التغيير في سوريا مفتاح لحل أزمة المشرق ( 9 )
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3290 - #27-02-2011# - 11:08
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
التغيير في سوريا مفتاح لحل أزمة المشرق
( 9 )
صلاح بدرالدين
لانفهم ماذا يريد الأكراد
لم يصدر هذا الكلام عن أي مسؤول حزبي وحكومي رسمي سوري ولا من ممثلي وأعوان النظام في سفاراته وفي المؤسسات الدولية بالخارج ولا حتى من محققي الأجهزة الأمنية في جلسات استجواب الناشطين الكرد أو من مايسمى بالادعاء العام في محاكم أمن الدولة العليا بدمشق والمحاكم العسكرية الذي يعلم جيدا مطالب – المتهمين الكرد - ويقرر على ضوئها الأحكام بالسجن بين ثلاثة الى اثني عشر عاما ومن ضمن الحيثيات القانونية حسب رغبة الحاكم الاتهام باقتطاع جزء من أرض البلاد ويعاقب عليه بأقصى العقوبات وهو تفسير – بعثي – للمطلب الكردي المبدئي في الحق بتقرير مصيره ضمن اطار سوريا الموحدة وفي سياق المشروع الوطني الديموقراطي والمبدأ هذا حق مشروع ويستحوذ قبول ومباركة الرأي العام العالمي وشرعة حقوق الانسان وميثاق الأمم المتحدة ومبادىء القانون الدولي وحتى محكمة العدل الدولية التي أجازت استقلال دولة كوسوفا من طرف واحد نقول أن ذلك الكلام وبأسف بالغ يصدر بين الفترة والأخرى عن كتاب ومثقفين عرب سوريين من أصول بعثية بالدرجة الأولى أو اخوانية أو يسارية متطرفة يحسبون أنفسهم في الصف المعارض لنظام الاستبداد وبما أن الشيء بالشيء يذكر يتبادر الى الذهن ماقيل على لسان أحد القياديين الشيوعيين العراقيين البارزين ووزير دولة عندما كان الرفاق في جبهة النظام الوطنية التقدمية وكان الخلاف على أشده بين النظام العراقي والثورة الكردية وخلال جولة – توعية – قام بها في بلدان أوروبية من قول مشهور مازال موضع تندر النخب السياسية في كردستان لاأدري هدولا الأكراد شو يريدون من عندنا وللأمانة لم يكن هذا القيادي متفقا مع نهج حزبه الرسمي آنذاك بل انقلب عليه لأسباب لامجال لذكرها .
بعض من هذا النموذج تعايش مع الكرد في الوطن وتعامل معهم في شؤون الثقافة والسياسة وتعرف عن كثب على معاناتهم وفي خارج الوطن تواصل مع نشطائهم ومثقفيهم والتزم معهم في أحيان كثيرة في أطر جبهوية وطنية لأعوام وتناقش معهم مئات المرات حول التغيير والمصير الوطني عامة والقضية القومية الكردية والحقوق والدستور والنظام القادم في سوريا الجديدة ثم يطل علينا متناسيا كل ذلك ليزعم أنه لايفهم ماذا يريد الأكراد وفي حقيقة الأمر لايريد ان يفهم وكأنه لن يفهم أبدا , وهو تعبير ينم عن انتهازية متأصلة وتهرب من اتخاذ الموقف الوطني المناسب من قضية وطنية سورية بامتياز وبعض آخر من النموذج ذاته يحاول أن يتذاكى بايجاد مخرج يحفظ ماء الوجه بالهروب الى الأمام بالقول أن للكرد حقوقا مشروعة ولكن ليس الآن وقت اثارة الموضوع بل بعد تحرير البلاد من الاستبداد في حين وحسب ماأراه والكثيرون أن تناول أطياف المعارضة لقضايا وطنهم المصيرية من الآن والبحث عن البدائل الدستورية والقانونية وصياغة المواثيق والمشاريع حول سوريا القادمة ونظامها الديموقراطي التعددي في عملية حوارية ثقافية وسياسية متواصلة بالاضافة الا أنها ظاهرة صحية من شأنها أيضا أن تعزز صفوف المعارضة الوطنية وتطمئن القوميات والمكونات الأقل عددا وتحفزها للنهوض وتهيؤها للقيام بدورها الريادي في الانتفاضة والتغيير وتزيل من الآن مكامن الاختلاف وتقطع الطريق على احتمالات الفوضى والتصادم والفراغ الدستوري وكل من تسول له نفسه على محاولة ركوب الموجة وتبديل وجهة الانتفاضة أو تحريفها من جانب القوى والتيارات الشمولية العلمانية منها والدينية باسم ادعاء الحرص على وحدة الوطن ومواجهة التجزئة وصيانة الأمن القومي والحفاظ على ثوابت الأمة مما يشكل كل ذلك ثغرة تنفذ منها الثورة المضادة .
