فتوحات الخليفة البغدادي وخلفائه-الجزء الأول
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 4826 - #03-06-2015# - 08:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
كالعاهرة، تعرض داعش خدماتها، تبيعها لكل من يدفع، تخطط لمستقبل ولغاية ما، وتعد ذاتها مجاهدة، جيش يتبع أساليب المرتزقة في تعامله مع السلطات الإقليمية، لا يحدها البعد الطائفي أو المذهبي، أو القومي ولا الإيديولوجي، والقول هنا لا تنحصر في عاهرة، حيث الحواء، ولا في دونية سلطات دول الشرق الأوسط الأكثر عهرا، والقوى التي تخدم أجندات الدول الإقليمية والدولية، تجتمع هذه الصفات حصرا في (الدولة الإسلامية) دولة الخلفاء البغداديين القادمين، ورثة الخليفة الحاضر، حيث حيرة الباحثين والمعلقين السياسيين، في خلفيته الثقافية والسياسية، الممزوج ما بين البعثي الصدامي إلى الإسلامي التكفيري العروبي، والمنظمة التي يترأسها، وتقودها مجموعة متنوعة مفاهيمها وغاياتها، وخلفياتها الثقافية والسياسية، الحاضنة لقدرات متعددة السويات، من خبراء عسكريين، معظمهم جنرالات البعث السابق(الصداميين) أصحاب خبرة طويلة في حروب العراق مع إيران وكويت والكرد ودول الحلفاء، وعلماء في الفقه الإسلامي، الدامجين للمفاهيمهم التكفيرية مع الغايات القومية العروبية بتأويلات ذاتية لنصوص دون أخرى.
منظمة هشة وضعيفة في مناطق، تستخدم حروب مشابهة لحرب العصابات، وإجرامية عنيفة وقوية في أخرى تعمل لتكوين بنية الدولة، تتراجع في جبهات، وتكسح أخرى ب (فتوحات إسلامية) وعلى محاور متنوعة، تنهزم أمامها جيوش العراق وسوريا، مخلفة ورائها أكوام من الأعتدة والأسلحة الثقيلة والمتطورة، أو تتخلى لها عنهم، ويتحير المراقبون. خلف هذه الانتصارات والهزائم المتناقضة تكمن قدرات أخطبوطيه، وبألوان حربائي على بيع ذاتها لكل الأطراف الإقليمية والدولية، بخدمات عاهرة، لكل من يدفع لها. تقتل من يتوقع المشاهد على أنهم خدمها وجنودها ومحتضنيها، وتحتضن من يتوقع أنهم أعدائها. بناءً على الواقع الدولي والمنطق العقلي، مهما توسعت هذه المنظمة وسيطرت، فلن تتمكن من إقامة الدولة الإسلامية المأمولة، وما يجري من الإجرام والقتل الشنيع للإنسان، ليست لبناء تلك الدولة، بل هي خدمة لأجندات السلطات الشمولية في هذه المرحلة الزمنية ضمن المنطقة.
توسعت داعش (الدولة الإسلامية) على أعتاب تضاربات إقليمية سياسية، وتطورت على خلفية صراعات مذهبية، وترسخت على بنية عنصرية قومية عروبية ودينية إسلامية. تنبأ الكاتب (زاغروس عثمان) من مدينة عاموده، قبل أكثر من سنتين، بأن هذه المنظمة قد تتمكن من اجتياح ما لا يتوقع، وقد تحير الدول الكبرى وتهزم جيوشها! فهل كان يتنبأ من جنون عاموده؟ أم أنها كانت رؤية لمستقبل لم ينتبه إليها المحللون حينها، أم أن الدول الكبرى والإقليمية كانت بأمس الحاجة لمنظمة عاهرة كداعش، لتطبيق أجنداتها في المنطقة، ومنها وقف اجتياح ثورات الشرق؟ وقفت على مقالته حينها وقارنتها بالفتوحات الإسلامية الأولية أيام كان خالد بن الوليد يفتح الأمصار بألاف قليلة من رجال الصحراء، والمسلمين، قضى بهم على أكبر إمبراطوريتين، ولسنا هنا بصدد دراسة عوامل النخر المسبق في جسم الإمبراطوريتين، والمسهلة لانتصارات المسلمين حينها، بل نبحث في النتائج آنذاك وما قد سيحصل اليوم في الشرق الأوسط.
