دراما الحركة الثقافية الكردية - 1/2
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 5193 - #14-06-2016# - 02:18
المحور: القضية الكردية
القناعة بجدارتنا على التكتيك وربطها الاستراتيجي جرفتنا كساسة ومثقفين، خاصة على مستوى أحزاب غربي كردستان، إلى مصيدة الخلافات المرسومة إقليميا. كأي مبتدئ، في البداية، لم تكن واضحة لنا، بالشكل المطلوب، أننا لسنا على قدر المسؤولية، كي نتكتك على محتلين أوتين قدرات جمة مقارنة بقدراتنا ليستدرجونا إلى مثل هذا الصراع القائم، وإن بشكل أخف من ذي قبل في الوقت الحالي. أردنا بتكتيكنا أن نرقى بجموع الشعب إلى مستوى المواجهة، فكانت النتيجة احتدام الصراعات بيننا إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. كما نرى المحصلة أننا نخوّن بعضنا البعض غير مدركين أن الدولة الشمولية تهيمن على أدق الأمور ضمن نفوذها، وأن التكتيك ضمن مجالها يحتاج إلى إحاطة دقيقة بالنظام من قبل الجديرين منا، وتهيئة الأجواء له حتى نصل إلى المردود المرجوّ. أما بالشكل الذي بدأنا به خلق التنابذ والنفور فيما بيننا وحقق للمحتل ما صبا إليه.
ومواجهتهم من قبل الحركة الثقافية بالأساليب الكلاسيكية سذاجة إن لم نقل بلاهة، فالقوى الإقليمية التي تجبرهم على الفعل ورد الفعل، مدركة سلفا أن هناك قوة كامنة في أحضان المجتمع الكردي ستوجه إليهم أصابع الاتهام، وستلقنهم دروسا في الإخلاص للقومية والوطن، ومعروفة أن رواد إصدار الأحكام هم أطراف من الحركة الثقافية، فلم تتوانى تلك القوى الخبيثة من زرع الألغام المناسبة لإسقاط أكثر ما يمكن من الكتاب والمثقفين في المصيدة.
نحن جيل من أجيال عديدة نشهد على وجود جريمة، والضحية نحن، والوطن، وكثيرا ما نخطأ في تحديد المجرم، نلقي بالأحكام اعتباطيا، وندرك بأنها لا تبرأ الذات، فنحكم على ذاتنا الكردية وننسى المجرم الحقيقي، وأفعالنا هذه، كحركة ثقافية تشرع الأبواب للقوى الإقليمية بالعبث بشكل أوسع وأعمق، وتسهل الأمور له عند كل صعود للوجود الكردي.
بقدر ما نغرق رؤساء الأحزاب الكردية في مستنقع التهم الاعتباطية في غربي كردستان، نقرب ذاتنا منهم، أو نشترك ونشرك معهم أطراف من الحركة الثقافية. ولربما وبسبب متطلبات المرحلة، يتحمل أطراف من الحركة الثقافية، تبعات الخطيئة الكبرى بل الجريمة، على قدر ما يتحمله رؤساء الأحزاب، فهم، أي الكتاب، ينقسمون ما بين البعد التحيزي في الكتابة، ومعظمهم كتاب البلاط، والبلاط كوخ مهترئ يعبث به العدو كيفما شاء، وهم يمجدون فيه ويشبهونه لمجتمعهم الكردي بقصور منيفة ورؤساء أحزاب بقادة خالدون لا تطالهم الهيبة، وكتاب السادية الذين لا يرون إلا ذاتهم، ولا يهمه أن كان ما يقدمه لقرائه والمجتمع خيرا أو شراً، فالغاية هي إظهار نفسه، حتى ولو كان يعلم أن الذات الكردية قزمة في الواقع المعاش تحت رحمة القوى الإقليمية المستغلة لمجتمعنا والوطن، وبغيابهما لسنا سوى أشباح في أجسام بشرية.
ويظل هناك كتاب الضمير، خارج المجالين، والذين هم رواد الحركة والمجتمع، حتى ولو كانت تأثيراتهم ضعيفة في الأجواء المهيمنة عليها تجار الحروب والمرتزقة، والانتهازيون، والمنظمات المسخرة للفعل أو الأدوات الآنية. لكنهم مادام يحملون الفكر والذات النقية، حتى ولو كان ينقصهم الإبداع في هذه الأجواء الملوثة، فالوطن سيكون بخير، وإن طال الزمن. فبوجود من لا يميلون مع هباب الدعاية والتحريض والذين لا يرضخون للتأثيرات الموبوءة، ويبحثون وعلى مسافات مترامية عن أساليب لتحرير الحركة السياسية من قيودها، وتنوير الدروب التي يجب أن يسلكوها، سيظل الأمل ساطعا بمستقبل جميل...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]