مستقبل الشباب وتحديات الواقع ( مشكلة البطالة انموذجاً )
لافا خالد
عاطلون عن العمل , متعطلون, فئة البطالة ,فقدان البوصلة للتعايش مع مجتمع سوي, تختلف التسميات والمقصود واحد والنتائج تبدو متشابهة , ليس من السهل ايجاد تعريف شامل ومختصر لهذه القضية ولكنها بالاتفاق العام عملية مجتمعية تبدو مقصودة وفق خطط ممنهجة في أغلب الاوقات تتحمل أسبابها وتبعاتها جهات كثيرة , تدفع الشباب رغماً إلى الإنحراف وتفتح أمامهم أبواب الفراغ وارتكاب المنافي للأخلاق بل يرجح اكثر الخبراء الإجتماعيين والإقتصاديين إن أهم اسباب تفشي الجريمة وحالة الركود الاقتصادي والتردي الإجتماعي هو استفحال ظاهرة البطالة بشكل بات يثقل كاهل أي مجتمع بافراد متقاعسين من دون مشيئتهم بل تزيد من مشاكل المجتمع و حالة التدهور الاقتصادي المتردي أصلا لتنخر في جسده افاتاً وخراباً اجتماعياً وحتى فساداً ادارياً
سيقود الوضع العام المتفاقم على مختلف صعده نحو افاق أكثر كارثية , تفتح البطالة نفسها ابواب الهجرة على مصراعيها أمام الشباب الذين يبحثون عن واقع يقيهم مستقبل الضياع وهم في الوطن إلى دول ومنافي لم ولن تأبه بمصيرهم , وعوائد الكارثة حينها تتجلى بأبهى صورها على خريطة الواقع الحياتي اليومي المعاش , هنا في سوريا من المسؤول على ارتفاع معدلات البطالة ( لتبلغ اكثر من 16% حسب الأرقام المعلنة من هيئة مكافحة البطالة (1)؟ لما الأرقام تبدو اكثر جسامة بين صفوف حملة الشهادات العليا والمعاهد, المؤهلين والأكاديميين لننقذ اقتصادنا المتدهور ؟ من يقف وراء كل ذلك ؟ لما شريحة الشباب هي المستهدفة من هذه المعضلة وهنا في محافظة الحسكة على وجه الخصوص و التي تدفع الضرائب عن كل شيئ بشكل مزدوج ومضاعف تأخذ مشكلة البطالة اتجاهات كثيرة فهناك سياسة متقصدة بمنع استثمار اراضي المحافظة لبناء مشاريع استثمارية كثيرة ستحتوي كل الطاقات التي لا تجد لها منفذا في سوق العمل ومن ثم القطاع الخاص غائب أومغيب وبالأساس لايشكل مأمنا وظيفيا لجيش هائل من الشباب الذين يحملون شهادة فقر الحال ولم يحصلوا على أي فرصة عمل حسب اختصاصاتهم التعليمية, ولا وفق طاقاتهم كشباب قادرين على العمل في مختلف المجالات التي تتناسب ومؤهلاتهم بالإضافة إلى أن الكثيرين من الشباب الكرد مجردين من الجنسية السورية بموجب احصاء 1962 الجائر والذي يحرم على صاحب القضية بالعمل في الوظائف الحكومية وغيرها من الأسباب الكثيرة التي تدفع لاعداد العاطلين عن العمل بالتزايد المخيف في محافظة هي أساساً تأتي في المرتبة الثانية حيث المساحة التي ان استثمرت بمجملها ستقضي على مشاكل عدّة , وستسد المنافذ أمام ازمات كثيرة وتعتبر اساس الإقتصاد السوري بثرواتها الباطنية وأراضيها الزراعية , شباب كثيرون لهم آمال وآلام مشتركة يبحثون تائهين من فراغ لفراغ وشبح البطالة يطاردهم بعواقبها السيئة, يتسائلون إلى متى سنمضي لمصيرنا المجهو ومستقبلنا الحائر ؟
محمد شاب التقيناه صدفة يعمل سائق تكسي أجرة حامل لشهادة الحقوق مجرد من الجنسية , يقول لو وضعوا الرجل المناسب في مكانه المناسب لكنت الآن اعمل في سلك القضاء أو محاميا هناك سؤ توزيع للمؤهلين في اماكنهم المناسبة والقضية تتفاقم يوما عن آخر بل تتضخم على حساب أجمل المراحل التي يمكن للشاب أن يقول فيها أنه عاشها بقليل من المنغصات بالإضافة إلى ان عملية النمو الاقتصادي بطيئة جدا الامر الذي يجعل الكثير من الطاقات شاغرة عن مكانها الحقيقي .
