الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ … كرد حلب نموذجاً (ح4)
-الأوابد والعمران
كتب المؤرخ إبن شداد في كتابه الأعلاق الخطيرة عن الدور البناء للكرد في حلب من حيث بناء المدارس والحمامات والمساجد وغيرها من المرافق الاجتماعية من الزمن الأيوبي وقبله وبعده لقد قام أسد الدين شيركوه عم صلاح الدين الأيوبي المتوفى في العام 1168ميلادية ببناء ثلاث مدارس في حلب، منها التي كانت بمقام جامعة وعرفت باسم الأسديّة.
كان للكرد حصة كبيرة في بناء المساجد والمدارس وأقنية المياه ففي القرن العاشر الميلادي لم يكن في حلب سوى عدد من المساجد لا تتعدى الأربعة ومسجداً منها في حي الظاهريّة وهو الحي الذي بناه الملك الكرديّ الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين الأيوبي لجيشه من الكرد والتركمان حين فتح مدينة حلب. كما توجد في حي باب النيرب تربة العلمي الأيوبي.
يقول المؤرخ ابن العديم وهو أحد معاصري الفترة الأيوبية في حلب: أنّه كان لأهل حلب صهاريج في دورهم، يخزنون الماء منها، ويبردونه فيها ماعدا بعض الأماكن المرتفعة في حلب كالعقبة وقلعة الشريف فإنّ صهاريجهم من المطر، وكانت قناة حلب، أو قناة الملك غازي تأتي من حيلان وهي قرية شمال حلب وتبعد عنها 12 كم.
تم انشاء سبيل قناة كيخيا المزال في أواخر عشرينيات القرن العشرين (مدرسة الزهراوي) على يد الكرد وكذلك قنطرة سبيل قناة كيخيا وباب وكشك قناة رستم منها خرجت عائلة رستم وعائلة قاسمو وعائلة محي الدين
كانت لمدرسة الأحمدية نسبة إلى القاضي الكردي أحمد أفندي بن طه زادة (1698- 1763) الشخصية الهامة في تاريخ الكرد دور كبير في نشر العلم.
جسر الأشرفية المشهور:
كان ماركو بولو يصفُ أحد الجسور في الأشرفية ، حجراً حجراً، فسأله قبلاي خان ولكن، إلى أي من هذه الحجارة يستند الجسر؟
فقال :الجسر لا يستند إلى هذا الحجر أو ذاك، بل إلى القوس الذي تصنعه الحجارة
بقي قبلاي خان صامتاً، مفكراً، ثم أضاف
لماذا تحدثني عن الحجارة؟ القوس هو ما يهمّني
– دون الحجارة لا وجود للقوس”. (“المدن المتخيّلة”، ايتالو كالفينو)
مزار الشيخ مقصود الكردي الأصل والذي سمي الحي باسمه يقع على أطراف القسم الشرقي من حي الشيخ مقصود هو الآن بمثابة خط تماس بين وحدات حماية الشعب والمرأة من جهة وقوات النظام من جهة أخرى
أما الأسرة الكردية بني خشاب فقد نهضت بحلب من خلال بناء المساجد والمشاهد المقدسة منها مشهد الحسين كما كانت لهم مكتبة عامرة تحمل اسم مكتبة بني الخشاب وقد بنوا الحمامات العامة والخاصة أيضاً ولهم في حلب القديمة تربة خاصة لهم تحمل اسمهم وكذلك درب في حلب يحمل اسم درب بني خشاب في حي الجلوم كما أنهم بنوا منارة الجامع الأموي الكبير في حلب عام 1089م وذلك على يد القاضي أبو الفضل الخشاب
يذكر الغزي في كتابه نهر الذهب في تاريخ حلب أن هذه الاسرة الكردية أسرة بني خشاب لها الزاوية الخشابية التي بناها محمد بن يحي بن الخشاب وهي حوش في شرقيها رواق فيه قبران أصبحت هذه الزاوية مهملة في الوقت الحاضر يسكنها بعض الفقراء بالرغم من أن المرحوم حسن بن أبراهيم بن سعيد بن الخشاب جددها (من صفحة أكراد عظماء على الفيسبوك)
مدّت الأميرة ضيفة خاتون الأيوبية قساطل المياه وبنت المدارس والخانقاهات (وتعني الفنادق)، ومما بنته مدرسة الفردوس ووقفت عليها أوقافاً عظيمة ورتبت فيها القرّاء والفقهاء والصوفيّة. كما حصّنت حلب فكانت منيعة في وجه المغول والسلاجقة والصليبين ومملكة خوارز مشاهیان.
