أسئلة - كردية - على أعتاب العام الثاني للثورة السورية
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3659 - #06-03-2012# - 19:53
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
عشية بلوغ الثورة اتمام عامها الأول وفي خضم تطورات القضية السورية ومرحلتها الانتقالية الدقيقة الراهنة بكل احتمالاتها من دنو سقوط نظام الاستبداد أو – استقتاله – في اطالة عمره أسابيع أو أشهرا حتى ولو كانت على حساب المزيد من التدمير والافناء والدفع بالأمور باتجاه المجهول حتى وان كان الثمن تسعير المواجهات الأهلية والفئوية والمناطقية واهراق المزيد من دماء السوريين مادام هناك من يقدم الدعم المالي والعسكري والمعلوماتي والأمني واللوجستي من روسيا الطغمة المافيوية الحاكمة الغارقة في التجارة العسكرية الى ايران الآيديولوجيا المذهبية التوسعية مرورا بميليشيات حزب الله المعبأة بالنزعة الطائفية البغيضة المناقضة لوجود الدولة الديموقراطية الحديثة نقول بالتزامن مع مايجري هناك تساؤلات مشروعة حول جملة من المسائل الجوهرية تطرح نفسها بالحاح على الساحة الكردية السورية وتؤرق المعنيين بالقضية السورية من شبابنا الثائر ومثقفينا وكتابنا المتابعين وقطاع واسع من الوطنيين الكرد في زمن الثورة التي باتت على مقربة من اتمام عامها الأول من أبرزها : وحدة الصف الكردي عموما ومكانتهم ودورهم في الثورة بمناطقهم وفي مواقع الشتات وهموم معالجة تباينات وتمايزات تنسيقيات الشباب وشلليتها والتوافق على خطاب قومي موحد الآن ومابعد الاستبداد وموقع الكرد في المعارضة السورية بمختلف أطرافها في الداخل والخارج وقراءة المستقبل السوري في زمن الثورة الراهنة وفي احتمالات تطورات الحرب والسلام والعسكرة ودور الجيش السوري الحر .
لاتختلف الحالة الكردية الخاصة عن الحالة العامة في البلاد بشأن مقولات وحدة الصف والاتحاد والتماسك والتضامن والتكافل فالثورة السورية ليست ثورة قومية عربية أو كردية وليست ثورة الأثنيات والمجموعات القومية الأخرى الأقل عددا في بلادنا بل هي ثورة الجميع ومن أجل الجميع كسوريين في سبيل الحرية والكرامة وازالة الغبن عن الجميع وتحقيق العدل والمساواة وحل جميع الاشكاليات والتعقيدات الاقتصادية والاجتماعية والقومية والسياسية ضمن مساحة الوطن بمافي ذلك القضية القومية الكردية على قاعدة التوافق وحسب ارادة الكرد في اطار الدولة السورية الجديدة الديموقراطية التعددية وعلى ضوء ذلك فان وحدة الصف الكردي أو في أية منطقة ولدى أي مكون وطني تتحقق في الشارع وفي المرحلة الراهنة وعلى امتداد عام نلمسها في الاتحاد والتكاتف خلال التظاهرات السلمية ومواجهة سلطة الاستبداد من جانب الشباب الذين قدموا الشهداء والمعتقلين والملاحقين ومازالوا سائرين على الدرب تحت شعار اسقاط النظام مؤسسات وبنى ورموزا هؤلاء الشباب قادة الميدان وساسة المستقبل ومعهم قطاعات واسعة من المجموعات السياسية والمرأة والمثقفين والوطنيين المستقلين حققوا وحدة الصف المناسبة للمرحلة الراهنة بأجلى وأبهى صورها وعلى من يرغب في تعزيزها وتعميقها وتطويرها ( من أفراد ومجموعات ) التفضل بدعم هؤلاء بفكره وماله وكل امكانياته أما بشأن الخصوصية الكردية كقومية أساسية ثانية على الصعيد السياسي فيمكن تثبيتها ضمن جسد حركة المعارضة السياسية الوطنية وفي برامجها على مستوى البلاد وهي على أي حال لها همومها ومتعددة الأطراف والتوجهات رغم أن مبدأ اسقاط النظام واعادة بناء الدولة التعددية مابعد الاستبداد هو الجامع ونقطة التوافق بين الكل .
الاشكالية الراهنة في هذا المجال نابعة من المجموعات الحزبية التقليدية على المستوى الوطني الموزعة بين – المجلس الوطني السوري – وهيئة التنسيق – والاطارات الأخرى ومجموعة الأحزاب الكردية الموزعة بين – المجلس الوطني السوري – وهيئة التنسيق – والمجلس الوطني الكردي – ومسميات أخرى والتي بقيت غالبيتها الساحقة اما متفرجة طوال أشهر أو لامبالية أو مشككة بانتفاضة الشباب الثورية العفوية أو معادية للثورة فهي وبحسب فهمها وتكوينها وثقافتها الحزبوية الضيقة لاتخفي ميلها نحو المشاركة بالحكم الآن أو مابعد الاستبداد أو لم يفصح أحدهم عن ذلك عندما استعجل الانضمام الى – المجلس الوطني السوري – كونه سيستلم الحكم وأنه وريث نظام الأسد وهي تبحث لها عن زعامة سهلة ومواقع نفوذ وكأن القضية الوطنية من أملاكها الخاصة متجاهلة دور شباب التنسيقيات وهم غالبية المجتمع وتضحيات الآخرين ومواقف الكثير من المناضلين منذ عقود من أجل قدوم مثل هذا اليوم في تاريخ البلاد ومتجاهلة أيضا أن كل ماسيقام بالخارج من مجالس وغيرها ستصبح أثرا بعد عين لمجرد انهيار النظام والشعب سيقرر مصيره ويحدد ممثليه عبر الارادة الحرة ومن خلال صناديق الاقتراع وبالرغم من كل ذلك أرى أن اقامة المجالس والتجمعات الكردية والعربية والسورية ومن أي مكون كان من أجل دعم الثورة وليس عرقلتها والوقوف مع الشباب وليس ضدهم أمر مقبول ويحظى بالتقدير وليس أمام الجميع سوى التعاون والتنسيق حول المهمة الأساسية وهي اسقاط النظام .
