لنتخلص من سذاجتنا الكردية - 2/2
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 5203 - #24-06-2016# - 10:43
المحور: القضية الكردية
يكاد يكون شبه مستحيل خلق وحدة بين الأطراف، والمطالبة بها نوع من السذاجة، وحتى مسألة التحالف في حكم الوهم، ومثلها خلق شراكة في الإدارة الذاتية، أو الكانتونات، ومنبع هذه الأسباب عائد إلى الجهتين، إحداها، لا تقبل الشراكة، نابع ربما من منطق أنانية الملكية، والأخرى ترفض الإدارة الذاتية كنظام للمجتمع، نظريا، وعليه يتبين أنهم ينقدون ذاتهم بذاتهم عند المطالبة الفعلية بالشراكة، والخلاف عميق، متضارب حتى على مستوى إدارة المؤسسات المدنية، لكن عند التمعن، وبدراسة وطنية لواقع الحال وحسب الظروف المحاطة والمهيمنة ليس من المستحيل بلوغ نوع من التقارب، حتى ولو كان تقارب المتضاربين على أساس جلسات تشاورية من قبيل البحث في الأخطاء بقصد تلافيها، لعرض أفضل وجهات النظر المخالفة بغية اختيار الدرب الصائب.
لنأتي على ذكر بعض نقاط التقاطع، والتي بلغتها جميع الأطراف، حتى ولو كانت بأغطية مختلفة، وهو (النظام الفيدرالي) للمنطقة الكردية أو لسوريا القادمة، قبل الدستور أو بعده، بموافقة القوى الأخرى، السلطة، أو المعارضة، أو بدونهما، خارج أجندات القوى الإقليمية، لكن في النهاية هي فيدرالية لشعب يريد أن يدير منطقته بديمغرافيته بنفسه، دعونا نترك التفاصيل لقادم الزمن؛ حيث التغييرات السياسية متسارعة وغريبة في هذه المرحلة، وليكن نقاشنا على أساسياتها، مع ترك الجزئيات. علينا عرض آرائنا بمعزل عن هيمنة القوى الإقليمية، ولا نحتاج إلى توافق كامل، بل الأساسيات، وعليه من الضروري أن يتقبل بعضنا البعض، سلطة ومعارضة، وبمنطق حضاري.
لنأتي على الكانتونات، أو الإدارة الذاتية، كنت ولا أزال ضدها نظرية ومفهوما وتطبيقا، وتناقشتها سابقا، ولم أجدها سوى معوقة للنظام الفيدرالي، ولم أعتبرها مرحلة انتقالية، بل ما رأيتها تمهيدا مسبقا ليتقبلها الأطراف الأخرى من النسيج السوري، أو القوى الإقليمية المستعمرة لكردستان، ولا زلت أجدها إدارة غير عملية، والجاري لا يبين ما ستؤول إليه، وما ستتراكم عليها من الأخطاء والمشاكل الديمغرافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والثقافية، ولكن ورغم ذلك أصبحت واقعا، علينا أن نبحث في الإشكاليات، والأخطاء، والسبل الممكنة لنخرجها من واقعها الحالي ونبلغ بها إلى سوية الفيدرالية لكلية جغرافية جنوب غربي كردستان، رغم محاربتها من قبل العروبيين وتركيا وأئمة ولاية الفقيه، وكل من يدور في فلكهم. إضافة إلى دأبهم العمل على إجهاض الديمغرافية الكردية فيها ومن ثم إلغاء الحيز الجغرافي والسياسي الكردستاني لها.
وعن تكوين القوات العسكرية الكردستانية، على أعتاب أل ي ب ج وبيشمركة روج آفا، هي من الضروريات التي تستند عليها الإقليم الفيدرالي القادم، والذي سينجرف إلى مسافات أبعد من الفيدرالية، بسبب الواقع المحاط. القوة العسكرية، تخدم الوطن بكل مجالاتها، لا بد وأن تكون خارج غطاء الانتماءات الحزبية، والبحث في هذه القضية المصيرية لا بد من تقبل الآخر، وإجراء الحوار حوله. برفض أل ب ي د الطرف الآخر، خسارة لها ولمستقبل الفيدرالية أو حتى للكانتونات، والكل يعلم أنه بعزل جزء من الشعب، وشريحة واسعة من الشباب الراغبين في خدمة الوطن، خارجا عن العقيدة الحزبية، هو إضعاف للقوة الكردية، الضرورية لجنوب غربي كردستان، ولا بد من البحث عن حلول لهذه الإشكالية.
غايتنا الأساسية من عرض هذه القضايا وغيرها الممكنة التشاور والحوار حولها، هي لتكوين نواة الفدرالية، النقطة التي لو تمكنا من زرعها بأسلوب عصري، وضمن أجواء وظروف ملائمة ستؤدي إلى تحقيق الغاية الكبرى، فعند تشكلها بالشكل الملائم، ستجذب حولها كل القوى الكردية أو الكردستانية، وستنمو بسرعة مذهلة، لأن كردستان والشعب الكردي يملك ذخيرة هائلة من الخامات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وهي كافية لتشكيل فدرالية متكاملة البنيان، وبقوة كافية لمواجهة كل الأخطار المانعة لتشكلها، والمبادرة يجب أن تبدأ من رؤساء الأحزاب وبمشاركة أطراف الحركتين الثقافية والسياسية على حد سواء. عليهم إرشاد مؤيديهم، والشرائح التابعة لهم، بتخفيض لهجة التلاسن، والابتعاد عن التخوين، والالتزام بالبعد الوطني، مع تفضيله على الانتماء الحزبي، ولا يعني هذا إلغاء النقد.
ستكون فرص النجاح أوفر حظا عند عقد حوارات بين الأطراف المتصارعة، وخاصة بين الهيئات الرئاسية الحزبية، فمثلها ستؤدي حتما إلى التأثير على عموم المؤيدين.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]