– ملامح كردية من الحالة الاجتماعية المميزة
على سبيل المثال وليس الحصر:
بنو حمدون
تصاهر الكرد مع مدينة حلب لأول مرة، إذ أرسل أمير الدولة الدوستكية الكردية أبو علي حسن جماعة من أشراف بلاده إلى مدينة حلب عند أميرها أبي الفضائل أبن سعد الدولة أبن سيف الدولة الحمداني ليخطبوا أخته الأميرة ست الناس
مايلي من كتاب الكرد في موسوعة حلب المقارنة للباحث محمد عبدو علي ص19-20-21
كان للحمدانيين في حلب 944م علاقات قوية مع الكرد في الموصل وكذلك في ميافارقين وخاصة لأن والدة سيف الدولة الحمداني كانت كردية من ميافارقين في#شمال كردستان# وقد اعتمد سيف الدولة كثيرا على اخواله في التصدي للبيزنطيين وحماية القلاع والحصون كما أنه بعد وفاته دفن في ميافارقين حيث قبر والدته ووجود أخواله.
وعن أصل الحمدانيين ثمة رأي آخر حيث يكتب أ. محي الدين شدادو في صفحته الالكترونية في مقالة له بعنوان أصول الأسرة الحمدانية : الحمدانيون كانوا كردأ علويين أتوا من ميافارقين شمال #ديار بكر# ومازالت ميافارقين سكانها كرد علويون انتقلوا ألى الرقة ثم بالس (مسكنة بين الرقة وحلب )ُم إلى قنسرين فحلب ويقول بناء على كتاب لمحات من تاريخ بني حمدان أن سيف الدولة يتكلم مع خدمه وحاشية القصر في حلب بلغة لا يفهمها الجمع هنا يقول أ .محي الدين شدادو في مقالته أن تلك اللغة التي لم يفهمها على زعم مؤلف كتاب لمحات من تاريخ بني حمدان دون أن يذكر اسمه أنها كانت اللغة الكردية ولكن مؤلف ذلك الكتاب الذي كونه حديث في العهد السوري ومازال حي يرزق والكتاب مازال في مكتبات حلب وكونه عربي الهوى لم يذكر اسم اللغة الكردية قصداً .يقول أ. شدادو أن سيف الدولة الحمداني كان يقضي صيفه في ميافارقين التي تعيش فيها والدته ولازال فيها قبره بناء على وصيته بأن يدفن فيها وأن اسم العائلة حمدون وليس حمدان.
بنو مرداس
سقطت حلب من يد الحمدانيين عام 1001م وذلك بسيطرة المرداسيين عليها وتأسيس إمارتهم فيها ويذكر العلامة محمد امين ذكي بأن المرداسيين هم كرد وقد رحلوا شمالا بعد سقوط امارتهم في حلب وان عامل حمص شبل الدولة نصر بن مرداس اتى بمجموعة من الكرد سنة 1031م واسكنهم في الحصن الذي سمي باسمهم حصن الأكراد وهذا مذكور في كتاب عشائر الشام ص657وقد جاء بهم ليحمي عشيرته الكردية من البيزنطيين وقد جمع مسلم العقيلي صاحب حلب والموصل قبائل العرب والكرد واستعاد بها حلب وبعض الحصون من السلاجقة 1082
هناك عشيرة كردية كبيرة بشمال كردستان وتركيا تحمل اسم مرديسي وفي هذا السياق نقول بأن معنى اسم مرداس في اللغة الكردية هو القوي الشجاع .
للدور الكردي في حلب بناءً على كتاب الكرد في موسوعة حلب المقارنة للباحث أ. محمد عبدو علي ص19-20-21 في مقالة للأستاذ بافي رامان وفي صفحته أنه ورد في كتاب العلاقات الصليبية ص157 ,أيضاً أن دولة كردية ألا وهي الدولة الارتكية الكردية في عام 1117م لقد تأسست في حلب
بنو خشاب
هي اسرة كردية حكمت حلب لأربعة قرون .تنتسب هذه العائلة الكردية الحلبية إلى جدهم عيسى بن خشاب الذي جاء إلى المدينة في القرن العاشر الميلادي من قلعة حصن الأكراد في أيام سيف الدولة الحمداني عن كنية العائلة فهي الحلبي الكردي ولكنها تحولت فيما بعد إلى بني خشاب حيث عندما كتب عنهم أبن العديم وهو أبن العائلة التي عاصرت هذه العائلة فقد كان يذكرهم باسم عائلة الحلبي الكردي وهذا ما تم خلال الكتابة عنهم في نزوح العائلة من حصن الأكراد بعنوان : ترجمة حفيد جد الأسرة الفقيه أحمد بن الحسن بن عيسى إذ قال عنه أبو الفتح الحلبي الكردي اتسمت العائلة بعلو المكان اجتماعياً ,حيث يؤكد ذلك العديد من المؤرخين . فقد ذكرهم أبن شداد قائلاً بألقاب منها رؤساء حلب وكبرائها وأعيانها. أما الحلبي الغزي قال عنهم من أهل بيوت العلم في حلب وأطلق المؤرخون عليهم صفات: القاضي والرئيس والامام والصدر والعالم.
