الحركات والأحزاب الإسلامية الكوردية وأمتهان العمالة للأخرين
بيار روباري
التدين بمفهوه البدائي والحديث نبع من #كوردستان# ، بدءً بفكرة التوحيد، العبادة والمعابد، الصلاة، الصيام، الزكاة، القربان، وكل ذلك بدأ من منطقة “رها” في شمال كوردستان، ويعود الأمر إلى (14000) أربعة عشر الف عام من الأن. والتدين الكوردي على الدوام كان مسالمآ ومعتدلآ، وألهة الكورد الأوائل كلهن كانوا نسوة، وكبيرة ألهة الكورد كانت الإلهة “آن” وإشتق الشعب الكوردي من إسمها تسمية “أنيه” أي الأم. الإنقلاب الذكوري حدث بعد حدوث الطوفان وهو حدث تاريخي حقيقي وليس خيالآ ولكن لم يعم الكون، كما فسره كتاب التوارة والقرأن كذبآ.
والديانة الخورية (اليزدانية) هي أول ديانة في تاريخ الإنسانية وهي إم جميع الأديان، والهوية القومية والدينية لدى أسلاف الشعب الكوردي كانت موحدة. بمعنى كل إنسان خوري كان كورديآ، وكل كوردي بالضرورة خوريآ أو يزدانيآ بحسب التسمية الحديثة.
الفصل بين الهوية القومية الكوردية والدينية، بدأت مع ظهور الديانة الزرادشتية وذلك لسببين هما:
السبب الأول:
رفض الشعب الكوردي في عمومه دعوة زرادشت، وتمسكه بديانته الخورية (اليزدانية)، ولهذا غادر زرادشت موطنه ونشر أفكاره بين الفرس وسواهم.
السبب الثاني:
تبني الدولة الفارسية للديانة الزاردشتية كديانة رسمية لها، بمعنى دخول الفرس إلى هذا الدين وغيرهم من الأقوام، كون الإمبراطورية الفارسية كانت تضم العديد من الأقوام، ولم تبقى الزرادشتية فقط ديانة كوردية، كما كان الحال مع الديانة الخورية (اليزدانية) ولا تزال.
الفصل بين الهويتين القومية والدينية الكوردية توسعت مع الوقت، وخاصة بعد وصول الديانة اليهودية إلى كوردستان أثر سبي اليهود من قبل المحتلين الأكديين وفي عهد الإمبراطورية الأشورية، ولكن بشكل بسيط. لكن الفصل الواسع بين الهويتين حدث مع فرض الديانة المسيحية من قبل المحتلين الرومان – البيزنطيين لشمال و#غرب كوردستان# والذي دام (900) سنة. والكثيرين من اولئك الكورد الذين تمسحنوا إنسلخوا عن الإمة الكوردية، وإتخذوا من تسميات مختلفة أسماء لهم مثل تسمية: “الكلدان، النساطرة، المارونيين، سريان، ..”.
ولكن الهوة بين الهوية القومية الكوردية والخورية الدينية، توسعت جدآ مع فرض الدين الإسلامي الشرير بالقوة على أبناء كوردستان، لا بل هناك بعض الكورد المتأسلمين، هويتهم الإسلامية تتقدم عندهم على هويتهم القومية الكوردية، ومن ضمنهم تلك الحركات والتنظيمات الإسلامية ومن هذه التنظيمات:
جنوب كوردستان:
1- حزب الاتحاد الإسلامي:
تأسس هذا الحزب في العام (1992) بقيادة “صلاح الدين محمد بهاء الدين”، ويعتبر إمتدادآ لجماعة الإخوان المسلمين العالمية. وله علاقات وثيقة مع الجماعة الأم بمصر، وإخوان العراق وحزب أربكان وحزب اردوغان في تركيا.
2- الحركة الإسلامية:
تأسست هذه الحركة في الثمانينيات من القرن الماضي بقيادة الملا “عثمان” وهي حركة غير بعيد عن حركة الإخوان المسلمين العالمية من حيث التوجه.
3- جماعة أنصار الإسلام:
ويُطلق عليها (پاك) وتعد من أحدث التشكيلات السياسية الكوردية وتأسست العام (2001) ويتزعمها الإرهابي “فاتح كريكار”. إنشقت هذه الجماعة عن الحركة الإسلامية، وهي متشددة ولذلك لقبت بي “طالبان الكوردية”.
شمال كوردستان:
1- حزب الله:
تأسس في أواخر السبعينيات على يد المخابرات التركية لمواجهة حزب العمال الكوردستاني. عرف هذا التنظيم بتشدده وعنفه في مواجهة كل من يخالفه فكريآ. حيث قام بإغتيال رموز إسلامية مخالفة لرأيه مثل “عز الدين يلديريم” الذي كان يترأس جمعية خيرية.
2- حزب الدعوة الحرة:
أو “هدى بار” تأسس هذا الحزب في العام (2012)، يترأسه حالياً السيد (زكريا يابجي أوغلو). ويعتبر الجناح السياسي لحزب الله الكوردي.
المشكلة مع هذه التظيمات والأحزاب الكوردية الإسلامية بجميع طرابيشها هي التالي:
1- ولائها لمحتلي كوردستان من العرب والأتراك.
2- تقديم هويتهم الإسلامية المسخة على هويتهم القومية الكوردية.
3- التحالف مع قوى معادية للإمة الكوردية ولعب دور الطابور الخامس في كوردستان.
4- وقوفهم ضد إستقلال كوردستان، ويحاولون إستعادة الخرافة (الخلافة) الإسلامية.
5- يسعون إلى فرض الشريعة الإسلامية على الشعب الكوردي وتحويل كوردستان إلى تورا- بورا.
