التغيير في سوريا مدخل لحل أزمة المشرق ( 1 )
#صلاح بدرالدين#
الحوار المتمدن-العدد: 3261 - #29-01-2011# - 10:42
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
( 1 )
دشنت الانتفاضة الشعبية السلمية التونسية المستمرة سابقة هي الأولى من نوعها في منطقتنا ومازالت مسيرتها تتواصل ودروسها تستقى من جانب المحللين والمتابعين يوما بعد يوم خاصة وأن شرارتها تجتاز الحدود وتطال الاستبداد والنظم الشمولية في المغرب والمشرق ومن المبكر الآن قياس درجة موجات التأثير التونسي على المحيط الشمال افريقي على وجه الخصوص والعربي عموما لأن كرة الثلج – البوعزيزي - في أوج تدحرجها وكل الاحتمالات قائمة بما في ذلك المصير المجهول لأنظمة استبدادية وحكام دكتاتوريين ضاقت بهم الشعوب ذرعا منذ عقود مظلمة خلت .
واذا كانت انتفاضة الشباب في تونس بمثابة نجم يسطع بلدان شمال افريقيا تذكي الهمم وتمنح الثقة بالنفس وتلهم الجيل الجديد لتصحيح مسيرة التاريخ التي حرفها الطغاة فان الأنظار من كل حدب وصوب تتجه الى الشعب السوري بمختلف مكوناته القومية والاجتماعية والثقافية وتياراته السياسية التواقة الى التغيير والتقدم وبشكل خاص جيل الشباب للقيام بدوره الوطني المناسب في الانتفاض السلمي وصولا الى تقرير مصيره وتحقيق ارادته في ازالة نظام الاستبداد الأحادي ( طائفيا وسياسيا وحزبيا وعائليا ) وتخليص السوريين من الاستعباد والقهر ونهب المال العام والتمييز العنصري والأحكام العرفية وقانون الطوارىء وتسلط الأمن والمخابرات والاعتقالات والاختطاف والملاحقات الكيفية المتواصلة والمحاكمات كل يوم وعلى مدار الساعة مستهدفة الى جانب المغضوب عليهم من غير البعثيين والموالين قراء الانترنيت وأصحاب المدونات وحتى العائدين من الخارج وخاصة من الكرد الذين يقومون بزيارة أهاليهم بطرق قانونية في تركيا أو يعملون ويدرسون في كردستان العراق كما حصل مؤخرا مع الكاتبين والمثقفين سيامند ابراهيم وحواس محمود .
لماذا تتجه الأنظار الى الشعب السوري ؟
أولا – لأن التغيير الديموقراطي السلمي في سوريا بالاضافة الى تحرير السوريين واعادة اللحمة للوحدة الوطنية وللدور الايجابي العربي والاقليمي والدولي لسوريا فانه يفتح آفاقا جديدة لاستتاب الأمن والاستقرار وتحرير أرض الجولان المحتلة واعادة كل الأراضي السليبة التي قايضها النظام في سبيل مصالحه واستمرارية وجوده .
ثانيا – لأن التغيير السوري سيصحح مسار الدولة ويفك الارتباط بمحور ايران التوسعي – المذهبي – القومي الذي يشكل سيفا مسلطا على البلدان العربية وكل قوى التقدم والتحرر في المنطقة ويكشف عن المخططات والاتفاقيات الأمنية السورية – الايرانية حول لبنان وفلسطين والعراق وبلدان الخليج .
ثالثا – لأن التغيير السوري سيكشف عن الصفقات الأمنية السورية - التركية منذ اتفاقية أضنة مرورا بالبروتوكولات الأخيرة والتفاهمات الاستراتيجية ومن ضمنها أسرار العلاقة مع اسرائيل وتنازل النظام السوري عن لواء الاسكندرون والتآمر على الكرد والحركة الكردية في سوريا وتركيا والعراق .
رابعا – لأن التغيير السوري سيفضح التآمر على العهد الجديد في العراق من التعامل مع نظام صدام المخلوع قبيل يوم التحرير واستقبال – علي الكيمياوي – مع هدايا مالية وأسلحة دمار شامل ( بيولوجية وكيمياوية ) ودعم وايواء الارهابيين والمشاركة في عمليات التفخيخ والقتل والابادة في مختلف مناطق العراق كما أنه – التغيير - سيعيد العلاقات السورية العراقية الى قواعد الجيرة والتعاون والتضامن .
خامسا – لأن التغيير السوري سيعري كل المؤامرات على شعب لبنان الشقيق منذ السبعينات وحتى الآن بما فيها الاغتيالات من كمال جنبلاط وحتى جورج حاوي مرورا برفيق الحريري ومئات الشخصيات اللبنانية الثقافية والنضالية والاعلامية ويكشف عن أسماء الجهات والأشخاص اللبنانيين المشاركين في الجريمة ويعلن ما تم من نهب وسرقات من جانب أجهزة النظام الأمنية والعسكرية في لبنان وبالتالي سيتم ترك اللبنانيين أحرارا ليقرروا مصيرهم من دون تدخل أو هيمنة أو وصاية .
سادسا – لأن التغيير سيؤدي الى دعم السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الممثل الشرعي وسيتم رفع اليد وعدم التدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي وتعزيز التنسيق والتضامن والعمل من أجل اعادة غزة الى جسم الوطن الفلسطيني وازالة آثار الانقلاب العسكري هناك .
سابعا – لأن التغيير سينهي العلاقات – المشبوهة – المثيرة للشكوك بين نظام الاستبداد من جهة وجماعات الممانعة اسلامية سياسية أو طائفية سياسية أو ارهابية تزعم أنها مقاومة ان كانت سورية أو عراقية أو لبنانية أو فلسطينية أو ايرانية أو غيرها من الجنسيات كما سيكشف عن كل الحوادث ذات الطابع الارهابي التي وقعت في البلاد والأطراف المشاركة فيها أو الداعمة لها .
ثامنا – لأن التغيير السوري سيزيل عقبة كأداء أمام علاقات الصداقة والأخوة والعيش المشترك بين الشعبين العربي والكردي على مستوى المنطقة برمتها بعد أن أساء اليها نظام الاستبداد الشوفيني توأم نظام صدام في النهج العنصري وسياسة تغيير التركيب الديموغرافي في المناطق الكردية واجراءات التعريب والحزام العربي ومما تجدر الاشارة اليه بهذه المناسبة أن نظام الاستبداد لم يعترف حتى الآن بارادة الشعب العراقي والنظام السياسي الجديد وخاصة الفدرالية الكردستانية .
لجميع هذه الأسباب وغيرها هناك مصلحة وطنية وقومية وعربية واقليمية ودولية لاجراء التغيير الديموقراطي السلمي في سوريا واذا كان التغيير مسؤولية سورية أساسية فلاشك أن بامكان كل الأحرار الحريصين على السلم والمجتمع المدني وحقوق الانسان والتغيير الديموقراطي والتعايش بين المكونات والمناوئين للارهاب المساهمة الايجابية فيها.[1]