عام 1124م حشد الصليبيون قواهم وتحالفوا مع بعض أمراء العرب وسعوا إلى احتلال حلب وحاصروها طويلاً وكان حاكم المدينة الأمير الأرتقي تمرتاش بن ايلغازي الذي هرب مع قدوم الصليبين، فتولى قاضيها أبو الفضل يحيى بن الخشّاب الكرديّ تنظيم أمور الدفاع عن حلب وصمدت في وجه الصليبيين،. وقد تناول تلك البطولة التاريخية للقاضي أبو الفضل المؤرخ أرنولد توينبي قائلاً: منعت تحول الشرق إلى اللاتين أي أنها حافظت على أصالتها ولم يحتلها الأوربيون لذا لم يتمكنوا من تغييرها ديموغرافيتها.
كما برز دور الكرد مجدداً في حلب في القرن الثامن عشر في الفترة الجنبلاطية وما بعدها في القرنين الأخيرين حتى اليوم.
-بعض أعلام الكرد في حلب
استقطبت مدينة حلب وغيرها من المدن في العهد العثماني علماء الأكراد من سائر المدن والبلدات الكردية، لعجز المدينة الكردية عن منافسة كبريات الحواضر الإسلامية ك حلب، وبغداد، والقاهرة، ودمشق، وإستانبول، بالرغم من ازدهارها بشكل ملحوظ في العهد العثماني ك بدليس والعمادية والجزيرة، وكمؤشر على نمو المدينة الكردية كان ظهور بعض الأعلام الكرد الذين عرفوا بأسماء مدنهم، وليس بانتماءاتهم القبلية وقد بقيت هذه المدن تزّود الحواضر الإسلامية الأخرى خارج كردستان بالعلماء والمدرسين. وقد ورد ذكر أسماء عشرات من العلماء الكرد في كتاب (در الحبب في تاريخ أعيان حلب)، لابن الحنبلي (1502 1563م) الذين جاؤوا إلى حلب من شتى مناطق سكنى الكرد، أو ولدوا فيها. كما ترجم لأعلام الكرد في مدينة حلب “محمد راغب الطباخ الحلبي” (1877 1951م) في كتابه (إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء)، ومن مشاهير علماء الكرد الذين ذكرهم الحلبي في كتابه هذا: العالم الكردي القاضي أحمد أفندي بن طه زاده واقف المدرسة الأحمدية المشهور بالجلبي.
فمن هو هذا القاضي ؟
ولد أحمد أفندي في مدينة حلب سنة (1110ﮪ 1698م) على وجه التقريب، وتولى نقابة الأشراف سنة (1147 ﮪ 1734م)، كما تولى القضاء في القدس وبغداد، وبقي في قضاء بغداد إلى أواخر سنة (1164ﮪ 1750م ). وفي سنة (1165ﮪ 1751م) عاد منها إلى وطنه حلب، فشرع في بناء مدرسته في محلة الجلوم، زقاق الجلبي، شرقي جامع البهرمية، وسماها “الأحمدية” في سنة (1751م) ووقف فيها ما اقتناه من الكتب النفيسة والآلات النادرة، وبلغت كتبه ثلاثة آلاف مجلد، منها عدة مجلدات بخط يده الحسن . لقد اشترط أن يكون طلاب المدرسة الأحمدية ومعلميها من الكرد فقط ، وصرح في كتاب وقفه (إن الكتب الموقوفة لا تخرج من حجرة الكتب ولا من المدرسة لأحد، إلا بإعارة للقراءة والاستنساخ، ولا غير ذلك بوجه من الوجوه مطلقاً، وكل من أراد المراجعة والاستنساخ من الكتب المذكورة، فليأت في الأيام الأربعة المعينة لفتح حجرة الكتب، وهي يوم الأحد والاثنين والأربعاء والخميس.)، واشترط واقف المدرسة أن يكون للمدرسة (مدرس عالم متمم لجميع مواد العلوم العقلية والنقلية، ويكون من صلحاء كرد ما وراء الموصل من سنجق كوي أو سنجق بابان أو من صوران أو من غيرهم)، وقد عين الواقف الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عمر الكردي من سنجق كوي، وإذا انحل التدريس يوجه المتولي لمن يوجد في المدرسة من الكرد المذكورين، وإن لم يوجد في المدرسة المرموقة من الكرد، يوجه التدريس لمن يوجد من الكرد المذكورين في البلدة، وإن لم يوجد ينيب المتولي أحداً في خدمة التدريس المذكور بالوظيفة إلى أن يقدم إلى البلدة من علماء الكرد من هو بهذه الصفات. كما اشترط أن يكون سكان حجر المدرسة العشرة من كرد ما وراء الموصل وسنجق بابان وغيرهم من أكراد تلك الأطراف، لا يسكنها من أهل البلدة أحد على شرط أن يكون غير متزوج ومن تزوج سقط حق سكناه في المدرسة . توفي القاضي أحمد أفندي بن طه زاده سنة (1177ﮪ 1763م) في مدينته حلب الشهباء).