6- تجهيل المرأة الكوردية تمامآ، وتحويلها إلى جارية ومعمل للإنجاب فقط.
7- رفضهم القاطع لزرع الشعور القومي الكوردي في نفوس وأدمغة أطفال الكورد.
8- تفضيل لغة الأعداء على اللغة الكوردية.
9- الإهتمام بالمدارس الدينية التجهيلية، ورفضهم للمدارس الحديثة والمناهج المتطورة.
10- يعادون بقية القوى السياسية، وتقسسيم الشعب الكوردي على أساس مسلم وغير مسلم.
11- يستخدمون العنف ضد المخالفين لهم.
12- يطالبون بتغيير النشيد الوطني الكوردستاني “أي رقيب”، لأن نشيدنا الوطني يمنح كوردستان وشعبها الكوردي المكانة الأولى والثانية والثالثة والأخيرة.
بعض الكورد هذه الأيام يتهجمون على حركة حماس الفلسطينية الإخوانية لأسباب معروفة، وهي ليست مدار بحثنا في إطار هذا المقال. رغم موقف قادة حماس المعادي للشعب الكوردي وقواه الحية وخاصة مقاتلينا، وتأيديهم للإحتلال التركي البربري لمنطقة “أفرين، غريه سبي وسريه كانية”، إلا أنه يحسب لحركة حماس أنها تعمل لمصلحة شعبها ووطنها، بعكس الحركات والأحزاب الإسلامية الكوردية الحقيرة وقادتهم الأوغاد.
جزء عزيز من شعبنا الكوردي في منطقة شنگال تعرض لمذابح وحشية جماعية على يد تنظيم داعش الهمجي والإرهابي، ومع ذلك لم تقم التنظيمات والحركات الإسلامية الكوردية بإدانة “داعش” ولم تقوم بتنظيم مظاهرة من عشرة أشخاص تضامنآ مع بني جلدتهم!! ولكن كل مرة عندما يتعرض الفلسطينيين للإعتداء من قبل إسرائيل يخرج هؤلاء العرصات وهم مرتدين الشال الفلسطيني، للشوارع بمئات الألاف
دون حياء وخجل. بل هناك البعض من هؤلاء الأوغاد أيد ذبح الكورد اليزدانيين، والبعض الأخر منهم أيد إحتلال “أفرين، غريه سبي وسريه كانية”!!!!
هل هناك قلة شرف ووضاعة ونخاسة أكثر من هذا بربكم؟؟ ولهذا على الكورد أن ينتقدوا أولآ قذارتهم وينظفونها ومن ثم إنتقاد الأخرين. وسؤالي لهؤلاء قليلي الشرف وعديمي الكرامة:
كم مظاهرة سيرها الفلسطينيين نصرة للقضية الكوردية والعرب والمسلمين عمومآ؟؟
الجواب: ولا ربع مظاهرة!!!! كيف لا والكورد في نظرهم أولاد الجن.
أما الوضع في شرق كوردستان، مختلف إلى حدٍ ما ودور الدين فيها ليس أساسيآ سوى في حالة تمييز أنفسهم عن الفرس الشيعة، لأن الكورد في معظمهم سنة. الهوية الكوردية في شرق كوردستان بلورها الشهيد “قاضي محمد” والحزب الديمقراطي الكوردستاني، ولذلك لم يتبلور حركات إسلامية كوردية هناك، كما هو الحال في جنوب وشمال كوردستان. الدين محصور في الحيز الشخصي والإجتماعي التقليدي فقط.
وبخصوص الوضع في غرب كوردستان، يمكنني القول بأن هذا الجزء من كوردستان متحرر من سطوة الدين، لأسباب كثيرة منها ما هو تاريخي ومنها ما هو سياسي. والحزب الشيوعي السوري لعب دورآ مهما منذ عشرينات القرن الماضي في صفوف الجماهير الكوردية، ومن ثم إنتشار التعليم، ومن بعدها حزب البارتي لعب دورآ، وأخير حزب العمال الكوردستاني، وجميع هذه التنظيمات كانت ذات ميول يسارية، وهيمنت على الساحة السياسية الكوردية في غرب كوردستان لمدة طويلة ولا تزال، وهذا ما أحدث شبه قطيعة مع الفكر الديني السياسي، ومنع من ظهور تنظيمات إسلامية بين صفوف الشعب الكوردي ومن ضمنهم جماعة الإخوان المسلمين.
والشعور القومي الكوردستاني في غرب كوردستان يسبقون الأجزاء الأخرى بكثير، وحتى من ناحية التحرر الإجتماعي غرب كوردستان متحرر أكثر من الأجزاء الأخرى، ودور المرأة رائد فيها ونسبة التعليم عالية جدآ، ولا دور للعشيرة والقبيلة نهائيآ.
في الختام، إعتنق ما تشاء ولكن كإنسان كوردي يجب أن يأتي هويتك القومية في المقام الأول والعاشر. كأديب كوردي محب لوطنه وإمته بالطبع أفضل أن نعود مرة أخرى أن نوحد الهوية القومية والدينية معآ. وهذا يتطلب من جميع الكورد أن يعودوا إلى دينهم الخوري (اليزداني) كي نستطيع القيام بذلك. وثانيآ الإهتمام الجدي باللغة الكوردية الرسمية الواحدة، اللغة والدين معآ يمكنهما صون هويتنا الكوردية، ويقنذنا من الإنصهار في البوتقة العربية والتركية والفارسية. بمعنى أخر ديننا وربنا يجب أن يكون:
لغتنا الكوردية وأرض كوردستان ويزدانيتنا.[1]