من سينقذ غربي كردستان - الجزء الأول
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 4971 - #31-10-2015# - 02:06
المحور: القضية الكردية
استفحلت خلافاتنا الكردية في غربي كردستان، كغيرها من الأجزاء، إلى حد القطيعة، بل ولربما الكراهية، تقودها وبسذاجة الأحزاب الكردية الرئيسة، بإملاءات إما بضغوطات قوى إقليمية مباشرة، أو بخدع ووعود خبيثة. نفس القوى الإقليمية، وبالتالي الكبرى تدفعهم للسير في دروب متضاربة بين بعضها، وإقامة علاقات سياسية، وعسكرية، مختلفة، وتفرض عليهم أن تتصارع بين بعضها، وهم ينجرون ورائهم، رغم أن الظروف الجارية في المنطقة ملائمة للتحرر من طغيان القوى الإقليمية بشكل خاص، وأجندات القوى الكبرى تساعد على هذا المنحى، لتكوين قوة مشتركة، بدونها ستكون النتائج وخيمة، تنتظرنا مستقبل ضبابي، وكأننا نسير في نفق مظلم تقودنا قوى إلى مصير نأمل خيرا كحلم، لكن الجاري يعكس مستقبلا قاتماً. فغربي كردستان تخلى من ديمغرافيتها، والحركة السياسية في أبشع حالاتها، وبالمقابل كل الإعلام العالمي تتحدث وبكثافة عن المنطقة وقوتها العسكرية ومعظمهم يحددون صفتها السياسية، والبعض يبرزونها كقوات خاصة لب ي د، والحقائق السياسية العسكرية واضحة للجميع، مهما كانت المحاولات لإضفاء الصفة الكردية الشمولية على مؤسسات الإدارة الذاتية للكانتونات.
عمليا الكرد في حصار عسكري سياسي، رهيب، فالقوى المحيطة بنا والمستعمرة لنا، بطرق تعاملها العنصري، وعلاقاتها المريبة، تدفع بهم إلى السير في الدروب الوعرة الحالية، والذين لهم اليد الطولى في الخلافات الكردية الجارية. فالمحاط والمتواجد في المنطقة هم:
1- المعارضة العروبية الإسلامية السياسية وقسم كبير من العسكرية ضد الكرد وقضيتهم، وتهاجم أغلبية الحركة السياسية، حتى تلك التي تتحالف معها في الكثير من الأحيان.
2- والسلطة مع مصالحها، وبإمكانها أن تسقط البراميل إذا دعت الحاجة إليها، وفي أية لحظة تسمح لها الظروف، وسوف لن تأبه للقوة التي معها في تحالف، وقد لا تفعلها لأنها تكاد تكون قد بلغت غايتها من حيث إفراغ المنطقة من ديمغرافيتها الكردية والتي كانت تطمح إليها ومنذ عقود من الزمن.
3- وروسيا ليس بحليف ولا تهمها ولم تهمها يوما الكرد ولا القضية الكردية، ومصالحها مع الدول المشرفة على البحر الأبيض المتوسط، والكرد لا يمثلون قوة يمكن الاعتماد عليهم.
4- وأمريكا، القوة الوحيد التي يؤمل منها خيرا، خاصة وهي سترسل قوة عسكرية في هذه الفترة، رغم ما يكمن خلفها من غايات غير تدريب الكرد ومحاربة داعش، لكنها وحتى الأن لم تجازف بشكل رسمي بقرارها السياسي لدعم الكرد وقضيتهم، ولن تفعلها إلا في حال الضرورة القصوى، وحتى اللحظة لا تراهم سوى القوة العسكرية التي تقوم بالنيابة عن قواتها في مواجهة داعش وهم الأداة التي لا يهمها شهدائها، وعدد الضحايا، وعمليات النزوح الكارثية من غربي وجنوب كردستان.
5- والدول المستعمرة لكردستان، من إيران إلى تركيا والعراق بسنتها وشيعتها، وسوريا بمعارضتها وسلطة بشار الأسد، لا تسمح لهم ثقافتهم القومية بظهور كيان يمثل الشعب الكردي، ولا حتى بالتفكير في الظهور دون سيادتهم.
