حول وحدة الحركة الكردية السورية
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 6422 - #28-11-2020# - 16:39
المحور: القضية الكردية
بادئ ذي بدئ ، لابد من توضيح بأن الأحزاب الكردية السورية ، التي تنطلق من مصالح الكرد السوريين قولا وعملا ، ولا تشكل امتدادا لمراكز وآيديولوجيات خارجية ، اختلفنا أو اتفقنا مع سياساتها ، فهي بشكل عام جزء من الحركة الوطنية الكردية ، ذات الطبيعة المتنوعة في مضمونها الاجتماعي ،من حيث المنشأ الطبقي ، والمصالح الذاتية ، والفكر والتوجه ، والتي تجتمع بنهاية الأمر على أهداف مشتركة ، وفي مجال المسؤولية عن الإخفاق والحاق الأضرار ، يجب أن لانضع كل الأحزاب في سلة واحدة ، وفي الوقت ذاته علينا التميز بين القيادات المسؤولة المتحكمة بالقرار والمستفيدة من جهة ،وبين القواعد والأنصار من الجهة الأخرى .
مايتعلق الامر بقضية وحدة الحركة ، فالامور واضحة ، حيث أبدينا ونشرنا وجهة نظرنا كمشروع متكامل وخارطة طريق باسم – بزاف - طوال السنوات الخمس الماضية ، وعقدنا المئات من اللقاءات التشاورية في الداخل والخارج ، وتناقشنا المسألة مع العديد من الأطراف المعنية ، الشريكة ، والصديقة ،والشقيقة ، ومن بينها الفعاليات والنشطاء والمستقلين الكرد السوريين ومؤسسات تابعة للاتحاد الأوروبي وأصدقاء الشعب السوري ، وجماعات وأفراد من المعارضة الوطنية الديموقراطية السورية وقيادة إقليم كردستان العراق ، وأعلنا أكثر من مرة ونؤكد اليوم أن مشكلة الكرد السوريين وأزمة شرعية حركتهم تكمنان في أحزاب ( المجلسين – تف دم أو جماعات ب ك ك – والمجلس الوطني الكردي - ، وهما المسؤولان عن محنة الكرد السوريين وانقسام حركتهم ، ويؤكد مسار الأحداث منذ اندلاع الثورة السورية ربيع 2011 وحتى الآن انهما يتصارعان على السلطة ، ونسب المحاصصة في إدارة بعض المناطق الكردية ، وليس على كيفية تعزيز وتوحيد وتجديد وشرعنة الحركة ،وتطويرها .
خلال السنوات الثمانية الماضية ، بادر الاشقاء في إقليم كردستان العراق لعدة مرات الى تقريب وجهات النظر بين الطرفين الحزبيين ، من خلال اتفاقيات أربيل ودهوك من دون جدوى ، ولكننا لم نلمس أي اهتمام من جانب أحزاب المجلسين حتى باشارة عابرة بوحدة الحركة الكردية ، ولم تطرح أية مشاريع ومقترحات ملموسة بهذا الشأن ، بل كانت ترفض وتتجاهل كل النداءات بما في ذلك مشروع – بزاف – ،وذلك لأن كل طرف منهما يعتبر نفسه ( الممثل الشرعي الوحيد للكرد السوريين ) ، ويتعامى عن رؤية الواقع ، وينفي وجود الآخر المختلف فكريا ، وسياسيا .
قبل أيام تناقلت الوسائل الإعلامية تصريحا ( للجنرال – الافتراضي - مظلوم !) القائد العسكري لقوات – سوريا الديمقراطية – قسد – ، وفسرها المتابعون بصيغ مختلفة من دعوة الأحزاب الكردية ، الى الوحدة ،الى الاتفاق مع – الانكسي - ، الى مؤتمر للأحزاب ، أو كافة الأطراف .. وبخلاف التعليقات الفردية الفيسبوكية التي كانت بعضها بغاية التفاؤل ، لم تصدر مواقف رسمية معلنة واضحة من – الانكسي - ، وغيره حتى الآن ، ويهمنا أن نوضح الآتي :
أولا – دعوة قائد -قوات سوريا الديموقراطية – ، وهي منظومة عسكرية تشمل كرد – ب ك ك – وبعض العرب وبعض المسيحيين وبعض التركمان حسب تشخيص قيادتها ، لاتتعلق بوحدة الحركة الكردية السورية ، بل هي دعوة الى التحاق الجميع بتلك المنظومة ، حتى تثبت لمانحيها – الأجانب – ، ولشريكها العتيد نظام الأسد ، ولكل الأطراف المعنية بالملف السوري ، أنها الممثلة لكل المكونات ، والمعبرة عن كافة التيارات السياسية بمافيها أطراف الحركة الكردية ، وذلك لتبوؤ مكانة الصدارة على المستوى الوطني ،والحضور في كافة المناسبات والمنابر بمافي ذلك التمثيل في لجنة صياغة الدستور، والتفاوض مع النظام باسم الجميع على الأقل باسم مكونات شرق الفرات ،آنيا وكل الشعب السوري تاليا حسب طموحاتها غير الخافية .