فتحت داعش مدينة الرقة، أو حررتها من الجيش السوري الحر، كما يقولها قادة الدولة الإسلامية! وقيل حينها أن السلطة السورية ساندتها ودعمتها بعد أن تخلت عن أسلحة اللواء 93 المدرع، وفوج الميليبية (دبابات) على بنية استراتيجية الهلال الشيعي وأجنداتها في المنطقة، لتملك القوة الكافية لطرد الجيش الحر من مدينة الرقة. بعدها بسنة فتحت الموصل، بعد أن تخلت عنها طواعية الجيش العراقي، مع عتاد أربع فرق كانت قد تشكلت وجهزت حديثا وبأسلحة أمريكية ثقيلة ومتطورة، تأكدت حينها ومن عدة جهات، أن المالكي والهلال الشيعي كان وراء الاستلام والتسليم، على خلفية التمهيد لمهاجمة إقليم كردستان. وجهت، قبل مهاجمة كردستان، لتعبث بشنكال، حيث الملة الإيزيدية والأقلية المسيحية في المنطقة، وبمساندة مجموعات واسعة من العشائر السنية العربية المحاطة بالمنطقة، خلفت ورائها مجازر وأهوال تندى لها جبين الإنسانية، تحت شعار تطبيق النص الإلهي، أمام صمت شبه تام للدول الإسلامية السنية في المنطقة، وكانت وراء الاجتياح وطرقها غايات، تهم الدول الكبرى، إلى جانب أجندات القوى الإقليمية ضد الإقليم الفيدرالي، والشعب الكردي عامة.
الدولة الإسلامية أسماً، والقومية العروبية الإسلامية فعلاً، مثلما تقدم خدماتها لدول الخليج وتنفذ أجنداتها في المنطقة، كحماية لعروشها من الثورات، تعرضها للهلال الشيعي، وعلى رأسها نظام بشار الأسد، وتحافظ على سلطته، والتي كادت أن تطيح بها الثورة السورية السلمية في بداياتها، ولا تزال تمدها بتلك الحجة أمام العالم، على أن بديلها(داعش) هذه العاهرة الشريرة المنبثقة من مستنقع الأوبئة الفكرية. والدول الكبرى تعبث بالمنطقة من خلالها، كرد فعل على ما فعلته أئمة ولاية الفقيه وسلطة بشار الأسد وبعث صدام حسين وقواته الخاصة إلى جانب الحرس الجمهوري، المتشكلة حينها من عدة مجموعات، حسب تقارير عدة مراكز بحوث استراتيجية مختصة بالشرق الأوسط، منها:
1- القوات المسماة بأبنائه والبالغة عددها عند زواله ب 15 ألف، الذين جمعهم من مجمعات الأيتام، وأبناء الشهداء، بتربية خاصة منذ الصغر على تقديس الرئيس والبعث.
2- مجموعات المتطوعين الأجانب الذين جمعهم بعد عاصفة الصحراء الأولى عام 1991م بعدد بلغوا حين سقوطه ب 15 ألف وأكثر.
3- وكذلك المجموعات الخاصة لحراسته بعدد قاربوا 10 آلاف جندي.
4- إلى جانب المجرمين والفارين من العدالة الذين جندهم البعث وسلطتي بشار وأئمة ولاية الفقيه للعبث بالعراق، وكان يتم تدريبهم في معسكرات خاصة ضمن سوريا وإيران وأفغانستان قبل إرسالهم إلى العراق تحت حجة مواجهة الاحتلال الأمريكي.
ولم تنقطع علاقات جنرالات صدام مع هذه المجموعات...
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]