فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه-الجزء الأخير
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 4832 - #09-06-2015# - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لا يستبعد مستقبلا، في حال توسع (فتوحات) المنظمة الغريبة المنادية بالدولة الإسلامية (كما توقعها جدلاً الكاتب العامودي) ظهور عصر الخلافة الرابعة أو الخامسة الإسلامية، ويعترف بها دول الخليج قبل إيران، وإيران قبل تركيا، ويفتحون سفاراتها بعلمها الأسود المنبوذ حالياً، ويقبلونها، لحملها أسمي الله ورسوله (مثلما قبلوا علم صدام حسين، لوجود أسم الله، ولم يتجرأ أحد على رفضها، علماً أنها تمثل دولة صدام حسين وجرائمه) وتصبح دولة إسلامية سلفية، تنضم إلى مجموعة الدول الإسلامية أل 57 كعضوة متميزة فيها، قد تقودهم، وتطالبهم بالبيعة. ولا يستبعد أن يكتبوا عن قادتها وعن تاريخها مستقبلا، وعن رؤيتهم، بعض الكتاب، وأن يذكروا الدولة الإسلامية بفتوحاتها، وكيف قضت على الكفار والمرتدين بيد من الحديد ودعم من الله ومجاهديه، وطبقت الشريعة بنصها، وأنهت كل من عارض الإسلام ونهوض دولتها! وكيف أعادت الخلافة الإسلامية. كما ولا يستبعد تذكيرهم بأنهم كانوا يشكلون جيش إسلامي وطني ضد القوات الكردية الذين كانوا يهجرون المسلمون العرب من مناطقهم، مثلما يضخون إلى الإعلام العربي والعالمي اليوم القوى المعارضة العروبية الإسلامية وبدعم من القوى الإقليمية المعادية للكرد. أليس معظم صفحات التاريخ مكتوبة بهذه الطرق وبيد الأقوياء والطغاة.
من الأهمية بمكان، التذكير بأنه للكرد دور في هذا الصراع، تدنى وتعلى مكانتهم في هذا الخضم، حسب حاجة الدول الكبرى إليهم، أو قدرة الكرد، ما بين التشتت والتقارب، في فرض وجودهم على الأحداث.
فجنوبها الفيدرالي، تتغاضى عن كردستان الكلية، تكافح جاهدة للحصول على اعتراف شكلي بكيانها، والحصول على عتاد عسكري ثقيل لتدافع عن ذاتها في حال وجهت إليها داعش، كما حصل قبل سنة، وهي من الاحتمالات التي لا تغيب عن البال، والدول المستعمرة لكردستان ستدفع بها عاجلا أم آجلا، وعلينا ألا ننسى أنها منظمة إسلامية قومية عروبية بعثية في كثيره، تتغطى تحت جلباب الخليفة الإسلامي، وحكومة الإقليم الكردستاني، ستدرج كعدوة قومية دينية، لذا فأنها لن تستطيع أن تصل إلى مبتغاها، بدون تحقيق بعض الضروريات:
1- تشكيل وحدة متمكنة في الداخل، بأقل الخلافات، على السلطة، وتتقارب في المبتغى.
2- إقناع أمريكا وأوروبا بأنها ستحارب المنظمة إذا دعيت لها، أو ما يتطلبه أجندات تلك الدول. فالعديد من السياسيين في إدارة أوباما يصرحون بشكل مباشر وصريح، أن الكرد لن يحاربوا داعش خارج جغرافيتهم، بل سيدافعون عن ذاتهم وليس كما تطلبه دول الحلفاء، لهذا فالأسلحة التي ستقدم إليهم ستخدم كردستان فقط، وليس الجيش المرسل للحرب نيابة عن الجيش الأمريكي.
أي عمليا لا يزال الاعتراف بالكيان الكردي في الإقليم وقضيته غير دارجة على المستويات المأمولة، رغم أنها تناقش وتطرح في هيئات دبلوماسية وسياسية أخرى خارج إدارة أوباما، ومعظمها في حلقات السياسيين الجمهوريين، ولا شك لهم تأثير ما على مجريات الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط.
غربي كردستان، ستبقى معرضة للكثير من الأخطار، والانتقادات ستتفاقم، بسبب الخلافات بين الأحزاب السياسية، وسيطرة طرف دون آخر على مقاليد الأمور، المقتدر عليها بمساندة دعم من الهلال الشيعي، وبشكل مباشر من سلطة بشار الأسد، وعزل القوى الكردية الأخرى، ستبقيها ضعيفة ولن تتمكن من الاستمرار بعد زوال السلطة السورية، وهناك الكثير من الأسئلة والشكوك في معظم مجريات الأحداث، والمنطقة الكردية هنا ستبقى تحت خطر هجمات داعش أو غيرها من المنظمات الإسلامية التكفيرية مستقبلا، وبسند مباشر من بعض أطراف المعارضة العروبية الإسلامية، المدعية مسؤولية الثورة سياسيا، وهي لا تختلف عن دعم سلطة بشار الأسد لها، وبنفس النهج البعثي وأدواته، ولو اختلفت الطرق، لذا لا بد من تعديل شامل في الاستراتيجية الجارية في غربي كردستان.
هاتين المنطقتين، أكثر عرضة لخطر المنظمات التكفيرية العروبية الإسلامية، من بين أجزاء كردستان الأربعة، فعلى الأحزاب الكردستانية المسيطرة الاقتناع بأنه لا قدرة لهم في مواجهة الخطر على المدى الطويل، وبلوغ الغاية الوطنية -القومية بدون:
1- شراكة كردستانية، ولا يعني كردية فقط، بل الشعوب المتواجدة في كردستان، بينهم الإيزيديين، والعشائر العربية والتي تشترك والكرد في المصير، ومعهم الطائفة المسيحية بكل مذاهبها.
2- محاولة تضيق الخلافات فيما بين أطراف الحركة الكردية وأحزابها، إلى أدنى سوياتها.
3- خلق جبهة عسكرية مشتركة، فالجيوش يجب ألا تكون عقائدية، وألا تنتمي إلى حزب أو إيديولوجية، بل تكون هدفها الدفاع عن الوطن وتحت راية الوطن.
4- تبذل الحركة الكردية بكل أطرافها جهدا دبلوماسيا، لدمج أو تقريب مصالح الكرد مع مصالح الدول الكبرى في الشرق الأوسط.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]