يقظة شنكال هدمت لإيران أحلاماً
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 4987 -#16-11-2015# - 21:47
المحور: القضية الكردية
عصائب ولاية الفقيه، أثيرت تحت أسم الميليشيات الشعبية، لتهاجم المناطق الكردية في جنوب الإقليم الكردستاني، مثلما لم تهاجم يوما قبلها أية منظمة تكفيرية سنية الاعتبار، وذلك على خلفية طرد داعش من شنكال وحولها، وسيطرة البيشمركة والقوة الإيزيدية على الطرق الرئيسية الرابطة بين سوريا والعراق، المغذية لعدة فصائل تستند عليهم سلطة بشار الأسد.
كثيرا ما يتحذر الكردي من الحكومات التركية المتعاقبة، والمعلنة عداوتها للكرد وقضيتهم بشكل واضح وعلني، ويتم التغاضي عن إيران، أئمة ولاية الفقيه وقبلهم الشاه، وتحت ذرائع واهية، علماً أنهم لا يقلون عنهم خباثة، وكراهية، للكرد، ويستهدفون الغاية ذاتها، وبأساليب مختلفة، وتتبع أطراف من الحركة الكردستانية باستراتيجيتهم المذهبية في المنطقة، وكثيرا ما تمرر أجندات عن طريقهم لضرب القضية الكردية بكليتها. ويستند القوميون الفارسيون على أسم إيران كبعد مشترك بين القوميات المتواجدة ضمنها، لقطع الطريق على الأخرين بالمطالبة بحقوقهم القومية، بعكس تركيا كاسم واضح فيها البعد القومي العنصري، وقد أضاف أئمة ولاية الفقيه على هذا البعد الوطني الملفق، مفهوم الأمة الإسلامية، والتي تلغي القوميات، وتكفر كل مطالب بها، بل وأن هذا الأخير أحكامها أشد وأقسى من الاتهام بخرق الدستور وطنيا، مثلما تستند عليها الحكومات التركية القومية وشاهنشاه سابقاً، فهنا الحكم إلهي، مجرم في الحياة وكافر في الأخرة.
خطط متعددة استندت عليها حكومة إيران، مسخرة أدوات متنوعة، كردية ومن شيعة العراق، لإرضاخ الإقليم الفيدرالي الكردستاني لسيطرتها، وأثارت قضايا عديدة، كقضية النفط، والتي جندت لها نوابها ضمن البرلمان العراقي، وقضية تسليح البيشمركة، والتي اعترضت عليها معظم الأحزاب الشيعية التابعة لأئمة ولاية الفقيه، وحصة الإقليم من الميزانية العامة، التي لم تتركها لحظة أطراف من تابعي إيران وبشكل خاص جماعة المالكي، وعلى رأسهم البرلمانية الشيعية حنان الفتلاوي، التي عارضت الاستفتاء على كركوك سنوات، ولم تخفي حقدها على الكرد يوما، ضمن البرلمان أو خارجه، وغيرها من القضايا والمؤامرات، وفي الفترة الحاضرة أثارت القضية الدستورية، حول رئاسة السيد مسعود برزاني، ورغم أوجه الحكمة فيها والركيزة القانونية لها، لكن الغاية منها أبعد من مجرد تطبيق الدستور والبعد الديمقراطي للإقليم، ودمجت معها قضية شنكال قبل تنظيفها من داعش، وبعدة طرق.
ذكر الكاتب (عباس عباس) في أحد مقالاته، أن إيران تنطلق من عمق تاريخي مذهبي، في عداوتها للكرد، وترجع إلى عهد صلاح الدين الأيوبي وعملية القضاء على الخلافة الفاطمية في مصر، وهي نقطة خلاف فكري بين الانتماء المذهبي، والاستراتيجية السياسية المبنية على المصالح، وفي إيران العمق المذهبي ترجح بقوة، بل وتستند في كل مؤامراتها وتعاملاتها الإقليمية والدولية على تحقيق هدف مذهبي، وهي سيادة الفكر الشيعي على العالم الإسلامي، وهو نفس المبدأ الإسلامي- العربي حيث السيادة على العالم، وهنا يفرض المذهب الشيعي-الفارسي كبديل عن الأمة الإسلامية، وهم يؤمنون بها ولربما أعمق من قناعات مشايخ السنة ومرجعياتهم بالمذهب السني، وتحت هذا الغطاء يتحرك القوميون الفارسيون على توسيع سيادة العنصر الفارسي وهي شريحة ليست قليلة ضمن المرجعية الشيعية ذاتها وجماعة أئمة ولاية الفقيه.
ضم شنكال بعد تنقيتها من رجس داعش، وكلمة رئيس الإقليم الكردستاني السيد مسعود برزاني ومطالبته بجعلها محافظة، ورفع علم كردستان فوقها، أججت الكثير من أحقاد البعض من قادة الشيعة قبل السنة، التي كانت خامدة حتى البارحة، وأثيرت فيهم الأحقاد المذهبية قبل القومية، لكنهم وتحت مشورة أئمة ولاية الفقيه، يتحركون تحت الغطاء العراق الوطني، المطعون فيه كبعد تاريخي خاطئ فرضتها بريطانيا على الكرد والشيعة والسنة معا بدون إرادتهم، وهم الأن وبعد أن وجدوا ذاتهم الأغلبية ويتحكمون بمفاصل الدولة يتمسكون بجغرافيتها، مثلما فعلتها السنة قبلهم على مدى عقود، والطرفان أبعد الناس حبا للوطن، وتثبت عليها الفساد المستشري، وعمليات النهب والتخريب للوطن، والدمار الذي يلحقونه بالعامة من الشعب، لتمرير الأجندات الإقليمية، على حساب جثة العراق.
