مسيرة المرأة الكوردية عبر التاريخ
نارين متيني *
إن للمرأة دور هام وحيوي في أي مجتمع من خلال تقدمها في كافة المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية , ومن المعلوم بأن مدى تحرر أي شعب يقاس بمدى تحرر المرأة , ولذلك أن تحرر المرأة يؤدي إلى تحرر المجتمع بأكمله .
لقد لاقت المرأة الكوردية داخل كردستان وخارجها من خلال وضعها الاجتماعي مأساة ومعاناة كبيرين , فكانت ضحية مجتمعها دائماً وأبداً , وواجهت الكوارث والمصاعب وذاقت الكثير من المرارة .
لقد اضطهدت المرأة الكوردية في المجتمع الكوردي من كافة النواحي وخاصة سياسياً واجتماعياً , فمن الناحية السياسية كونها كانت كوردية واجهت الهموم والمآسي مع مجتمعها الكوردي . ومن الناحية الاجتماعية كونها كانت امرأة وأدنى قيمة من الرجل , فكان المجتمع ينظرون إليها بمنظار الدين ويحرمون عليها العلم والثقافة والعمل إلى جانب الرجل , لقد كانت تكد وتشقى ليلاً ونهاراً بوصفها عبيدة أسيرة وخادمة أمية لا تجيد القراءة والكتابة فلا تدرك العلم و لا تفهم معنى الحياة , لذلك تشكلت لديها قناعة باعتقادها ناقصة وغير قادرة على القيام بشيء هام , وهكذا ظلت مقتنعة تحت سطوة الرجل وهي راضية مرضية بذلك وكأن الحياة كانت وتكون وستكون هكذا بالنسبة لها .
لهذا فإن تأخر المرأة سياسياً و اجتماعياً كان له تأثير كبير لتأخر المجتمع برمته ولكنها مع مرور عقود كثيرة ظلت تقاوم من أجل تأمين حقوقها وتناضل لتنسف كل القوانين التي تمنع مساواتها مع الرجل , وظلت تقاوم حتى ما بلغت حد الاعتراف بها نسبياً في كثير من المجالات والنواحي الحياتية .
لقد دافعت المرأة الكوردية وبكل جدارة عن شخصيتها الإنسانية والقومية ونستطيع أن نذكر بعض الأمثلة من حيث نضالها ومرور مسيرتها , فسطرت التاريخ أحرفاً من النور الساطع على المثال عروس المشانق ليلى قاسم والتي كانت نبراساً للمرأة الكوردية التي ضحت بنفسها من أجل قضيتها القومية , و فاطمة الرواندوزية و حليمة خان الهكارية و مه يان خاتون و روشن بدرخان و ليلى زانا البرلمانية الكردستانية التي لا تزال تدافع عن شعبها الكوردي الصامد .
لقد أثبتت المرأة الكوردية وجودها في كافة المجالات الثقافية و الاجتماعية و السياسية وساهمت بدور فعال في بناء مجتمعها الكوردي , وهذا إن دلَ على شيء فإنما يدل على أنها جديرة بالحياة وبفتح أبواب الحرية لأنها تملك إرادة فولاذية ولها طاقات كبيرة لخدمة مجتمعها الكوردي والوقوف بكل شجاعة مع الرجل في مسيرة الحرية لشعبها الكوردي .
لكننا نلاحظ رغم ذلك في الكثير من المناطق بأنها لازالت تتلقى المعاملة السيئة من المجتمع الكوردي المغبون أصلاً , حتى إن بعض الرجال السياسيين والمثقفين يتمسكون بآراء وتقاليد قديمة وبالية إذ يتنافر أقوالهم مع أفعالهم .
فالمرأة ليست أدنى فهماً من الرجل ولا تقل عنه شجاعة , لا تختلف الرجل عن المرأة في أي شيء سوى من الناحية الفيزيولوجية فالمرأة مثل الرجل قادرة على إدارة الدول والشعوب والأمثلة كثيرة على ذلك , ووصلت إلى الفضاء كغيرها من زملاءها الرجال وقدمت بحوث علمية أفادت الإنسانية بشكل كبير وفي مجال الأدب والشعر كانت أغنى , وعبر التاريخ كانت المرأة سباقة على الرجل في إدارة المجتمع وذلك في التقسيم الأول للمجتمع البشري , وفي الاقتصاد لها خبرتها الوفيرة .
فالمرأة إنسان لها مشاعر وحقوق يجب أن تحترم وتصان , وتحديداً من هذه النقطة يتوجب عليها أن ترفع عن وجهها حجاب الخوف وأن تطالب بحقها في الحياة , وان تقوم بثورة ثقافية وتغسل دماغها من الجهالة , فالجهالة المتفرعة ضمن شرايينها آفة خطيرة والتي تؤدي إلى شلل في مجتمعنا الكوردي وبالتالي يؤدي إلى تأخره مقارنة بالمجتمعات المتقدمة , لذا علينا معالجة هذه الآفة ومنع انتشارها وإيجاد علاج سريع ومناسب لها والقضاء عليها بكافة الوسائل والإمكانيات .
إذ نحن شعب مسالم فيجب إفساح المجال للمرأة الكوردية لتأخذ دورها الطبيعي وإتاحة الفرص لها لمشاركتها إلى جانب الرجل لكي تتخلص من الجهل والآلام وينطفيء الظلم والظلام ويتحرر شعبنا وينعم بالحرية والسلام أسوة بغيره من شعوب العالم .
[1]