الكرد السورييون في موقعهم الصحيح
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3451 - #09-08-2011# - 23:32
المحور: القضية الكردية
ازدادت الحملات الشوفينية من جانب السلطة وامتداداتها ضد الكرد وحراكهم السياسي منذ اندلاع الانتفاضة الوطنية السورية خصوصا بصور شتى وعناوين مختلفة فالنظام يمضي قدما وحسب سياسته المرسومة منذ عقود في اقصاء الكرد ليس من المشهد السياسي فحسب بل حتى من التاريخ والجغرافيا وعندما ضاقت به الأيام تحت ضغط الانتفاضة أراد اللعب على وتر التمايز وابعاد الكرد عن الصف الوطني بالتلميح الى تجنيس الكرد المحرومين وهو أمر مهين لشعبنا لأن نظامه الموروث هو من حرم عشرات الآلاف منهم من حق المواطنة ووصل العدد الى مئات الآلاف وبدلا من تقديم الاعتذار والتعويضات للمتضررين المحرومين من الجنسية والمصادرة أملاكهم والمغتصبة أرضهم استمر في درب التضليل من دون أن يحصد النتائج المرجوة حيث وقف الكرد صفا واحدا تجاه مهزلة التجنيس وردوا كل مناوراته التقسيمية بهدف دق اسفين بين الحركة الكردية وشركائها المعارضة الوطنية السورية عبر الرسائل من خلال وسطاء محليين وخارجيين لأن مصير الكرد لاينفك من المصير الوطني العام في مسيرة النضال على طريق التغيير الديموقراطي وازالة نظام الاستبداد واعادة بناء الدولة التعددية الحديثة التي تتسع وتحضن بالعدل والمساواة كل المكونات الوطنية القومية منها والدينية والمذهبية .
ما ان انخرط الشباب الكرد وحولهم الجماهير الشعبية الواسعة في الانتفاضة بجميع مناطق تواجدهم منذ أسابيعها الأولى وساروا في نهجهم الوطني المعتاد المجسد لمصالح شعبهم الآنية والمستقبلية والموصل الى سوريا جديدة حتى واصلت أجهزة السلطة تحركها بطرق أخرى وفي هذه المرة عبر وسيلة العصا والجزرة : التهديد بتقسيم الصف الكردي تارة باستمالة فئات وشخوص من الوجهاء الموالين وأخرى باستدعاء ممثلي تنظيمات تقليدية كردية محسوبة على السلطة منذ عقود بما في ذلك محاولة العودة الى احياء الصلات القديمة مع قيادة العمال الكردستاني تحت عنوان مواجهة العدو التركي المشترك التي لم تنتج عنها سابقا أية انجازات للقضية الكردية في تركيا وخلال أكثر من عشرين عاما سوى تحقيق مصالح خاصة للنظام السوري في صراعاته الاقليمية سرعان ماتوجها بعلاقات استراتيجية مع أنقرة اختتمت باتفاقية أضنة وطرد زعيم – ب ك ك – أو بالأحرى المساهمة في تسليمه الى أجهزة الأمن التركية هذا بالاضافة الا أن الوسائل السابقة التي اتبعت في علاقات الطرفين السوري والكردي لم تعد مجدية في العصر الراهن أمام الأحداث والتطورات الكردستانية والاقليمية والدولية وأمام التحولات على الساحة التركية بالذات والنهوض الكردي السلمي على صعيد المجتمع المدني الذي يؤكد على انتهاء دور وأمد اسلوب العنف والكفاح المسلح وتراجع اسلوب الاعتماد على دول الجوار لحل القضية الكردية خاصة اذاكانت تحكمها أنظمة غاصبة لأجزاء كردستان ومضطهدة للكرد وناكرة لحقوقهم .
الحملة على الكرد لم تتوقف هذه المرة على النظام الحاكم بل شملت صنفا في طور الانقراض من مثقفين عرب مصدومين أساسا من سقوط نظام صدام حسين ولايتمنون حدوث الأمر ذاته لتوأمه السوري ولم يجدوا مدخلا لمعاداة الانتفاضة السورية ودعم نظام الأسد الا من خلال – فش الخلق – بالكرد المنتفضين الذين يشكلون تهديدا لعروبة سوريا الى جانب جماعات وتيارات محسوبة على المعارضة السورية وبشكل خاص من أصولييها بوجهيهم ( الاسلاموي والقوموي ) الذين ينتهجون سلوكا اقصائيا تجاه الكرد السوريين وجودا ودورا وحقوقا ولايتقبلون في أجندتهم السياسية الآخر المختلف ولايقرون – الا على مضض - بتعددية المجتمع السوري قوميا ودينيا ومذهبيا ويرفضون الحقائق الموضوعية حول ماهو قائم على الأرض الوطنية اضافة الى العرب : الكرد والآشور والكلدان والأرمن والتركمان والشيشان والى الاسلام : المسيحية والأزيدية والى السنة : العلوييون والشيعة والاسماعيلييون والدروز وأن سكان سوريا من غير العرب السنة يناهز 40% ان تجاهل هذه الحقائق التاريخية من جانب الأصوليين يقود حكما الى موقف سياسي اقصائي شمولي برفض الدور والمكانة والاستحقاقات .
