تاريخ وهوية مدينة گر-چتل مهد صناعة مادة الخبز – الحلقة السادسة – دراسة تاريخية
بيار روباري
مدينة كوتاهي عاصمة إمارة گرميان الكوردية
كوتاهي كانت عاصمة إمارة گرميان الكوردية في شمال #غرب كوردستان# في فترة من الزمن كما ذكرنا ذلك سابقآ، لكن هي في الواقع أقم من ذلك بكثير وكانت هي نفسها إمارة كوردية قبل الميلاد في (3000) الألف الثالث قبل الميلاد. تقع المدينة في منطقة بحر إيجة وهي الأن إحدى محافظاتها. تبلغ مساحة هذه المحافظ اليوم (11.875) كيلومتر مربع، وعدد سكانها حاليآ حوالي (1000.000) مليون نسمة. يحيط بهذه المحافظة، محافظات بورصة من الشمال الغربي، وبيله-جك من الشمال الشرقي، وإسكي شهر من الشرق، وأفيون من الجنوب الشرقي، وأوشاك من الجنوب، ومانيسا من الجنوب الغربي وبالق أسير من الغرب.
تنقسم محافظة كوتاهي إلى (13) ثلاثة عشر مقاطعة هي:
1- ألطنطاش. 2- أصلانابا. 3- جودار حصار. 4- دومانيج. 5- دوملوبينار. 6- إيميت. 7- جيديز.
8- حصارجيك. 9- كوتاهي (العاصمة). 10- بازارلار. 11- شبخانة. 12- سيماو. 13- تاوشانلي.
يمتد تاريخ مدينة كوتاهي إلى (5500) خمسة ألاف وخمسمئة عام قبل الميلاد، على الرغم من أن علماء الأثار لم يتمكنوا من تحديد تاريخ تأسيسها بالضبط ولكنهم قدروا عمرها بأكثر من خمسة ألاف عام قبل الميلاد. أي أنها من الرعيل الأول من المدن التوروسية – الكوردية. ووفقاً للباحثين الذين نقبوا في موقع المدينة، يعتقدون أن الذين بنوا المدينة هم من الگوتيين الكورد، ومن ثم إستوطنها الهيتيين – الكورد وطوروها ونمت في عهدهم. وبعد هزيمة الدولة الهيتية على يد غزاة (شعوب البحر) الهمج، إستوطن المدينة ما أطلق عليهم تسمية “الفريجيون” وأراضيها. الفريجيون جاؤوا إلى شمال غرب كوردستان كمحتلين حوالي العام (1200) قبل الميلاد. وبعد هزيمة الفريجيون في العام (676) قبل الميلاد، على يد الكيميريين وهزيمة ملكهم “ميداس الثالث” سيطر المحتلين الجدد على مملكة “كوتاهي” وإنتزعوها من يد الفريجا والمناطق التابعة لها بطبيعة الحال.
الليديون إستغلوا الفراغ الذي سببه تدمير الكيمريين لفريجيا وأسسوا مملكة خاصة بهم على يد ملكهم “غيغس” حوالي العام (685-57) قبل الميلاد، مجاورة للكيميريين، وإتخذوا من مدينة (سارد) عاصمة وبلغت “ليديا” أوج مجدها في عهد أسرة “ميرماناد”، فإنتزعوا مملكة “كوتاهي” الكوردية من المحتلين الكيميريين وضموها لمملكتهم. سعى الملك “كروزوس” توسيع حدود مملكته “ليديا”، لذا حاول التوسع شرقآ على حساب الدولة الفارسية، التي بدأت قوتها في الظهور في هذا الوقت، فقام “كوروش” بمهاجمة مملكة ليديا، وخلع ملكها “كروزوس”، وقضى عليها وهكذا ففقدت ليديا إستقلالها وباتت هي نفسها جزءً
من الإمبراطورية الفارسية مع مملكة “كوتاهي” الكوردية.
ثم غزا الإسكندر المقدوني المنطقة وإنتصر على الفرس في العام (332 ق.م)، وبسط سيطرته على مملكة “كوتاهي” وعندما مات هذا الأخير أصبحت “كوتاهي” تحت حكم “أنتيگونس” أحد قواد إكسندر
العسكريين، ثم إنتقلت إلى حكم السلوقيين، وهكذا إلى إنتهت في يد العثمانيين بالأخير ومازالت بيد هؤلاء المحتلين الأشرار لليوم.
أما عن أصل إسم مدينة “كوتاهي” ومعناه، فأصل التسمية تعود للغة الكوردية دون أدنى شك، حيث هذه الكلمة أي “كوتاهي” تستخدم لليوم من قبل الشعب الكوردي، وتعني النهاية أو الخاتمة. وأسلاف الكورد إختاروا هذه التسمية بسبب وقوع المدينة على حدود البحر، وهي أخر نقطة برية من حدود شمال غرب كوردستان.
