قاسم امين الكردي الامين على حقوق المرأة
بقلم:نوزاد جعدان
عندما تسمع باسمه تتذكر المرأة ,فهو المدافع عنها أكثر من المرأة نفسها وهو قبطان لسفينة اسمها الحرية على الرغم من العوائق وصخور التخلف التي واجهت سفينته ولم تهوي بل حافظ على توازنها ولاتهمه الرياح العاتية واضعا مرساتها في المكان الذي يرغب به,انه شخص رسم لطريقه دربا وعلى دربه سائر ومصمم ,فرفض حياة الارستقراطيين الفانية وأحب الخلود وحققه بانضمامه لقطار اسمه عظماء عبر التاريخ ,فهو أديب درس في بلاد الثورة الفرنسية فأحب أن يصنع ثورة نسائية ,هو شخص أراد التنفس في جو مضطرب وأحب الاستيقاظ في جو نائم وحالم ورغب بالحياة في عالم من الأموات فأثرت عليه الظروف
فوافته المنية ولم يصل من العمر الخمسين .
لنبدأ بثورة من الحرية ننتقل بها مع محطات من حياة طائر السلام والحرية قاسم أمين.
ولادة واصل قاسم أمين:
أبوه محمد بك بن أمين ابن أمير كردي اخذ رهينة للآستانة وتم تعيين والده فترة واليا على إقليم كردستان ثم جاء لمصر في عهد الخديوي إسماعيل وتزوج فأنجبت زوجته أولادا أكبرهم قاسم وكان بعض أجداده تولى على السليمانية من قبل السلطان العثماني.
ولد قاسم في بلدة طرّة بمصر في الأول من عام 1863 وتلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة (رأس التين) التي كانت تضم أبناء الطبقة الارستقراطية ثم انتقل مع أسرته إلى القاهرة و وسكن في حي الحلمية الارستقراطي وحصل على الثانوية العامة فالتحق بمدرسة الحقوق والإدارة ومنها حصل على الليسانس عام 1881وكان أول متخرج وعمل بعد تخرجه بفترة قصيرة بالمحاماة ثم سافر في بعثة دراسية إلى فرنسا وانضم لجامعة مونبلييه وبعد دراسة دامت أربعة سنوات أنهى دراسته القانونية بتفوق سنة 1885 وأثناء دراسته بفرنسا جدد صلاته مع جمال الدين الأفغاني ومدرسته حيث كان المترجم الخاص بالإمام محمد عبده في باريس.
بداية النبوغ والعودة من بلاد بلزاك:
عاد قاسم من فرنسا بعد أن قضى فيها أربعة سنوات يدرس بها المجتمع الفرنسي واطلع على ما أنتجه المفكرون الفرنسيون من مواضيع أدبية واجتماعية وراق له الحرية السياسية التي ينعم بها أولاد الثورة الفرنسية والتي تسمح لكل كاتب أن يقول ما يشاء حيث يشاء ,فأقام مبدأ الحرية والتقدم على أسس من الثقافة المسلمة وكان من المؤيدين لإمام محمد عبده في الإصلاح ورأى أن الكثير من العادات الشائعة لم يكن أساسها الدين الإسلامي وكتب في جريدة المؤيد 19 مقالا عن العلل الاجتماعية في مصر ورد على الدوق دار كور الذي كتب عن المصريين وجرح كرامتهم وقوميتهم وطعن بالدين الإسلامي في كتاب ألفه عام1894بعنوان(المصريون)وبحث في العلل الاجتماعية التي تعتري المجتمع المصري بأسلوب المصلح المشفق وقضى أربع سنوات وهو يكتب في المؤيد عن المواضيع التي أطلق عليها (أسباب ونتائج) أو (حكم ومواعظ).
