التغيير في سوريا مفتاح لحل أزمة المشرق ( 10 )
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3293 - #02-03-2011# - 09:16
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
التغيير في سوريا مفتاح لحل أزمة المشرق
( 10 )
الشعب يريد تغيير النظام
سؤال مفصلي يواجه سائرحركات المعارضة الوطنية في اللحظة الراهنة لدى شعوب منطقتنا في سياق الموجة الرابعة الهادفة للتغيير السلمي بعد موجات ثلاث متتالية بدأت منذ استقلال هذه البلدان وحلول البورجوازية الوطنية مكان المستعمر حسب عملية التسليم والاستلام غالبا ومرت بموجة الانقلابات العسكرية العنفية المغلفة بآيديولوجية البورجوازية الصغيرة ثم بالتدخلات العسكرية الخارجية الأكثر عنفا في عدة حالات بعد توقف الحرب الباردة بين الشرق والغرب وفي كنف بداية تشكل النظام العالمي الجديد هذه الموجة الثورية السلمية الراهنة يتصدرها عنصر الشباب والفقراء وعامة الشعب من الرجال والنساءعلى أرض الواقع وتقف الأحزاب النخبوية المهترئة متفرجة في الصفوف الخلفية في البلدان التي أتمت الانتفاضة الشعبية خطوتها الأولى في اسقاط رموز السلطة وتقف على أعتاب الخطوة التالية في تحقيق البديل مثل تونس ومصر أو التي على قاب قوسين أو أدنى مثل ليبيا أو المرشحة الى الانجاز مثل اليمن وسوريا وغيرهما واذا كانت عملية اسقاط الرموز والأشخاص سهلة المنال بفعل الجموع المليونية المحتشدة الهادرة أمام أبصار وأسماع العالم بفضل التكنولوجيا المعلوماتية المتوفرة مجمع عليها ولاخلاف حولها بين الأطياف والتيارات السياسية فلاشك أن استحقاقات المرحلة الثانية والأخيرة هي الأخطر والأكثر عرضة للأخذ والرد وتحمل في طياتها الكثير من المحاذير والتحديات .
قد يكون من حسن حظ السوريين أن الانتفاضات السلمية وقعت واندلعت في البلدان الأخرى قبل أن تطال بلادنا لتشكل في عبر تجاربها خير معين لنا ودرسا ثمينا نستمد منه القوة والحكمة وحسن التصرف ونتجنب الوقوع في أفخاخ السلطة وكمائنها المرسومة بهدف اثارة النعرات العنصرية والدينية والمذهبية أو اشعال الفتنة بين العرب والكرد في المناطق المختلطة ونوفر على شعبنا التضحيات ونتعلم سبل ادارة الأزمات بمنتهى التنظيم والتعامل الحضاري ونكتشف طرق مواجهة مخططات رؤوس النظام والاستفادة في عملية تحييد الجيش الوطني وحتى استيعاب مجاميع الشرطة ودعوة الأجهزة الأمنية وأعضاء الحزب الحاكم الى الانضمام الى الشعب من دون مقاومة نعم هذه دروس في متناولنا وقد نعوض التأخير الحاصل في نظر البعض لانتفاضتنا المنشودة بمزيد من الانتصارات الأسهل منالا والأقل خسائر .
هناك الكثير مايجمع بين الشعوب المنتفضة من قضايا أساسية وأهداف وأسباب قريبة وبعيدة جئنا على ذكرها في مناسبات عديدة أولها وأهمها حتمية التغيير الى جانب توفر بعض الخصوصية في تجربة هذا البلد أو ذاك عندما يتم الخوض بالتفاصيل وعلى سبيل المثال سوريا تتميز أكثر بكونها بلدا متعددة القوميات والمكونات وستنعكس تلك التمايزات على سير الانتفاضة السلمية وأهدافها وبرنامجها وشعاراتها ونتائجها وأهم مافي الأمر أن الغالبية من أطياف المجتمع السوري وشبابه ومثقفيه ومحروميه تتفق على ضرورة انجاز الخطوة الأولى من أهداف الانتفاضة وهي ازاحة رأس النظام المستبد وحاشيته وهي من الأولويات أما المراحل والخطوات والخيارات التالية ورغم أهميتها الاستراتيجية البالغة فيمكن انجازها في أجواء الحوار الديموقراطي والتوافق بالاستناد الى وعي السوريين وبالاستفادة كما ذكرنا من تجارب الآخرين وقد بادرت في الحلقات العشرة من كتاباتي الى التنويه بالقضايا الأساسية التي يجب التصدي لها ومعالجتها والتحاور حولها قبل وبعد الانتفاضة المنشودة .