تنقية شنكال بينت عن الأحقاد الضغينة، وأظهرت المؤامرات المخفية إلى السطح، وكشفت عن حقيقة الاستراتيجية الإيرانية تجاه الكرد وقضيتهم بشكل عام والإقليم الفيدرالي بشكل خاص، وما يجري اليوم من معارك في مدينة طوزخورماتو وحولها بين عصائب الحق أو الميليشيات الشيعية المدعومة من قبل بعض السفهاء من أئمتهم، وبين البيشمركة، تثبت أن عمليات تسليم أسلحة أربع فرق عسكرية عراقية لمنظمة داعش، كانت بأمر من المالكي رئيس وزراء العراق سابقاً، وهو أحد اشد المناهضين للكرد وحقوقهم، وقد كان وراء توجيه داعش إلى شنكال، والمجازر التي حصلت هناك، هو وحكومته وإيران من أوائل المتهمين، وكانوا معا وراء توجيه داعش نحو الإقليم، وبعد التدخل الأمريكي، قفزت إيران إلى الساحة لتدعي بأنها أوقفت هجمات داعش، ولربما فيها بعض الحقيقة، وذلك بأمر منها لقادة المنظمة التابعة لها بالتوقف، بعد جدية التدخل الأمريكي المباشر، والتي تبينت بأنها ستكون نهاية المالكي أيضا، وهو عاملهم الأقوى في العراق.
أرادت إيران أن تكون داعش أقوى منظمة تكفيرية سنية الغطاء، وتكون سيطرتها متجاوزة جغرافية العراق، فمنذ بداية تشكيل الحشد الشعبي الإيراني، نادرا جدا قامت بمواجهة المنظمة السنية، بالمقابل وللتغطية، قامت بالمجازر بين المدنيين في المناطق التي دخلتها، وعمليا كانت قد شاركت داعش بشكل غير مباشر في توسيع رقعة المجازر بين السنة، وللدعاية التي أفرزت لها وإعلامها الموجهة وكأنها منظمة تدافع عن النهج السني، تكالبت عليها شريحة الشباب المغرور بهم، ومجموعة من الجهلاء، والقيادة لها أجنداتها وهي خبيرة بكل المؤامرات وتنفيذ الإملاءات حسب متطلبات كل مرحلة وكل جهة، ولا يخفى أن عرابها الأول أئمة ولاية الفقيه وسلطة الأسد، ومعروفة الفترة والخلفية، هما الأكثر تضررا من عمليات تحرير المناطق الكردية، وأضعاف داعش، وتقليص دورها في جنوب كردستان، وتعكسها التصريحات الهستيرية من قادة الشيعة العراقيين السياسيين منهم والعسكريين، والتي لم تحصل مثلها على مر التاريخ العراقي، وخلال كل الفترة التي يسيطر فيها الشيعة على الحكومة المركزية. مثلها حصلت مع تركيا وتصريحات رئيسها ورئيس وزرائها بعد تحرير كوباني وتل أبيض، وعند محاولة تحرير المنطقة الواقعة بين تل أبيض وعفرين، وعن شعورهم بأن داعش ستبعد عن المناطق الحدودية.
خططت إيران مع سلطة بشار الأسد على تقوية فصائل داعش ضمن سوريا، وبعد مؤامرة شكلية ومعارك وهمية، تخلى جيش بشار الأسد عن أسلحة روسية مماثلة لخطة المالكي بالأسلحة الأمريكية، والكل يعلم بعملية التخلي عن اللواء 93 ودبابات فوج الملبية ومطار الرقة وأسلحة أفواج حول دير الزور والبوكمال وتدمر، وحافظت سلطة بشار الأسد على بقع جغرافية ضمن المنطقة التي تسيطر عليها داعش، مثل غيرها من المراكز الأمنية في مناطق أخرى لا سيطرة شكلية لها عليه، كتلك الموجودة ضمن قامشلو والحسكة. ولا خلاف على أن إيران اشتركت مع تركيا أو تغاضت عن مطالبها عند توجيه داعش لمهاجمة المنطقة الكردية في سوريا، أو كما يقال مؤامرة مشتركة من قبل جميع الأطراف للتغطية على عملية سيطرة طرف كردي تساير استراتيجية الهلال الشيعي على المنطقة دون الأطراف الأخرى، ليتطور الصراع، ويميل الدرب إلى اتجاهات مغايرة بعد أن حركت إيران داعش لضرب مصالح الدول الكبرى، أي عمليا خرجت من إطار منظمة تلبي الصراعات الإقليمية، لينزلق إلى صراع مع القوى الدولية. والكرد في المعادلة أصبحوا الأدوات بيد عدة قوى، وتكاد أن تحوذها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كامل لتنفيذ أجنداتها، وهي محاربة داعش، الخطة التي أثارت غيظ إيران وتركيا معا، وبعض الدول العربية ومعهم المعارضة السورية العروبية الإسلامية، خاصة وبعد تصاعد الصيت الكردي على أبعاد هذه المعارك والانتصارات المتتالية على ربيبتهم، إلى جانب إدراكهم أن ما يجري تتماشى والقضية الكردية. وفي كل مرحلة يثور أحد الأطراف المستعمرة لكردستان، ليهددوا الكرد ويخلقوا لهم المشاكل، ويرفضوا وجود كردستان إما مباشرة أو عن طريق أدواتهم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
MAMOKURDA@GMAIL.COM
[1]