1
الإكتشافت الأثرية في مركز المدينة القديمة، أكدت أن مدينة “كوتاهي” عرفت فن الخزف الفاخر وذلك منذ العصر النحاسي بين الأعوام (5500-3000) قبل الميلاد، وعُرف هذا العصر أيضآ بإسم العصر الحجري – المعدني. وسبب تفرد هذه المدينة الكوردية بفن الخزف وتطوره، هو وجود رواسب طينية غنية في المناطق المحيطة بها، أي توفر المادة المطلوبة لصناعة الخزف وهي الطين من النوع الجيد، لهذا شهدت المدينة إنتاج الخزف بشكل مكثف، وإستمرت تلك الصناعة حتى خلال سيطرة المحتلين: “الفريجيين، الهلنستيين، الرومانيين، البيزنطيين، العثمانيين” على هذه المملكة. ولليوم يزوال سكان المدينة هذا الفن التقليدي والتاريخي الجميل.
وفي العهد العثماني، إحتلت مدينة “كوتاهي” المركز الثاني لإنتاج للخزف الفاخر بعد مدينة “إزنيق”. في حين بدأت عينات الخزف الفاخر الأولى بالظهور في مدينة “كوتاهي” في نهاية (1400) القرن الرابع عشر، لكن التطور الحقيقي كان بعد (1550) النصف الثاني من القرن السادس عشر، عندما كانت إزنيق في ذروة فن الخزف الراقي.
هذا وقد تأسست ورش عمل البورسلين الفاخر في “كوتاهي” لتلبية إحتياجات المدن الأخرى، وخاصة ما إحتياجات مدينة إسطنبول من البورسلين الفاخر. ومع إنهيار الدولة العثمانية، بدأت صناعة الخزف الجيد والفاخر في مدينة إزنيق بالتراجع، وبحلول (1800م) القرن الثامن عشر إختفت صناعة البورسلين من مدينة إزنيقتقريبآ، وهكذا أصبحت مدينة كوتاهي المكان الوحيد الذي ينتج فيه البورسلين الفاخر.
ج- مدينة شهر:
مدينة شهر الحالية بنيت على أنقاض المدينة الأثرية الكوردية القديمة، التي يعود تاريخها إلى (4000) الأف الرابع قبل الميلاد، وإسمها الحقيقي هو “گر-شهر”. وهي من المدن التوروسية – الكوردية القديمة في هذا الجزء من كوردستان. أما المدينة الحديثة بناها الكورد الهيتيين في (1460) ألف وأربعمئة وستين قبل الميلاد، وحافظوا على نفس التسمية. أي كلا المدينتين القديمة والحديثة مدينتين كورديتيين أصيلتين، وهذا يثبت بالدليل القاطع على كوردستانية هذه الأرض، ويدحض جميع أكاذيب المحتلين اليونانيين والرومان والأتراك وأسلافهم السلجوقة والعثمانيين الأوغاد.
المحتلين اليونانيين – الفريجيين إحتلوا المدينة حوالي العام (700) قبل الميلاد، وأطلقوا عليها تسمية يونانيآ هي “دوريلايون”، بهدف تغير هوية المنطقة وإعطائها صبغة يونانية بحتة لأهداف إستعمارية خبيثة. ومن بعدها خضعت للسيطرة الفارسية، وبعد الفارسسين خضعت مدينة “شهر” للسيطرة الرومانية في السنوات التالية ومن ثم السيطرة البيزنطية. وبعد هزيمة البزينطيين أمام السلاجقة في معركة “ملاذ- كورد” خضعت مملكة “شهر” للغزاة السلاجقة في العام (1079م) وغيروا إسمها إلى “سلطاننونو”.
ومن بعدها خضعت لسيطرة العثمانيين في العام (1288م) بعهد مؤسس الدولة العثمانية، والعثمانيين أعادوا لها إسمها القديم والأصلي، ولكن أضافوا لإسمها كلمة (إسكي)، التي تعني قديم. وهكذا بات إسمها (إسكي شهر) والتي تعني بالتركية المدينة القديمة، وهي فعلآ كذلك. وتسمية (شهر) هي كلمة كوردية وتعني “مدينة”. وهناك الكثير من المدن الكوردستانية التي يدخل في إسمها كلمة “شار” أو “شهر”، مثل مدينة “شهر-زور” وهذا دليل على أن أصل التسمية كوردية بحتة.
وبعد إحتلال المدينة من قبل اليونانيين وكامل المنطقة أقام فيها المحتلين الرومان-البيزنطيين، خلال سيطرتهم عليها، ثلاث مستوطنات جديدة تحيط بمدينة “شهر” هي:
1- مستوطنة دوريلاين: وتبعد مسافة (3 كلم) عن مدينة شهر.
2- مستوطنة حمام يونو: وتقع في منطقة الينابيع الحرارية القريب من المدينة.
3- مستوطنة كراجا حصار: وتبعد عن مدينة “شهر” بنحو (11 كم) من الجهة الشمال الغربي للمدينة.
وأشارات الحفريات التي أجريت في القلعة والمنطقة المحيطة بها، والعملات النقدية البيزنطية التي عثر عليها الباحثين، أكدوا أن المدينة القديمة تعج بالأثار الهيتية والبيزنطية معآ، وأنها كانت مأهولة بالسكان بين القرنين (700-1100) السابع والحادي عشر بعد الميلاد، وإستمرت الحياة فيها دون إنقطاع تقريبآ منذ ذاك الوقت ولحد الأن.
