عودة الى الأزمة الكردية السورية
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3946 - #19-12-2012# - 09:44
المحور: القضية الكردية
تكاد غالبية مكونات الحركة الوطنية الكردية السورية من حراك ثوري شبابي شعبي وفئات مثقفة ناشطة مستقلة وأوساط الأكثرية الصامتة وتنظيمات الأحزاب تجمع على التسليم باشتداد الأزمة الداخلية وتفاقمها ليس في مسائل العجز عن تشخيص مهام المرحلة والافتقار الى البرنامج الكردي القومي والوطني الشامل وشبه غربة عن القضية السورية واستفقاد الدور الكردي الموحد في صفوف الثورة السورية وتعبيراتها ومراكز قرارها منذ واحد وعشرين شهرا من اندلاعها حتى وقوفها الآن أمام أعتاب الانتصار وانقسام عمودي حاد في صفوف الفرقاء الحزبيين بين موال للسلطة علنا أو مقنعا – من القناع – أو محايدا على مسافة واحدة من النظام والثورة أو مترددا – متأرجحا – حسب توصيف كاتب سوري معارض أو راغبا في تصحيح المسار صوب الحراك بعد فوات الأوان فحسب بل تشعبت ذيولها وامتداداتها لتنال من وحدة وتماسك المجتمع الكردي وتهدد الثوابت الأخلاقية الأصيلة في العلاقات الاجتماعية ومجمل التقاليد الديموقراطية السلمية المتبعة في حوار المختلفين في الحركة الكردية منذ نشوئها وباالتالي الخشية من حدوث مواجهات كردية – كردية وكردية – عربية بالمناطق الكردية والمختلطة في أية لحظة قبل سقوط النظام وبعده .
اذا كانت الغالبية مجمعة على المشهد المأزوم والكتلة الشعبية داخل الوطن وتعبيراتها الناشطة الثورية تنتظر بفارغ الصبر حلا وطنيا شافيا وافيا للأزمة التي بدأت تنذربمخاطرها على الساحة فان المجاميع الحزبية ( بدون استثناء ) المأزومة والمسؤولة عن نشر أزمتها داخل المجتمع لم تجمع بعد لا على تعريفها ولاعلى سبل مواجهتها ولاعلى الخيار البديل للواقع الآيل للانهيار فاختلافاتها الداخلية وفيما بينها وبينها وبين غالبية الشعب الكردي والثورة السورية والمعارضة كانت مصدرا حقيقيا للأزمة الشاملة المتفاقمة واختلافاتها الراهنة الى حدود العجز حول ايجاد العلاج تطرح بصورة عاجلة التفكير الجاد بحلول مافوق الأحزاب وماقبلها ومابعدها ولكن كيف ؟.
واجبات ومهام حل الأزمة آخر مايشغل بال قيادات أكثر من عشرين حزب كردي بل أن مضيها بالانشغال في امورها الجانبية الخاصة ومحاولة تحسين أوضاعها الذاتية تشير الى التصميم على المضي في الطريق الخطأ وتضيف عبئا جديدا وتزرع عراقيل مستحدثة على طريق الحل أما سكوتها المريب عن تقديم شروحات واقعية صادقة لأسباب اخفاق مجلسها الوطني وعدم تطبيق قرارات هيئتها العليا والاحجام عن ممارسة النقد والنقد الذاتي في هذا المجال يزيد الصورة قتامة وتضع بذلك نفسها في موقع الاتهام على اخفاء الحقيقة عن الشعب وهو مخالفة كبرى بحسب أنظمتها الداخلية المعمولة بها .
قبل نحو أسبوعين طرحت للنقاش مقترحات بشأن الأزمة وسبل الحل والبديل كما تابعت اسهامات أخرى من كتاب كرد حول الموضوع نفسه ومن المؤسف حقا تشتت المحاولات المبذولة والبعض منها جادة وضياعها من دون متابعة وتوثيق جراء النزعة الفردانية والعجز عن ممارسة العمل الفكري والثقافي الابداعي بصورة جماعية أو مشتركة ولاأخفي أنني وقبل نشري لبحثي الأزمة الكردية السورية .. دعوة للمكاشفة والخيار البديل طلبت من عدد من الأصدقاء من الكرد والعرب مناقشة الموضوع في العمق وبصورة نقدية كمحاولة للوصول الى خلاصة من أجل الفائدة العامة ومتابعتها في قادم الأيام ورغم استلامي لمجموعة لابأس بها من المناقشات الهامة الا أن ذلك لم يكن كافيا حول مسألة مصيرية تخص مصير شعب بكامله .
