لنتخلص من سذاجتنا الكردية - 1/2
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 5201 - #22-06-2016# - 09:19
المحور: القضية الكردية
الضلالة من الإبليس لا تنحصر في الدين وحده، وليس سلاح يتفرد به الإبليس فقط، فالسلطات الشمولية والقوى الإقليمية المستعمرة لكردستان، يستخدمون سلاحا أفتك من سلاح الشيطان في تضليل الحركة الكردية السياسية، لأنهم يدركون أهمية ثراء كردستان، ولن يدعوه ينسلّ من بين أيديهم، وهم حذرون جدا من أن تستيقظ أو أن تُستيقظ القوى الكردستانية الخامة التي ستكون بإمكانها تشكيل بنية الفدرالية الدارجة كمطلب في جنوب غربي كردستان. والمؤشرات عديدة، ويمكن رؤيتها بشكل واضح في الحيز الكردي والكردستاني، ولا استبعد أن أغلبية رؤساء الأحزاب الكردية والكردستانية يشعرون بأضاليلهم، ولكنهم يتحيرون في كيفية النفاذ منها، فيرضخون لهيمنة المقتسمين على مضض، مستسلمين للإملاءات ليس لرهبة، بل لعدم القدرة على إيجاد البديل، وهنا تكمن الطامة المنحصرة في البحث الصائب عن حلها؛ ألا أنها تُبحث في الزوايا الخاطئة، وبالتالي يتيهون في جغرافية سياسية معتمة.
في الواقع الأنوار ساطعة، والمطبات مبانة؛ لكنها تحتاج إلى القليل من التركيز، وتحرير الذات من الأوهام، مع معاملة الكردي للكردي كصنو وليس كعدو. وخلق الحوار في كل آن وحين، وفي معظم القضايا المصيرية. علينا الإيمان أن نفي الآخر، يقابله رد فعل عكسي وبارتداد أشد وأقسى. ويصحب هذا، استناد كل جهة على جملة من الحجج والذرائع، إن شئنا أم أبينا، وأسانيدهما وذرائعهما لا بد وأن تكونا بلباس كردي وطني. أحيانا، يقابل هذا النفي من قبل البعض، بشكل متبادل، إلى إلغاء الصفة الوطنية عن الرؤساء أو المتحكمين بالمسيرة في الطرف الآخر، مع اختلاف في صيغة العبارات المتبادلة، وكذلك نبرة اللهجة الصادرة من الطرفين. والحالة هذه، لا أحد خارج نطاق التهمة، والتهمة هي لب الصراع القائم بينهما. هذا هو التقزيم للكردايتي وإجبار على قبول إملاءات القوى الإقليمية. فهو التيه الذي نمضي فيه مع التوهم أن حيزنا معتم.
لئلا نغرق في بحر الألغاز، حين الاحتياج إلى الوضوح والتبيان، بغية جلب انتباه كل من له علاقة بمسيرة الشعب الكردي ضمن الحركة الكردية، سياسيا وثقافيا، دون حصرها في الأحزاب الذين نلقي عليهم تبعات التلكؤ مع الجري في التيه خلال المسيرة. ونغرق رؤساء أحزابنا في وحل الأوساخ، وما هم سوى شخصيات من هذا المجتمع، بلغوا ما بلغوه، وبطرق لسنا بصددها. لكن هناك إلى جانبهم، ومن صميم المجتمع، شخصيات عديدة يندرجون في خانتهم، ويشملهم العتب والنقد، وإن كان بدرجة أقل. وبعبارة أخرى، نحن جميعا مذنبون أمام الشعب، ونحن سبب واقعنا المزرى.
الواقعية تفرض علينا قول الحقيقة المرة، والاعتراف بها، لنخرج بنتيجة مرضية. ولنسلمْ أن القوى الإقليمية تهيمن على معظم قراراتنا السياسية كأطراف كردية وكردستانية، والأجندات المفروضة، نادرا ما نكون قادرين على رفضها. لأننا محكومون لعاملين أساسيين، هما الأول: ضعف قدراتنا، والحد منها يأتي بسدنا أبواب التقارب والتحاور البناءين. والثاني: إثارة الخلافات بيننا بشكل متجدد وبإيحاء من القوى الإقليمية، متبعين أخبث الأساليب لتتناسب مع مفاهيمنا وبنيتنا الثقافية والاجتماعية؛ لتؤدي إلى إدامة الصراع وتصاعده كلما دعت الضرورة، ورغم رغبتنا في التحرر من هذه الإشكاليات القاهرة، تواجهها عنف مرعب من قبل القوى الإقليمية، هذا لا يعني ألا نبحث عن المخارج، وإلا فالقدر سيظل بعكس رغباتنا.
على أطراف الحركة الكردية المتصارعة أو المختلفة على الأساسيات من القضايا الكردية والكردستانية، أحزابا وشرائح سياسية وثقافية، العمل على إيجاد نقاط التقاطع فيما بينها، حتى ولو كانت واهنة، قد يقول البعض أنه لا توجد نقاط تقاطع، كمثال: من جهة بين أل ب ي د وتوابعه من الأحزاب، وبين المجلس الكردي من جهة ثانية، أو بين الحركة الثقافية الملتزمة بالطرفين، غالبا ما يصعدان سوية الخلافات بينهما مصحوبة بالتخوين أو الوطنية والعمالة وما تأرجح بينها من التهم والتوصيفات...
يتبع...
[1]