من هموم الدياسبورا : الكرد السورييون في المانيا
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 7818 - #07-12-2023# - 21:03
المحور: المجتمع المدني
من هموم الدياسبورا :
الكرد السورييون في المانيا
يربو تعداد الجالية الكردية في المانيا على المليون شخص بحسب الاحصائيات التقديرية ، وقد يكون نصف هذا العدد من الكرد السوريين ، الذين توافدوا خلال العشرة أعوام الأخيرة تحديدا بعد اندلاع الثورة السورية ، وكاية جالية اجنبية في البلدان الأوروبية فان الجالية الكردية السورية تواجه معضلات – الاندماج – كافراد ، وكعائلات في مختلف المناطق ، والمدن الألمانية .
قضايا الاندماج المستعصية كظاهرة كونية عجزت عن إنجاز الحلول الجاهزة لها مراكز البحث العالمية ، ومؤسسات الأمم المتحدة ، والقارة الأوروبية العجوز بجميع دولها كونها خط الدفاع الأول الذي اخترقتها الثقافات المتعددة ، وموجات الهجرات المليونية ، وجوانبها الواسعة ذات الطابع الكوني التاريخي بعصورها الكولونيالية ، واستعباد شعوب العالم الثالث ، ووقف تطورها الطبيعي ، وسلب خيراتها والتي تظهر الان على شكل العالم الغني والفقير ، والمبتلين بالحروب الاهلية والاوبئة مقابل عالم آخر في رغد العيش ، بالإضافة الى عوامل أخرى مثل صراع الهويات ، وسبل تعايش الثقافات ، واشكالية الجدل بين القديم ( الأصيل ) العصي على التغيير ، والجيل الناشئ الأكثر قبولا للتجديد ، ولاتنتهي بمراسيم التعازي التي لاتعدو كونها حالة إنسانية بمثابة قشرة من الجسم الأكبر.
لان طرح قضايا الاندماج وحتى الجوانب الصغيرة منها يحتاج الى دراسات ميدانية ، وابحاث نظرية متكاملة ، تستلهم تجارب الشعوب الأخرى ، ولا تختزل بعبارة ( لقاء تشاوري ) الذي يلتئم عادة من اجل التحاور حول قضايا المصير مثل إعادة بناء الحركة الكردية السورية على سبيل المثال لا الحصر ، وعلى ضوء تحضيرات مسبقة لمشروع البرنامج ، وخارطة طريق ، ووثائق تتناول مختلف تشعبات ظاهرة او قضية او مسالة الاندماج ، ومعرفة مضامين القوانين السارية من البلدان المتلقية ، وفرز العناصر القابلة للدمج لدى المهاجر او اللاجئ الكردي وفقا للقوانين المرعية ، من أخرى غير قابلة وتحتاج الى وقت أطول لاسباب قومية ، واجتماعية ، وثقافية ، وهنا يجب التميز بين لاجئ مؤقت جاء بسبب الحروب وسيعود مجرد حصول الاستقرار ، وبين آخر قرر الاستيطان ويحتاج الى الاندماج الكامل لتنظيم الحياة الشخصية ، والعائلية ، والمعيشية .
ولان قضايا الاندماج تلك كبيرها ، وصغيرها لايمكن تداولها على منصات خطابية جماهيرية فضفاضة ، والخروج بنتائج عملية ، بل ان ذلك يتطلب بداية جهودا فكرية معرفية في الطرح والتحليل ، وتقديم الإحصاءات ، وصولا الى أدوات التنفيذ ، وانتهاء بالنتائج .
ولان شرط النجاح في فهم قضايا الاندماج والوصول الى نتائج مرضية ، هو ان يتم تناولها من خلال مفكرين ، ومثقفين مستقلين غير مرتبطين بالسر والعلن بجهات حزبية ، وبمعزل عن تاثيرات الأحزاب الكردية السورية ، التي قد تتحمل قدرا كبيرا من المسؤولية في موجات الهجرة نحو أوروبا في العشرة أعوام الأخيرة ، والمستمرة حتى الان ، وهي النسبة الأكبر قياسا بالموجات السابقة ، وتتوفر شواهد ، وقرائن موثقة بهذا المجال ، يمكن طرحا بالوقت المناسب .