خرج علينا – الاسلاموي – السيد هيثم المالح قبل أيام في معرض لقائه الصحفي مع جريدة – ترو – الهولاندية متسائلا اين كان الاكراد في الثمانينات؟ لقد دفع العرب السورييون وقتها ثمنا باهظا لقد ساروا حينها مع الأسد نستطيع فهم مشاعر المالح الاقصائية تجاه الكرد التي حولها الى موقف سياسي معلن مع زملائه في الاسلام السياسي في مؤتمره الانقاذي باستانبول وقدم بذلك خدمة كبرى لنظام الأسد الذي منحه جواز السفر والاذن بعقد المؤتمر فهل هناك في هذه الحالة الانتفاضية التي تعيشها بلادنا أفضل لمصالح النظام من اثارة الفرقة العنصرية بين المكونات السورية ولكن نتوقف عند تهمته الباطلة وقراءته الخاطئة للتاريخ السوري أولا أحداث حماة في الثمانينات لم تكن انتفاضة وطنية كماهي الآن بل كانت عبارة عن فتنة طائفية بغيضة واعتداء وحشي من السلطة ذات طابع طائفي على المدينة وأهلها لها ذيول تتعلق بالصراع البعثي – البعثي بين دمشق وبغداد حيث قادة الاخوان المسلمين السوريين كانوا في العراق الذي دعم تحركهم العنفي الحامل ايضا للنزعة الطائفية في حلب ومناطق اخرى لازعاج دمشق وليس من اجل تغيير ديموقراطي سلمي وهل تحرك حينذاك السورييون في درعا ودمشق واللاذقية وحمص وحلب حتى يتجاوب الكرد معهم ولماذا يتورط الكرد في معركة لاصلة لها بالقضية الوطنية ثم أين كان المالح آنذاك هل كان يقود فصيلا مقاتلا ؟ .
كما خرج علينا د فاضل الخطيب – وهو صديق يحظى بالاحترام الشخصي – بخبرية جاءت في سياق مقالة منشورة بموقع – الحوار المتمدن - لم تكن موثوقة ومناسبة في ظرفها الزماني هل يُعطي الأسد حكماً ذاتياً للأكراد، قبل محاولة هروبه لحكمه الذاتي في القرداحة؟! هل جاء الوقت لإرسال وفد لإسرائيل بهدف الاعتراف الرسمي بها، كما حاول القذافي؟ وهل تتجاوب إسرائيل معه؟ بكل أسف زج الكاتب الموضوع الكردي كقضية مشروعة وكحقوق تجيزها وتنظمها مواثيق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الانسان ولاتنجز الا بقيام نظام ديموقراطي الى جانب مواقف ومسائل مسيئة وضارة وكأن اقدام الأسد على اقامة كيان طائفي أو ابرام صفقة مع اسرائيل لايختلفان عن اقراره الحكم الذاتي للكرد هذا الخلط ينافي الواقع ويناقض المبادىء السياسية الوطنية ويخالف العلم والمعرفة فنحن الكرد لم ولن نتوسل طاغية حتى يمنحنا حقا بل نرفع صوتنا مع غالبية السوريين : الشعب يريد اسقاط النظام ونحن سنحصل عليه عبر الانتفاضة الظافرة وبالتوافق مع الشركاء العرب السوريين وهل يعتقد الكاتب أن الكرد وبانخراطهم الكامل بالانتفاضة الوطنية ينتظرون رئيسا مهزوما فقد الشرعية ليمنح حقوقا لهم والكرد كانوا دائما مع الصف الوطني ولم ينجروا الى المؤامرات الخارجية ضد وحدة وسيادة بلادهم ويعرف الصديق العزيز تاريخ سوريا جيدا حينما قرر الزعماء الكرد النأي بالكرد عن مشروع الانتداب الفرنسي في اقامة كانتونات طائفية محلية علوية ودرزية وسنية .[1]