تواجه الثورات والانتفاضات الشعبية اذا لم تتدارك متطلبات المستقبل ولم تتدارس القضايا الوطنية التي كانت مجرد الاشارة اليها من الممنوعات تحديات وردات وخلافات ومساومات تتداخل فيها العوامل الداخلية بالخارجية اما في ساعاتها الأخيرة أو بعد انتصارها وهي تتركز أساسا بين اتجاهين سياسيين واحد يعمل على تنفيذ الهدف في المواصلة على تغيير جذري للنظام من بنى فوقية وتحتية ودستورا وقوانين ونظام حكم وأحزاب شمولية حاكمة ومعالجات للمشاكل الأساسية مثل قضايا القوميات المضطهدة وادارة واقتصاد وخطاب ثقافي ورسم دورالجيش في الدفاع عن الوطن واستقلاله وسيادته وتقليص أعداد أجهزة الأمن لتقتصر على جهاز مؤهل لمواجهة التجسس الخارجي وآخر يرغب في تغيير الوجوه فحسب بخلع الحاكم والحلول محله من دون المساس بما هو قائم ولدينا في هذالمجال تجربة العراق عندما حاولت جهات اقليمية فرض ماأسموها بحلول وسط في ابعاد الرئيس المخلوع صدام والابقاء على حزبه وأحد أبنائه في السلطة وأمامنا تجربتا تونس ومصر اللتان مازالتا تتلكآن في خطوتهما الثانية نحو التغيير الحاسم وفي ليبيا يحاول الدكتاتور البحث عن بديل من أولاده يحافظ على استمرارية نظامه .
ومن أجل الشعور بثقل المهام الوطنية وعدم التنصل من مواجهة التحديات بالمستقبل أقول بأن شعبنا السوري مثقل بالهموم وبلادنا تواجه العديد من القضايا التي راكمها وفاقمها نظام الاستبداد منذ بداية ستينات القرن الماضي وتحديدا منذ تسلط حزب البعث على مقاليد السلطة عبر الانقلاب العسكري وليس من السهل تجاوزها من دون التوافق على التغيير الجذري من دون تردد وكما أرى فان هناك تباين في وجهات النظر في صفوف مايطلق عليه مجازا المعارضة الوطنية السورية بين من يهدف التغيير الحقيقي في النظام واعادة بناء الدولة على أسس عصرية بعد تفكيك بناها القديمة التي شيدت على مقاس حزب شمولي وحسب المفهوم الأحادي ويعبربذلك عن الغالبية الساحقة وبين من يدعو الى الاصلاح الشكلي ممثلا موقف الأوساط اليمينية الشمولية وأحزابها التقليدية في حركة المعارضة مستهدفا تحريف سيرالانتفاضة عن طريقها بالتعاون مع أعمدة النظام وقد لمسنا ذلك من خلال تعاطينا المباشر مع مختلف التيارات منذ أربعين عاما وحتى الآن ومن بيانات وتصريحات ومناشدات تفوح منها رائحة الخيبة والمذلة صدرت في الأونة الأخيرة من أطراف وشخصيات معينة معروفة ولاشك أن من حق أي كان الافصاح عن مواقفه كمايريد ومن حقنا أيضا أن نوضح من الآن أن زمن مايسمى بالاصلاح والترقيع قد ولى وأن القرارات الفوقية مهما كانت عناوينها براقة ومثيرة لن تجدي نفعا في محاولة تحسين وجه الاستبداد الأسود وأن مابني خلال عقود لن ينتهي بقطارة المراسيم وأن وقود الانتفاضة الشعبية وقادتها الميدانيين لن يرضوا عن ازالة نظام الاستبداد بديلا في وقت بلغ فيه النهوض الوطني الثوري أوجه في كل أرجاء المنطقة وقد لايتكرر ذلك دائما وأن شعبنا السوري الصامد الصابر يستحق العيش بكرامة في ظل النظام الديموقراطي التعددي والخلاص من تحكم وقمع واذلال سلطة المخابرات الشمولية الجاثمة فوق الصدور منذ نصف قرن.[1]