ان عملية التجاهل والمماطلة والتهرب من الاستحقاقات هي بحد ذاتها موقف سياسي ألم يزعم الرئيس التونسي المخلوع – زين العابدين بن علي – أنه لم يفهم شعبه طوال اثنين وثلاثين عاما عندما أعلن قبل هروبه بيوم واحد فهمتكم ؟ ألم يصرح دكتاتور ليبيا في خطبته ذات النكهة – الفاشية – الأخيرة قبل أيام مخاطبا الثوار والمنتفضين لاأفهم ماذا تريدون متجاهلا مع زميله التونسي المطالب الشعبية المطروحة يوميا منذ عقود في وسائل اعلام المعارضة وفي تقارير أجهزتهم الأمنية التي تتحكم في كل المفاصل وتراقب الشعب عن كثب وتنقل كل صغيرة وكبيرة بما فيها تعداد الأنفاس ولذلك لم تعد الشعوب تثق بحكامها ولاتعير تبريراتهم ووعودهم أي انتباه .
أقول للذين يعلمون أو لايعلمون حقوقنا ومطالبنا تعالوا لنتدارس كل القضايا السورية الأساسية المستقبلية : أولا وقبل كل شيء تعريف شعبنا السوري وتسمية مكوناته القومية والدينية والمذهبية ونسبها وأمكنة تواجدها وأحوالها وظروفها ومعاناتها واستحقاقاتها ومشروع متوافق عليه لدستور سوريا الجديدة وشكل النظام القادم المنشود وآليات تحقيق الديموقراطية والقضية القومية الكردية وسبل معالجتها والصيغة الأمثل لحلها ومستقبل الجولان المحتل ولواء الاسكندرون وقضية السلام والموقف من المسألة اللبنانية والمحكمة الدولية والعمل العربي المشترك والمحور الايراني لأن هذه القضايا والمسائل تستأثر انتباه الرأي العام والدول العظمى وأوروبا ومن شأن البت فيها وبلورتها واعلان مواقف جديدة تجاهها تختلف عن سياسات نظام الاستبداد كسب رضا ودعم المجتمع الدولي والمحيط الاقليمي وازالة ما علقها النظام بالأذهان من أن البديل سيكون الاسلام السياسي أو الفوضى والدمار والاحتراب واذا كانت الظروف غير متوفرة لعقد المؤتمرات والاجتماعات الموسعة لافي الداخل ولافي الخارج فلماذا لانستفيد من تقديمات تقنيات العولمة من فيس بوك وتويتر التي استخدمها بنجاح الشعبان التونسي والمصري كوسائل لتحقيق الانتصار .
انني لا أدعي التبشير بالثورة أو تحديد ساعة الصفر لاندلاعها لايماني بأن الانتفاضات الشعبية المعاصرة كما تدل تجارب الشعوب والمحيطان الاقليمي والدولي لاتقوم بأوامر أو فرضيات أو تدخلات أجنبية أو انقلابات عسكرية بل تنفجر من تلقاء نفسها لسبب ما قد لايكون بالحسبان وبصورة عفوية ثم تتوسع وتتعاظم مثل كرة الثلج ولكنني أرى أنه بالامكان المساهمة بتهيئة الظروف ومواكبة الحدث ثقافيا وفكريا ونفسيا والعمل على اشعال شمعات في هذا الظلام الدامس كما أرى أن أفضل وأثمن ما نقوم به هو البحث بمسؤولية عن متطلبات مابعد نجاح الانتفاضة في مرحلتها الأولى وطرح مشاريع وبرامج بعد التوافق عليها واشباعها درسا ونقاشا ومن هذا المنطلق بادرت الى طرح مشروع الأستاذ أنور البني حول دستور سوريا الجديد قبل نحو أسبوع وتبنته مواقع ألكترونية كردية مرموقة وتعاطى معه طرحا وتقييما نشطاء شباب في – الفيس بوك - لمناقشته واغنائه من جانب جميع التيارات الوطنية.
[1]