الخطة السرية لتدمير كردستان
#محمود عباس#
الحوار المتمدن-العدد: 4600 - #11-10-2014# - 11:28
المحور: القضية الكردية
كوباني، بداية مرحلة القضاء على الوجود الكردي، بناءً على معلومات دقيقة، ومن أروقة سياسية عالية، بلغنا أن هناك مؤامرة بين الدول الإقليمية، المستعمرة لكردستان، للقضاء على الحلم الكردي المتداول بقوة في خضم هذه الثورات، متناسين أن الأعداء لا يزالون على متانة روحية فيما بينهم، عندما تطرح القضية الكردستانية، ورغم أن هذه المعلومة حقيقة مطلقة ومعروفة عند الجميع، لكنها لم تحفز القوى الكردستانية على خلق جبهة مشتركة مناهضة، بل تفاقمت خلافاتهم الحزبية، وطمسوا القضايا الوطنية، ونقصد هنا قنديل وهولير وسليمانية، وخلفهم أحزاب غرب كردستان.
وما وصلنا من المعلومات، تؤكد أن الاستراتيجية التي كانت مطروحة في السنوات الثلاث الماضية، قد بدأ الأعداء ينفذونها، والكرد لا يزالون على خلافاتهم، ويهاجمون بعضهم إلى حد تدمير الذات، ونقول وبدون استثناء، أن الجميع محكوم عليه بالإعدام، والكل في فوهة مدافعهم، إن بقيت الجبهة الكردية مهترئة، وستكون كذلك بدون الأخر، ولا يهم من سيكون الأخر.
المعلومات من مصادر موثوقة، وهي تعكس الكثير مما استنتجها البعض من كتاب الكرد سابقا، وقد ذكرتها في أغلب شبكات الإعلام، ولعدة مرات، لكن ما نعرضه الأن ليست تحليلات ولا استنتاجات سياسية، بل وقائع.
عزت الدوري كان في السعودية، بطلب حكومي، وبعلم الأمريكيين والروس، أجتمع مع سياسيين من الخليج، وبحضور سياسيين أتراك، واتفقوا على دعم داعش بشكل غير مباشر، إلى مرحلتين: الأولى، متفق عليه طرفي الصراع على سوريا:
1- يجب احتلال كوباني وما حولها، تحت مخطط أن الهجوم هو للقضاء على سلطة أل ب ي د في المنطقة، والمساندة لسلطة بشار الأسد، لتمتد نحو احتلال المنطقة الكردية في غرب كردستان، وعلى طول حدود تركيا، تحت نفس الذريعة.
2- القضاء على قوات الحماية الشعبية، والعمل على عدم توسع القوة العسكرية في غرب كردستان.
3- وفي الفترة نفسها ستقوم السعودية، وتركيا أيضا، بتدريب قوات مغايرة للجيش الحر تحت مفهوم المطلب الأمريكي، تدريب قوات معارضة معتدلة، وعند التجهيز، ستبدل داعش بمجموعات أخرى، وضمنهم البعث مع خليط من تيارات إسلامية ذات نهج ليبرالي، وستكون نفس القوات المعتدلة مع المجموعات المتبقية من داعش والبعثيين، مجهزة لتحل مكان سلطة بشار الأسد، بعد أن تكون قد استولت على المنطقة الكردية، وتحتاج إلى سنة وأكثر، ولهذا فإعلان أمريكا بأن الحرب ضد داعش ستطول إلى سنوات، لتهيئة البديل.
4- وفي الفترة نفسها ستضع تركيا خطط تعجيزية مؤقته، وإن قبلت فستسهل العملية، وهي إقامة منطقة عازلة على طول الحدود السورية، بدون مشاركة الكرد، ودون تذكير بإلغائهم إعلاميا، وتحت غطاء حل قضية المهجرين، وبمساندة دول الحلفاء، ومن ثم أسقاط نظام بشار الأسد، بالقوة الإسلامية السنية المتكونة تحت اسم المعارضة المعتدلة.
وهاتين النقطتين الأخيريتين ترفضهما إيران وروسيا، لكنهما متفقتان بالقضاء على السلطة الكردية في المنطقة.
والمرحلة الثانية:
1- تغيير داعش كمنظمة كانت تخدم الهلال الشيعي لتتحول إلى قوة سنية مندمجة مع البعث والقوى المدربة من قبل الأمريكيين. وما يذكره قيادة الناتو والبنتاغون على أن قضية المنطقة العازلة لم تبحث فيها، صحيحة، لكنها كانت مدرجة على طاولة المباحثات ولم تكن هناك اتفاق على النقاط العملية والقوات التي ستكون المسيطرة على المنطقة، تحت اسم الناتو أم قوات تركية وناتو مساندة.