السورييون جميعا بأمس الحاجة الى بديل وطني واضح المعالم والثورة أحوج ماتكون الى برامج ومشاريع سياسية والى دستور جديد ورؤية جديدة حول سوريا القادمة ونظامها وقوانينها وهي كلها يمكن التحضير له وتبادل الآراء حوله في المرحلة الراهنة عبر الحوار في أطر المعارضة الوطنية وحتى بين تنسيقيات الشباب التي اكتسبت تجربة لابأس بها والمكون الكردي يحتاج أيضا الى مشروعه المتكامل وبرنامجه الواضح حول المستقبل ورؤيته للدستور وكيفية حل القضية الكردية وموقع الكرد في الثورة ومابعدها على قاعدة الشراكة الحقيقية ومن الواضح أن القضية الكردية تلازم كل مؤتمرات ولقاءات المعارضة في الخارج منذ مؤتمر أنتاليا وحتى الآن كما أنها تشكل جزء من العمل المشترك بين تنسيقيات الثورة في الداخل ولاينكر أن هناك تقدم مطرد في فهم وتفهم شركائنا العرب في المعارضة لقضيتنا وعلينا الاستمرار في النقاش والحوار حتى الوصول الى الوضوح الكامل والتوافق بشأنها من دون الانجرار وراء المزايدات اللفظية للاستهلاك الحزبوي أو الانحراف عن طريق الثورة أو تجاهل أولوية مهمة اسقاط النظام أو محاولة احراج رفاق الدرب والمصير لمصلحة نظام الاستبداد بحسب النظرة الانتهازية : نحن محايدون ومن يعطيني أكثر سأكون معه نظاما كان أو معارضة .
نعم هناك وبعد عام نوع من التعددية المفرطة في تنسيقيات الشباب في المناطق الكردية امتدت الى أماكن الانتشار الكردي في مدن الداخل ونحو تمثيلياتها في الخارج أيضا وقد يحتاج الأمر الى دراسة معمقة لمعرفة الأسباب والدوافع لسنا بصددها الآن وكل ماهو مطلوب الآن بالحاح هو أن لاتتحول حالة التعدد الى تباعد حول الأولوية والأهداف بل يمكن التنسيق والتحاور والتعاون مادام الرؤية موحدة والهدف واحد وفي هذا المجال يطلب الحذر من الاختراقات ليس من جانب أجهزة سلطة الاستبداد فحسب بل من جانب جهات تقيم بالخارج وتعمل حسب أجندة غامضة جندت عناصر كردية أيضا لتمزيق التنسيقيات أو تطويعها للعمل لحسابها برفع شعارات معينة أو ممارسة مهام خاصة لاتدخل في برنامج الثورة ولكننا وبثقتنا الغالية بشبابنا ومعرفتنا ببطولاتهم وتضحياتهم الجسام ومعاناتهم نعلم علم اليقين أنهم يقظون وواعون لقضيتهم ومسؤولياتهم كيف لا وهم في القلب من الثورة وفي الصفوف الأولى في مواجهة الاستبداد .
مازالت الثورة السورية في اطارها السلمي وما استجد في هذا المجال ماتحصل من انشقاقات في صفوف الجيش السوري وأجهزة الأمن والادارة والتي انبثق عنها ميلاد الجيش السوري الحر الذي تمرد على أوامر النظام في قتل أفراد الشعب وضرب الثوار وتدمير المدن والأحياء وانحاز الى صف المعارضة والثورة وهو الذي يقوم بدور دفاعي أمام الآلة العسكرية الرسمية وهناك شبه اجماع على ضرورة دعم هذا الجيش الرديف لحركة المعارضة السياسية واعتماده كقوة عسكرية أساسية تلتزم بمصالح كل المكونات السورية القومية والدينية والمذهبية معنية بشؤون الدفاع عن الثورة والشعب وردع قوى النظام وهي الجهة المخولة لاستيعاب العسكريين المنشقين كل يوم من أي مكون كانوا بما فيهم العسكرييون الكرد واستقبالهم واعادة تأهيلهم وتنظيم صفوفهم لأن ذلك من شأنه حماية المدنيين وقطع الطريق على أي مسعى أحادي أو حزبوي أو فئوي أو مناطقي لعسكرة الثورة وحتى لاتتحول الصراعات السياسية بين أطراف الخندق الواحد الى تقاتل بالسلاح الذي تسعى اليه السلطة .[1]