أثناء الحرب العالمية ودخول العثمانيين إلى جانب الألمان في الحرب، وخسارة دول المحور الحرب تمكنت اليونان من إحتلال المدينة وبسط سيطرتها عليها. وبعد أن تحالف المقور أتاتورك مع الكورد أعلن حرب التحرير ضد: الفرنسيين، البريطانيين، اليونانيين، الإيطاليين لتحرير البلد من إحتلالهم وبناء دولة للكورد والترك، وبعد تحقيق أهدافه غدر بالشعب الكوردي!!!
شن قوات “مصطفى كمال” حملة لتحرير مدينة “شهر” وتواجه الجيشان التركي واليوناني بتاريخ (26) السادس والعشرين من أب العام (1922) أول مرة، ومرة ثانية تواجهوا في (2) الثاني من شهر أيلول من نفس العام، وتمكن الجيش التركي من هزيمة اليونانيين وتحرير المدينة بالكامل من القوات اليونانية، وأثناء عملية الانسحاب قتلت القوات اليونانية الكثيرين من أبناء المدينة كنوع من الإنتقام، لا بل أحرقوا الخانت والفنادق والمحلات التجارية، والكثير من المعامل والمزارع، والأملال العامة والخاصة. وحتى القرى لم تسلم من شرهم ولا حتى الحيوانات. وفي العام (1923) ميلادي، تم تحويل مدينة شهر بشكل رسمي إلى مقاطعة وضمت ثلاثة مناطق يتبع لها إداريآ هي: 1- سيفري حصار. 2- ميهاليتشيك. 3- سيتجازي. وفي العام (1957) إضيف لها ثلاثة مناطق أخرى فأصبحت تضم اليوم (6) ستة مناطق.
4
5
كما رأينا وبالدلائل التاريخية إن الوجود الكوردي في هذه المنطقة التي يطلق عليها زورآ الأناضول يعود إلى عشرات ألاف السنين قبل الميلاد، وهي جزء أصيل من كوردستان، لكن نتيجة الغزورات المتعددة والمتكررة والإستيطان السرطاني فيها من قبل الغزاة والمحتلين: اليونانيين، شعوب البحر، الأشوريين، الفرس، الرومان، البيزنطيين، العرب المسلميين، السلاجقة، التتار، المغول وأخيرآ العثمانيين، كل ذلك لعب دورآ كبيرآ في تغير ديمغرافية المنطقة وهويتها الثقافية بشكل كبير، وحدث ذلك على مدى أكثر من (2500) ألفي وخمسمئة عام متتاليين، ولكن رغم ذلك ما زال الوجود الكوردي قويٌ فيها. كما نعلم فإن شمال غرب كوردستان ومعها غرب كوردستان تعرضت لثلاثة أنواع من الغزوات:
1- الغزوات البحرية البربرية:
ضمت الغزاة: اليونانيين، المقدونيين، الرومان، البيزنطيين، شعوب البحر، وجميعهم قدموا من الغرب.
2- الغزوات السامية السرطانية:
ضمت الغزاة: الكنعانيين، الأكديين (الأشوريين، البابليين)، الأموريين، العرب المسلمين وجميعهم قدموا من الجنوب.
3- الغزوات الأسيوية المتوحشة:
ضمت الغزاة: الفرس، السلاجقة، التتار، المغول، العثمانيين، وجميعهم أتوا من الشرق.
كل محتل من هؤلاء المحتلين ترك أثرآ ما على طبيعة مدن شمال كوردستان وطبيعتها الديمغرافية، وهذا أمر طبيعي نظرآ لأن هؤلاء الغزاة والمحتلين إستوطنوا شمال كوردستان لفترات زمنية طويلة، إمتدت لمئات السنين، بمعنى كان إستعمارآ إستيطانيآ سراطنيآ، وللأن الأتراك يحتلون شمال كوردستان، ولذلك نجد أثار هؤلاء المحتلين وبعضآ من بقاياهم في كوردستان. هذا لا يعني أن هذه الأرض أصبحت أرضآ أشورية أو فارسية أو يونانية-رومانية، أو أرضآ سلجوقية (عثمانية-تركية)، أو مغولية أو غيرهم من المحتلين والغزاة.
إلا أن أكثر الإحتلالات إجرامآ وخطورة كان الإحتلال:1 – اليوناني-الروماني. 2- الإحتلال السجوقي-المغولي ومخلافاتهم المتمثلة في العصابة العثمانية الإجرامية والعصابة الكمالية الحالية. كلا الإحتلالين قام بفرض دينه ولغته على الشعب الكوردي، وغيروا من طبيعة المجتمع الهيتي-الكوردي، وقاموا بيوننة المجتمع الكوردي وتتريكه، ولهذا خاض أسلاف الشعب الكوردي والكورد الحاليين صراعآ مريرآ مع هؤلاء الغزاة والمحتلين المتوحشين، أما االصراع مع العصابة التركية مازال مستمرآ لليوم.
دعونا نأخذ الإحتلالين اليوناني والتتاري كلآ على حدا:
أولآ، الإحتلال اليوناني-الروماني:
الغزو اليوناني لشمال غرب كوردستان وإحتلالها إحتلالآ إستيطانيآ مباشرآ، ومن ثم الإحتلال الروماني للمنطقة الذي دام أكثر من (1000) الف عام، كان له تأثير سلبي كبير وخطير على ديمغرافية وثقافة شمال غرب كوردستان، ولاحقآ التأثير الديني المسيحي المسخ، بعد تبني الدولة الرومانية-البيزنطية لهذه الديانة كديانة رسمية، وهذا ما أثر تأثيرآ كبيرآ على ثقافة أبناء المنطقة الكورد بسبب إنتشار الكنائس في ربوع شمال غرب كوردستان.