IMG-20240605-WA0010-300x225 الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ … كرد حلب نموذجاً (ح4)
الشيخ البرزنجي
في نحو سنة (1315ﮪ 1897م)، أتى إلى حلب الشيخ عبد السميع بن الشيخ أحمد الكردي البرزنجي، من قرية جنارة التابعة لقضاء حلبجة وتولى التدريس في المدرسة الأحمدية، بعد وفاة مدرسها الشيخ حسين الكردي، وذلك نحو سنة (1334ﮪ 1915م)،ولم يكن الشيخ عبد السميع فصيح اللسان في اللغة العربية وإذا قرأ لأبناء الكرد، قرر لهم الكتب العربية باللغة الكردية، مع فصاحة وحسن بيان لأنها لغته الأصلية، وهنا يطرح سؤال نفسه: كيف لصاحب كتاب (إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء) أن يقيّم لغة الشيخ الكردي ويثني على حسن بيانه في الكردية، دون معرفته باللغة الكردية؟ ترى هل تعلم منه الكردية بعد أن لازمه خمس سنين أو أزيد؟ أم هو مديح التلميذ لأستاذه؟). توفي الشيخ عبد السميع سنة (1338ﮪ 1919م) في مدينة حلب، وربما كان آخر المدرسين الكرد في المدرسة الأحمدية التي اشتهرت بمخطوطاتها الثمينة والنادرة، ونقل قسم كبير من مخطوطاتها إلى “مكتبة الأسد”.
الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ … كرد حلب نموذجاً (ح4)
الأميرة ضيفة خاتون الأيوبية
من الشخصيات الكرديّة التي تولت حلب الأميرة ضيفة خاتون(احيانا” صفية خاتون) بنت الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب حلب: (1185-1242م) أصبحت صاحبة التصرف في حلب وسلطانة بالوكالة بعد وفاة ابنها الملك العزيز “محمد” وولاية حفيدها الناصر (وهو طفل) وتصرفت تصرف السلاطين في حكم حلب لمدة ست سنوات. وعاشت حلب مرحلة ازدهار في عهد الأميرة ضيفة ومن مآثرها تخفيض الضرائب وإيثارها الفقراء فكانت تحمل إليهم الصدقات الكثيرة.
الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ … كرد حلب نموذجاً (ح4) الوجيز من الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ … كرد حلب نموذجاً (ح4)
العلامة حسين حزني موكرياني
تعد أول مطبعة كردية من مظاهر الوجود الكرديّ في حلب تلك التي جلبها حزني موكرياني من ألمانيا إلى حي الأكراد في حلب والمطبعة محفوظة إلى اليوم في متحف راوندوز.
في عام 1915، عندما كان عمر العلامة حسين حزني موكرياني 22 عاماً سافر إلى ألمانيا و اشترى من برلين آلة طباعةٍ ذات حروف بهلوية صورانية والتي يقال عنها خطأً حروف عربية ونقلها إلى حلب، حيث قام بنفسه بصنع قوالب وسكٍّ للأحرف الكردية الصورانية غير الموجودة في العربية (پ، ڤ، ژ، گ، چ) لتتوافق مع الأبجدية الكردية المكتوبة بالأحرف البهلوية الصورانية الكردية، وبدء بطباعة الكتب والصحف والمجلات الكردية
لا ينسى هنا المفكر عبدالرحمن الكواكبي الذي ينتمي إلى العائلة الصفوية الكردية وغيره والعديد من الفنانين الكثر المبدعين.
