شعب واحد من دون حركة كردية موحدة
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 6752 - #04-12-2020# - 09:40
المحور: القضية الكردية
كرد سوريا الموزعون في مناطقهم الثلاثة الرئيسية الأصلية التي ننفرد كغالبية من الكرد وليس كلهم من دون النظم والحكومات المتعاقبة وكذلك المعارضة بتسميتها بكردستان سوريا ( عفرين – كوباني – الجزيرة ) بالإضافة الى من هم مقيمون بمدن كبرى مثل حلب ودمشق او بريف اللاذقية ومناطق مختلطة أو مهجرون بسبب الاضطهاد وضيق العيش أو نازحون مشتتون هربا من أهوال الحرب بين المدن والمناطق السورية ، كسكان أصليين لم يحتربوا يوما فيما بينهم ، ولم يتقاتلوا ، ولم تنشب بينهم كما في أجزاء أخرى من الوطن الكردستاني الاوسع حرب الاخوة ، لأي سبب كان هم في عداد الشعوب التي توحدها غالبية العلائم والشروط القومية المتعارف عليها وفي الوقت ذاته لاتجمعها حركة قومية سياسية واحدة .
عندما نطلق – حركة قومية كردية – لانوحي بذلك التعصب للقوم الواحد ولانخفي في طياتها أية نزعة عنصرية مؤدلجة تضمر الشر والعداء للقوميات الأخرى في الوطن السوري بل مجرد تشخيص موضوعي للحالة الكردية السورية التي وبسبب التجاهل وعدم الاعتراف الرسمي الدستوري والقانوني بوجوده وحقوقه الأساسية ذات الطابع القومي مثل الثقافة والهوية واللغة والتاريخ والجغرافيا منذ قيام الدولة السورية أصبحت قضيته مزدوجة التعريف والمهام من جهة وكأنها في مرحلة ( التحرر القومي ) أمام انجاز مهام قومية صرفة وهي التي تؤكد على الخصوصية الكردية ضمن سائر القضايا الوطنية العامة ومن الجهة الأخرى ومن حيث الواقع في مسار القوى المناضلة من أجل اسقاط الاستبداد والتغيير الديموقراطي وصولا الى سوريا الجديدة التعددية .
ازدواجية الحالة الكردية الخاصة تثقل كاهل المناضل الكردي السوري وتضاعف من مسؤولياته أمام قضيته القومية الفرعية ضمن القضية الوطنية العامة وكذلك أمام متطلبات التوازن بين معادلة الخاص القومي والعام الوطني وكيفية التوفيق بينهما بحيث لا تجرفه موجات المشاعر القومية الانعزالية المغالية ولا ينغمس في مستنقع – الكوسموبوليتية – والعدمية القومية ، وقد أثبتت تجاربنا أن المناضل الكردي الذي انطلق في حياته السياسية من آلام فقراء ومظلومي شعبه وطموحاته المشروعة وناضل سلميا من أجل الديموقراطية والمساواة وضد الشوفينية وعانى الكثير من الاضطهاد والعذابات هو الكردي الوطني الجيد المؤهل لخدمة قضايا الشعب السوري أيضا وهو من شارك ثورته ومن سيكون في مقدمة منقذي الحركة الوطنية الديموقراطية .
هذا الكردي الجيد يحب قومه وينشد الخير لبني عمومته في العمق الكردستاني بل يسعى الى مد جسور الصداقة والتعاون بين سوريا وجوارها الكردستاني وهو لم يحمل يوما أجندة خارجية على حساب مفاهيمه القومية والوطنية يعتز بشخصيته القومية المستقلة ويؤمن بحق تقرير المصير لشعبه ضمن سوريا الموحدة ولم يحمل يوما السلاح في وجه شريكه العربي والتركماني والارمني والمسيحي ولم يتعصب يوما لديانة ومذهب وطريقة ( الحركة الكردية السورية لم تظهر ضمنها تيارات إسلامية منذ نشوئها وحتى الان ) كما لا ينسى يوما وجود مكونات قومية أخرى في بلاده وحقوقها كما تراها حسب ارادتها .
في المشروع القومي – الوطني
من أهم الشروط في انجاز صياغة المشروع الكردي معرفة الواقع الراهن للمرحلة التي نجتازها وترك العديد من الشعارات والمصطلحات البالية وراءنا وتعريف علمي موضوعي لحركتنا وأهدافها القريبة والبعيدة ودورها على مختلف الأصعدة وماذا تمثل من طبقات وفئات اجتماعية والعلاقة الجدلية بين القومي والوطني وتفسير دقيق لظاهرة تكاِثر الأحزاب التي لاتتوفر فيها شروط بناء المنظمات المدنية السياسية ومدى مواءمة شعاراتها لشروط ومتطلبات المرحلة الراهنة .