تفجيره دعوة إصلاح وضع المرأة:
كان قاسم يرى أن تربية النساء هي أساس كل شيء وتؤدي لإقامة المجتمع المصري الصالح وتخرج أجيالا صالحة من البنين والبنات فعمل على تحرير المرأة المسلمة وذاعت شهرته وتلقى بالمقابل هجوما كبيرا فخلطت دعوته بالدعوة بالانحلال والسفور رغم انه لم يدع لذلك في كتاباته.
كان منذ شبابه مهتما بالصلاح الاجتماعي فاصدر سنة1898 كتاب (أسباب ونتائج وأخلاق ومواعظ) وتبعه بكتاب تحرير المرأة الذي تحث فيه عن الحجاب وتعدد الزوجات والطلاق واثبت أن العزلة بين المرأة والرجل لم تكن أساسا من أسس الشريعة وان لتعدد الزوجات والطلاق حدودا يجب أن يتقيد بها الرجل بها ثم دعا لتحرير المرأة لتخرج للمجتمع وتلم بشؤون الحياة بهذا الكتاب زلزلت مصر وأثيرت ضجة وعاصفة من الاحتجاجات والنقد ورد على قاسم محمد طلعت بكتاب (فصل الخطاب في المرأة والحجاب )ومحمد فريد وجدي بكتاب(المرأة المسلمة ) ولكن قاسم لم يتزعزع أمام النقاد فواصل يدرس الكتب والمقالات لمدة سنتين ويرد عليهما بكتابه( المرأة الجديدة) عام 1901ردا على ناقديه فطالب بإقامة تشريع يكفل للمرأة حقوقها وبحقوق المرأة السياسية وأهداه لصديقه الزعيم سعد زغلول.
بعيدا عن قضية المرأة:
كان قاسم قاضيا وكاتبا وأديبا فذا ومصلحا اجتماعيا اشتهر بأنه زعيم الحركة النسائية في مصر كما اشتهر بدفاعه عن الحرية الاجتماعية وبدعوته لتحقيق العدالة وإنشائه الجامعة المصرية وبدعايته للتربية في سبيل النهضة القومية ودعا لتحرير اللغة العربية من التكلف والسجع فقد كان أديبا مغوارا ولكن أحدا لم يتفق معه على التحرر من حركات الإعراب فماتت دعوته في رحم الكلمة.
قاسم احد رجال الإصلاح المنتمين لمدرسة الإمام محمد عبده الذين يؤمنون بالإصلاح التربوي التدريجي الذي من شانه أن يكون جيلا مثقفا مستنيرا قادرا على القيام بأعباء التغيير والتحول بعد أن يتمرس تدريجيا ويجد في نفسه القدرة على ذلك.
وكان للدوق دار كور الذي هاجم المصريين التأثير المباشر على قاسم إذ حرك مشاعره الوطنية وحث لديه بذور الإصلاح ودفعه للبحث في شؤون البلاد خاصة بعد أن وجد بينه وبين نفسه أن الدوق على حق ي الكثير من انتقاداته واتهاماته.
كان قاسم يحب الفنون ويعتقد أن الحياة محبة ورحمة وتسامح وسلام فكان رجلا مثاليا وتدرج في مناصب القضاء حتى كان مستشارا في محكمة الاستئناف وكان قبلها وكيلا للنائب العمومي في محكمة مصر المختلطة.
رحيل ناصر المرأة:
حساسية مشاعره ورهافة حسه ألقت ظلالها على حياته, فالشفقة ورقة قلبه على الفقير والجاهل والضعيف جعلت يد الموت تخطفه من دنيانا في #23-04-1908# وهو في الخامسة والأربعين سنة.
رثاه عدد من الشعراء كحافظ إبراهيم وخليل مطران وعلي الجارم وندبه الزعيمان سعد زغلول باشا فتحي زغلول فكان عزاؤهما بكاء وحزنا أبكى معهما جميع من بلغ القبر من المشيعين.
