في ذكراها ال 11.. ثورة 19تموز - 4
جمعة محمد
لأن تغيير الذهنية هو أساس ثورة 19-06، فإن الركيزة التي استندت إليها الثورة للوصول إلى هدفها المنشود وإدامة الثورة ونشرها هو الأكاديميات.
مع انطلاق ثورة روج آفا في #19-07-2012# ، بدأت في المنطقة عمليات التغيير التي انطلقت الثورة من أجلها، فكانت المهمة الأولى هي بناء نظام جديد يحل محل هياكل الدولة التي لطالما مثلت الاستبداد والديكتاتورية والسلطة المركزية المستندة إلى الذهنية الذكورية، والتي لا ترى أي إرادة للمجتمع وتستعبد المرأة وتقوم بتهميش الشبيبة، واستغلال طاقات المجتمع والبيئة المحيطة لممارسة هيمنتها وسلطتها.
النظام الجديد في المنطقة هو مشروع الأمة الديمقراطية، الذي وجد طريقه إلى النور مع انطلاق ثورة شمال وشرق سوريا، فبدأت عمليات تشكيل المجالس المحلية والكومينات التي كانت مهامها الأولى هي تنظيم المجتمع، وتقديم الخدمات له، ونشر التوعية بين صفوفه، وتوجيهه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبناء نظام ذاتي للحماية، ونشر المبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين، مع مراعاة تنوع النسيج الاجتماعي، ووجود العديد من المكونات التي تحلّت بخصوصية ومارست حقوقها القومية.
وليجري العمل على ترسيخ نظام الأمة الديمقراطية، كان لا بد من البدء بالعمل على تأهيل كوادر تستطيع بناء هذا النظام ونشر المفاهيم التي يدعو إليها ويقوم بتطبيقها.
الأكاديميات تقود مهام الثورة الذهنية
على الرغم من تنظيم حصص وفعاليات تدريبية في الأشهر التي تلت قيام الثورة، إلا أن الحاجة إلى بناء مؤسسات معنية بهذه الأعمال كانت كبيرة، لذلك اتخذت خطوات في هذا الاتجاه.
ففي #06-04-2013# ، عُقد في مدينة عامودا، بطليعة الشهيد هركول (حسين شاويش) الكونفراس التأسيسي الأول لمؤسسة نوري ديرسمي للعلم والفكر الحر، لتصبح أول مركز لتوعية المجتمع في روج آفا.
ومن ثم تغير الاسم في الكونفراس الثاني ليصبح مؤسسة العلم والفكر الحر، ومع زيادة دور هذه المؤسسة في المجتمع والإقبال الشديد عليها من قبل الشعب، الذي أدرك أهمية التدريب والوعي، تم إطلاق اسم أكاديميات المجتمع الديمقراطي عليها في الكونفراس الثالث.
يكمن عمل أكاديميات المجتمع الديمقراطي على تدريب وتأهيل الأعضاء والإداريين العاملين في مؤسسات الثورة في شمال وشرق سوريا، بدءاً من الكومينات وصولاً إلى المجالس، ومختلف مؤسسات الإدارة الذاتية ومؤسسات المجتمع المدني.
اليوم، عشرات من أكاديميات المجتمع الديمقراطي في مناطق شمال وشرق سوريا، تقوم وبشكل مستمر بتنظيم دورات تدريبية يخضع لها العشرات كل مرة.
هذا إلى جانب انتشار العديد من الأكاديميات الأخرى، فقوات سوريا الديمقراطية لديها العشرات من الأكاديميات التي تعطي دروساً فكرية إلى جانب الدروس والتطبيقات العسكرية.
كما لدى حركة الشبيبة الثورية السورية أكاديميات خاصة تقوم بتدريب الشبيبة، إلى جانب 19 أكاديمية خاصة بالمرأة منها 7 تتبع لمؤتمر ستار، وأكاديمية تشرف عليها هيئة المرأة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهي أكاديمية الشهيدة نالين في إقليم الجزيرة.
مهّدت الأكاديميات الأرضية لإنشاء الجامعات. هناك 3 جامعات (كوباني، وروج آفا، والشرق) تعمل على تخريج الكوادر التعليمية، إلى جانب 11 أكاديمية و7 معاهد في عموم مناطق شمال وشرق سوريا.
تمارس كل هذه الأكاديميات مهام وأعمال الثورة الذهنية والفكرية التي تتطور يوماً بعد آخر، بالاستناد إلى الفكر الحر للقائد عبد الله أوجلان والمشروع الذي قدمه، مشروع الأمة الديمقراطية.
تكثيف نشاطات التدريب والتأهيل مع اتساع الثورة
شرفان مسلم، الرئيس المشترك لجامعة كوباني، وأحد الفاعلين في أعمال ونشاطات أكاديميات المجتمع الديمقراطي لسنوات عدة، أوضح أنه: مع بداية الثورة، كنا نؤمن بأن الثورة لن تنتصر إن اقتصرت على الجانب العسكري فقط، هناك حاجة إلى تحقيق انتصارات فكرية أيضاً، وبناء علاقة قوية فيما بين الجانب النظري والعملي، وهذا ما سيتحقق عن طريق التدريب، لذلك كانت الحاجة لتنظيم عمليات تدريب فكرية قوية، وهو ما بنيت عليه مؤسسات الأكاديميات.