غربي كردستان، كجنوبه، على كف عفريت، وقواتهم العسكرية الحزبية يخدمون أجندات بأغلبيتها لا تندرج في خدمة بناء الوطن القادم، رغم ما يظهر، وأحزابهم المسيطرة، تنأى التقارب والتشاور على ما يجري في المنطقة، وهم يكتفون بما يملى عليهم، ويخطط لهم البعض الدروب، ولا شك القوى الإقليمية تفرض ذاتها، والقوى الكردية المسيطرة لا تستطيع أن ترفضها، وإلا فالمصير سيكون مؤلماً، والأمثلة في هذا عديدة، من مجازر شنكال إلى كوباني، وما يجري اليوم في الإقليم الفيدرالي، ومثلها في غربي كردستان، ودور المعارضة العربية، ومقابلها ولا يقل عنها دور المربع الأمني لسلطة بشار الأسد، وهلمجرا، إلى أن نصل إلى المؤامرة الكبرى بين الدول المستعمرة لكردستان. لكن تبقى مبدأ التحالف أنجح من الجاري وستضعهم على أفضل الدروب وأصحها، فتقارب المجلس الوطني الكردي من المعارضة العروبية الإسلامية ملغوم أبعاده، وال ب ي د بكل أجزائه ومنظماته من استراتيجية الهلال الشيعي وبالتالي مع سلطة بشار الأسد يؤدي إلى مستقبل غامض وفاشل في معظمه.
أمريكا ومنذ فترة بعيدة، لم تعد تضع عملية تغيير الأسد ضمن أجنداتها، والمعارضة السورية المسلحة من التكفيريين، وغيرهم، يعلمون بهذه الحقيقة المرة، ومقتنعون أنها لن تقدم لهم مساعدات مباشرة، ومعظمهم يكتفون ومنذ فترة بالأسلحة السعودية والقطرية والتركية، وهي لن تقوم بمحاربة داعش إلا إذا تعرضت لهم، علماً أنها منظمة ساندت وتساند سلطة بشار الأسد منذ ظهورها، أي عمليا يرفضون إملاءات الأمريكيين. سلطة بشار الأسد مرتاحة من هذه العلاقة المتضاربة بين المعارضة المسلحة والأمريكيين، لأنها تحقق غايتين:
1- استمرار الدعم الإيراني والروسي، بدون اعتراض أمريكي.
2- غياب التكتيك الأمريكي بإزالة بشار الأسد مع القضاء على الإرهابيين معاً، والتأكد من القرار الأمريكي بالتخلي من عملية إزالته من أجنداتها، والاكتفاء بمحاربة داعش.
الأحزاب الكردية المسيطرة على غربي كردستان وبشكل خاص قواتهم العسكرية الحزبية، تجرهم أمريكا في حربها ضد داعش، مواقفهم ومصالحهم الأنية تتلاءم والأجندات الأمريكية في سوريا، وذلك بعدم المطالبة أو محاولة أسقاط سلطة بشار الأسد، بغض النظر عن التصريحات، والخطة في عمقه تتلاءم واستراتيجية القوة التي يتبعونها، وهي استراتيجية الهلال الشيعي، بالمقابل سلطة بشار الأسد مطمئن لهذا، ولن يعارض التحالف الكردي الأمريكي، مادام ينحو المنحى المطلوب بعدم التعرض له، وموجه بكليته لضرب داعش، رغم أن داعش منظمة متكونة أصلا من البعث الصدامي والسني السوري، وتقودها جنرالات صدام ويفرزون قسم واسع من خدماتها لدعم سلطة بشار والهلال الشيعي في كثيره، طامحين لتحقيق مآربهم من خلالها. وبهذا التكتيك ستكون قد خليت لبشار الأسد الساحة لضرب المعارضة السورية المسلحة، مثلما تفعلها روسيا اليوم تحت حجة أن جميع المعارضة وكل من يعارض بشار الأسد منظمات إرهابية، والتي تفقد المساندة الأمريكية السياسية وتكاد تنعدم العسكرية، مقابل تزايد المساعدات الروسية الإيرانية للسلطة...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
MAMOKURDA@GMAIL.COM
[1]