ولان الانقسام سيد الموقف بالوطن ، عاموديا ، وافقيا ، والكرد انقسموا شيعا واحزابا ، والحركة السياسية الكردية مفككة ، ويفتقر الكرد السورييون الى مرجعية واحدة ، وخطاب سياسي واحد ، وحتى ثقافة سياسية واحدة ، ولان الفئات المتعلمة او المثقفة افتراضا ، تحذو حذو الأحزاب في اتحاداتها المنقسمة على نفسها بل وبكل اسف تتبع المراكز الحزبية وبعضها امية ، فقد وصلنا الى مرحلة من التردي ينتظر فيها – المثقف – ليمنحه الحزبي الرضى ، ويركض فيها – المثقف – ويهرول نحو الحزبي بدلا من ان يكون العكس ، والامر نفسه ينطبق على الساحة الكردستانية عموما ، وهنا اسرد للقارئ هذه الواقعة : عندما اخبر مدير الشرطة الفرنسية الرئيس ديغول بانه سيتم القبض على الفيلسوف جان بول سارتر لانه خرق القوانين بانتقاداته فاجابه ديغول : سارتر هو فرنسا فهل ستقبض على فرنسا ؟ للأسف مازلنا نفتقد هذا المستوى المرموق ، ولكل ذلك ليس هناك في الخارج وفي الدول الأوروبية تحديدا من يعبر عن المجموع او حتى جزءا صغيرا من المجموع ، او من يمثل شرعيا ديموقراطيا ، او من بمقدوره تنفيذ قرارات وتوصيات على المهاجرين الكرد السوريين حتى لو كانت حول أمور هامشية .
هناك أولويات أخرى قابلة للتحقيق
علينا جميعا من افراد ، ومجموعات ، وتعبيرات ثقافية ، واجتماعية ، وفنية محاولة العمل التوعوي الإعلامي لتحسين شروط حياة ، ومعيشة ، ومستقبل المهاجرين الكرد السوريين كل في مكانه ، ومنطقته ، والعمل على تحسين صورتهم لدى الدولة المضيفة ، والخطوات الأولى بهذا الاتجاه تبدأ :
أولا – انقاذهم من وصاية الأحزاب الكردية السورية مادامت منقسمة ، ومتحاربة ، والتي ثبت فشلها منذ أعوام ، وابعادهم عن الصراعات المصلحية بينها ، وقطع الطريق على نقل ذلك الإرث البغيض الى الدول الأوروبية في بث الانقسام ، واثارة الخلافات التي لاناقة للكرد فيها ولاجمل ، ولو تم ذلك سيعم التوافق ، والتصالح ، والتفاعل الإيجابي بين صفوف بناتنا وابنائنا في المهاجر ، وسيتحولون الى عامل خير ووئام ، وسيكون لهم تاثير إيجابي في مسالة إعادة بناء حركتنا الكردية السورية في داخل الوطن وخارجه .
ثانيا – قطع الطريق على متفرغي ، وموظفي الأحزاب الكردية السورية في أوروبا مادامت متمحورة ضد بعضها البعض ، في محاولاتهم استغلال المناسبات القومية مثل العيد القومي – نوروز - ، ومنعهم من استثمار شعائر ومناسبات – التعازي – لدعايات حزبية ، والكشف عن العناصر الحزبية التي تتسلل خلسة الى الجمعيات ، والتشكيلات المدنية الثقافية منها ، والفنية ، والإعلامية ، بغية حرفها عن مسارها الصحيح ، وتجييرها للمصالح الحزبية .
ثالثا – ماينطبق على الأحزاب والجانب السياسي ، يشمل التعبيرات الثقافية غير المستقلة في أوروبا أيضا التي تتبع هذا الحزب اوذاك بالسر والعلن .
رابعا – اعود للقول : هذه ليست دعوة لمحاربة العمل المنظم السياسي ، والثقافي ، او مقاطعته ، بل تأكيد على التعلق به ، فلا خلاص لشعبنا ، ولاطريق للحفاظ على ثقافته ، ولاسبيل لدعم واسناد مهاجريه في بلاد الاغتراب ، الا بالعمل التنظيمي الديموقراطي الخلاق وبكل الوسائل المتاحة ، ولكن لدينا جميعا وعلى عاتقنا مهام قومية ، ووطنية عظام ، قد تكون استثنائية في هذه المرحلة بالغة الخطورة ، وهي استرجاع سلاحنا الوحيد في الكفاح واعني وسيلة نضالنا المجدية وهي حركة وطنية كردية سورية سليمة ، موحدة ، شرعية متصالحة مع نفسها ، وشعبها ، جامعة لكل الطبقات ، والفئات ، والتيارات الفكرية والسياسية تتوافق مع شروط المرحلة التي يجتازها شعبنا ، ووطننا .
[1]