2- وعلى هذه هناك أتفاق مع السلطة السورية والهلال الشيعي التضحية بسلطة أل ب ي د في غرب كردستان، وهو ما لم ترفضه أمريكا ولا روسيا، والتي تندرج ضمن عملية القضاء على الحلم الكردي بشكل عام، والخطوة القادمة بعد غرب كردستان هي عملية إزالة إقليم كردستان العراق، والتي بحثت فيها بين القوى الإقليمية، وبينهم روسيا، برفض أمريكي حتى الأن، لاعتبارات خاصة بالعراق وإيران، ولم تعترض عليه روسيا، ومتفقه عليها السعودية وتركيا وإيران وسوريا، ولهذا فكانت تركيا ضد أي تدخل من قبل إقليم كردستان، لمساندة كوباني، والحجج كانت متنوعة.
لم تنضم تركيا في البداية إلى الحلف المتشكل لمحاربة الإرهاب، تحت ذرائع واهية، وفي الواقع انتظرت إلى أن تقوم داعش بمهمتها المكلفة بها، لتكون غير ملزمة بين أعضاء الحلف على ردعها، وهي تدرك تماما وكذلك البنتاغون أن الضربات الجوية الأمريكية غير جادة على إيقاف الزحف الداعشي على كوباني، ويعلمون أن القوة الأرضية التي تستطيع إيقاف الزحف، هي القوات الكردية شريطة أن تدعم بالأسلحة الثقيلة والنوعية، وللعلم حتى الأن لم تتلقى الإقليم الفيدرالي الأسلحة النوعية التي تمكنه من دحر داعش، وخاصة من أمريكا، في الوقت الذي تنقل داعش معدات ثقيلة من عدة مناطق ومدن حول حلب والرقة وتحت أنظار الجميع، لاحتلال كوباني، ودون أن يتعرضوا إليها بالكثافة المطلوبة، ومقارنة بما كانت تقوم به أمريكا من طلعات جوية وصاروخية يوم أسقاط صدام، والتي بلغت 2500 غارة يوميا لم تبلغ اليوم بأكثر من عشر ضربات على كل جغرافية سوريا، علما أنه في المنطق الدولي والأمريكي، داعش منظمة أخطر بكثير من وجود صدام حسين وقواته على مستقبل المنطقة والعالم الأوروبي وأمريكا ذاتها.
القضية الكردية تدرس وبدقة، حتى ولو كانت عملية إعادة رسم جغرافية المنطقة من جديد مطروحة وبثقل، لكن كردستان تظل مهمشة ثانية، وتبقى هنا مدى القدرة الذاتية الكردية للوقوف في وجه مخططات القوى الإقليمية هذه، وفرض ذاتهم كطرف مهم في المعادلة الدولية، وهي مرتبطة بكليته في مدى رغبتهم على تأجيل خلافاتهم إلى زمن قادم.
للأسف الصراع الكردي-الكردي يتصاعد، ومعظمه لعدم وجود رغبة صادقة في التحرر من الانتماءات الاستراتيجية للقوى التي تقرر مصيرهم. وهم بهذا النهج يعدمون الأمل على إمكانية ظهور أي جبهة متمكنة لمواجهة القادم الأبشع، خاصة مع تفاقم درجات التخوين بينهم. فلا يزال أعضاء أل ب ي د يخونون الكل، والأخرين يخونون أل ب ي د وتعاملهم مع السلطة السورية المتضحية بهم في أحلك الظروف، تحت حجة عدم قدرتها على تغطية المنطقة المحرمة عليها الطيران.
ندين وبشدة الحرب الإعلامية، المتفاقمة بين طرفي الصراع الكردي، والتي جرفت معها شرائح عديدة من الكتاب والمثقفين، وتمثلهم الأقنية التلفزيونية التابعة للأحزاب، كما ونطالب إدانة البعض، إما بالتقاعس من جهة، أو بالمسؤولة عن الواقع الذي بلغته المنطقة من جهة أخرى. ونطالب بالبدء بتطوير القوى العسكرية المتواجدة لتمثل قوة كردستانية تمثل الشعب الكردي في غرب كردستان، وعلى الجميع الاشتراك في هذه القوة وبدون فروض وشروط سياسية وقيود، أو رايات حزبية، وتحت راية كردستان، على أمل أن تمثلهم قيادة مشتركة في المستقبل، وتكون هذه مقدمة لتحالفات كردية أوسع لمواجهة الخطر المتفاقم في المنطقة، وإلا فعلى كردستان السلام وأمل لفرصة أخرى في القرن القادم.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
[1]