمفاهيم والمصطلحات.
6- من المعيب، التحدث عن عاهات، أصبحت سمة من سمات المعارضة والسلطة وتركيا وإيران؛ عراب أصحاب البيان، وهذه الصفات عديدة نذكر منها، الإرهاب وارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين، ومن المخجل إتهام أحد أطراف الحراك الكوردي بها، فرغم نواقص الأخير وسلبياته العديدة وتجاوزاته بحق المكون الكوردي وليس العربي حكماً، لكنه يظل أشرف وأنقى من أشرف طرف من الأطراف المعارضة التكفيرية والسلطة الإجرامية، ومن الموقعين على البيان.
7- الفساد والاضطهاد الديني والعرقي والمذهبي فاحت روائحها من مناطق المعارضة في المراحل التي سيطرت على جغرافية معينة، والتي كادت أن تتجاوز بشائع سلطتي الأسد وجرائمهما، وحتى اللحظة ومن حيث الفقر ومستويات العيش، ورغم الضخ الهائل من الأموال للطرفين لا تزال المنطقة الكوردية بألف خير بالنسبة لمناطق الداخل. ارحموا المواطن العربي السوري، وكفاكم التلاعب بمفاهيمه، وضخ الكراهية فيه، ليعرف كيف يتخلص من الفقر الذي أغرقتموه فيه. إن غداً لناظره قريب، ومحكمة لاهاي بانتظاركم، يا من برقبتكم دماء نصف مليون سوري، وإعاقة وتجويع وتشريد الملايين، فإن لم تتمكن المحاكم الدولية والمواطن السوري على الأرض لعنتكم، فإن محاكم الله بانتظاركم، أن تمكنتم من خداع الإنسان فالله عالم بذات الصدور.
8- كنا نختلف نحن الكورد بين بعضنا على أن تركيا والمعارضة المرتزقة منها، تجد الحجة في علاقة ال ب ي د مع حزب العمال الكردستاني، وأن قواتها العسكرية من ال ي ب ك أو قسد تابعة لها ولهذا فهي تجد المبرر لقلقها، لكن تبينت أن هذه القوى سخرت وبشكل جلي هذه الثلة المرتزقة، لمهاجمة أية قوة كوردية تعمل على تقوية الداخل، وعلى هذا المنطق المعادي للكورد حتى ولو كانوا في المريخ، أدرجوا قوات بيشمركة روج أفا ضمن بيانهم، وبها فضحوا عنصريتهم.
9- وما يزيد البيان انحطاطا، وجود أسماء البعض من الكرد ضمنها، هؤلاء الذين أصبحوا سوريين أكثر من المستعرب السوري، ينادون بالوطنية تباهيا، ومع الأطراف المنتهية صلاحياتها الوطنية يجدون دروب الارتزاق على حساب شعبهم.
10- في الواقع لا توجد أية سرية في التفاهمات الجارية بين الطرفين الكرديين، كما يدعي أصحاب البيان، والمفاوضات علنية، تتحدث عنه الإعلام، أكثر بكثير مما كان يجول في الأروقة السرية لقاعات المؤتمرات المنعقدة ما بين المعارضة والمعارضة، أو بينها وبين السلطة، أو بين عراب السلطة والمعارضة، والتي عقدت في استانبول والرياض والقاهرة وجنيف وأستانه وسوتشي، وبغياب ممثلي الشعب الكردي، إلى درجة أصبح الكورد يشعرون أن المؤتمرات تجري، من قبل عرابي السلطة والمعارضة، على مصير الشعب الكوردي وليس على مستقبل سوريا، وتم في جميعها تغييب الكورد عن الحوارات بشكل أو أخر، وقزم تمثيلهم في جميع المؤتمرات أو ألغوا منها، إلى درجة لم يكن لهم رأي يذكر في بياناتهم الختامية، لذلك ليتهم لم يأتوا على السرية في الاتفاقيات، ولا عن منطق التفاهمات الانفرادية على مستقبل البلاد.
