كردي – سوري - كردستاني مناقشة جديدة لموضوع قديم ( 2 )
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3716 - #03-05-2012# - 13:35
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
كنت قد اختتمت القسم الأول من هذا البحث بعبارة وأخيرا أقول وأكرر أنا كردي وسوري وكردستاني في آن واحد وبانتفاء أي ضلع من هذا المثلث أو تغييبه سأفقد هويتي وأخسر انتمائي ومن حق القراء والمتابعين علي الاستفاضة في شرح ماأراه صائبا في موضوعنا هذا الهام والاستراتيجي والمصيري المطروح للنقاش منذ عقود وعلى مر الأجيال والقابل لمزيد من التساؤلات والأخذ والرد ولاجتهادات التخطئة والتصويب وماأراه مفيدا وفي غاية الأهمية خضوع حوارنا هذا الى منهجية البحث عن الحقيقة التي يعجز كائنا من كان عن الادعاء بامتلاكها كاملة وممايضاعف من قيمة تناول مسألة الهوية والانتماء الخاصة بكرد سوريا راهنيتها الملازمة لتطورات الثورة السورية ومآلاتها وانتقالها كموضوع بحث وحوار الى برامج وأجندة أطراف المعارضة الوطنية بكل تياراتها في مجال استكشاف معالم سوريا القادمة الجديدة ودستورها ومصير مكوناتها واستحقاقات مرحلة مابعد الاستبداد حيث لايخلو أي مؤتمر أو لقاء أو تجمع على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية من الموضوع الكردي الذي بات جزءا مؤثرا في العملية السياسية وقد سبق أن قام النظام الحاكم بمحاولة الامساك – بالورقة الكردية – في سوريا وامتداداتها على الساحتين التركية والعراقية خصوصا منذ بدايات اندلاع الثورة السورية وهو ماض في ذلك الآن بوتائر أسرع لذلك علينا نحن المعنييون المباشرون بقضيتنا الخاصة والمتعلقة أساسا بتعريف هويتنا أولا كمنطلق لتحديد أهدافنا القريبة والبعيدة ثانيا وأن نكون بغاية الوضوح ومنتهى الصراحة والشعور بالمسؤولية التاريخية نسمي الأشياء بأسمائها حرصا على طموحات شعبنا المشروعة وبلورة أهدافه ومطالبه المرحلية والبعيدة المدى وكي نختصر الطريق ونذلل العقبات ونزيل الابهام أمام شركائنا العرب السوريين وباقي المكونات وحركاتهم السياسية المعارضة وحراكهم الثوري بشأن مايرتضيه شعبنا حول مصيره ومستقبله ومايبحث عنه الحراك الشبابي الكردي الثائر من مستقبل زاهر وحياة حرة كريمة .
أزعم بأن هويتنا المستندة الى أقانيم ثلاث ( كردي – سوري – كردستاني ) لايمكن التفريط بأي منها أو فصلها ميكانيكيا عن بعضها ولاشك أن الضلع الثالث تتويج لاستحقاق تقرير المصير في اطار الوطن السوري وأي تشكيك بوجوده يعني نفي الحق القومي المشروع لشعب مكتمل شروط العلائم وسحب الموضوع نحو خانة حقوق ( المواطنة ) و( الأقلية ) الفاقدة للأرض في أحسن الأحوال فمجرد القول بكرديتي من دون الضلعين الآخرين لايخرج من اطار وفسر الماء بعد الجهد بالماء فهناك كرد سورييون في جميع الأصقاع ومعظم بلدان العالم مهاجرين أو مواطنين يقيمون على أراضي الغير ومجرد القول بسوريتي بمعزل عن انتماءي القوم والأرض لايغير من الأمر شيئا فهناك عشرات الملل والنحل والأقوام والأثنيات سورييون يطلق عليهم رسميا وحسب القوانين عرب سورييون ولايقيمون في مواطنهم القومية التاريخية وقد وجدوا أنفسهم مواطنين لأسباب اقتصادية واجتماعية أو بسبب الحروب والتقسيمات الحدودية مابعد الحربين العالميتين وليسوا بوارد المطالبة بالحقوق القومية بحسب مبدأ تقرير مصير الشعوب والأقوام رغم أن بعضها مازال يستخدم لغته الخاصة ويمارس تقاليده لذلك نستخلص أن كردستانية الكرد السوريين هي سر وجودهم وملهم دعوتهم لاستحقاقاتهم المشروعة ومنطلق نضالهم في سبيل تعزيز وترسيخ هويتهم كعنصر في تركيبة سوريا المتعددة القوميات والمكونات وكقومية ثانية من السكان الأصليين تندرج في اطار مبدأ حق تقرير المصير وليست في خانة ما يسمى بحق المواطنة أو الأقلية وليس خافيا أن الغالبية الساحقة من الكرد بحركاتهم القومية ونخبهم الثقافية وتعبيراتهم السياسية وحراكهم الثوري الشبابي ارتضت خيار العيش المشترك والشراكة الحقة مع العرب السوريين في اطار دولة سوريا الجديدة القادمة الديموقراطية التعددية .