وتحدّث شرفان مسلم عن الجوانب التي ركزت عليها الأكاديميات في دوراتها التدريبية ومحاضراتها، بالقول: تركزت عمليات التدريب في بدايتها حول نظام الإدارة الذاتية، كيف سيكون العمل وتعريف فلسفتها وهيكلتها المؤسساتية وعلاقتها الأخلاقية بالمجتمع، من هذا المنطلق لعبت الأكاديميات دوراً مهماً جداً.
وأضاف: بعد أن تحوّل اسمها إلى أكاديميات المجتمع الديمقراطي، عملت الأكاديميات على استقطاب كل فئات المجتمع، وجرى تنظيم الدورات التدريبية المغلقة والمفتوحة بشكل دوري وشهري، لتتناول كيفية تطبيق فلسفة الإدارة الذاتية وتطبيق هيكلتها المؤسساتية والنقاش حول الأخطاء والعثرات التي يشكو منها الناس.
وعن تجربته الشخصية، قال شرفان مسلم: من خلال مشاركتنا في تلقّي الدروس وإلقائها، رأينا بشكل واضح الأهمية البالغة التي لعبتها الأكاديميات في المجتمع، إذ يتمكن الإنسان بعد الدخول إليها من تغيير العقلية القديمة، وعندما نرى حولنا المستوى الذي وصلت إليه الإدارة الذاتية وعلاقتها بالمجتمع والتغيير الذهني الحاصل، وتقبّل المرأة داخل المؤسسات، فمن المؤكد أن الفضل في كل ذلك يعود إلى هذه الأكاديميات التي لعبت دوراً كبيراً داخل مؤسسات الإدارة الذاتية وأحدثت تغييراً فكرياً كبيراً نراه بشكل جليّ في يومنا هذا.
قالت هدلة خليل، وهي مديرة أكاديمية الشهيدة شيلان الخاصة بالمرأة في كوباني، إن: ثورة روج آفا أحدثت صدىً كبيراً، وكان للمرأة دور كبيرٌ فيها، فالمرأة تقوم بدور ريادي، حتى قبل انطلاق الثورة وأيضاً بعد انطلاقها، فقبل الثورة كان دور المرأة محصوراً في المنزل وأداء الأعمال المنزلية، لكن بعد الثورة كانت هناك صورة جديدة للمرأة على مستوى الشرق الأوسط والعالم أجمع.
وأضافت: المرأة أثبتت أنها تستطيع قيادة المجتمع والثورة، ومن هنا لعبت أكاديميات المرأة دوراً كبيراً في الثورة، فالأكاديميات تعتبر ركيزة أساسية في مشروع الأمة الديمقراطية.
وأشارت هدلة خليل إلى أن: المرأة تلعب دوراً كبيراً في الفكر، والأكاديميات أقيمت على أساس تطوير المرأة فكرياً ليتطور معها المجتمع وتتطور الثورة، فعندما تتطور عقلية المرأة ويتطور فكرها وتخرج من القالب الذي وُضِعت فيه، ستتمكن من إحداث صدى أكبر.
وقالت في ختام حديثها: الأكاديميات الخاصة بالمرأة ساهمت في أن تتعرف المرأة على نفسها، وتطور نفسها وأيضاً مجتمعها.
مصطفى محمد صديق، إداري في حركة الشبيبة الثورية في إقليم الفرات، قال: بعد الثورة كانت هناك حاجة لافتتاح أكاديميات خاصة بالشبيبة، والآن لدينا الكثير منها، إحداها أكاديمية الشهيدة كرزان، التي تعمل على تطوير مستوى العلم والمعرفة لدى الشبيبة، وكذلك التعرف على فكر القائد، إذ نسعى لأن يخضع الجميع للدورات التدريبية التي تقيمها هذه الأكاديمية التي تفتتح الدورات باللغة الكردية.
وأضاف: وباللغة العربية هناك أكاديمية الشهيد بوتان، إلى جانب أكاديمية للمرأة الشابة وأكاديمية للإعلام، وهناك الكثير من الأكاديميات ونحتاج إلى افتتاح المزيد لتستقبل عدداً أكبر من الشبيبة.
وأكد مصطفى محمد صديق أن: الأكاديميات أحدثت الكثير من التغييرات في مواجهة الحرب الخاصة التي يمارسها العدو ضد الشبيبة، نحن نرى الشبان والفارق قبل خضوعهم للتدريب وبعده، فالأكاديميات تعمل على التعريف بفكر القائد وحقيقة الكرد والدور الذي من المفترض على الشبيبة لعبه.
ودعا صديق: جميع الشبيبة القدوم والخضوع للدورات التدريبية لرفع مستوى المعرفة والوعي لديهم، وقال: سنقوم في المستقبل، إن كانت هناك حاجة، بزيادة عدد الأكاديميات والعمل على إشراك عدد أكبر من الشبيبة في نشاطات التدريب.
[1]