11- رغم ما يجري في الأروقة الإقليمية من مؤامرات ضد الشعب الكوردي، ظل الحراك الكردي يتعامل مع المعارضة من البعد الوطني، ويحاوره على مستقبل سوريا، رغم ما كان يشعرونهم به من العداوة.
12- لا يكفي إدانة البيان بأشد العبارات، لأن الموقعون عليه ثلة باعت وتبيع وطنيتها وضميرها عند أول منعطف، وأمام أول ارتزاق، فكيف بالوطن وقد أصبحت لديهم بضاعة سهلة التجارة بها، وليت الارتزاق كان من أجل إعالة عائلة، وليس لملذات متدنية، فبين الذين وقعوا على البيان تجار حروب معروفون على الساحة السورية، وسارقوا الملايين من على حساب دماء الشعب السوري.
13- إصدارهم لهذا البيان المتعارض مع القيم الوطنية والإنسانية، تدينهم، قبل أن تعريهم أمام المجتمع السوري الذي يحلم بأبسط مبادرة تتجه نحو التآلف والتفاهم وخلق السلام في الوطن، لكن ما يتبدى من خلال لغة البيان ومطالبها، أن الشريحة الموقعة تخسر تجارتها وارتزاقها في حالة السلام، والوئام في سوريا. لا تهمها مصلحة البلد بقدر ما تهمها ارتزاقها ومصالح الدول الإقليمية المتربصة بجغرافية سوريا
14- يعلمون تماما أن التفاهم الكوردي- الكوردي سيؤدي إلى وحدة الوطن وسلامتها، وستوقف بيعها إلى القوى الإقليمية لذلك من مصلحتهم محاربة هذا التقارب، مثلما هي من مصلحة تركيا وسلطة بشار الأسد الحفاظ على القوى الكوردية مشتتة تابعة هزيلة ليكون من السهل فرض الشروط عليهم، واستخدامهم كأدوات.
خلفيات أخرى للبيان:
للبيان خلفية غريبة أبعد من ظاهره، بطريقة ما يريدون تبييض صفحة النظام الإجرامي والمنظمات التكفيرية الذين برقبتهم دماء نصف مليون مواطن سوري، وإيجاد بديلا لهم، بعرض أسم الحراك الكوردي واتهامهم بالخيانة والعمالة لأمريكا، علماً أن هذه الإشكالية تجاوزتها الشعوب السورية، فما بين الكورد كشعب وحراك يعملون لخير البلد وبين السلطة ومعها المعارضة وتركيا وإيران وميليشياتها مسافات كونية، من حيث الإجرام والخيانة وانعدام الوطنية، وغياب الديمقراطية.
لكل هذا ندين وبأشد العبارات البيان الموجه ضد التقارب والتفاهم الوطني الكوردي-الكوردي، ونطالب كل القوى الوطنية السورية من العرب والكورد والسريان والأشوريين والدروز والعلويين وغيرهم إدانته، والوقوف في وجه موقعيه.
ومن الواجب الوطني والإنساني فضحهم، ليس فقط أمام المجتمع السوري بل في المحافل الدولية أيضاً، وتعرية خباثتهم السياسية؛ وأعمالهم الشريرة، ومحاكمة أصحاب البيان الذين لا يبالون بالفقر والمجاعة والدمار الجاري في البلد، بل يعملون على أن تبقى الشعوب السورية ممزقة وعلى خلاف دائم.
كان الأولى بهم دعم التقارب والتفاهم الكوردي-الكوردي لإعادة اللحمة الوطنية لسوريا، كتجربة لكل الأطراف التي تريد إزالة الصراع الدموي بين أطياف الشعب السوري، وتسهيل الأمور لهم كمهمة وطنية، وكبداية طريق لخلق الوئام بين المنظمات السورية المتضاربة.
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]