السجاد الكوردي الراقي
#احمد الحمد المندلاوي#
الحوار المتمدن-العدد: 7649 - #21-06-2023# - 02:57
المحور: الادب والفن
وصلني مقال طريف ظريف من موروث فولكلوري لشعب عريق من الاعلامي صلاح الدين محمد سايه #29-03-2011# م –شفق هنا نصه: يشتهر بلاد الشرق بشكل عام بمهنة (صناعة السجاد) منذ القدم، نتيجة للظروف التاريخية والطبيعية وضرورات اجتماعية لتأثيث البيت والخيمة... إذ تقاس حضارات الشعوب وعراقتها في احيان كثيرة، من خلال موروثها وفولكلورها الشعبي فهو اصدق واعمق دليل على قدم واصالة هذه الحضارة . في العراق عموماً وكوردستان العراق خصوصاً ، هناك عدة صور وآثار تحكي وتتحاكى للاجيال عن عمق واصالة بلاد الرافدين وشعب كوردستان من خلال ما اورثه التاريخ لهم من الماضي التليد. وواحدة من هذه الصور، هي (صناعة السجاد اليدوي)،الذي تعود صناعته الى آلاف السنين وهو من التراث الكوردي الذي يعد ركنا مهماً من الارث الراقي . لنتعرف على اسرار وخفايا صناعة السجاد اليدوي الكوردي بمختلف قياساته ونقوشه وألوانه وجودته. تستعمل في صناعة السجاد خيوط مأخوذة من اصواف الخراف وشعور الماعز تضاف لها خيوط الحرير ونقشها بالرسوم الدقيقة ذات الألوان الزاهية كالزهور أو الحشرات والطيور وكلما كانت (عقد النسج) أصغر حجماً كانت السجادة أفضل. أن حياكة السجاد اليدوي ، تمر بعدة مراحل لعملية حياكته ثم تغزل الاصواف لتصنع خيوطا بعدها تبدأ عملية صبغها وان اكثر الالوان شيوعا هما الاحمر والاخضر وان عملية الحياكة ليست سهلة فهي تحتاج الى دقة ومهارة كي تظهر السجادة بنقوش وزخارف جذابة ويمكن للحائك الماهر ان يضع رسومات وكتابات فنية وأشكال هندسية مستوحاة من الحياة اليومية التي تعبرعن البيئة التي في الغالب ما تكون بيئة زراعية أو بدوية أو ريفية ما يجعلها مرغوبة فيها. وتستهلك السجادة التي مساحتها 12 متراً مربعاً ما لا يقل عن 80 كيلوغراما من الصوف ، وتبلغ كلفتها نحو 700 دولار ، ويتطلب إنجازها نحو ثلاثة أشهر. والمتعارف لدى الجميع ان السجادة المصنوعة يدوياً تعمر أكثر من مئة عام ، بل يتجاوز البعض منها 300 عام . ويستغرق انجاز أربع قطع من السجاد شهراً كاملاً إذا كانت مساحة السجادة الواحدة خمسة أمتار مربع ، وتباع بنحو أربعة آلاف دولار. ومعامل حياكة السجاد اليدوي والبسط قد انتشرت في مدن عديدة من العراق من شماله الى جنوبه ، ومن اهم تلك المعامل (معمل كويسنجق ودهوك والعمادية وعلي الغربي ومندلي) ، كما هنالك معامل اخرى في الديوانية ، بالاضافة الى المعامل الاهلية في (بغداد والموصل والحلة وكربلاء والفلوجة) . ان السجاد يقسم الى قسمين (السجاد اليدوي والسجاد الميكانيكي) ونقصد بالسجاد اليدوي، السجاد المصنوع من (الصوف الخالص) وعلى الطريقة التقليدية القديمة من دون استخدام المكننة الحديثة ولا يدخل في صناعته (النايلون) ، ويشتهر العراق بصناعته لهذا النوع من السجاد ويتميز السجاد اليدوي بالوان ثابتة ولا يتأثر لون السجاد في الغسيل وخاصة الانواع الراقية ويمتاز بالمتانة لانه مصنوع من الصوف الخالص، واغلب هذه الانواع تصبغ بالاصباغ النباتية . وهي بعيدة عن الغش الصناعي ويمتاز السجاد اليدوي الكوردي خصوصاً بسمعة عالية إنه يضاهي النوعيات الجيدة التي تصنع في العديد من دول العالم، وتباع انواع السجاد اليدوي باسعار مرتفعة . وعليه ان حياكة السجاد اليدوي لم تعد توازي حجم