مراسيم وطقوس القباغ (الكا باغ) في سلسلة أعياد الجما
#قاسم مرزا الجندي#
(Qasim Algindy)
الحوار المتمدن-العدد: 7763 - #13-10-2023# - 08:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ان مصطلح القباغ (كاي باغ) مصطلح له معانٍ ودلالات فلكية وباراسايكولوجية في مراسيم التضحية بالثور وتقديمه قرباناً للملاك شيشم، في اليوم الخامس الأربعاء، ويوم السادس الخميس لتنصيب بري شباكي و يشترط أن يكون من شهر تشرين الأول الشمسي في التقويم الايزيدي، واليوم السابع الجمعة عيد الجما، من سلسلة أيام وأعياد الجما في النصوص والأدعية والفلسفة الدينية الايزيدية.
القباغ أو الكاباغ(كاي باغ)(كاي بوغ) هي كلمة كوردية تتكون من مقطعين الأول هي (كا) (كاي) وتعني الثور، أما المقطع الثاني باغ و تعني البستان، أي كاي باغ وتعني ثور الحدائق أو ثور الربيع، الذي يربط في البستان أو الحديقة لغرض الربط ولكي يسمن في فترة ستة أشهر ويتم تحضيره لمراسيم طقوس القباغ، لان يوم ذبح الثور في يوم الأربعاء في القباغ في عيد ألجما، هو اليوم المقابل لأربعاء رأس السنة الايزيدية (سري سال) في دائرة البروج الفلكي، ولان تقديم الثور قرباناً للاله(خودان) شيشم، أشارة إلى تاريخ فلكي، قد لا يدركه القائمون عليه.
والتفسير الآخر لمصطلح (كاي بوغ) الثور ألخصي في معناها الآرامي، وهي أيضا أشارة إلى التاريخ الفلكي المدون على جدران المعابد المثرائية المكتشفة، العقرب الذي ينهش أعضاء الثور التناسلية المرسومة في الصورة المثرائية، و صورة الثور وتضحيته للإله ميترا الموجود في متحف اللوفر.
التاريخ الفلكي عند اقتران برج الثور بشروق الشمس وهنا يبدو أن برج الثور لا يظهر عندما تشرق الشمس في برج الحمل وفي هذه الحالة تختفي كوكبة الثور من السماء للرائي ،ويعني عندما يقتل الشمس الثور أي يخفيها عن السماء هي بمثابة ولادة جديدة لكل الكائنات على كوكب الأرض، ومن هذا الاستنتاج والتحليل تكون الصورة المثرائية واضحة ودقيقة في تاريخها الفلكي المدون على جدران الكهوف الميترائية، وحسب ما ورد في الافيستا والنصوص البهلوية أن جه م(يه م)هو الذي يقوم بتضحية الثور، أي تقديم الثور كقربان بعد غروب الشمس، أي أن الذي يقوم بقتل الثور هي الشمس أو الإله شِيشم(شمش) في المعنى الفلكي.
عندما تكون الشمس مشرقة في برج العقرب تكون برج الثور في خط مستقيم مع برج العقرب والشمس، تكون الزاوية بين برجي العقرب والثور180 درجة وتكون العقرب خلف الثور وهنا تكون المعنى الفلكي واضحا عندما ينهش العقرب أعضاء الثور التناسلية وتكون وراءه ويختفي يوما بعد يوم إلى أن يقع برج الثور في شروق ضياء الشمس، ويختفي برج الثور كليا ويقع في السماء النهاري وليس الليلي، ولا يمكن رؤيته وفي هذه الفترة تنمو النباتات يوما بعد يوم والى أن يصبح الزرع وسنابله ظاهرة في فترة وقوع برج الثور في شروق الشمس في 21/5 وهي زمن تضحية الثور، وتظهر سنابل الحنطة وبدأ الخير، وتظهر في النباتات الزهور وتحل الربيع وفترة تكاثر الكائنات بصورة عامة، عندما يهجم عليه العقرب ويتحول ذيل الثور إلى سنابل ومن دمه وجسده تنبت الزرع وتظهر الأرض بطبيعته الجملية في فصل الربيع ولادة حقيقية لكل الكائنات، وهي الصورة الحقيقة لتضحية الثور في المفهوم والاقتراني الفلكي.
إن دخول الشمس إلى برج العقرب، يقضي على خصوبة الأرض وضعفها في فصل الخريف، ودخول كل الكائنات في فترة سبات، وهي الإشارة التي ترمز إلى العقرب وهو ينهش أعضاء الثور التناسلية في الصورة المرسومة في المعابد المثرائية القديمة المكتشفة، وهي الصورة المنحوتة على حجر تعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ويعد تاريخا وإقتراناً فلكياً.
وفي يوم الكاباغ يجري مراسيم وطقوس الكاباغ (كاباغ)، وما يجري آلان، أن الشبان الذين يأخذون الثور من مرقد الشيخ عدي إلى مرقد الشيخ شمس، وهو في الأصل كان معبدا للإله(خودان) شيشم، من ثلاث عشائر ايزيدية، في جو تسوده الفوضى والضجيج والركض كأنها تشير إلى حادثة أو شيء مضى عليه الزمن، تفوح منها رائحة ثأئر وانتقام دخيلة في هذا العيد وفي يوم القباغ، ربما دخل في هذا العيد تقليد أو تمثيل لواقعة وحادثة في زمن ما، وترك فيها أثر وغبار لواقعة وحادثة في التاريخ الحديث، وفي الحقيقة أن الثور يتم تقديمه قربانا للإله الشمس(خودان)(شمش)(شيشم)ولحركة الأبراج والأفلاك والأزمان وخالقها.
إن الشمس في عيد الجما يتهيأ للدخول إلى برج العقرب وهي النقطة المقابلة لبرج الثور وهنا يبدأ الحساب الفلكي وهو القضاء على الثور الأرضي بدلا من الثور السماوي. لان الشمس دخل وسوف تشرق في برج العقرب. وفي هذا الوقت يحدد العام المقبل أن كان خصبا أم جدبا. وهذا ما يظهره في حركة تخت أزيد(بري شباكي) المحمول على الأكتاف وهم يسيرون بين الجموع المحتشدة في جلسة الشيخ عدي الهكاري(ع)، وإن وصول التخت إلى حوض الماء الموجود إلى الغرب في حوض (الكلوكي) وهي ماء كانيا سبي، والرجوع به ثانية الى باب مرقد الشيخ عدي.
إن لهذه الطقوس والمراسيم حسابات وإقترانات فلكية دقيقة، رغم التغير والاختلاف الطفيف في تاريخ عيد الجما والانحراف عن تاريخها الصحيح، ولا يجوز اقامة هذه المراسيم والطقوس في أعياد الجما كيفما اتفق، وقد يصف ويفسر بعض رجال الدين والعامة هذه الطقوس والمراسيم في مغالطات منحرفة بحق قدسية الديانة الإيزيدية، وبعيداًعن معناها الفلسفي والبارسايكولوجي والفلكي.
[1]