-اللحمة الاجتماعية
منذ عام 2011م حيث الاحداث المدمرة في سوريا ,فقد تصدت وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب والأسايش في البداية ومن بعد ذلك تشكل قوات سوريا الديمقراطية لهجمات المتطرفين المتشددين الذين ينشرون الخراب والدمار التي نجحت في دحرهم ومن ثم تحرير تلك الأحياء ذات الأغلبية الكردية في حلب, استخدم النظام السوري سياسة عدائية تجاه السكان حيث حاصرهم ومنع عنهم دخول وسائل المعيشة الحياتية من طحين ومازوت وخضراوات بصورة مستمرة ليمنع عنهم إدارة ذاتية ديمقراطية حرة ويفرض عليهم الاستسلام ولكن الأهالي بلحمتهم الاجتماعية الوطنية من خلال إيمانهم بالعيش المشترك وأخوة الشعوب ومنع الفتنة والطائفة بمختلف أشكالها وقفوا ضد جميع الهجمات التي كانت تستهدف الحي، بالإضافة إلى مساندتهم لوحدات حماية الشعب المرأة في الجبهات ظلوا مصرين في الحفاظ على الحياة بل استمروا في بناء مجتمعهم في ظل إنسانية أخوة الشعوب فقد شكلوا في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011، المجالس الشعبية،حيث شارك فيها الآلاف من أبناء حييّ الشيخ مقصود والأشرفية وبقية الحارات التي يتواجد فيها الكرد فنجحوا في افتتاح المدارس بلغة الأم وخاصة اللغة الكردية المضطهدة وتنظيم المجتمع من خلال الكومينات والمجالس والحماية الجوهرية وإتحادات شبابية ونسائية وثقافية وغيرها وصار الحي يدار مدنيا من قبل مجلس محلي مشترك، يديره كل المكونات في الحي، ووجود الالاف من العوائل العربية والسريانية التي لم يحدث ان اشتكت من سوء المعاملة ام الاقصاء، فان الفصائل المسلحة ظلت تواصل سياساتها الهمجية حتى أنهم مطرودين منها وهم في الأجزاء الشمالية المحتلة من سوريا برعاية تركيا والتهديد بحرق كل كردى حر بالإضافة إلى سياسة التعنت من قبل النظام في عدم الاعتراف بحقوق المكونات في تلك الأحياء.
بالختام
أنّ البصمات الكردية قوية في وجود وثقافة حلب عامة كما ذكرنا شذرات منها وخاصة اللهجة الحلبيّة الحالية التي مازالت تحتوي عدداً كبيراً من الكلمات والأسماء الكرديّة مثل كم نقش، قوطرش، أله رشي، بربشت، جبان، كوراني، البيرقدار، الخزندار، المير آلاي، السباهي، الكيخيا، اللاوندي، السكرتون ويعني خزانة الملابس، الشايدان أي إبريق الشاي، الشمعدان أي حمالة الشموع والسمكري أي هاسن كار أي العامل بالحديد واشكرا أي على المكشوف والسرسري وغيرها كثيرة. ومن العوائل الكرديّة: كوراني، البيرقدار، الخزندار، المير آلاي، السباهي، الكيخيا –اللاوندي، برمدا وغيرها حيث ذكرنا بعضاً منها في حلقات سابقة ..
بفضل الدور الكردي منذ القديم والآن تحولت الأحياء التي يكثر فيها الكرد في حلب إلى ورشة بناء كبرى، حيث عمروا الأسوار والأبراج وكل الأبواب التي نعرفها اليوم، وعمروا السوقين اللذين تم انشاؤهما شرق الجامع الكبير، نقل إلى أحدهما الحريريين وإلى الأخر النحاسين وحديثاً في حي الأشرفية قوّيت الورشات الصغيرة والمتوسطة العائدة لأصحابها خاصة من الكرد مما انعكس على أسعار العقارات بشكل ملموس، فلم يعد القطاع من الحي الممتد من دواره الأول حتى دواره الثاني، مكاناً مناسباً لسكن فئات شعبية جديدة، فأسعار البيوت والمحال التجارية، تماثل أسعار البيوت في الأحياء الفخمة ولولا الأحداث المدمرة في العقد الأخير وسياسة الاقصاء لازدهرت تلك الأحياء بصورة مضاعفة وهي الآن على أمل تحقيق ذلك بفضل جهود أبنائها الخيرين[1]