أحلام طالبة جامعية تقول ليس لديّ تصور حقيقي أو فكرة واضحة عما سأفعله في المستقبل لكن ما اتوقعه واتلمسه إنه وبكل أسف أي البطالة المستقبل الذي ينتظرنا , فمعظم الدوائر لا تقوم بتعيين الشباب على اساس الكفاءة والخبرة والشهادة بل الواسطة والمحسوبيات هي من تتحكم بعملية إيجاد عمل من عدمه ويعني ذلك اشياء كثيرة وأتالم حينما أقول إن البطالة هو المستقبل وأي مستقبل تراك تتوقعه ؟
فارس صحفي لم يمارس مهنته ويتمنى عملاً حتى لو في سلك آخر المهم أن لا يكون في القافلة التي تمضي إلى المجهول , مشكلة البطالة متشعبة وعقيمة مترافقة مع سياسات كثيرة منها إن الدولة تتجاهل التنمية في المحافظات الأخرى فاغلب المشاريع الصناعية الكبرى لاتتمركز سوى في العاصمة مما يؤدي لتجاهل البيئات الاخرى وهجرة الشباب قسراً للعمل في العاصمة مما يؤدي لإفراغ المحافظات الأخرى من طاقات الشباب والمشكلة تبدو أكثر جسامة بالنسبة لأبناء الأرياف التي تعاني الأمرين , باتت البطالة مشكلة مدمنة للكثيرين من الشباب الذين يجدون كل الأفق مغلقة أمامهم لاتقل خطورة إدمانها عن ادمان السموم الأخرى .
جمال طالب طب أسنان يقول أرى مستقبلي كما مصيرأصدقائي الذين تخرجوا من سنوات ولايجدون المورد الكافي لفتح عيادة ماذا سيكون مصيرهم وسنوات العمر تمضي في فراغ كيف ستكون النتيجة وعلى من ستنعكس الآثار؟ بالتاكيد سأكون بدوري الجزء المكمل لهم اذا ما تجاهلت الجهات المعنية قضايا الشباب بمختلف اختصاصاتهم وكفائاتهم واستمرت في حالة الركود وعدم وضع المشاريع والخطط التنموية لإنقاذ أهم شرائح المجتمع حيوية وفعالية وتأثيراً على مختلف القطاعات
إذن ؟ ما البديل لمشكلة البطالة ماهي الحلول والمقترحات , ما دورك كشاب في مكافحة هذه المشكلة ؟ هل انت متفائل بمستقبل انت تخططه في سوق العمل أم ترى ذلك واجبا يتحمله من هم في دائرة صنع القرار ؟
بهية محمد ترى بأن البديل هو الخطط المكثفة الفعلية لمواجهة المشكلة ويكون ذلك التخطيط السليم لمشاريع تنموية تشمل كل ابناء المحافظات وتعديل قانون العمل بحيث تسمح تلك القوانين بالمشاريع الإقتصادية ليس فقط في العاصمة بل في مختلف المدن الأخرى كذلك دعم القطاع الخاص ساتفائل حينما اجد انني جزء من هذا المجتمع لا مغيبة كوني امرأة اولا وليس اخيراً.