ولمن لا يعلم أن اليونانيين الحاليين أصلهم من جنوب البلقان وهاجروا حوالي (2000) الألف الثاني إلى يونان الحالية، من خلال هجترين الأولى ضمت (الأيونيين) والثانية ضمت (الأيوليين). وثم أسسوا ما يسمى اليوم اليونان. ومنها إتجه بعضهم نحو البر الكوردستاني لاحقآ حوالي (1300) قبل الميلاد، وبنوا مستعمرات صغيرة ومع الوقت نمت وكبرت وظهرت ممالك يونانية حوالي (500) القرن الخامس قبل
6
الميلاد مثل المملكة الليدية. ومن ثم جاء الغزو المقدوني بقيادة “الإكسندر الأكبر” في العام (332) قبل الميلاد، وتبعهم الرومان في العام (168) قبل الميلاد وغزوا معظم أراضي كوردستان التي كانت تخضع لليونانين، وفي العام (30) ميلادي سيطروا على كافة الأراضي الكوردستانية، التي كانت تحت سيطرة اليونانين.
وللتذكير فإن تاريخ الوجود اليوناني على حدود شمال غرب كوردستان يعود إلى (1200) القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أي مع إستيطان الأيوليون في اليونان الحالية. وفي العام (324م) إختار الإمبراطور الروماني “قسطنطين” بيزنطة لتكون العاصمة الجديدة للإمبراطورية الرومانية وأطلق عليها إسم “روما الجديدة”، التي أصبح إسمها لاحقآ القسطنطينية، وبعد الإحتلال العثماني لها سموها “إسلامبول” لكن بعد ذلك غيروا إسنهل إلى إسطنبول.
وفي عهد الدولة البيزنطية أصبحت القسطنطينية مركز المسيحية الشرقية، أي بعد سقوط الامبراطورية الرومانية الغربية، وبذلك أصبحت القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية وأحيانآ كانت تسمى الامبراطورية الرومانية الشرقية. وأقيمت أغلب المجامع المسكونية فيها، كونها كانت مركز الدولة ومن أهمها مجمع نيقيا ومجمع أفسس ومجمع خلقيدونية. وفي فترة الحروب الصليبية، بنى البيزنطيين مدينة كونيا إلى الشمال من مدينة “گر-چتل” وأقاموا في نفس الوقت مدينة أنطاكية في منطقة ألالاخ-أفرين.
وكما ذكرنا أنفآ غزت الدولة الرومانية كوردستان بين العام (168) قبل الميلاد والعام (30) قبل الميلاد، وإحتلت العالم اليوناني، وجميع المتحدثين باليونانية في العالم الإمبراطورية الرومانية كانوا من رعياها. وعلى الرغم من تفوق الرومان العسكري، إلا أن الرومان أعجبوا بثقافة اليونانين وتأثروا بها تأثيراً كبيراً وبإنجازاتهم الثقافة، حتى قال هوراس قوله الشهير:”اليونان الأسيرة أسرت غازيها البري بثقافتها”. وكان هوراس يعبر بذلك عن تخلف الرومان من الناحية الثقافية رغم تفوقهم العسكري والسياسي، ورغم ذلك فشلت روما في إنتاج ثقافة كثقافة اليونانيين. وفي القرون اللاحقة من الغزو الروماني للعالم اليوناني إندمجت الثقافاتين اليونانية والرومانية إلى أن شكلا معآل ثقافة يونانية-رومانية واحدة.
وفي المجال الديني، شهدت هذه فترة تغييرآ عميقآ للغاية، حيث شهدت الإمبراطورية ثورة روحية التي وقعت في بداية (300) القرن الثالث الميلادي، حيث إنحسر الديانة اليونانية القديمة، وإنتشار المعتقدات الجديدة القادمة من الشرق، حيث جرى تبني طقوس الآلهة مثل “إيزيس وميثرا” في المجتمع اليوناني. وكانت للمجتمعات الناطقة باللغة اليونانية من المشرقيين دورآ فعالآ في إنتشار المسيحية المبكرة في (200-300) القرنين الثاني والثالث للميلاد.
بفضل العامل الديني الجديد (المسيحي) تغلبت الدولة الرومانية على الفروق العرقية بين اليونانيين وأبناء الرومان، ووجدت في الديانة المسيحية أداة لدعم تماسكها وتعزيز الهوية الوطنية الرومانية القوية. ومن القرون الأولى أخذ اليونانيين يعتبرون أنفسهم رومانآ!!! وفي ذاك الوقت أصبح يطلق مصطلح “هيليني” لوصف الوثنيين، ولكن تم إحياء هذا المصطلح من جديد باعتباره إسم قومي في (1100م) القرن الحادي عشر.