لاشك أن مسألة تعريف الهوية الكردية السورية واستحقاقاتها ستبقى موضع حوار وشد وجذب مع شركائنا العرب على وجه التحديد خلال الثورة وضمن برامج التغيير ومابعد الاستبداد ومن المعلوم أن هذه الحالة قائمة بصور شتى منذ ماقبل الاستقلال وحتى هذه اللحظة وقد مرت على سوريا مراحل ظهرت فيها تيارات سياسية عربية اقتربت خطوات نحو الحقيقة الكردية السورية ونلمس الآن مثل تلك المظاهر الايجابية وسنسعى بكل قوانا من اجل تعزيز تلك التوجهات وتمهيد السبل للتقارب والتفاهم والتفاعل خاصة وأننا ارتضينا العيش معا في وطن واحد حر وعلى كاهلنا جميعا مسؤولية الحفاظ عليه بيتنا المشترك مصدر سعادة لكل السوريين ينتفي فيه كل أشكال الاقصاء والتمييز ويسود في ربوعه السلام والوئام والتسامح .
ليست الاشارة هنا على الانتماء الكردستاني الدعوة الى موالاة سياسية لحركات وأحزاب الأشقاء في الشرق أو في الشمال أو الانقياد الفكري لهذا المركز القومي أو ذاك أو المطالبة بالحاقنا باقليم كردستان العراق الفدرالي كما يريد البعض اظهاره – قصدا أو قصورا - بل أن ذلك يعني التأكيد على هذا الجزءالكردستاني من موطننا في الجغرافية السورية الراهنة الذي كان ضمن الوطن القومي التاريخي الأكبر قبل اتفاقية سايكس – بيكو المبرمة عام 1916 وهنا وحتى لاتختلط الأمورأجد ضرورة التميز بين ( التاريخي والواقعي على الصعيد العام حيث فرض الواقع المجزأ نفسه على التاريخ وقلص الجغرافيا عبر الحروب والتهجير وسياسات تغيير التركيب الديموغرافي ) ولكن الواقع الراهن بكل مرارته لايشير الى ضياع كل شيء ومازلنا على البقية الباقية من أرض الآباء وأجداد الأجداد لذلك وخدمة لماتبقى من الحقيقة التاريخية والجغرافية القائمة تشخيص وتثبيت الانتماء الكردستاني كمتكأ نهائي الى جانب الانتماءين الآخرين الكردي والسوري وهي المرتكزات الثلاث لهويتنا الوطنية – القومية وبدون ترسيخ مفهومه التاريخي ومعانيه سنفقد أحد أهم شروط وجودنا كشعب مكتمل الشروط والعلائم تنطبق عليه مواصفات المطالبة من حيث المبدأ والواقع بحق تقرير المصير بدون كردستانيته يمكن أن يشكل كرد سوريا أثنية أو قومية ليس على أرضها مثل الأرمن أو الشركس أو الشيشان ويدخل في أحسن الأحوال الى دائرة ( الأقلية ) هذه العبارة السيئة السمعة والطالع بتعريفاتها وحدودها واستحقاقاتها المتواضعة المعروفة الواردة في بعض بنود ميثاق الأمم المتحدة التي عفى عليها الزمن وأحوج ماتكون الى اعادة النظر والتقويم في اطار اصلاح شامل لتلك المؤسسة الدولية العريقة .[1]