ثانيا – لاشك أن هناك توزيعا للأدوار ، وصراعات أيضا بين منظومات – ب ك ك – في سوريا ، وهناك إرادة إقليمية ودولية لتلميع صورة شخص يناسبها ، ولم تجد سوى الجنرال الافتراضي – مظلوم – ، البعض يراهن على ابعاده من مركز – قنديل – وهو ابنه البار الشديد الولاء ، والبعض الآخر يهيؤه ليكون عنوانا لتصفية البقية الباقية من الحركة الكردية ، واالاندماج النهائي بأجهزة النظام العسكرية والأمنية والإدارية ، خاصة بعد استكمال وظيفة – ب ك ك – خلال تسعة أعوام في الساحة الكردية السورية ، ونتائجها الكارثية التي لايخطؤها العين .
ثالثا – منظومة – ب ك ك – السورية لم تنتصر كما يشاع بعد ( 11 ألف ضحية ) وعشرات آلاف الجرحى والمعوقين ، بل أنها أمام حائط مسدود ،وخسرت معظم مناطق نفوذها ، خاصة بعد انعدام خطر – داعش – ، وانتشار القوات العسكرية الأجنبية المحتلة في مجالها الحيوي ، وتحولت وظيفتها حاليا الى حراسة آبار النفط ، على غرار ( حراس القرى ) في تركيا إضافة الى أنها مازالت غير مقبولة من غالبية الكرد السوريين ، وفشلت في كل مراهناتها السياسية ، وأخفقت في كل اطروحاتها ، بل تراجعت عنها ، ولم يبق لها سوى الارتماء النهائي بأحضان النظام ، ودعوتها الأخيرة الملتبسة كماذكرنا التي ( شملتنا ) أيضا للالتحاق بها ، كلها من أجل الحفاظ على ماء الوجه ، وتحاشي أزمتها الداخلية العميقة ، حيث هي أمام تحدي صعود تيار وطني كردي سوري( أستبعد أن يكون الجنرال من ضمنه ) ، سيحسم أمرها عاجلا أم آجلا .
رابعا – من الواجب التأكيد مجددا وبصوت عال أمام الرأي العام الكردي والسوري والكردستاني ، على دعم أي مسعى جاد لإزالة الانقسام والتقارب الكردي – الكردي ، أما بشأن توحيد الحركة الكردية وهو المهمة الأساسية العاجلة ، فليعلم الجميع ، وخاصة أحزاب المجلسين ، بأن غالبية الوطنيين الكرد من مستقلين وبينهم الشباب والمرأة والمثقفون والاعلامييون ومنظمات المجتمع المدني ، لن يستجيبوا لدعوات الالتحاق – بقسد – ، أو بهذا الحزب ، أو ذاك المجلس ، أو تلبية رغبات هذا الجنرال ، أو ذاك الرقيب ، والسبيل الوحيد الى الوحدة عبر المؤتمر القومي والوطني الكردي السوري الجامع ، باالتوافق ، والإرادة الحرة ،على تشكيل لجنة تحضيرية متنوعة ، بغالبية مستقلة ، للاعداد للمؤتمر المنشود ، من أجل صياغة المشروع الكردي للسلام ، واستعادة الشرعية ، وانتخاب هيئة قيادية تواجه التحديات الماثلة ، باسم مجموع الشعب الكردي السوري .
خامسا – يجب أن يتم عقد المؤتمر الجامع المنشود والمشاركة فيه من دون شروط مسبقة ، ولايجوز الخضوع لرغبات الأحزاب في تصفية حساباتها ، أو املاء ( الشروط والشروط المضادة ) على بعضها البعض ، وجلها تعجيزية للاستهلاك الحزبي الدعائي ، فبالرغم من كل تجاوزات قيادات الأحزاب ، وتورط بعضها بالجرائم ضد الإنسانية ، الا أن السؤال المطروح هو : من يحاكم من ؟ الآن ، فليس لدينا الآن مؤسسات وطنية شرعية ، لها صلاحية أن تحاكم وتصدر العقوبات بحق من ألحق الضرر ، أو أجرم ، أو أفسد ، فكل القضايا بمافيها المساءلات ، هي من اختصاص المؤتمر الذي سيتمتع بالشرعيتين القومية والوطنية ، والشرط الوحيد الذي يجب أن يطرح ،هو أن يقر الجميع قبل الوصول الى قاعة المؤتمر ، بالالتزام الكامل بالقرارات والتوصيات التي تتمخض عنه .
وختاما نقول : أن الأشقاء في قيادة إقليم كردستان العراق ، كمرجعية كردستانية مرموقة ، وحيث هم في مقدمة المعنيين بالملف الكردي السوري ، أمام تحديات تحمل المسؤوليات التاريخية ، بشأن إعادة بناء الحركة الكردية السورية ، واستعادة شرعيتها ، وتعزيز وحدتها عبر دعم مشروع عقد المؤتمر الجامع المنشود.[1]