وحكم الرومان واليونانيين شمال غرب كوردستان وأجزاء واسعة من غرب كوردستان أي (سوريا) الحالية أكثر من (1000) ألف عام. وخلال هذه الفترة الطويلة من الزمن، إركتبوا الكثير من المجازر والمذابح وفرضوا الديانة المسيحية على الكثيرين من أبناء الشعب الكوردي وهدوا المعابد الخورية وبنوا مكانها كنائسهم المسخة، وخير شاهد الكنيسة التي بنوها على أنقاض المعبد الخوري في مدينة “دلبين” أي إدلب الحالية.
وقاموا بعمليات تهجير قسرية ولعلها أكثرها قسوة وهمجية كانت تلك العملية التي قاموا بها في مدينة “گرگام” أي مراش الحالية، حيث هجروا سكانها الكورد وألبسوهم اللباس البيزنطي-المسيحي وأخذوهم
7
إلى مدينة ” أگرو” جنديرس الحالية في منطقة أفرين، ومن هناك نقلوهم إلى جبل “ليلون” وأجبروهم
على إعتناق المسيحية والعمل بأعمال السخرة وخاصة في البناء، وعندما غزا الغزاة العرب المسلمين المتوحشين فروا إلى لبنان ويسمون أنفسهم اليوم (مارونيين).
وتمكن المحتلين اليونانيين والرومان على مدى أكثر من (1000) الف من تغيير ديمغرافية المناطق القريبة من اليونان بشكل كبير جدآ، وبطبيعة الحال أثروا على ثقافة وعاداتهم من خلال الدين وتغير
أسماء المدن والمناطق. لا بل بأعمال أكثر وحشية وهمجية عندما قاموا بحرق مدينة ” أگرو” الخورية عن بكرة أبيها بسبب رفض سكانها الكورد – الخوريين في إعتناق الديانة المسيحية القرفة ومقاومتهم للإحتلال الروماني البربري. ومن ثم بنوا مدينة جديدة أو بالأحرى سنكة عسكرية لجنودهم إلى جوار
المدينة المحروقة، وأطلقوا عليها تسمية (جنديروس)، وقد كتبت دراسة تاريخية عنها وهي منشورة على شبكة الإنترنيت.
إستمر الوضع هكذا حتى غزا العربان كوردستان وإحتلوا كوردستان وإنتزعهوها من البيزنطيين ولهذا نجد فيها الكثير من الأثار الرومانية- البيزنطية بشمال غرب كوردستان وغرب كوردستان. للأسف حل محل هؤلاء المحتلين الهمج، محتلين جدد كانوا أكثر وحشية وبربرية وأقصد بهم المحتلين العرب المسلمين ومن بعدهم إحتلها العثمانيين وكليهما أسوأ من بعضهم البعض.
وأخر مجموعة من اليونانيين غادروا مدينة كونيا في العام (1923م)، عندما جرت عمليات تبادل السكان بين الكيانين التركي واليونان الحاليين. حيث غادر اليونانيين المدينة كلاجئين وإستقروا في اليونان، وفي المقابل جلب الأتراك من اليونان الألبان الذين جلبهم العثمانيين من البلقان وأجبروهم على تبني الإسلام وكانوا يحاربون في الجيش العثماني، ويعملون في خدمة السلطنة لقمع اليونانيين المناهضين للعثمانيين ودينها الإسلامي الشرير.
8
ثانيآ، الإحتلال العثماني-التركي:
من يعرف تاريخ كوردستان، يعلم جيدآ أن العصابة العثمانية هي من بقايا الغزاة والمحتلين السلجوقين
البرابرة، لا بل كانوا وحش بشرية، وقدموا إلى كوردستان من أعماق أسيا وحرقوا كل شيئ صادفهم في
الطريق إلى كوردستان، تمامآ كما فعل الوحش العربية الإسلامية التي قدمت من صحاري الربع الخالي. كلا المحتلين كانوا بدوآ وبعيدين ملايين السنين عن الحضارة الإنسانية ومازالوا لليوم كذلك. يعود أصل الغزاة السلاجقة إلى “سلجوق بن دقاق” أحد أفراد قبيلة “قنق” التي تنتمي إلى قبائل الغز الأوغوز الذين عرفوا باسم “الترك”.
بعد أن استقر لهم الأمر في بلادهم أخذ السلاجقة بالتوسع على نحو أكبر، وبدأ “طغرل” في توسعه باتجاه كوردستان، فتوجه إليها على رأس جيش كبير في العام (1041م) فهزم الديالمة الإيرانيين، الذين كانوا يسيطرون آنذاك على معظم أجزاء شرق كوردستان (ايران الحالية) ومعها جنوب كوردستان، أي الكيان (العراقي) الحالي وإنتزعهم لجرجان وطبرستان.
وفي العام (م1041) إستطاع “طغرل بك” الحصول على إعتراف السلطان العباسي بما إكتسبه السلاجقة من أرض، ليمنحوا شرعية على إحتلالهم، وهذكذا إستطاعوا توسيع حدود مملكتهم بسرعة هائلة. وفي العام (1055م) وقع “طغرل بك” إتفاقآ مع الملك البويهي حاكم بغداد، وعلى أثرها دخلها وإستقبله حاشد ضم أعيان الدولة والأمراء والوزراء العباسيين القذرين، وإعترف به الخليفة سلطانآ على المناطق التي كانت بحوزته، وهكذا أصبح جنوب كوردستان ضمن دائرة نفوذه.
