القضية السورية في ذروة التجاذبات الخارجية
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 7035 - #01-10-2021# - 18:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
اعيدت الحيوية الى آليات بحث الملف السوري من جديد بعد لقاء القمة الامريكية – الروسية في جنيف ، وتسارعت الخطى بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ، حيث اجتمع ممثلون مختصون بقضايا الشرق الاوسط عن روسيا، وامريكا بسويسرا لوضع اللمسات التوافقية حول مآل الحالة السورية عشية انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة التي يتلاقى فيها عادة رؤساء الدول ويبحثون المسائل ذات الاهتمام المشترك .
الانطباع السائد من مجمل المباحثات ، واللقاءات ، والتصريحات ، يشير الى تلاقي مصالح القوى الخارجية المعنية بالملف السوري حول توافقات مشتركة ، وحصول شبه اجماع إقليمي ، ودولي بضرورة إيجاد حل للمشكلة السورية ، وقد شكل التوافق الروسي الأمريكي حجر الزاوية في ذلك الاجماع ، وبما ان واشطن تحت إدارة الرئيس الديموقراطي – بايدن – في طور إعادة النظر بمجمل الاستراتيجية الامريكية في العالم مابعد أفغانستان ، والتخفيف من وجودها العسكري بالشرق الأوسط ، والتوجه صوب بحر الصين ، ومواجهة النفوذين الروسي ، والصيني ، والانشغال بمشاكل حلف الناتو ، ومعالجة الانهيار الحاصل مع الاتحاد الأوروبي ، فمن تحصيل حاصل ان يترك الملف السوري في عهدة الروس ، وهم أصلا محتلون ، ومسيطرون على النظام منذ 2015 ، ويعادون الثورة السورية منذ اندلاعها .
قضايا الشعب السوري غائبة
ماتجري من ترتيبات ، وتوافقات ، بين القوى الخارجية المعنية بالملف السوري ، تسير من دون مشاركة سوريي المعارضة ، وبمعزل عن إرادة السوريين عموما ، فالثورة السورية المندلعة منذ عشرة أعوام ، وقدمت مئات آلاف الضحايا ، وملايين المهجرين ، والنازحين ، إضافة الى الدمار ، والخراب ، لم تحقق أي من أهدافها في التغيير الديموقراطي ، وإزالة الاستبداد ، وتحقيق السلام ، وذلك بسبب التدخلات الروسية والإيرانية وميليشياتها لمصلحة النظام ، وتخاذل الأطراف الأخرى ( من أصدقاء الشعب السوري !) ، وتراجع داخلي ، بارتداد اطراف عديدة من المحسوبين على الثورة والمعارضة ، خصوصا من جماعات الإسلام السياسي ، والتيارات السياسية الانتهازية .
ولان الطرفين الأمريكي ، والروسي ، وكذلك معظم الأطراف الأخرى من النظام العربي والإقليمي الرسمي ، بصدد تحقيق التوافقات المرسومة شاء من شاء ، وابى من ابى ، فانهم جميعا ومن دون استثناء سيحاولون الكشف عن عورات كل القوى السورية وخصوصا المعارضة الرسمية لاظهارها امام العالم كجماعات هزيلة لايركن اليها ، لذلك أحضروا الى نيويورك ، وواشنطن ، كلا من وفدي – الائتلاف – المعارض و – قسد – الموالي المدعي بمعارضة النظام ، وهم على بينة من امرهما بانهما سينشغلان باظهار سيئات بعضهما البعض ، ونسيان القضايا الرئيسية .
لم يسمع أحدا أن وفد – الائتلاف – قدم مشروعا متكاملا مقبولا من المجتمع الدولي ، من أجل حل القضية السورية ، والتعبير عن إرادة السوريين ،لانه ليس مستقلا ، ويحمل اجندات الآخرين من الدول المانحة ، كل ماقيل وتردد تركز على تكرار الشكوى ، والمعاناة ، وتحسين ظروف اللقاء مع. وفد النظام بجنيف ، هذا إضافة الى التسابق في أخذ الصور التذكارية كسبيل دعائي لمصلحة أحزاب أعضاء الوفد ، ولم يسمع أحدا ان العضوين الكرديين في هذا الوفد قدما مايفيد القضية الكردية بل كان التركيز على شن التهجمات على وفد – قسد – و ب ي د - .