حتى اتفاق شخصين على قضية عادلة في هذه المرحلة الدقيقة أمر مرحب به بشرط أن تتوفر الشفافية في الهدف والمقصد والمبدأ نفسه يسري على الاعلان عن اتحاد سياسي بين أربعة أحزاب من أعضاء المجلس الكردي وهو مازال غير واضح المعالم أمام الشعب الكردي مااذاكانت تلك الخطوة – الاعلامية – بمثابة نعوة للمجلس والهيئة العليا وبديلا لهما أم زيادة في الأسماء فقبل الاقدام على مثل هذا الاعلان كان من المفترض – وحسب علمي - أن يتم الافصاح عن جوانبه ودوافعه وأسبابه ومبرراته وان انتفت الاسباب الجوهرية فلاداعي لزيادة رقم على ( عشرين حزب ومجلسين وهيئة عليا ) وكان من المنتظر وبعد فشل مجلس الأحزاب أن يعاد النظر في اسباب السقوط ليس لأن المجلس لم يضم ممثلي الأغلبية الصامتة من المثقفين والمستقلين وشباب الحراك والتنسيقيات فهذه من الأمور التنظيمية والادارية المهمة بل واضافة الى ذلك وضع الاصبع على الجرح السياسي أي الأساس الذي قام عليه وشعار بيانه التأسيسي الداعي الى – الحياد – والنأي بالنفس عن تبني اسقاط النظام ذلك المطلب الوطني العام والشعار الأساسي للثورة السورية والحراك الثوري الشبابي الكردي وزيادة الطين بلة باالتحالف مع جماعات ب ك ك المتعاونة مع النظام ألا يستدعي كل ذلك وقفة جادة ومراجعة بالعمق ونقدا ذاتيا أمام الشعب الكردي والسوري عامة والحراك الشبابي الكردي والثورة السورية والمعارضة الوطنية ؟ ألا يستدعي ذلك تخطئة السياسة السابقة اذا كان هناك فعلا صحوة قومية ووطنية وتراجعا عن الخطأ ؟
في البدايات الأولى من تسعينات القرن الماضي طرحنا مشروعا لاتحاد حزبنا كيسار قومي ديموقراطي والبارتي السوري كطرف قومي للتمسك بالثوابت القومية والوطنية وتجسيدا لمتطلبات تلك المرحلة في بناء أوسع جبهة من أجل مواجهة تحديات كل من مشروع النظام في التعريب وتغيير التركيب الديموغرافي لمناطقنا ومخاطر مساومات اليمين القومي وانعكاساتها السلبية على الصمود الشعبي أمام مخططات الحزام والاحصاء وتم التوقيع على برنامج ثنائي في بيروت بين رئيسي الحزبين ( الراحل كمال أحمد وكاتب هذه السطور ) الذي كان أساسا لبرنامج التحالف الديموقراطي فيما بعد ومن الانصاف القول أن تلك الخطوة كانت في ظرفها المناسب استجابت لمصالح حركتنا ومجمل الحركة الوطنية السورية على طريق مواجهة سياسات نظام الاستبداد والآن يعاد المشهد من جديد باتحاد أربعة أحزاب تعود بأصولها الى اليسار القومي الديموقراطي ومدرسة كونفرانس آب لعام 1965 بغض النظر عن ملابسات ارتداد البعض وانقلاب البعض الآخر على نهج تلك المدرسة النضالية وهدم جدرانها – بمعول – مسؤول الأمن العسكري بالقامشلي حينذاك ( العميد محمد منصورة ) اضافة الى التبدل الثوري الحاصل في الساحة السورية والحالة الكردية والذي بدوره خلق معادلة جديدة وطرح مهام واضحة على كاهل الحركة الكردية وفي المقدمة : الانخراط في الثورة ومواجهة النظام وأعوانه وشبيحته وصيانة السلم الأهلي بمناطقنا وتعزيز الحوار مع قوى الثورة والحراك بكل تعبيراتها السياسية والعسكرية والمشاركة في التحضير لسوريا الجديدة التعددية القادمة ودستورها الضامن للحقوق الكردية المشروعة وهذا لن يتحقق كما أرى بما أعلن مؤخرا بل بانجاز اطار جبهوي واسع قاعدته الأساسية من الحراك الشبابي والشعبي الثوري بالداخل والمثقفين والمستقلين والوطنيين من الأكثرية الصامتة وبمساهمة الأحزاب على أن لاتتعدى تمثيلها بالهيئات القيادية أكثر من 5% وتشمل الجبهة ممثلي كل المكونات الأخرى العربية والمسيحية وخاصة في المناطق المختلطة وكل مسعى اتحادي ووحدوي في هذا الاطار سيكون مرحبا به من الغالبية الشعبية ومصانا من الجماهير ومحتضنا من قوى الثورة السورية في الداخل والخارج.[1]