ثم توجه “طغرل بك” إلى “ملا-ذكرد” وهي بلدة كوردية تقع في محافظة “موش” في شمال كوردستان فحاصرها ولكنها إستعصت عليه، فاتجه إلى مدينة أرزنجان فإستولى عليها، ثم عاد لحصار “ملا-ذكرد” ففشل في إقتحامها ثانية بسبب المقاومة التي أبداها المحتلين البيزنطيين، فإنسحب عائدآ إلى أذربيجان. وفي العام (1057م) إنشغل البيزنطيون بالصراعات الدخلية والتقاتل على العرش، فإستغل السلاجقة إنشغال البيزنطيين بأنفسهم فاجتاحوا “كبادوكيا” التي تقع في قلب شمال كوردستان وهي مدينة كوردية وإسمها تعني “مدينة الفرسان”، وهاجموا ملطيا، وتوغل “قتلمش” إبن عم “طغرل بك” في عمق شمال غرب كوردستان وإحتل مدينة كونيا وآكسريا ونواحيهما. وكما إحتلوا مدينة سيواس في العام (1059م) في عهد قسطنطين العاشر “دوكاس”، وبعد عشرة سنوات من ذلك مات الطاغية “طغرل بك” وتحديدآ في العام (1063م) ولم ينجب وريثا للعرش. كان أخوه “جكري بك” قد توفي قبله بسنوات لذا تولى الحكم إبن جكري الأكبر “ألب أرسلان”. وفي العام (1076م) إحتل السلاجقة مدينة دمشق وكافة مناطقة غرب كوردستان أي (سوريا) الحالية.
وبموت “ملك شاه” إنتهى العصر الذهبي لدولة السلاجقة البرابرة والهمج وبدأ عهد الانقسامات السياسية والحروب بين ورثة العرش السلجوقي البربري، مما أدى إلى تشتيت صفوفهم وإضعاف سلطتهم، وهنا بدأ البيزنطيين بالتحرك لإستعادة ما فقدوا من أراضي واسعة لصالح السلجوقيين المحتلين مثلهم. وشن
البيزنطيين حملة عسكرية ضد السلاجقة وهزموا سلطانهم المقبور “قليج أرسلان” شر هزيمة في شمال غرب كوردستان في العام (1097م)، وقتلوا أميرهم “كربوغا” في أنطاكيا العام (1098م)، ثم عبروا ساحل المتوسط الشرقي ومروا بمدينة “طرابلس” فأعلن سكانها الولاءها للبيزنطيين وهكذا إستولوا على القدس في العام (1099م)، بالإضافة إلى عدد من المدن الخورية. كما وأسسوا إمارتي أنطاكية والرها ومملكة بيت المقدس.
وبعد هذا التاريخ شهدت بقية مناطق الدولة السلجوقية تمردات وثورات عديدة، وعلى أثرها دخلت في حروب داخلية عديدة، مما أدى إلى زوال هذه الدولة الشريرة في العام (1157م)، التي لم تقل دموية من الدولة الأشورية وإمبراطورية محمد الإرهابية الإسلامية. هذه الخلفية كانت ضروية لفهم كيفية ظهور عصابة “بنو عثمان” في كوردستان وبناء إمبراطورية شريرة جديدة على أرضها وسواها من البلدان.
9
لو نظرنا إلى الخريطة الموجودة أعلى هذه الأسطر، سنجد محتلين، واحد قادم من جنوب البلقان وإيطاليا والثاني قادم من منغوليا ويتقاتلان على الأرض الكوردية والمعركة التي تواجهوا فيها وجهآ لوجه إسمها كوردي! ومع ذلك يدعي الطرفين ملكيتهما لهذه الأرض وينكرون هؤلاء الأوغاد وجود الشعب الكوردي وكوردستان!!!
بعد الغزو المغولي لشمال كوردستان وإحتلالها بين عامي (1241-1243م)، والتي بلغت ذروتها في معركة چيايه كوسا (جبل كوسا). حيث أظهر المغول بقياد الطاغية “هولاكو” قوة وتصميم على النصر وهزيمة السلاجقة، وبالفعل إستسلم بقايا السلاجقة الرومان له في العام (1243م)، وتابع حتى طريقه حتى إستولى على “إلكهاناتي” في العام (1335م).
حين تغلب المغول على السلاجقة، وبدأت تتفكك ممالك السلاجقة الروم، أعلن “عُثمان بن ارطُغرل” نفسه سلطانآ على إمارة صغيرة في أقصى غرب كوردستان على شاطئ بحر مرمرة العام (1299م)، كونه كان زعيم قبيلته، ومن هنا بدأ “عثمان الأول” بتوسيع كيانه الصغير حتى وصل إلى سواحل بحر مرمرة والبحر الأسود، وعندما أسقط المغول دولة السلاجقة، وقتلوا السلطان “علاء الدين وابنه”، ضم عثمان أراضيهم لإمارته الصغيرة وتأسست بذلك الدولة العثمانية، ثم أعلن مدينة بورصة عاصمة له في العام (1326م)، وإستطاع صد كافة الحملات البيزنطية المتكررة على إمارته الناشئة وتمكن من التغلب على تحالفات ملوك أوروبا في أكثر من معركة. وتحولت إمارة عثمان مع الوقت إلى دولة شاسعة وقوية ودامت نحو (661) عامآ وسقطت في العام (1922) على يد ضابط في الجيش العثماني إسمه (مصطفى كمال) الذي ألغى نظام الخلافة والسلطنة، وأقام مكانها جمهورية أي على أرض شمال كوردستان وتنكر لوجود الشعب الكوردي.
