حفاظا على - ثوابت - الحوار الكردي – العربي (2)
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 6227 - #12-05-2019# - 16:17
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
في الحلقة الأولى حاولنا تعريف موضوعة الحوار الكردي – العربي بحسب مفهوم مؤسستنا الحوارية العريقة ( جمعية الصداقة الكردية – العربية ) وتشخيص المستويات الثلاث لطبيعة وموقع الحوار بين أمتين أو أكثر أو على المستوى الوطني الذي سيشمل خصوصا في سوريا والعراق مكونات أخرى مثل التركمان و- الكلدو- آشور – والأرمن وغيرهم أو مع الأنظمة الحاكمة كما أوضحنا كيف أن منظمات غير رسمية في مصر مثلا وغيرها لم تخترق الحواجز المرسومة من جانب النظام العربي الرسمي بخصوص الموقف من كرد البلدان الأربعة انطلاقا من ترضية نظام هذا البلد أو ذاك وتجيير الموقف المبدئي من قضايا الشعب الكردي في تقرير المصير لمصالح سياسية آنية وحذرنا من قيام البعض من الذين يركبون موجة الحوار العربي – الكردي من ( مقاولي المؤتمرات والندوات ) بتحريف المسار والإساءة الى الجوهر .
ومن النماذج التي يعتد بها في مسيرة الحوار الكردي – العربي ( الملتقى الثقافي الكردي – العربي الأول ) الذي عقد في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق – هوتيل : خانزاد عام 2004 بدعوة واشراف ( ج ص ك ع ) وبرعاية السيد مسعود بارزاني رئيس الإقليم ومشاركة نحو مائة من النخب الفكرية والثقافية مناصفة بين عرب وكرد العراق وسوريا كشعبين صديقين متعايشين وقدمت بذلك المنتدى عشرات المداخلات القيمة حيث نشرتها جمعيتنا في كتاب ( وثائق الملتقى الثقافي الكردي العربي – هولير – 17 – 20 – 2004 ) التي تناولت العلاقات بين الشعبين قديما وحديثا والتطلع الى ارتقائها مستقبلا على أسس سليمة وحسب التوافق على العقد الاجتماعي المشترك .
مسألة العلاقات الكردية العربية وإعادة ترميمها وتعزيزها وبنائها من جديد على قاعدة راسخة عبر مسارات الحوار الشفاف والتوافق على المشتركات والاعتراف المتبادل بحقوق الشعوب الأزلية أي حق تقرير المصير بالإضافة الى أنها ستساهم في إرساء السلام والوئام ثم التطور الطبيعي والتنمية والتقدم في أربعة بلدان مفصلية بالمنطقة تحوي معظم مصادر الطاقتين النفطية والغازية والمائية والبشرية يبلغ تعداد سكانها أكثر من ( 250 مليون ) وستقطع الطريق على قيام النظم الدكتاتورية والشوفينية العنصرية وتاليا التدخلات الخارجية المعادية فانها ستشكل حجر الزاوية في تعايش شعوب وأقوام منطقتنا الزاخرة بالألوان والأطياف الجميلة الزاهية.
لقد جاءت فكرة ندوة ( الأمم الأربعة ) الأولى التي عقدت بتونس قبل نحو عامين من خبرة وتراكمات العمل طوال ثلاثة عقود على مسألة الحوار العربي الكردي وانطلاقا منه تم إضافة عنصرين آخرين الى الحوار ليصبح حوار عربي – كردي – تركي – فارسي أو إيراني وبذلك فقد أصبح الحوار الثنائي أغنى وأكثر عمقا خاصة وأن تركيا وايران كبلدين يضمان أكثر من ثلاثة أرباع أكراد المنطقة والعالم والقضية الكردية كقضية شعب محروم من حقوقه المشروعة تحولت في تلك البلدان الى مشكلة مستعصية تنزف القدرات البشرية والمادية وتستحضر النظم العسكريتارية والشمولية على حساب التنمية والتطور الاجتماعي والتقدم والديموقراطية .
وهنا لاأخفي سرا أن ممثلي جمعيتنا في ندوة ( الأمم الأربعة ) استمزجوا مواقف المشاركين حول إضافة جديدة أي ممثلي الأمازيغ في الندوات المقبلة وكان المقصود الأستاذ عبد السلام بوطيب رئيس ( مركز الذاكرة المشتركة للديموقراطية والسلم ) بالمغرب لتصبح ندوة ( الأمم الخمسة ) وللتاريخ أقول أن ممثلي – تركيا وايران – لم يعترضوا وكان موقف ممثل الطرف المضيف وسطيا دون حسم وجاء التحفظ من ( مقاولي الندوات ) ومن يتبعهم على الصح والخطأ .
أمام ذلك المسعى التفاعلي التوافقي الديموقراطي السليم حاول ( مقاولوا المؤتمرات الخلبية ) لأسباب مازلنا بصدد فهمها والوصول الى مآلاتها !؟ عرقلة مساره تارة بالعودة الى الوراء أي الى المستوى – الوطني الضيق – الذي أشرنا اليه سابقا وتارة أخرى بالهروب الى أمام تحت عنوان ( التوافق الإقليمي ) أي الانتقال الى مستوى صراعات الأنظمة الحاكمة في إقليم الشرق الأوسط وإيجاد سبل لمصالحتها ؟! علما أن معظم ان لم يكن كل تلك الأنظمة ضد الحوار بين الشعوب والسبب في مآسيها ومعاناتها وتفككها وتحاربها .
وعلى سبيل المثال هناك الآن وعلى الصعيد الدولي قرارات أممية في فرض العقوبات على ايران ومنعها من صنع الأسلحة النووية ومطالبة المجتمع الدولي ذلك النظام التيوقراطي الشمولي بالكف عن اثارة الفتن الطائفية وعدم التدخل بشؤون دول المنطقة ( العراق وسوريا ولبنان واليمن ووو) واحترام حقوق وخصوصية شعوب وأقوام ايران والالتزام بمواد القانون الدولي ثم يأتي أحدهم أو بعضهم ليعقد مؤتمرا في ( بيروت التي لاتتحرك فيها ذبابة من دون علم ومعرفة وكيل الولي الفقيه والمقصود حزب الله ) للتوافق الإقليمي أي الحفاظ على الوضع القائم كما هو وهو يعني بالضد من إرادة الشعوب المقهورة والحوار الكردي العربي وتفاعل وتوافق الشعوب ضد مضطهديها .
بلداننا وشعوبنا في هذه اللحظة التاريخية حيث تواجه التحديات الخطيرة الحقيقية جراء النظم الاستبدادية والشمولية والطائفية والعنصرية التي تعاونت في وأد تطلعاتها بموجات ثورات الربيع والتي مازالت متواصلة في السودان والجزائر وغيرهما بأمس الحاجة الى المزيد من الحوار الصادق والواضح حول الحاضر والمستقبل والمصير ومن أجل التحضير والتأسيس لبرامج ومشاريع ودساتير تنظم قاعدة العيش المشترك في ظل حق تقرير المصير والحرية والسلام .[1]