الطلب المتزايد عليه من قبل المستهلك. وفي الاسواق يوجد كذلك السجاد اليدوي من الدرجة الثانية، وهو مصنوع من اصواف اقل جودة من السجاد الاول، ويصبغ باصباغ كيمياوية اصطناعية وليست طبيعية وتكون اسعاره في السوق رخيصة. وعن السجاد الميكانيكي هو السجاد الذي تدخل في حياكته المكننة الحديثة ان اصل صناعة السجاد (الميكانيكي) هو دولة (بلجيكا) و اغلب الدول اخذت امتياز صناعة السجاد من هذه الدولة وخاصة الدول العربية والاسلامية ومن انواع السجاد الميكانيكي في السوق العراقية (الايراني والتركي والصيني والسوري والمصري) وتكون اسعار هذا النوع من السجاد مناسبة للمستهلك العراقي ، وحاليا في سوق السجاد الطلب يتزايد على السجاد المستورد وذلك لتدني سعره مع قلة الجودة لكن السجاد اليدوي العراقي مطلوب من قبل العوائل المتمكنة والتجار المحليين يصدرونه الى الخارج لانه يعد ضمن (التحف) حيث تحتفظ به الاسرة ك(الذهب) ومن الملاحظ ان الطلب على السجاد اليدوي ضعيف محليا بسبب ارتفاع اسعاره. ومن انواع السجاد اليدوي المحلي الذي يتميز بالجودة والجمالية في الشكل واللون والقياسات المختلفة التي نفرش به المنازل والمكاتب لتغطية الارضيات وتزيين المنازل والجداريات . وهنالك انواع كثيرة للسجاد اليدوي ، ومن اشهر انواع السجاد ومتوفر لحد الآن في مناطق كوردستان العراق ويطلق علية سجاد العشائر الرحالة سجاد (سهل اربيل) والتي يطلق عليها اسم (لاكيش ) أي بمعنى السجاد المستطيل. وهذا السجاد يستعمل للجلوس. وهذه المنسوجات تجسد حياة العشائر الكوردية . اما النوع الآخر من السجاد ويسمى (ناوجي ) وهذا السجاد يستعمل كفراش للنوم وهو سجاد ملون بالوان زاهية وهذا نتيجة للطبيعة المخضرة المليئة بالازهار البرية التي تملأ سفوح الجبال ، وسجاد (دزي) ، نسبة الى قلعة دزه والسجاد الموجود في منطقة زاخو الذي يمتاز بندرة نقوشه الفنية الرائعة. ولاننسى السجاد المحلي لبقية مدن العراق ، فهناك السجادة المستطيلة والمربعة والدائرية ، فسجاد (الايزار) هو كالبطانية وكان يستعمل سابقا كغطاء ولكن مع تطور الوقت اصبح يستخدم كجزء من الاثاث ويصنع من الصوف الخالص، اما (الفجة) فهي سجادة مصنوعة يدويا من الصوف الملون والمصبوغ يدويا وتكون سميكة ولها اهمية خاصة في مناطق الجنوب التي تفخر باقتنائها، اما عن السجادة (الرقم) هي البساط اقل سمكا من الفجة واكثر استخداما في المنازل بسبب خفتها ورخص ثمنها مقارنة بالفجة، والسجاد (السيوطي) العراقي الذي يعد من افضل الانواع ويبلغ طول السجادة من هذا النوع 4 امتار وعرضها متر، وهناك السجاد العراقي ذو (النقشة الآشورية)، والذي يمثل في تصميمه ونقوشه حضارة العراق. ان السجادة العراقية عموماً والكوردية خصوصاً لها زبائنها من السياح الاجانب وتمتاز بعض الانواع منها ، بندرتها لنقوشها الفنية الرائعة وكأنها لوحة تشكيلية موضوعاتها من الارث الحضاري والفولكلوري الراقي. إذاً هي نتاج العمل المضني للرجال والنساء منذ مئات السنين. وللمحافظة على وبر ولمعان السجادة اليدوية من التلف لابد تعريضه الى اشعة الشمس لمدة معينة ، لإزالة الرطوبة منه قبل تخزينه من سنة الى اخرى. وهي دعوة حقيقية للحكومة للاهتمام بصناعة (السجاد اليدوي)،وتوفير مستلزمات النجاح لهذه الصناعة. ويبقى السجاد الكوردي اليدوي إرثاً لماض ٍ عريق للاجيال القادمة واصالة وعراقة لهذا الشعب وابداعاته.
[1]