10
إتصف الحكم العثماني بالدموية والبطش الشديديين، وقامت السلطات العثمانية على مدى مئات الأعوام بألاف المجاذر والمذابح بحق الشعب الكوردي وغيره من الشعوب التي كانت ترزح تحت سيطرتهم بسبب التمردات والإنتفاضات والثورات التي قام بها الشعب الكوردي ضد السلطات العثمانية الدموية والمطالبة بحريته وإستقلاله، ونفس الشيئ فعلوا مع بقية الشعوب. وكون الكورد كان أقرب الشعوب إلى مركز االسلطنة فناله القسم الأعظم من الظلم والقهر والإستبداد. وليحافظوا على سلطنتهم كان العثمانيين يقتلون كافة إخوة السلطان الذكور، كي لا يندلع صراع على السلطة وتدب الخلافات بين الإخوة. إلى هذا الحد بلغ همجية ووحشية بنو عثمان، الذين كانوا يدعون الإنسانية ويقولون عن أنفسهم أنهم خلفاء الله في الأرض، ومع ذلك لم يحج واحد منهم إلى مكة على مدى (661) عامآ!!!
وكانوا يخطفون أطفال الغير مسلمين ويقومون بخصيهم ويجعلون منهم جنودآ في الجيش الإنكشاري العثماني، ويلقبونهم بأبناء السلطان. ورفض جميع سلاطين بني عثمان الزواج من نساء بني جلدتهم أي من الأتراك لأنهم كانوا يحتقرونهم نتيجة تخلفهم وأشكالهم القبيحة، وجميع الموظفين الكبار في الدولة العثمانية كانوا من غير العنصر التركي، وممثليها وولاتها في الأقاليم المختلفة، ومنهم ألاف الكورد وهذا ما يجهله الكثيرين من الناس لليوم.
ولكي يتحكم العثمانيين بالشعب الكوردي، أجروا عمليات تهجير قسرية عديدة، وهجروا ملايين الكورد من ديارهم ومدنهم وقراهم ووزعوهم خارج أراضي كوردستان، بدءً من البلقان ومرورآ بتونس ومصر واليمن والقوقاس، … إلخ. وأحلوا محلهم الأتراك، الشركس، العرب، الأرمن، وأقوام أخرى كثيرة، كي لا يستطيع الكورد تحدي السلطة العثمانية مرة أخرى، وخوف العثمانيين كان أن تقلد الشعوب والأقوام الأخرى الشعب الكوردي وتنهار دولتهم من الداخل.
ومارسوا سياسة التتريك بحق الشعب الكوردي مبكرآ جدآ، ومنعوا اللغة الكوردية في الوثائق الرسمية ودوائر الدولة وفرضوا اللغة التركية على الكورد مع إنها لغة هجينة (80%) ثمانين بالمئة من مفرداتها من اللغة الكوردية والعربية ولغات أخرى مثل اليونانية، ولا تجد سوى 10% من مفردات تركية في هذه اللغة.
ولليوم نسبة (80%) من سكان الكيان (التركي) الحالي من جذور كوردية، ونسبة العنصر التركي لا يعتدى (4%) من مجموع السكان. أما بقية السكان موزعين بين اليونانيين، الأرمن، البلغار، الروس،
الشركس، العربان، البلقانيين، اليهود. وتمكنت الدولة العثمانية وخليفتها تركيا من تتريك ملايين الكورد، وذلك عن طريق منع اللغة الكوردية كما ذكرنا، وإنكار الوجود الكوردي، إرهاب الكورد وتخويفهم، فرض اللغة التركية على الكورد وفي جميع دوائر الدولة، سجن الكورد الذين يتحدثون باللغة الكوردية، هذا إضافة لمنع الأسماء الكوردية، الأعياد الكوردية، اللباس، المعتقدات، الأغاني، الإحتفلات، إلى أخره من أشياء.
وبعد كل ذاك الجرائم والفظائع، يتحدثون عن التحضر التركي وسماحة الدين الإسلامي، وأنهم لم يجبروا أحدآ على تعلم التركية، مع العلم 50% من مفردات لغتهم من اللغة الكوردية، ونسبة 30% مأخوذة من العربية، ونسبة 10% من اليونانية، الألمانية، الإنكليزية، الفرنسية. وأطلق هؤلاء الغزاة على إحتلالهم الإستيطاني لكوردستان (الفتح الإسلامي)، فهل هناك كذب حقارة أكثر من حقارة “بنو عثمان” والعربان المسلمين، الذين إحتلوا كوردستان ودمروا وأحرقوا العشران من مدنها، وقتلوا مئات الألاف من الكورد الأبرياء هؤلاء الوحوش البشرية، ليس لسبب سوى أنهم رفضوا إحتلالهم ودينهم الشرير.