بدوره وفد – قسد – لم يقدم مقترحا مفيدا للقضية السورية ، بل كان همه الدعاية ل – ب ك ك – وسرد بطولاته بمواجهة – داعش – والسخرية من – انكسي - ، وسرد الاضاليل المتناقضة حول مشاريع وهمية ، دعائية بشأن التحالفات الخيالية ، والاستعداد الفضفاض للتعاون مع الكل ، والمبالغات التي ليس لها حدود ، أخيرا لم تكن القضية الكردية حاضرة لدى أي منهما خلال اللقاءات ، والمناقشات .
وقد سبق ذلك تحركا سريعا من جانب ملك الأردن ، الذي زار روسيا ، وقبلها واشنطن ، وحمل معه خطة تقضي بالتخفيف عن الضغط على النظام السوري ، وفك الحصار عليه ، واعادته الى الجامعة العربية ، ويترد انه لم يكن ليقوم بهذا الدور لولا ضوء اخضر امريكي – إسرائيلي – إيراني – روسي ، وتمني سوري لان مسعاه يصب أولا وأخيرا لمصلحة بلاده الاقتصادية ، خصوصا وقد اعقب تحركه افتتاح خط الحدود الدولية مع سوريا ، بعد زيارات متبادلة للمسؤولين العسكريين ، والامنيين بين البلدين .
كما يظهر فان الملك الأردني كان اكثر المسؤولين العرب وضوحا بهذا الشأن ، وبلاده قدمت الكثير لمئات آلاف اللاجئين السوريين ، كما قدمت التسهيلات للمعارضة السياسية السورية في السنوات الأولى من الثورة المغدورة ، وفي حقيقة الامر فان معظم الدول العربية اما نسجت علاقات مع نظام الأسد او بالطريق الى ذلك ، من الجزائر ، وليبيا ، وتونس ،ومصر ، والعراق ، والامارات ، ولبنان ، وغيرها .
القمة الروسية التركية
اللقاء الذي تم بين الرئيسين الروسي ،والتركي ، في سوتشي ، لم يكن اعتياديا ، فقد كان اكثر من نصف توقيت اللقاء ( ساعتان ونصف الساعة ) فرديا بينهما فقط بوجود المترجمين ، وهذا يعني مدى حجم الخلاف بين الجانبين ، والاهمية البالغة للقاء الذي وان لم يصدر عنه أي بلاغ او تصريح ، الا ان المراقبين يعتقدون رجحان كفة الجانب الروسي ، وتواضع قيمةاوراق الجانب التركي ، خاصة بعد ان رفض الرئيس – بايدن – لقاء الرئيس التركي في نيويورك ، وكذلك التوجه العام الذي كما اسلفنا سابقا ، بالانفتاح على النظام السوري ، من دون التشاور مع تركيا ، ووضعها امام الامر الواقع بقبول ذلك حتى لولم تكن راضية بسبب ماتعتبرها مصالح الامن القومي التركي في الحدود المشتركة مع سوريا .
بات من حكم المؤكد ان تركيا قدمت تنازلات لروسيا بخصوص منطقة ادلب ، وبعض الطرق السريعة بين المدن السورية ، ولكن لم يعلم بعد الثمن بالمقابل أي حجم التنازل الروسي حول منطقة شرق الفرات ، وشمال شرق سوريا ، ومسألة المناطق الأخرى التي تديرها جماعات – ب ك ك ، والمحاذية للحدود التركية .
بالمحصلة فان إرادة الأطراف الخارجية المعنية بالقضية السورية ، تصب في مجرى مصالح النظام السوري ، وتدفع جميع القوى بالداخل السوري الى الانصياع له ، وإعادة مناطق – سلطات الامر الواقع – الى كنف دولة النظام القائم ، باية طريقة كانت واولها الاندماج ، وتسوية الأمور جماعيا او فرديا على غرار ماجرى في – درعا – مهد لثورة السورية ، وذلك برعاية المحتل الروسي من خلال طاقم – حميميم – الذي تديره الاستخبارات الروسية .
من المؤكد ان كل السوريين مع استتاب الامن والاستقرار ، وعودة المهجرين، ولكن ليس بالطريقة المذلة التي تتبعها روسيا ، بل على أسس واضحة ، وثابتة ، تتم فيها الاستجابة لارادة غالبية الشعب السوري ، في زوال الاستبداد، وتحقيق التغيير الديموقراطي ، وحل كل القضايا وفي المقدمة القضية الكردية حسب ارادة الكرد السوريين الحرة. [1]