كان قاسم يهتم بالأسلوب والفعل ولايهمه المظهر كما أشار في كتابات متعددة عن المرأة بأنه ليس من المهم أن تكون محجبة إنما المهم في طريقة مشيتها وبتصرفاتها و يتبادر إلى ذهني كتاب لمحات من تاريخ العالم للزعيم الهندي جواهر لال نهرو عندما قال بان الحجاب أخذه الإسلام عن الديانة المسيحية ويتساءل بجملة معبرة فكيف لأمة أن تتحرر ومازال نصفه محجوزا وراء ذلك الحاجز؟.
من أقواله:
1-إن الوطنية الصحيحة لا تتكلم كثيرا ولا تعلن عن نفسها.
2-كلما أردت أن أتخيل السعادة تمثلت أمامي في صورة امرأة حائزة لجمال امرأة وعقل رجل.
3- لو أن في الشريعة الإسلامية نصوصاً تقضي بالحجاب، على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين، لوجب عليّ اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفاً يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرة في ظاهر الأمر، لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة.
لكننا لا نجد نصاً في الشريعة يوجب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين والدين براء منها.
جاء في الكتاب العزيز: (قُلْ للمؤُمنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ. ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ، إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ، وَقُلْ لِلمؤُمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصَارِهنَّ وَيَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا. وَليَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهنَّ أو آبَائِهنِ أوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِن أوْ أبْنائِهِنَّ أو أبَناءِ بُعُولتِهِنَّ أوْ إِخْوانِهِنَّ أوْ بَنِي إخَوَانهِنَّ أو نِسَائِهنَّ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُنَّ أو التَّابِعينَ غَيْرِ أُوِلي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أو الطِّفلِ الَّذينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النسِّاءِ وَلاَ يَضْربْنَ بأرْجُلِهِنِّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِيِنَتهنَّ).
قالوا عنه:
1-قال د.محمد حسين هيكل :
)كان مع حيائه الجم عيوفا يحترم نفسه وكرامته كما يحترم الغير وحريته فلم يجرب عليه ضعة ولا ضعفا ولعل أقدس ما كان يجله من مظاهر الحرية حرية الرأي) ويتابع هيكل:(انه كان قاضيا ممتازا لم يقض يوما لينال حظوة عند احد أو ليصفق له الجمهور فكان يرى أن العفو هي الوسيلة الوحيدة التي ربما تنفع لإصلاح الذنب وان معاقبة الشر إلى الشر إضافة شر إلى شر).
وقال هيكل أيضا:
(إن الدعوة لتحرير المرأة من رق الجهل ورق الحجاب لم تكن كل برنامج قاسم الاجتماعي بل عمل لإنشاء الجامعة الأهلية مع زغلول وكان يريد أن يجعل منها خطوة لبرنامج أوسع نطاقا يتناول ثورة في اللغة والأدب كالثورة التي أحدثها كتاباه في تعليم المرأة ورفع الحجاب).
2-قال الشاعر احمد شوقي:
إن المصيبة في الأمين عظيمة محمولة لمشيئة الأقدار
أوفى الرجال لعهده ولرأيه وأبرهم بصديقه والجار
وأشدهم صبرا لمعتقدات وتأدبا لمجادل وساري
3-قال د . شوقي ضيف:
(إن قاسم أمين حمل راية الإصلاح الاجتماعي).
4-قال الشاعر حافظ إبراهيم:
لله درك كنت من رجل لو أمهلتك غوائل الأجل
وشمائل لو أنها مزجت بطبائع الأيام لم تحل
مراجع ومصادر البحث:
1-أعلام الكرد –مير بصري –ص91-92-93-94.
2-قاسم أمين مصلحا اجتماعيا –منى الدسوقي 2004-دار الفكر العربي.
3- قضية المرأة/1.تحرير: محمد كامل الخطيب.
4- وكيبيديا –الموسوعة الحرة-قاسم أمين.
5- http://www.syrianstory.com/aminne.htm-
ذ[1]