ماجد محمد مرشد نفسي
عادة يشعر الشاب إنه مهمش ومستقصي من الخريطة السياسية والإقتصادية ويكرر بأن مشاكله المستعصية هي بالنسبة للمسؤولين قضايا تافهة لاتستحق وقت المسؤولين فيجدون أنفسهم بين مطرقة واقع , وصراع اجتماعي لا يرحم وسندان الحكومة التي لا توليهم الإهتمام المطلوب فيبحثون عن البدائل ربما نتيجة الواقع الصعب قد تدفعهم الأوضاع المعيشية الصعبة لبدائل لا يحمد عقباها لا للشاب نفسه ولا للمجتمع عموما
فمن المعلوم ان استمرار الشاب في ازمة اقتصادية نتيجة عدم توفر فرصة عمل له ومرافقة كل ذلك بشعور إنه عاطل عن العمل حيث لايجد ثمن رغيف الخبز أحيانا كثيرة ولا الممول الكافي لبناء مشاريع صغيرة تقيه شر مشاكل كثيرة أخرى ,كذلك الضغوطات الإجتماعية والأزمات الإقتصادية والواقع السياسي المحتقن كل ذلك يصيب الشباب بحالة يأس واحباط شديدين يولد في نفسه شعور عدم الثقة بالنفس وبالآخرين وبالمجتمع عموما ويدفعه كل ذلك إلى الشعور بحالة اللانتماء لبيئته فيجد نفسه أمام خيارات كلها مرة, تبدأ بحالة انتقام شديدة إما من نفسه حيث يعتزل واقعه وتكثر العقد النفسية , أو من مجتمعه وحدثت حالات مؤسفة كثيرة نتيجة مشكلة الإستمرار المتقصد في التعطل عن العمل , ومؤخرا باتت البطالة احد اوجه الإرهاب العالمي فما الذي يدفع الشباب للتطرف وتفخيخ نفسه سوى كم من التراكمات نتيجة حالة فراغ عن العمل بالإضافة لعوامل اخرى , لذا الحلول كثيرة والفرص متاحة لتجنب المجتمع عواقب كارثية الكل بغنى عنها , منها تقديم راتب بطالة للعاطلين عن العمل كبديل وقتي حالما توفر لهم الوظائف الثابتة , بالإضافة لتصحيح معادلة خاطئة تحدث أمام أعين الجميع ألا وهو وجوب وضع الفرد المناسب في مكانه المناسب ,المجتمع برمته يحتاج لوثيقة إصلاح إقتصادي سياسي إجتماعي لنقضي على المؤشرات المرعبة للواقع التراجعي الذي يتخيله كل فرد بأنه ليس أكثر من كونه ورقة كوتشينة يتلاعب بسنوات عمره ظروف ومعطيات قابلة للتصحيح فوراً ولكن هناك من يشاء أن يكون شبابنا الضحية ذو الرقم اللانهائي في عدد ازماته و تفوق كل مشكلة وعقبة عمره الزمني بسنوات ضوئية.
من جهة ثانية الحكومة تعلن بين الفينة والأخرى خططاً الكل ينظر لها بحرص شديد ويأمل ان تشمل الخطط نفسها كل الأفراد دونما تمييز وبعيداً عن الفساد والمحسوبيات التي أزمت مشاكل الواقع كثيراً
(ويكثر الحديث إننا أمام مستقبل قادم بفرص كثيرة وخيارات متاحة كما يعلن الكثير من المسؤولين وتبقى الإشكالية أنه لن يكون لصالح أحد تغييب تلك الفرص عن الشباب لذا فحل الازمة والموضوع برمته يتطلب القيام بعملية اصلاح شاملة على مختلف مستويات البنية الاجتماعية الإقتصادية والسياسية والثقافية من خلال الخطوط العريضة لإصلاح القطاع العام للقضاء على البيروقراطية والروتين الذي ينخر الجسد الاقتصادي ويدمر بنيته على ان تقوم بذلك تقوم مختلف الجهات بتفعيلها , اصدار قانون يمنح العاطل عن العمل راتبا لتامين مستلزماته الشخصية درءا لمشاكل كثيرة ومحاربة الهجرة بخاصة من الارياف من خلال تحسين الواقع المعيشي عبر آليات مختلفة ووضع الرجل المناسب في مكانه الصحيح حتى نطور اقتصادنا) (2), والاستفادة من تجارب دول كثيرة ساهمت في تقليص عدد العاطلين عن العمل كالتجربة الأوربية عامة والألمانية على وجه الخصوص , كذلك إلغاء الكثير من القوانين الإستثنائية في كل محافظات القطر ومحافظة الحسكة على وجه الخصوص والتي تعاني حساسيات معينة نتيجة احتقان تراكم مشاكلها النوعية المتنوعة ووضع استراتيجية عمل جديدة تتفاعل خلالها الحريات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية في اطار الغاية منها الارتقاء بكل المستويات المعيشية للمواطنين دونما تمييز لنقي انفسنا ومجتمعنا وننقذ مصير شبابنا الذي يتجه نحو المجهول في ظل الفرص الضائعة والخيارات الكثيرة المتاحة لحل الكثير من المعضلات .
المراجع
1- عمر قشاش (البطالة واستيراد العمالة الاجنبية نشرة البديل)
2- سامي حسن (البطالة في سورية واقعها واسبابها آليات الحد منها جريدة النور)[1]