إن ما مارسته عصابة بني عثمان من عمليات وتتريك أسماء المدن والقرى والبلدات والمناطق الكوردية وعمليات قتل، ذبح، تهجير، بحق أبناء الشعب الكوردي على مدى (700) سبعمئة عام فاقت كل تصور إنساني. ولا أعتقد هناك شعب في التاريخ تعرض لم تعرض له الشعب الكوردي على يد هذه العصابة الإجرامية المتوحشة. وكل هذا الإجرام والفظائع مستمرة ليومنا هذا دون توقف، وعلى مرأى من العالم كله.
11
هذا إضافة للمذابح وعلميات القتل الجماعية، وتهجير القسري، وحرق عشرات ألاف القرى الكوردية وغمر المدن الأثرية بالمياه، وزرع المستوطنيين في المدن والقرى والمناطق الكوردية بهدف إحداث تغير ديمغرافي في كل مناطق كوردستان المتمردة.
ولتنفيذ هذا المخطط الشيطاني الخبيث إستقدم المحتلين العثمانيين مجموعات جركسية، تركمانية، تترية من القوقاز وأسكنوهم في إقاليم عديدة من شمال كوردستان، ومارسوا نفس السياسة في جنوب وغرب كوردستان. هذا إضافة لجلب الكثيرين من العربان ورزرعوهم في مناطق مختلفة من كوردستان، لكي يسيطروا على الكورد من خلال هؤلاء المستوطنيين، وإشعال الفتن بينهم وبين الشعب الكوردي. ولا يمكن لإنسان عاقل أن يصدق أن كل ذلك الإجرام، جرى بشكل عفوي وغير مقصود.
وصدق عالم الإجتماع التركي المرموق وصديق الشعب الكوردي إسماعيل بشكجي عندما قال قوله الشهير: “كوردستان مستعمرة دولية”. وبسبب تضامنه مع الشعب الكوردي والدفاع عنه تم سجنه عشرات السنين دون وجه حق.
واليوم تدعي العصابة التركية أن هذه الأرض ملكهم ولا وجود للشعب الكوردي وبلد إسمه كوردستان!!
مع العلم فقط في أنقرة، إسطنبول، إزمير، كونيا، أكسراي وبورصة يعيش أكثر من (10) عشرة ملايين كوردي.
عندما يقرأ الإنسان كل هذا التاريخ المشبع بالدموية والبطش والهمجية والبربرية، يدرك حجم وكم الظلم الذي تعرص الشعب الكوردي في شمال غرب كوردستان على وجه الخصوص وبقية أجزاء كوردستان بشكل عام، وعلى الفور يتضح له: كيف جرت عمليات التغير الديمغرافي وتتريك ملايين الكورد وتغير ملامح شمال غرب كوردستان، ولماذا. طبعآ الهدف من كل تلك البربرية بحق الكورد في شمال غرب كوردستان، هو تغير هويتها التوروسية – الكوردية، وتغير ثقافتها، لغتها، دينها، معابدها، معالم مدنها، تغير أسمائها، … إلخ. وكل هذا لم يجري في يوم وسنة واحدة، بل إستمر لأكثر من ألف عام، ويستغرب المرء كيف إستطاع الشعب الكوردي مواجهة كل ذاك الشر والوحشية التي تعرض له كل تلك السنين والصمود حتى يومنا هذا والمحافظة على هويته القومية وعدم إنصهاره بشكل كلي ويتحول إلى يونانيين وأتراك!!!
هذا الصمود يدل على مدى إرتباط الشعب الكوردي بأرضه وهويته القومية ودينه اليزداني المسالم. إن
سبب تمسك الكورد بأرضهم إلى هذا الحد، يعود إلى الديانة الخورية – الكوردية. حيث الديانة الخورية تقدس الأرض، وهي واحدة من أربعة مقدسات كوردية. الإنسان الكوردي لليوم مسلمآ أكان أو مسيحيآ، أو هلويآ (علويآ) أو يزدانيآ عندما يحلف، يحلف بالأرض والشمس والماء والسماء. نحن الشعب هذه هي مقدساتنا ولا نقدس الأشخاص لأننا لا نملك نبيآ، ولا نؤمن بذلك. لهذا زرادشت فشل في نشر دعوته بين أبناء إمته الكوردية.
والديانة الخورية – الشمسانية هي ذاتها ديانة: السومريين، الإيلاميين، الكاشيين، الميتانيين والهيتيين. الميديين الكورد إعتنقوا الديانة الزرادشتية مع الكورد الساسانيين، لكنهم لم يتخلوا عن تقديس الأربع مقدسات (الأرض، الماء، الهواء، الشمس/النور)، لأن الزرادشتية وزرادشت حافظوا عليها وهي جزء أساسي من الدين الزرادشتي. إذا فهمنا الديانة الخورية، ندرك سبب إرتباط الشعب الكوردي بأرضه ومدى حبه لها، من هنا ورد في النشيد الوطني الكوردي “أي رقيب”، إلهنا، إيماننا وديننا هو كوردستان
أي ترابها. وفي الفصول القادمة سوف سنتحدث عن الديانة الخورية بشكل أوسع لإعطاء صورة واضحة عنها.
نهاية هذه الحلقة وإلى اللقاء في الحلقة القادمة.[1]