وعلى درب المراجعة الشفافة وتصحيح الشعارات الفضفاضة والمصطلحات الخاطئة وإعادة النظر في مظاهر ووسائل غير مجدية يمكن الإشارة أولا الى التعبير الغامض والمضلل ( الامة الديموقراطية ) الذي اخترعه منظروا – ب ك ك – كمحاولة للحفاظ على ماء الوجه وتغطية تخليهم عن مبدأ حق تقرير المصير فالمصطلح غير معمول به نظريا وعمليا في تجارب الشعوب منذ الثورة الامريكية مرورا بالثورات الفرنسية والإنكليزية والألمانية وانتهاء بثورة أكتوبر الاشتراكية وثورات حركات التحرر وحتى الان ، ويستتبع ذلك مصطلح ( روزآفا ) وبالعربية – غرب – حيث لايحمل أي معنى تاريخي وجغرافي وقومي وماهو الا بمثابة التهرب والتضليل بطريقة أخرى ، فالكردي السوري الجيد هو من يجاهر الشركاء بالوطن والمصير صراحة ومن دون مواربة بان للكرد موطنا فرعيا ضمن الوطن السوري جزء من كردستان التاريخية .
لقد وصل الامر بأحزابنا الكردية أن قياداتها لم تعد تميز بين الحزب وبين الشعب والقضية فعندما تبرم بينها الاتفاقيات التي لاتتعدى مصالحها الذاتية البينية والمحاصصات الاد ارية ولاتشمل حتى الإشارة الى الواقع المفكك للحركة الكردية ولا الى مسألة تقرير المصير في الاطار السوري ولا الى النضال المشترك ضد نظام الاستبداد وهي كلها قضايا جوهرية ومصيرية وهي وحدها تهم الكرد وجميع السوريين فانها تصف اتفاقياتها ( الافتراضية ) بالاتفاق الكرردي – الكردي في حين أن الغالبية الساحقة من الكرد السوريين لاعلم ولا اطلاع لهم وهم ليسوا جزء من العملية .
المنهج المتبع من جانب القيادات الحزبية بهذا الخصوص خاطئ وتبريري ومضلل والكل يعلم أن الكرد السوريين ليسوا أعداء ومتخاصمين حتى يتفقوا بالرغم من خطط بعض الأحزاب لاثارة النعرات المناطقية كما يعلم الجميع أن المشكلة تكمن في الحالة المزرية للحركة الكرردية في انقساماتها وتشتتها الحزبوي وتشظيها الآيديولوجي ومحاولة عسكرتها وافتقارها للشرعيتين القومية والوطنية وكل حريص مخلص يعلم أن الأولوية الان لتوحيد الحركة بالسبل الديموقراطية السلمية وهي معروفة عبر المؤتمر الكردي الجامع .
تكاثر الأحزاب غير المسبوق في الوسط الكردي حمل معه مفردات عشوائية بعيدة عن الدقة فلقد اضيف الى الدزينة الحزبية التقليدية التي تمثل الوجه القبيح لحقبة ( الاختراق ) في عهد الضابط الأمني محمد منصورة دفعة مستجدة من مسميات حزبية انبثقت في ظل شروط مذلة في التبعية المطلقة ل ب ي د وادارته الذاتية حيث وصل الامر بمجمل هذه الأحزاب التي تعيش يومها على خيرات صراع المحاور الكبرى والصغرى أن تصورت أنها تمثل شعبا وقضية ولها وزن ودور ليس في الساحة الكردية بل على الصعد السورية والإقليمية والعالمية في حين أن توجهاتها السياسية المتواضعة لاتعكس ذلك إضافة الى ضياعها النظري وعدم قدرتها على تعريف الحركة الكردية في مرحلة تطورها الراهن وصياغة مشروعها المناسب للحظتين القومية والوطنية .
تتناسى قيادات الأحزاب الكردية التقليدية منها أوالمولودة جراء عمليات قيصرية أن مثيلاتها على الصعيد الوطني تتلاشى وتفقد مكانتها بعد فشلها الذريع في الانخراط بالثورة أو حمايتها وبدلا من ذلك أصبحت جزء من الردة المضادة مما دفع ذلك سوريي المعارضة من الوطنيين الديموقراطيين المستقلين الى البحث عن سبل لاعادة بناء الحركة الوطنية السورية من جديد واذا كانت قد أخفقت لانها عجزت عن انجاز مهامها الوطنية فان وضع ( أحزابنا ) يختلف حيث أخفقت مرتين : مرة إزاء المهام القومية والأخرى امام المهام الوطنية .
لن يكل الوطنييون المستقلون الكرد السورييون من النساء والرجال ولن يملوا في طرح مشروع إعادة بناء الحركة الكردية عبر المؤتمر الجامع المنشود كل يوم بل كل دقيقة حتى يحققوا مايصبون اليه .
[1]